15/6/2006

تتقدم اليوم الجمعية الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات بمذكرة قانونية حول تعليقها علي قانون الحبس الاحتياطي المزمع عرضه علي مجلس الشعب لإبداء رأي اعضائة فيه .

ويعد هذا التعليق علي القانون هو من احد أهداف الجمعية الخاص بمراجعة التشريعات الوطنية ومدي ملاءمتها وتوافقها مع المواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان وحرياته العامة وتتضمن المذكرة عدداً من التوصيات التي ترغب الجمعية في مراعاتها عند إقرار مشروع القانون وتتضمن ايضاً تعليقاً علي أهم ما ورد بمشروع قانون الحبس الاحتياطي من مواد تري الجمعية أنها تحتاج إلي النظر فيها وفي مدي توافقها مع القانون الدولي.

ومن الملاحظ من خلال الوهلة الأولي لمشروع القانون المعروض انه لم يرضي طموح العديد من القانونيين ورجال السياسة ممن توقعوا أن تقدم الحكومة مشروعا يتماشى مع الرؤية الإصلاحية التى ترددها الحكومة . و لكن من الملاحظ أن مشروع القانون المطروح حاليا على مجلس الشعب يعطي انطباعا لما ستقدمه الحكومة المصرية من إصلاحات فهي في حقيقاتها إصلاحات ذات صبغة اعلامية تهدف إلي إحداث دويا اعلاميا دون إن تحمل في جوهرها إصلاح حقيقي.

ومن أهم الملاحظات التي ذكرتها الجمعية في مذكرتها المقدمة إلي أعضاء مجلس الشعب عما تضمنه المشروع ما يلي:

    • 1- الاقتراح بأن يقتصر حق النيابة في الحبس الاحتياطي على الجرائم التي يصل الحد الأدنى فيها للعقوبة الحبس لمدة عام.

    • و نرى أن هذا التعديل يمكن ان يحقق جزءا بسيطا من مطالب القانونيين الا انه لا يتوافق مع الفقه القانوني و القضائي و التشريعي في غالبية المدارس القانونية يرى ان الحبس الاحتياطي شرع لحماية اجراءات التحقيق و ضمان امن الادلة و هذا المبرر غير متوافر في المتهم المرتكب لجرائم الجنح البسيطة و التى تصل عقوبتها الى ثلاث سنوات و كذلك جرائم الجنايات الدنيا و التى قد يصل الحد الادنى للعقوبة فيها ثلاث سنوات .

    • 2- عدم ورود نص يؤكد الاحقية في الضمانات التعويضية لمن يحبس احتياطيا متى صدر حكما ببرائتة هو موقف متشدد لا مبرر له حيث ان المشروع المقدم وضع ضمن الاسباب الرئيسية للحبس الاحتياطي وجود دلائل قوية على ارتكاب المتهم للفعل المؤثم و هو ما يتنافى تماما مع احتمالية برائة المتهم بعد محاكمته و عليه فان اقرار التعويض عن الحبس الاحتياطي في حالة صدور حكما بالبرائة يعد ضمانة قوية لعدم توسع النيابة العامة و تعسفها في استخدام سلطتها في الحبس الاحتياطي.

    • 3 – التوسع في اسباب ومبررات الحبس الاحتياطي وإستخدام عبارات فضفاضة بالمشروع المقدم مخالفاً بذلك ما استقرت عليه النظم القانونية وعلي سبيل المثال جاءت المادة 58 من نظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية ( رغم خطورة و حجم الجرائم التى تنظرها المحكمة ) لتحصر مبررات القبض حيث اتاحت للدائرة التمهيدية في أي وقت بعد الشروع في التحقيق, وبناءً على طلب المدعي العام, ان تصدر أمراً بالقبض على الشخص إذا اقتنعت بما يلي, بعد فحص الطلب والأدلة أو المعلومات الأخرى المقدمة من المدعي العام: وجود أسباب معقولة للاعتقاد بأن الشخص قد ارتكب جريمة تدخل في اختصاص المحكمة, أو أن القبض على الشخص يبدو ضروري لضمان حضوره أمام المحكمة أو لضمان عدم قيامه بعرقلة التحقيق أو إجراءات المحكمة أو تعريضهما للخطر , أوحيثما كان ذلك منطبقاً , لمنع الشخص من الاستمرار في ارتكاب تلك الجريمة أو لمنع ارتكاب جريمة ذات صلة بها تدخل في اختصاص المحكمة وتنشأ عن الظروف ذاتها. و تقرر المادة 60 بان للمتهم ان يتظلم من قرار احتجازه احتياطيا و ان يطلب الافراج عنه لحين الانتهاء من اجراءات المحاكمة و تنظر المحكمة في طلبه هذا فاذا ما انتفت المبررات الواردة بنص المادة 58 افرجت عنه

    • 4 – استحدث المشروع قاعدة جديدة تقضي بان يصدر قرار الحبس الاحتياطي من وكيل نيابة على الاقل في حين ان الوضع الحالي يجيز ان يصدر هذا الامر من معاوني النيابة و هو تحديث محمود و ان كنا نرى انه يفضل ان يصدر هذا القرار بعد العرض على المحامي العام للنيابة المختصة خاصة و اننا نحبز ان يكون الحبس الاحتياطي في الجرائم التى يصل الحد الادنى للعقوبة فيها لثلاث سنوات .

    • 5 – تطرق مشروع القانون للمرة الاولى للحديث عن بدائل غير احتجازية للحبس الاحتياطي و ان كان المشروع قد اكتفى بثلاثة بدائل فقط لا غير و هي الحبس المنزلي أو إلزام المتهم بأن يقدم نفسه إلى مقر الشرطة في أوقات محددة أو أن يحظر علي المتهم ارتياد بعض الأماكن

    • وهي اجراءات تضيق من نطاق البدائل غير الاحتجازية حيث ان كافة التشريعات المقارنة التى اتخذت الاجراءات الغير احتجازية كبدائل للحبس الاحتياطي توسعت بشكل ملحوظ

وقد انتهت المذكرة الي التأكيد على السادة اعضاء البرلمان المصري اثناء مناقشتهم لمشروع القانون محل المذكرة ان يستأنسوا بما تم عرضه من مبادئ فقهية و قانونية كما اننا نود ان نشير الى ان تلك المبادئ متفق عليها منذ منتصف القرن الماضي ففي الفترة من 27 سبتمبر -4 اكتوبر 1953 م عقد المؤتمر الدولي السادس لقانون العقوبات بروما و الذي قرر بشأن الحبس الاحتياطي عدة مبادئ و هي : –

    • 1. موضوع الحبس الاحتياطي من الموضوعات التى تتسم بالدقة . يفترض في المتهم البراءة حتى يحكم عليه نهائيا و الحبس قد يكون ضروريا و لكن يجب النظر اليه على انه استثناء.

    • 2. لا يجوز حبس شخص بغير امر مسبب من القاضي المختص .

    • 3. يجب ان يمكن المحبوس احتياطيا من الطعن في الامر بحبسه في الادوار المختلفة التى تمر بها الدعوى .

    4. في حالة الخطأ الظاهر يجب ان تسأل الدولة عن تعويض من أمر حبسه خطأ متى تبين ان الآمر قد تعسف في استعمال سلطته.

كما نناشد البرلمانيون المصريون ان يستأنسوا كذلك بنظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية و الذي منح المتهم العديد من الضمانات على الرغم من اختلاف طبيعة الجرائم المرتكبة و التى تختص بها المحكمة و التى تكون اكثر بشاعة و قسوة من اية جرائم تنظرها المحاكم المصرية.