4/2/2009

غزة 4-2-2009 دعا الأسير السابق الباحث المختص بشؤون الأسرى عبد الناصر فروانة ، اليوم ، كافة الفصائل الفلسطينية الى اعادة الإعتبار لثقافة الصمود والإستبسال والإنتصار داخل أقبية التحقيق ، عبر اعتماد استراتيجية واضحة وثابتة تهدف الى صقل المناضلين بما يؤهلهم لأن يسطروا صفحات مضيئة أمام المحققين الإسرائيليين ، وان ينتصروا عليهم بصمتهم وصمودهم وعدم البوح بأسرار المقاومة ، إذا ما تعرضوا للإحتجاز أو الإعتقال ، وأن يتحول الصمود لقاعدة والإعتراف استثناء .

وانتقد فروانة تراجع اهتمام الفصائل بثقافة الإعتقال والصمود في أقبية التحقيق خلال انتفاضة الأقصى ، في برامج اعدادها لعناصرها ، ونشراتها لجماهيرها عامة ، مع تركيزها على ثقافة المقاومة الشرسة والإستشهاد ، معتبراً أن ذلك خطأً استراتيجياً ، أدى الى انهيار العديد من المناضلين خلال التحقيق معهم بعد اعتقالهم ، وتقديمهم معلومات مجانية لرجال المخابرات عن المقاومة ورفاق السلاح ، وكلفت بعضهم السجن المؤبد أو عشرات السنين ، نتيجة جهلهم لأساليب التحقيق المتبعة وعدم تسلحهم بمقومات الصمود ، مما يستوجب من فصائل المقاومة إعادة النظر في ثقافتها وبرامجها التعبوية وآليات صقلها لعناصرها ، بما يؤسس لمنظومة متكاملة تجمع ما بين ثقافة الإستشهاد والإعتقال والصمود في التحقيق وما بعد التحقيق في آن واحد ، وتكفل للمناضل القدرة على تجاوز محنة الأسر ، والصمود في التحقيق والحفاظ على الأسرار التي يمتلكها دون تقديم أي معلومات كانت للعدو .

وأكد فروانة بأنه من الضروري ان يسعى كل فصيل لإطلاع عناصره بشكل خاص وجماهير شعبه بشكل عام ، على كل ما هو جديد من أساليب متبعة داخل زنازين التحقيق وكيفية التعامل والتعاطي معها ، عبر نشرات ودراسات مستمرة ، باعتبار أن الكل معرض للإعتقال والتحقيق .

كما وعلى المناضل تثقيف ذاته وان يبادر للإطلاع على تجارب الحركة الأسيرة لاسيما قصص الصمود ، بهدف الإستفادة منها من أجل الصمود ، باعتبار ان البطل في ساحة النضال يجب ان يبقى بطلاً في التحقيق ، والصمود لا يحتاج لشهادات جامعية اوخبرات سابقة ، وانما يحتاج الى معرفة مسبقة بأساليب المخابرات والتسلح بثقافة الصمود والإنتصار باعتباره اقصر الطرق للعودة للبيت والأهل ورفاق النضال وممارسة المقاومة من جديد .

جاء ذلك في بيان صحفي أصدره فروانة اليوم الأربعاء الموافق الرابع من شباط/ نوفمبر ، والذي تصادف فيه الذكرى الـ17 لإستشهاد الأسير المقدسي مصطفى عبد الله العكاوي ، باعتباره حقق انتصاراً ولا أروع على جلاديه ، وشكل رمزاً من رموز معارك الصمود والإنتصار داخل اقبية التحقيق.

وقال فروانة بأن الشهيد ” العكاوي ” وخلال تجربته الإعتقالية أثبت بارادته الفولاذية وقناعاته الراسخة بحتمية الإنتصار بأن المناضل يستطع الصمود وعدم البوح بأسرار المقاومة رغم أساليب التعذيب القاسية التي تنتهجها رجال المخابرات الإسرائيلية ، وأكد بأن أن المناضل إذا ما بنيَّ جيداً وصُقل قبل خوض تجربة التحقيق وتربى على ثقافة الإعتقال والصمود ، وتشرب فلسفة المواجهة وراء القضبان ، فمن المستحيل فك عقدة لسانه وانتزاع الاعترافات والمعلومات منه ، رغم حجم الضغوطات النفسية والجسدية وأساليب التعذيب الوحشية واللاإنسانية التي تستخدمها رجال المخابرات الإسرائيلية ضده ، ويمكن له ان يحقق مجداً وانتصاراً لايقل شأناً عن المجد والإنتصار الذي حققه مع اخوانه في ساحة النضال الأرحب .

