11/2/2009

يعرب المركز المصري لحقوق الإنسان عن أسفه جراء حالة التمييز الديني التي ظهرت مؤخراً تحت قبة البرلمان،بعد أن تقدمت ابتسام حبيب عضو مجلس الشعب ـ المعينة بقرار جمهوري ـ بمشروع قانون لتعديل أحكام القانون رقم 68 لسنة 1947 الخاص بتوثيق الزواج العرفي،واعترض عليها عبد الرحيم الغول عضو المجلس عن الحزب الوطني بقوله”هذا القانون يقدمه واحد من المسلمين وليس نائباً مسيحياً”،وفقاً لما نشرته إحدى الصحف اليومية المستقلة بتاريخ 10 فبراير 2009 .

فلأول مرة يقوم نائب بالبرلمان بتصنيف زميل له على أساس الدين،في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ جلسات مجلس الشعب،وهو ما يستدعى التحقيق فيها،وحذف العبارة من مضبطة الجلسات،لأنه من العار أن يسجل التاريخ هذا الموقف للنائب المحترم والمجلس الموقر.

اقتراح مشروعات القوانين من حق أي عضو بمجلس الشعب،بغض النظر عن كونه رجلاً أو سيدة،مسلماً أم مسيحياً ،منتخباً أو معيناً،حزب حاكم أو معارضاً أو حتى مستقلاً،وبالتالي ليس من حق أي عضو مصادرة حق عضو آخر لأي سبب مهما كان.

حسب اللائحة الداخلية لمجلس الشعب،تنص المادة 161 “تقدم الاقتراحات بمشروعات قوانين من أعضاء المجلس إلى رئيسه مصوغة فى مواد ومرفقاً بها مذكرة إيضاحية تتضمن تحديد نصوص الدستور المتعلقة بالاقتراح والمباديء الأساسية التي يقوم عليها والأهداف التي يحققها،ولا يجوز أن يقدم اقتراح بمشروع قانون من أكثر من عشرة أعضاء”،دون أي إشارة إلى نوعية عضوية العضو،سواء كانت منتخباً أو معيناً،وبغض النظر عن جنسه رجل أم سيدة،وبغض النظر عن ديانته!

كذلك تنص المادة 162 من اللائحة المذكورة على أن” رئيس المجلس يخطر مقدم الاقتراح كتابة بمخالفته للدستور أو عدم استيفائه الشكل المطلوب،أو وجود الأحكام التي تتضمنها مواده فى القوانين النافذة،وأن يطلب منه تصحيحه أو سحبه”،وهو ما لم يحدث فى الحالة الخاصة بمشروع العضوة ابتسام حبيب،مما يؤكد أنها سلكت الطريق الصحيح لتقديم مقترح بمشروع قانون!

ويبدى المركز أسفه من أن الجلسة لم يحدث بها أى تغيير،ولم تحذف جملة الغول من مضبطة الجلسات،فمن الثابت فيما نشرته الصحف عن هذه الواقعة أنها مرت مرور الكرام،فى خطوة هى الأولى من نوعها،وربما لن تكون الأخيرة ما لم يتم اتخاذ أى موقف آخر.

اعتقد المركز لأول وهلة أن ما حدث فى البرلمان من اقتراح ربما كان العضو المحترم يقصد أن يقتصر تقديم مشروع القانون على العضو المنتخب وليس المعين،ولكن السبب كما قاله العضو المحترم”لأنك نائبة مسيحية”! أي انه تكريس متعمد على أساس الدين!

يطالب المركز باعتذار العضو الغول عن ما حدث،وضرورة أن يقوم الحزب الوطنى بالتحقيق فيما حدث،لأنه بذلك يهدم مبدأ المواطنة والذي سبق أن تمت الموافقة عليه فى الدستور المصري فى مارس 2007 ،ومن ثم صمت الحزب على ذلك يعنى انه موافق على هدم مبدأ سبق أن وافق على وضعه بالدستور،بالإضافة إلى حذف العبارة من مضبطة الجلسات،حتى لا يتهم المجلس بالعنصرية بسبب التمييز بين الأعضاء على أساس الجنس أو الدين.

ويري المركز أن مجلس الشعب مطالب بتحويل العضو المذكور إلى لجنة القيم،لأنه أثبت جهله بالدستور نفسه الذي أقسم العضو على احترامه فور اختياره كنائب للشعب عن دائرته،وتصرفه يعد خروجاً على القيم الدينية والأخلاقية والاجتماعية،وبدون هذه الخطوات يصبح مجلس الشعب مكرساً للتمييز بين المواطنين،وغير أميناً على احترام الدستور والقانون،حيث أنه وفقاً للمادة 26 من اللائحة الداخلية لمجلس الشعب “تختص لجنة القيم بالنظر فيما ينسب إلى أعضاء المجلس من مخالفات تشكل خروجا على القيم الدينية أو الأخلاقية أو الاجتماعية، أو المبادىء الأساسية السياسية والاقتصادية للمجتمع المصري، وذلك كله طبقا لأحكام الدستور أو القانون أو هذه اللائحة”،وبدون أدنى شك تعد هذه المخالفة تحت قبة البرلمان تقع ضمن اختصاص لجنة القيم.

المـركز المصرى لحقــوق الانسان