4/6/2009

غزة – 4-6-2009- طالب الأسير السابق ، الباحث المختص في شؤون الأسرى ، عبد الناصر عوني فروانة ، لجنة التحقيق الدولية بإدراج قضية معتقلي غزة أثناء الحرب كقضية مستقلة على جدول أعمالها ، والتحقيق في كل ما تعرض له المواطنون العُزل من انتهاكات فظة وجرائم إنسانية أثناء احتجازهم واعتقالهم وما بعد اعتقالهم خلال الحرب على غزة ، وبضرورة الإلتقاء بالضحايا والشهود ذوي الصلة المباشرة بهذه القضية الهامة والذين من الممكن أن يقدموا معلومات هامة للتحقيق ، والبحث عن سبل لإلزام ” إسرائيل ” بنتائج التحقيق منعاً من ترسيخ الاعتقاد السائد بأن ” إسرائيل ” فوق القانون وغير خاضعة للمسائلة ، وأن المجتمع الدولي عاجز عن محاسبتها .

ودعا اللجنة التي تزور قطاع غزة هذه الأيام بالتحقيق في ظروف احتجاز واعتقال المواطنين الغزيين واستخدام المئات منهم كدروع بشرية ، وبعمليات الإعدام الميداني المباشر وغير المباشر ، ومنع الطواقم الطبية من الوصول إلى الجرحى والمصابين منهم .

ودعاها أيضاً للتحقيق في ظروف احتجاز من تم اعتقالهم خلال الحرب ولا زالوا رهن الاعتقال في سجون الاحتلال ، وما يترتب على الإصرار الإسرائيلي بالتعامل معهم وفق قانون ” مقاتل غير شرعي ” والذي يُحرمهم من أبسط حقوقهم الأساسية المتعارف عليها وفقاً للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف مع سبق الإصرار ، وعدم السماح لذويهم أو للمنظمات والمؤسسات الحقوقية والإنسانية المحلية والدولية بزيارتهم والالتقاء بهم .

جرائم أُرتكبت بحقهم …!

وقال فروانة الناشط في مجال الدفاع عن الأسرى في بيان صحفي له اليوم وتناقلته وسائل الإعلام ، بأن قوات الاحتلال كانت قد اعتقلت قرابة ألف مواطن خلال حربها على غزة ، وأطلقت سراح الغالبية العظمى منهم بعد احتجازهم لفترات متفاوتة وفي ظروف مختلفة ، فيما نقلت العشرات منهم إلى أماكن مجهولة خارج حدود قطاع غزة .

وأضاف بأن إعلان ” إسرائيل” مع بداية حربها على غزة بأنها ستتعامل مع من سيتم اعتقالهم وفقاً لقانون ” مقاتل غير شرعي ” ، وعدم تعاونها أو تجاوبها لاحقاً مع منظمة الصليب الأحمر والسلطة الفلسطينية حول أعداد وأسماء ومصير من تم اعتقالهم أثناء الحرب ، إنما فتح المجال أمام كل الاحتمالات التي من الممكن أن يكون قد تعرض لها هؤلاء المواطنون العزل أثناء احتجازهم واعتقالهم .

وأكد فروانة بأن روايات المواطنين القاطنين في مناطق الإجتياحات أو القريبة منها ، بالإضافة لشهادات ممن تعرضوا للإحتجاز والاعتقال وأطلق سراحهم ، وما جمعته المؤسسات الإنسانية من إفادات ، قد أكدت بأن قوات الاحتلال ارتكبت بحقهم انتهاكات فظة وجرائم بشعة وأعدمت بعضهم بشكل مباشر ، فيما يُعتقد أنها أعدمت آخرين بشكل غير مباشر وبعيداً عن الأعين ، مما يستدعي التحقيق في ظروف استشهاد كل من وجدت جثامينهم ملقاة في الشوارع التي كانت تحتلها قوات الاحتلال ..