وتابع فروانة القول : بأنه مما لاشك فيه فان التعذيب في سجون الإحتلال قاسي ومرير ، بل ومميت أيضاً ، ويمارس كسياسة مؤسسيةً ممنهجة تحظى بغطاء قانوني وحصانة قضائية ، وجزءاً لا يتجزأ من معاملة المعتقلين اليومية ، ويترجم في عشرات الوسائل والطرق والأشكال حتى وصلت الى أكثر من سبعين شكلاً ، ويهدف التعذيب الى انتزاع الإعترافات من المعتقل وتثبيت إدانتهم بالتهم الموجهة إليهم وفقاً لقوانينهم المجحفة، والكشف عن جوانب العمل السري ، بالإضافة الى قتله جسدياً ومعنوياً ، وجراء ذلك استشهد ( 70 أسير ) منذ العام 1967 ولغاية اليوم ، ومع ذلك فان هناك المئات ولربما الآلاف من التجارب الفردية والجماعية ، لأسرى استطاعوا أن يسطروا صفحات مشرقة من الصمود والإنتصار أمام المحققين ، وشكلوا نماذج ومفاخر لنا وللأجيال القادمة منهم الشهيد الأسير مصطفى العكاوي .

يذكر بأن الشهيد مصطفى عبد الله العكاوي ، اعتقل عدة مرات وكان آخرها بتاريخ 22-1-1992 ، وذلك من منزله في ضاحية البريد شمال القدس ، في اطار حملة هي الأشرس والأوسع لأعضاء الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، وكان عمره آنذاك ( 35 عاماً ) ومتزوج وله ابن واحد اسمه عبد الله .

وتعرض مصطفى لأبشع وسائل التعذيب من أجل انتزاع اعتراف منه او معلومات عن رفاقه ، لكنه صمد ولم يستسلم ، وصان شرف الثورة وشرف تنظيمه ورفاقه ، وشكل نموذجاً رائعاً في الصمود في أقبية التحقيق ، كما كان قائداً صلباً ونموذجاً قبل الإعتقال ، وفضل ان يضحي بحياته ، صوناً لشرف الثورة والوطن ، وصموده الأسطوري قاده للإستشهاد في زنازين سجن الخليل بتاريخ 4-2-1992 ، عملاً بمقولة الثوري الأممي فوتشيك ” اذا كان ولابد من التضحية لأجل الوطن ، فلنضحي بالحياة وليس الشرف ” ، .

وناشد فروانة كافة المعتقلين أصحاب الخبرة والتجارب الطويلة بأن يدونوا تجاربهم ونصائحهم ، وكل ما يتردد لمسامعهم من المعتقلين الجدد عن أساليب تحقيق جديدة ، ونقلها للآخرين وأن لا تبقى مختزلة أو مجمدة في ثلاجة هذا الفصيل أو ذاك ، مؤكداً على أن للشعب الفلسطيني خبرات طويلة تراكمية في أقبية التحقيق وزنازين الإعتقال عبر العقود الماضية ، كفيلة بأن يكون لدينا مئات الكتب والدراسات التثقيفية في هذا المجال ، بهدف تسليح المناضلين بالمعارف المسبقة والعلمية حول التحقيق وأساليبه ، وبما قد يتعرضون له من أساليب المكر والخداع وما يعرف بـ ” العصافير” وغيرها ، مع تقديم شروحات عن أفضل الطرق وآليات المواجهة وكيفية الصمود ، كضرورة ملحة لحماية الثورة والمقاومة والمناضلين والمجاهدين الآخرين، مع الإيضاح لهم مدى خطورة الإنهيار أوالإعتراف أوتقديم المعلومات الجزئية المجانية للإحتلال .

وأكد فروانة بأن مصطفى العكاوي لم يكن الأسير الوحيد الذي استشهد داخل أقبية التحقيق بعد صمود اسطوري ، حيث سبقة وتبعه الكثيرين من رفاقه ومن الفصائل الأخرى وعلى سبيل المثال لا الحصر محمد الخواجا وخليل أبوخديجة وابراهيم الراعي وخالد الشيخ علي وعطية الزعانين ..وغيرهم .