10/12/2007
يحتفل العالم بذكرى اليوم العالمى لحقوق الانسان،وهى مناسبة عظيمة لكى نتذكر من خلالها أن هناك حقوق لكل المواطنين لابد من الحفاظ عليها قبل أن نطالبهم بواجباتهم تجاه بلدهم،لأن هذا هو المعيار الحقيقي لمبدأ المواطنة الذى تم تكريسه فى الدستور المصري هذا العام،ومناسبة مهمة للتعرف على هموم المواطن المصري ومشكلاته،وفرصة لكى نتعرف على الحقوق المنتهكة للمواطنين والتى بسببها انتشرت الاحتجاجات والاعتصامات بين مختلف فئات الشعب بصورة تنذر بقرب الانفجار الشعبي نظراً لحالة التراكم الشديدة تجاه تعنت المسئولين لتلبية مطالب المواطنين المشروعة.
والمركز المصري لحقوق الإنسان إذا يتذكر هذه المناسبة يجدها فرصة أيضاً لكى يعلن عن تضامنه مع المجلس القومى لحقوق الانسان فى بدء المناقشة المجتمعية حول وثيقة إعلان حقوق المواطنة التى أعدها المجلس منذ أيام،وأعلن أن العاشر من ديسمبر 2007 هو بداية المناقشة حول هذه الوثيقة حتى 10 ديسمبر من العام المقبل،والمركز لا يتضامن مع هذه الوثيقة بنوع من المجاملة أو الاعجاب،بقدر ما تعد الوثيقة تتوافق مع أهداف تأسيس المركز،حيث يتصدر اهداف المركز نشر وتعزيز قيم المواطنة داخل فئات المجتمع المختلفة،وهو الهدف الذى يسعى إليه المركز طوال عام مضي مع أهداف المركز الأخري،ورغم حداثة نشاة المركز إلا إنه ساهم كثيراً فى كثير من المشروعات والفعاليات التى تتوافق مع أهدافة،ويتوق إلى تحقيقها خلال الفترة المقبلة بشكل يرضي عنه،خاصة وأن مجلس أمناء المركز يضعون نصاب عينهم مصلحة المجتمع المصري والمواطن المصري الذى يستحق حياة أفضل.
والمركز إذا يتذكر الاحتفال باليوم العالمى لحقوق الانسان يضع بعض النقاط التى يأمل أن يتم تسليط الضوء علها خلال الفترة المقبلة،وهى كالتالى:
- حرية إطلاق الجمعيات الأهلية ودعم المجتمع المدنى،خاصة وأن السياسات الحكومية تضع جمعيات المجتمع المدنى موضع اتهام وشبهات غير محدودة،وهو الأمر الذى يقيد من عمل هذه الجمعيات،ولا يجعلها تقوم بالدور المنتظر منها فى ظل هذا التربص،ومن ثم لابد من إعادة مسار العلاقة بين المجتمع المدنى والدولة،وأن يكون قائماً على الثقة المتبادلة،وأن تفسح الحكومة المجال لكى يقوم المجتمع المدنى بدوره التنموى والتنويري،خاصة وأن تاريخ المجتمع الأهلى فى مصر له بصمات كبيرة فى تنمية المجتمع والمساهمة مع الحكومة فى تلبية مطالب المواطنين،وبالتالى إطلاق حرية تأسيس الجمعيات ودعم عملها يؤدى إلى تحقيق الأهداف المرجوة،ويأمل المركز أن يتم بدء نقاش مجتمعى جاد حول قانون جديد للجمعيات الآهلية،لا يتم تقديمه للبرلمان قبل حدوث توافق مجتعمى عنه،حتى لا تشعر هذه الجمعيات بالتهميش،وأن صوتها لا يصل للمسئولين،أو أن تشعر الحكومة بأن جمعيات المجتمع المدنى تقوم بتصرفات مشينة،أو يشعر المواطن البسيط بأن الجمعيات الآهلية لا تقوم بشيء و لاالحكومة أيضاً،وهذا له تداعيات خطيرة على العمل الآهلى لابد من وضعه فى الاعتبار.
- دعم جمعيات حماية المستهلك والتى من شانها الحفاظ على حقوق المواطنين من الشركات الكبري التى تحتكر عدد كبير من السلع المهمة،والتى لا يستغنى عنها المواطنين،ويسبب نقصها أزمات كبيرة،وبالتالى لابد أن تقف هذه الجمعيات لتلك الشركات طالما أن الحكومة لا تستطيع لسبب أو لاخر وقف جشع هؤلاء الذين لا ينظرون إلا لمصلحتهم فقط حتى ولو على المواطن البسيط.
