9/11/2005

اغلق باب الاقتراع للمرحلة الاولى من الانتخابات البرلمانية للعام 2005 ، وقد شهدت احداث اليوم هدؤاً نسبيا وسط عزوف المواطنين عن المشاركة فى عملية التصويت بسبب فقدانهم للثقة فى صندوق الانتخاب. ولم تكن شفافية الاقتراع على نفس درجة شفافية الصناديق الزجاجية التى حوت بطاقات ابداء الرأى.

فقد شابت الجداول الانتخابية العديد من العيوب التى تمثلت فى تكرار اسماء الناخبين والاخطاء فى الاسم الثلاثى لهم كما لم تنقى الجداول من اسماء الموتى ولم يتم السماح للمعتقلين والمقيمون خارج مصر بالادلاء باصواتهم وهو الامر الذى ينسف من الاساس اى حديث عن صحة اجراء عملية التصويت، او ان الاصوات التى تحصلت من عملية الاقتراع تعبر عن الاختيار الحر للمواطنين. وتعتقد الجمعية انه لم يعد يتسنى للمسؤلين فى الدولة الحديث عن توافر معايير النزاهة والشفافية فى اية عملية انتخابية قادمة مادامت الاجهزة الامنية مصرة على وجود هذه العيوب بجداول الناخبين.

من ناحية اخرى فقد استشرت ظاهرة شراء ارادة الناخبين بعد ان راجت حرفة (مقاولو الاصوات الانتخابية) فقد رصد فريق المراقبون الخاص بجمعية المساعدة عدة حالات قام فيها بلطجية الانتخابات ومحترفو التزوير باستغلال الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة لبعض الناخبين وقاموا بعرض مبالغ مالية وتقديم سلع تموينية ومزايا اخرى لهم فى حالة تصويتهم لمرشح بعينه، وقد وصلت قيمة الصوت الانتخابى الواحد فى الدقائق الاخيرة لعملية التصويت مبلغ 500 جنيه مصرى.

ولقد تم تجاوز السقف المالى الذى حددته اللجنة العليا للانتخابات لكل مرشح للانفاق على حملته الانتخابية بقيمة 70.000 جنيه . فتم صرف ملايين الجنيهات على اعمال الدعاية من لافتات ومواكب وملصقات ومؤتمرات انتخابية كما تم صرف جزء من تلك الاموال كرشاوى انتخابية وثمن لبعض التربيطات لجمع اصوات الناخبين، وهو ما لم تتخذ اللجنة العليا للانتخابات حياله اى اجراء.

وكان عزوف المواطنين عن المشاركة وتدنى نسبة الذين قاموا بالادلاء باصواتهم الى نسبة لاتتجاوز 20% دليلا فعليا عن الازمة التى تواجهها عملية التغيير والاصلاح السياسى فى مصر. صحيح انه سمح لبعض منظمات المجتمع المدنى بمراقبة الانتخابات وقام مراقبوها بدخول اللجان الانتخابية الا انه وعلى الجانب الاخر تم منع مراقبى بعض المنظمات الاخرى – بعد تعسف اللجنة العاليا للانتخابات فى تضييقها على منظمات المجتمع المدنى وقصر السماح فقط للمنظمات الحاصلة على صك الاشهار الحكومى من وزارة الشئون الاجتماعية بمراقبة عملية التصويت- كما اقتصر دور المراقبين على مشاهدة الاجراءات دون الحق فى ضبط المخالفات واتخاذ الاجراءات القانونية حيالها.

كما انه لم يتسنى تحقيق الشرط الحاكم لنزاهة وشفافية العملية الانتخابية حيث لم يتوافر ضمان الرقابة القضائية الكاملة والتامة على عملية التصويت. فعلى الرغم من مطالبة نادى قضاة مصر بقصر الاشراف القضائى على قضاة الحكم تم تكليف محامو الدولة (اعضاء هيئة قضايا الدولة) والسادة وكلاء النيابة العامة واعضاء هيئة النيابة الادارية بتولى مسؤلية الاشراف.

وترى جمعية المساعدة القانونية لحقوق الانسان ان الحيل التى استخدمت لتزوير ارادة المواطنين خاصة فى الدقائق الاخيرة قبل غلق باب الاقتراع تؤكد على اصرار ثلة من رجال المال والسلطة فى مصر على وأد المحاولات الجنينية لادخال اصلاحات جوهرية على المناخ السياسى العام فى مصر بحرمان المواطنين من التمتع بحق المواطنة والذى شرطه الاساسى المشاركة فى الحكم، وتتخوف الجمعية من ان تكون الانتخابات البرلمانية الحالية آتية على الطريق الذى سبق تمهيده امام زواج السلطة والمال فى مصر ضد مصلحة غالبية البسطاء من ابناء هذا الوطن.

جمعية المساعدة القانونية لحقوق الانسان

الاربعاء الموافق 9 نوفمبر 2005