وأضاف بأن قوات الاحتلال احتجزت المعتقلين في أماكن خطرة ولفترات متفاوتة ، واستخدم المئات منهم بشكل فردي وجماعي كدروع بشرية ، فبعضهم أُجبر على السير في مقدمة الجنود الإسرائيليين أثناء اقتحامهم للأبراج والشقق والبنايات السكنية ، والبعض الآخر وضع بشكل جماعي في حفر كبيرة حفرت خصيصاً لهذا الغرض أمام الآليات العسكرية وأمام مرمى النيران لاسيما في المناطق الحدودية ، فيما حولت بعض المنازل لثكنات عسكرية واستخدمت سكانها أطفال ونساء كدروع بشرية ..الخ .

سياسة منظمة سببها غياب الملاحقة

وأكد فروانة بأن مجمل تلك الانتهاكات والجرائم بحق المعتقلين العُزل ، هي ليست حالات نادرة أو استثنائية ، وإنما هي مشاهد متكررة لأحداث سابقة وخلال سنوات مختلفة ، وفي أماكن متعددة ، مما يعني أنها تندرج في إطار سياسة أقرت على مستوى عال وانتهجت بشكل كبير وتصاعدت خلال انتفاضة الأقصى في جنين ونابلس ومدن ومخيمات كثيرة بالضفة الغربية وخلال الحرب على قطاع غزة .

وأضاف بأن غياب الملاحقة القانونية والقضائية لمجرمي الحرب الإسرائيلية هو أبرز ما شجع قوات الاحتلال على التمادي في انتهاجها لهذه السياسة وتصعيدها بحق المعتقلين ، معتبراً وجود اللجنة الدولية في قطاع غزة فرصة ثمينة ، تستدعي اقتناصها واحتضانها وتوفير كل سبل الدعم والمساندة لها ومتابعة عملها حتى وان استمرت ” إسرائيل ” برفضها للتعاون معها .

رفضها التعاون دليل على ادانتها

واعتبر فروانة رفض ” إسرائيل ” التعاون مع هذه اللجنة الدولية وتهربها من المواجهة ، خير دليل على جرائمها وإدانتها وافتقارها لسبل الدفاع عن انتهاكاتها وجرائمها أو إيجاد المبررات الواهية التي طالما تحججت بها .

وإنما يعكس أيضاً مدى استهتارها بالمجتمع الدولي ولجانه المختلفة ، مما يستدعي البحث عن سبل إلزامها بنتائج التحقيق ، منعاً من ترسيخ الاعتقاد السائد بأن ” إسرائيل ” دولة فوق القانون وغير خاضعة للمسائلة والمحاسبة ، وأن المجتمع الدولي يقف عاجزاً عن ملاحقتها ومحاسبتها وأن لجانه شكلية ليس أكثر من ذلك – حسب ما جاء في البيان – .

يذكر بأن وفداً من مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان يضم 15 عضوا من الخبراء الدوليين ويرأسه رئيس النيابة السابق في محكمة جرائم الحرب في رواندا ويوغسلافيا القاضي ريتشارد غولد ستون، قد وصل إلى قطاع غزة يوم الإثنين الماضي الموافق الأول من يونيو / حزيران الجاري ، للتحقيق في الجرائم الإسرائيلية والانتهاكات ضد المدنيين اثناء الحرب على غزة .

وتم تفويض هذه اللجنة بناء على قرار تشكيلها الأممي للتحقيق في كافة الإنتهاكات للقانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني، التي اقترفت من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلية خلال الحرب الإسرائيلية على غزة .

وعلى عكس موقف كافة الجهات الفلسطينية التي رحبت بتشكيل هذه اللجنة وقدمت لها كافة المساعدات والإمكانيات والتسهيلات لإنجاح مهمتها ، فلقد أعلنت إسرائيل رفضها التعاون أو التعامل مع اللجنة أو تقديم أية معلومات في إطار عمليات التحقيق في حربها الأخيرة على غزة .

عبد الناصر عوني فروانة
أسير سابق ، وناشط في مجال الدفاع عن الأسرى ومدير دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى والمحررين في السلطة الوطنية الفلسطينية
الموقع الشخصي / فلسطين خلف القضبان
www.palestinebehindbars.org