- عدم المساس بالدعم نهائياً،خاصة وأن هذا الأمر يضاعف من هموم المواطنين بالشكل الذى يؤدى بهم إلى الانفجار الشعبي أو خروج أجيال ناقمة على الأوضاع الحالية ،ومن ثم لن يهتم هؤلاء بمعانى الانتماء للوطن،لأنهم لا يشعرون بإهتمام الوطن بهم،وهذا له تأثير خطير على المستقبل،ومن ثم لابد من النظر فى هذه الموضوع بحرص،وتعد إستجابة الرئيس مبارك لرغبة أغلبية المواطنين فى عدم المساس بالدعم هو تعبير حقيقى عن تلبية هموم المواطنين .
- دعم حرية الرأى والتعبير،خاصة وان العام الجاري شهد أزمات عديدة ترجع إلى انتهاك الحق فى التعبير عن الرأى،نذكر منها على سبيل المثال ما تعرض له كل من الشاعر الكبير أحمد عبد المعطى حجازى،حلمى سالم رئيس تحرير أدب ونقد،نجيب ساويرس رجل الأعمال المعروف،وهو مؤشر خطير على تراجع هذا الحق الذى كفله الدستور المصري والمواثيق الدولية،والتراخى عن دعمه له ينتقص من هذا الحق بشكل يؤثر مستقبلاً على حقوق أخري تتعرض لنفس الخطر!
- إلتزام الدولة بحق المواطن فى الاعتقاد طبقاً لما تنص عليه المادة 46 من الدستور المصري،خاصة وان مشكلة محمد حجازى هى الأبرز فى هذا الشأن،وتسبب تعامل الاعلام معها بشكل مبالغ فى تضخيم المشكلة وعدم الاهتمام بالحق فى الاعتقاد،وهو أمر ربما يتسبب فى مشكلات كثيرة مستقبلاً تجعل من المجتمع متربصاً بمثل هذه الحالات بشكل يجبر الدولة على عدم الاهتمام بهذا الحق خوفاً من غضب فئات معينة،وبالتالى يتعرض هذا الحق أيضاً للانتهاك.
- دعوة مصلحة الأحوال المدنية للنظر فى تدقيق بعض البيانات الخاصة بالمواطنين والمتعلقة بخانة الديانة،والتى بسببها تم الكشف خلال العام الجاري عن مشكلات كثيرة،أبرزها مشكلة التوأم اندرو وماريو،وأخيرا أزمة شادية ناجى،وغيرها من مئات المشكلات التى يخجل لها الجبين،وحلها بسيط للغاية ولكن لعدم وجود إرادة سياسية لم يتم إنهاء هذا الملف بشكل ينتهك حق المواطن فى الاعتقاد.
- كما يأمل المركز أن يتم خلال الفترة المقبلة إعادة جلسات النصح والارشاد الدينى،أو إقرار قانون ينظم حرية التحول بين الأديان بشكل يحفظ هذا الحق طبقاً لما جاء بالدستور المصري،كذلك يمنع حدوث أى مشكلات اجتماعية،فالرأى العام اطلع خلال عام 2007 على حالات عديدة كان سببها اختفاء فتاة قبطية وخاصة القاصرات،وهى مشكلة كبيرة تجعل أسر الفتيات يطلبن النجدة والسرعة فى حل مشكلاتهم،وغالباً ما يتم تنظيم تظاهرة للمطالبة بالكشف عن مكان فتاة نظراً لتباطؤ الجهات الأمنة فى الرد على تساؤلات أهالى الفتاة،وعقب ذلك يتم الكشف عن مصيرها،وهناك حالات أخري لا يعرف أحد حتى الآن مصريها،وهى مشكلة اجتماعية فى المقام الأول،وحلها لن يكون إلا بالجانب الاجتماعى والرسمى بعيداً عن التعنت الأمنى.
- لاتزال مشكلة بناء وترميم دور العبادة مستمرة،ولم يري مشروع قانون دور العبادة الذى أعده المستشار محمد جويلي ،أو مشروع القانون الذى أعده المجلس القومى لحقوق الانسان النور حتى الان،رغم أن هناك مشكلات عديدة تظهر بين فترة وأخري لعدم وجود قانون ينظم أعمال بناء وترميم دور العبادة،وكل يوم يمر دون وجود هذا القانون معرض المجتمع معه لأزمة جديدة ينتج عنها خسائر فى الارواح أو الممتلكات ،أو الاثنان معاً،وهذا يتطلب تضافر كل الجهود من أجل وضع حد لهذه المشكلة المزمنة.
