22/10/2009

غزة – 22-10-2009- أكد الأسير السابق ، الباحث المختص بشؤون الأسرى عبد الناصر فروانة ، على أن اللجوء لاستخدام ” القوة المفرطة ” في التعامل مع المعتقلين العُزل ، هي سياسة ثابتة و ممنهجة ودائمة الممارسة ، وسمة أساسية وأصيلة ولدى كل من يعمل في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية وبشكل خاص لدى كل من يعمل في سجون ومعتقلات الاحتلال ، ودون رادع حقيقي .

مضيفاً إلى أن الجهات السياسية والأمنية العليا قد باركت هذه السياسة وشجعت على اقترافها ، وفي السنوات الأخيرة شكَّلت رسمياً قوات خاصة مزودة بأسلحة مختلفة بما فيها الأسلحة النارية ذات الذخيرة الحية القاتلة المحرمة دولياً ، وعرفت تلك القوات باسم ” نخشون ” وميتسادا ” وهدفها قمع المعتقلين والتفنن في إذلالهم تحت حجج واهية ، بل وأحياناً تفتعل التصادم والاحتكاك بغرض إيجاد مبرر لاستخدام القوة والقمع ، كفرض ارتداء ” الزي البرتقالي ” أو إجبارهم على التفتيش العاري ، أو الطلب من المعتقلين تأدية حركات مشينة ..الخ .

جاء ذلك في تقرير أصدره فروانة اليوم الخميس تجاوباً مع الدعوة التي أطلقها أول أمس زميله ” رأفت حمدونة ” مدير مركز الأسرى للدراسات والتي دعا فيها إلى ضرورة تسليط الضوء على ما يتعرض له الأسرى من قبل تلك الوحدات القمعية ، وحيث تصادف اليوم الذكرى الثانية لأحداث معتقل النقب الصحراوي ، حينما احتج المعتقلين هناك على سوء المعاملة من قبل الإدارة في الثاني والعشرين من تشرين أول / أكتوبر 2007 ، فتدخلت القوات الخاصة وأفرطت في استخدام القوة مستخدمة أسلحة غريبة مما أدى إلى اصابة قرابة ( 250 معتقلاً ) وإستشهاد المعتقل ” محمد صافي الأشقر ” بعد إصابته بعيار ناري في الرأس .

واسترشد فروانة هنا بما كشفت عنه صحيفة هآرتس العبرية عقب تلك الأحداث من أن سلطات السجون ترفض الكشف عن الأسلحة التي استخدمتها وحدات ميتسادا في قمع المعتقلين في معتقل النقب ، ولم يستبعد فروانة استخدام أجساد الأسرى حقل لتجارب أسحة معينة لم يُكشف عنها ، كما تُستخدم أجسادهم لتجارب الأدوية الخطيرة.

وفي هذا الصدد أدان فروانة وبشدة صمت المجتمع الدولي بكافة مؤسساته الحقوقية والإنسانية ، تجاه ما وصفه باستمرار الاستخدام المفرط للقوة بحق المعتقلين الفلسطينيين العُزل في سجون ومعتقلات الاحتلال الإسرائيلي ، مما منح سلطات الاحتلال الضوء الأخضر في التمادي في سياستها المؤلمة دون رادع وبعيداً عن الملاحقة والمحاسبة لمقترفيها ، مما أدى إلى استشهاد وإصابة المئات من المعتقلين .

و أوضح فروانة بأن ( 7 ) معتقلين قد استشهدوا داخل سجون ومعتقلات الاحتلال نتيجة استخدام ” القوة المفرطة ” والرصاص الحي ، وذلك منذ آب / أغسطس عام 1988 ولغاية اليوم وهم : أسعد الشوا و بسام السمودي واستشهدا بتاريخ 16-8-1988 في معتقل النقب ، نضال ديب واستشهد بتاريخ 8-2-1989 ، عبد الله أبو محروقة واستشهد بتاريخ 12-9-1989 في معتقل أنصار 2 بغزة ، صبري عبد ربه استشهد بتاريخ 7-7-1990 في معتقل عوفر ، موسى عبد الرحمن واستشهد بتاريخ 18-1-1992 ، بالإضافة إلى محمد الأشقر والذي استشهد بتاريخ 22-10-2007 في معتقل النقب .

وأضاف فروانة أن جميع هؤلاء الأسرى استشهدوا اثر إصابتهم بأعيرة نارية أطلقت عليهم عمداً من قبل حراس السجن أو القوات الخاصة ، خلال احتجاجات المعتقلين العُزَّل على أوضاعهم الصعبة ، أو الإدعاء بأن المعتقل حاول الاقتراب من الجندي ، أو محاولته الهرب .

