5/4/2005
* بقلم / عبد الناصر عوني فروانة
الحركة الوطنية الأسيرة لها تجارب وصور متناقضة ، فمنها المشرقة والمفخرة ، ومنها المؤلمة والقاسية ، وقد نحتاج إلى قافلة طويلة من العقول و آلاف الأقلام والمجلدات لتوثيقها ، وهي التجربة الجماعية الأكثر إشراقاً في سياق تجارب الشعوب المناضلة من أجل التحرر ، وإن لم تعش التجربة أو لم يسبق أن سمعت و قَرأت عنها ، عليك أن تبحث عنها وتقرأها عشرات المرات ، وستجد قصصاً وروايات تصلح لأن تكون سيناريوهات في سينما “هوليود” ، وتجارب وحكايات تُذرف لها الدموع وتعتصر لها القلوب ألماً ، وستتعرف على حجم وأشكال معاناةٍ تقشعر لها الأبدان وقساوة تتعدى الوصف ، وسترى بين السطور شموخاً وكبرياء قلما سمعت عنه ، وستعكس لك الصفحات مرآة لمجتمع نموذجي طالما حلمت أن يكون قائماً … وبعدها ستدرك أنك كنت على خطأ لأنك لم تتعرف عليها من قبل ، وستتمنى لو كنت أحد روادها لتسجل اسمك في سجلاتها الخالدة .
وبعد أيام قلائل وبالتحديد في السابع عشر من نيسان تحل علينا ذكرى يوم الأسير الفلسطيني ، يوم العزة والكرامة ، ذكرى الوفاء لهؤلاء الأبطال الشامخين خلف القضبان ، ومن الواجب الوطني والعربي والإسلامي أن نساهم ونشارك بفاعلية لإحيائها ، وبالأخص الأسرى المحررين ، فقضية الأسرى أمانة في أعناقنا جميعاً ، والهجمة التي تشنها إدارات السجون الإسرائيلية لم تقتصر على الأسرى فقط بل تطول إنجازاتنا ، إنجازات أجيال وأجيال سابقة ، تطول دماء الشهداء التي نزفت خلف القضبان .
فإحياء الذكرى يعني وفاءاًً لآلاف الأسرى ، وتكريماً لنجوم ساطعة في تاريخ الإحتلال المظلم ، ومساهمة لإسماع العالم صرخاتهم واستغاثتهم ، ورؤية لمعاناتهم بعيون فلسطينية وعربية ودولية ، حيث لا يكفي الهتافات بين أزقة مخيماتنا والإعتصام أمام مؤسساتنا والشكوى بيننا ولشعبنا المنهك بالهموم ، بل وبالإضافة إلى ذلك من المفترض أن نشكي همومنا ليس لإخواننا العرب فحسب بل ولأصدقائنا في المجتمع الدولي خاصة أولئك الداعين للسلام ولحقوق الإنسان وأن نقنعهم بعدالة هذه القضية وبالتالي نشركهم في نضالنا السلمي من أجل تحرير الإنسان الفلسطيني الأسير ، وليشكل ذلك أداةً ضاغطةً على اسرائيل لإجبارها على احترام حقوق الإنسان ولتطبيق اتفاقيات جنيف بشأن أسرانا وللإفراج عنهم ضمن أي اتفاق أو تفاهمات سياسية محتملة ، إذا كانوا معنيين بالتهدئة والهدنة والإستقرار في المنطقة ، لا سيما وأن شعبنا الفلسطيني بمؤسساته السياسية المختلفة وقواه الوطنية والإسلامية لن يقبل أي اتفاق سياسي لن يتضمن نصاً واضحاً وصريحاً بإطلاق سراح الأسرى ، وقد تحمل طيات الفترة المقبلة تصعيداً محتملاً إذا ما استمر تجاهل الإفراج عن أسرانا ، وقد تشهد إنتفاضة يمكن أن نطلق عليها إنتفاضة الأسرى .
الأمر الذي يستدعي إشعال ثورة إعلامية على كافة المستويات ، وتوحيد الجهد التضامني وتنويعه وتطوير أدائه ومنها مثلاً عقد مؤتمر دولي في غزة وآخر في الضفة يتناول قضية الأسرى والقانون الدولي والإنساني وبمشاركة سفراء الدول الشقيقة والصديقة ومؤسسات حقوقية وإنسانية وشخصيات عربية ودولية واسرائيلية تعنى بحقوق الإنسان وبالإتفاقيات الدولية ونخبة من الشخصيات الحقوقية الفلسطينية ، و مدى نجاحه يقاس بمدى المشاركة النخبوية فيه و بنتائجه والقرارات التي ستتمخض عنه والخطوات العملية التي ستتبعه .
وعلى السفارات والجاليات الفلسطينية أيضاً في كافة أنحاء العالم التحرك بجدية لتنظيم حملات تضامنية ومؤتمرات عربية ودولية .
وليعلم الجميع بأن الأسير الفلسطيني كما أي مواطن فلسطيني وأينما وُجد أسيرٌ في نفحة وعسقلان أو مقاومٌ في جنين القسام ، معتقلٌ في خيام النقب وعوفر أو لاجئٌ في خيام الشتات ، في عزل السبع والرملة أوما بين جدار العزل ، في زنازين التعذيب المميتة أوعلى حواجز الموت المنتشرة في أنحاء فلسطين … لم ولن يقبل بالظلم والإضطهاد ولا بسلب حقوقه الإنسانية والوطنية والتاريخية ولم ترهبه السلاسل والقضبان مثلما لم ترهبه الطائرات والميركفا ، فانتفض وتعملق وأشعلها ثورة تحت أقدام الإحتلال ، وأشعل عشرات الإنتفاضات في وجه السجان ، وسيواصل معركته حتى الحرية والإستقلال ، حرية الأرض والإنسان ، وعلى الشرفاء وكل دعاة السلام والديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم التحرك الجاد ليس لوقف معاناة أسرانا فحسب ، بل وللإفراج الشامل عنهم ..
* أسير محرر