- وفى ظل الحديث عن دور العبادة ظهر مؤخراً مشروع قانون لحرمة دور العبادة،وهو الذى يحظر بسببه تنظيم التظاهرات داخل دور العبادة،وهى خطوة محمودة أن يتم الاتفاق على أن دور العبادة له حرمة خاصة،وبالتالى طالما أن هناك توافق على جمع دور العبادة فى هذا القانون،لابد من وجود هذه الروح فى حالة بناء دور العبادة،بدلاً من بناء كل من المساجد والكنائس والمعابد اليهودية على حدة،وأيضاً لابد من التأكيد على حق التظاهر،وإذا تم حظر التظاهر داخل دور العبادة،فعلى الدولة أن توفر مكان امن يتظاهر فيه المواطنين عند الحاجة،والمثال الأقرب على ذلك هو فتح ستاد القاهرة للتظاهر ضد حرب العراق،فى الوقت الذى كان يتم فيه محاصرة المتظاهرين فى ميدان التحرير،وبالتالى يعد هذا تناقضاً وانتهاكاً فى نفس الوقت للحق فى التعبير عن الرأى طالما كانت هذه التظاهرات سلمية.
- ويدعو المركز فى هذه المناسبة أيضاً وزارة الداخلية فى تشديد العقوبات على الضباط المتهمين بتعذيب المواطنين فى أقسام الشرطة ومقار الاحتجاز،من اجل الحفاظ على الصورة الكريمة لرجل الشرطة،والذى يعد دوره فى الأساس هو حماية أمن المواطن وسلامته،ولا يتسب فى أى مضايقات،وما تم كشفه خلال عام 2007 يؤكد أن هناك حالات فردية تم الكشف عنها،بينما الوسائل المتبعة تعد وكأنها منهج منظم فى التعذيب بسبب استخدام نفس الوسائل والطرق،وبالتالى لابد من تغليظ العقوبات على من يدان من هؤلاء الضباط كى يكون عبرة لغيره،وفى نفس الوقت الحفاظ على نظرة المواطن لضابط الشرطة،على ان تكون العلاقة بينهما مبنية على الاحترام المتبادل.
- ويتفق المركز ايضاً مع توصية المجلس القومى لحقوق الإنسان الخاصة بالدعوة إلى انضمام مصر إلى البروتوكول الاضافى لاتفاقية مناهضة التعذيب والعهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية ولجنة مناهضة التمييز ضد المرأة ، والعمل على تحقيق مواءمة التشريعات المصرية لما تتضمنة الصكوك الدولية فى هذا الشأن ، وتعزيز تعاون مصر مع المقررين الخاصين التابعين للأمم المتحدة فى مجال حقوق الإنسان لما سيعقب ذلك من التزام أمام المجتمع الدولى .
- دعم الأحزاب السياسية فى الوصول لرجل الشارع عبر المؤتمرات والأنشطة،ورفع الحظر الممنوع عليهما،حتى لا يستمر الوضع القائم بشكل يؤدى بالتعددية السياسية إلى مرحلة خطيرة قد تصل إلى الجمود الحزبي فى ظل التضييق والخناق الملحوظ على نشاطهم.
- اتباع استراتيجية جديدة بين الحكومة والمصريين فى الخارج،والحفاظ على كرامة المصريين ،وخاصة النظر فيما يتعلق بنظام الكفيل المتبع فى بعض الدول العربية بشكل يقلل من كرامة المصريين،كذلك دعوة المصريين فى الخارج إلى الاستثمار فى الداخل،وتحفيزهم على المشاركة السياسية فى الانتخابات التى تتم داخل البلاد،مع استبعاد الشخصيات التى لها جنسية أخري وتعمل فى أماكن حساسة بالدول التى يحملون جنسيتها،وأن تقوم وزارة الخارجية بدور حيوي فى ربط المصريين بالخارج بوطنهم الأم مصر.
تلك هى رؤية المركز المصري لحقوق الإنسان وهو يتذكر اليوم العالمى لحقوق الانسان،ويأمل فى أن يجد توافقاً حول هذه البنود أو بعضها حرصاً على مستقبل آمن يتمتع به كل المصريين بدون تمييز بينهم بسبب الجنس او الدين،يتوافر به كل المقومات لأن يصبح مجتمع عصري متطور يواكب التغيرات الدولية ،يؤثر فيه ولا يتأثر،يقدم له مزيد من الأفكار ،لا يعتمد عليها فقط،ينقل إليها ولا يعتمد على ما ياتى إليه من الخارج فقط.
مدير المركز | صفوت جرجس 0101637237