وأشار فروانة إلى أن عدم استشهاد أي معتقل منذ أكتوبر 2007 ولغاية اليوم لا يعني بالمطلق تراجع استخدام هذه السياسة ، بل على العكس تصاعدت بشكل أكثر تنظيماً ومنهجية ، وأن عمليات القمع واستخدام القوة المفرطة بحق المعتقلين مستمرة ومتصاعدة بشكل ملحوظ وغير مسبوق بشكل فردي أو جماعي ، وأدت إلى إلحاق الأذى المعنوي والجسدي بحق المئات من المعتقلين .

وحدات ” نخشون ” وميتسادا “
وعن طبيعة تلك الوحدات التي شُكلت خصيصاً ذلك يقول الباحث فروانة وبإيجاز بأن ” نخشون ” تعني في القاموس العبري القوة والصلابة والقسوة ، فيما ” ميتسادا ” اسم له دلالة تاريخية بالنسبة لليهود ، وأن لا اختلاف فيما بين عناصر ميتسادا ، و نخشون من حيث التدريب والتسليح وحتى المهام والأهداف ، وان كانت وحدة نخشون قد شكلت لقمع المعتقلين ووحدة ميتسادا لإنقاذ محتجزين ، إلا أن الوحدتين قد استخدمتا وتستخدما لقمع المعتقلين ، وأفرادهما مزودين بأحدث الأسلحة لقمع إرادة الأسرى العزل ، وأن وهذه الوحدات ترتدي زياً مميزاً كتب عليه ” أمن السجون ” ، وتضم عسكريين ذوي أجسام قوية وخبرات وكفاءات عالية جداً ، ويمتلكون مهارات قتالية وقدرات بدنية ، ومزودة بأسلحة متنوعة وحديثة منها السلاح الأبيض ، الهراوات ، الغاز المسيل للدموع ، الرصاص المطاطي بأنواع مختلفة ، أجهزة كهربائية تؤدي إلى حروق في الجسم ، أسلحة تطلق رصاص حارق ، ورصاص الدمدم المحرم دولياً ، ورصاص غريب يحدث آلاماً شديدة .

مضيفاً إلى وجود فرقة خاصة من تلك الوحدات في كل سجن ومعتقل على حدا ، وتعمل على مدار الساعة دون توقف و بمقدورها اقتحام الغرف وقمع الأسرى ليلاً أو نهاراً والسيطرة على السجن ، ولديهم القدرة الفائقة والإمكانيات الكبيرة في التنقل من سجن لآخر إذا تطلب الأمر ذلك.

فيما تتلخص مهامها في الحراسة والأمن ، ونقل المعتقلين فيما بين السجون أو للمحاكم ، واستهداف حياة الأسرى وقمعهم وإذلالهم واقتحام غرفهم وإجبارهم على تنفيذ أوامر إدارة السجن والقضاء على أي ظاهرة احتجاج من قبلهم بكل الوسائل المتاحة لديهم ، وفي أحياناً كثيرة فرضت بالقوة التفتيش العاري واعتدت بالضرب المبرح على المعتقلين ، أثناء نقلهم من والى السجن ، وألحقت بهم الأذى الجسدي والنفسي .

تمزيق المصحف الشريف والتقاط صور لبعض الأسرى وهم عراة
وأظهر فروانة في تقريره أن جرائم تلك الوحدات امتدت في كثير من الأحيان للمساس بالمشاعر والمقدسات الدينية ، متمثلة بقذف المصاحف الشريفة على الأرض والدوس عليها وتدنيسها ورميها في دورات المياه وتمزيقها ، كما حصل في معتقل مجدو ونفحة منتصف عام 2005 ، وهذا ما أكدته لجنة الداخلية البرلمانية في الكنيست الإسرائيلي بعد زيارتها التفقدية لسجن مجدو ، حيث أكدت تمزيق نسختين من المصحف الشريف ، و اعتبرت أن الحادثة شاذة .

فيما أكد فروانة على أن حوادث قذف المصاحف من قبل الوحدات الخاصة بشكل استفزازي أثناء اقتحامهم لغرف الأسرى وقمعهم لا زالت مستمرة .

وفي أحداث أخرى فرضت وبالقوة على بعض الأسرى التفتيش العاري وأمام بعضهم البعض لا سيما الأطفال ، والتقطت لبعضهم صوراً وهم عراة ، في مشاهد تُعيد للأذهان تلك الصور المؤلمة التي ألتقطت داخل في سجن “أبو غريب” في العراق.

وناشد فروانة المؤسسات الدولية الى تحمل مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية والإنسانية والتحرك الجاد والفوري لوقت الإنتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها الأسرى وبشكل منظم وممنهج من قبل تلك الوحدات القمعية أو من قبل افراد المؤسسة الأمنية .

أسير سابق ، وباحث مختص في شؤون الأسرى
مدير دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى والمحررين في السلطة الوطنية الفلسطينية
0599361110
الموقع الشخصي / فلسطين خلف القضبان
www.palestinebehindbars.org