20/5/2009
إعداد الباحث
عاطف اسماعيل
يجرى الآن الإعداد لقانون جديد للانتخابات يضمن للمرأة المصرية تمثيلا عادلا فى مجلس الشعب والمجالس المحلية، تطبيقا للتعديلات الدستورية الأخيرة التى جاءت تتويجا للجهود التى قام بها المجلس القومى للمرأة، والمنظمات الأهلية.
لقد أصبح للمرأة الآن حاضرة فى السلطة القضائية، وزالت العوائق التى ظلت لعشرات السنين تحرمها من هذا الحق وأصبحت الفرص مفتوحة أمامها للوصول إلى مواقع قيادية فى السلطة التنفيذية، ولم تعد محرومة إلا من بعض المناصب فقط، لكنها على الرغم من كل هذا التقدم لاتزال محرومة من التمثيل العادل فى مجلس الشعب، ومن المشاركة بصورة مناسبة فى المواقع القيادية فى الاحزاب، وفى الحياة السياسية بشكل عام، ولا يزال السياق السياسي لا يشجع المرأة على الاندماج فى العمل العام، ولايزال تمثيل المرأة فى البرلمان المصرى أقل بكثير مما هو فى بعض البلاد العربية والإفريقية الأخرى، ولاتزال الثقافة السائدة تشجع على حصر دور المرأة كزوجة وأم، ولاشك أن عدم إفساح المجال العام أمام المرأة لا يمثل عائقا أمام تطور المرأة فقط، بل أنه يعوق تطور المجتمع فى اتجاه الديمقراطية والمواطنة بمعناها الصحيح.
مقدمة:
شاركت المرأة بدورها داخل العمل السياسي وكانت منذ نشأة التاريخ السياسي لدولتها محاربة لإثبات حقوقها السياسية، وكان ضعف نسبة مشاركتها السياسية إحدى أهم القضايا التي حظيت بالاهتمام في تاريخنا المعاصر، ومن ثم فقد كانت محورا لعدد من الدراسات والأبحاث الهامة، حيث تعتبر قضية ضعف المشاركة للمرأة المصرية على نحو خاص مسألة أكثر إلحاحا وتستوجب وضعها على رأس الأولويات، الأمر الذى يستلزم إجراء دراسات نظرية وميدانية لتحليل هذه القضية من خلال التعرف بدقة على نسبة النساء المسجلات فى جداول الانتخابات، ونسب المشاركات فى التصويت من المقيدات فى هذه الجداول ومقارنة ذلك بوضع الرجال، والاستفادة بنتائج مثل هذه الدراسات فى وضع خطة علمية وعملية للتحرك بين النساء لتشجيعهن على القيد فى الجداول الانتخابية.
وقد اقترن تناول موضوع دعم المشاركة السياسية للمرأة خاصة فيما يتعلق بعدالة تمثيلها فى المجالس المنتخبة بمناقشة قضية النظام الانتخابي المناسب، ويلاحظ فى هذا الصدد الطرح المتزايد للآراء المنادية بتغيير النظام الانتخابي الفردي والعودة للأخذ بنظام القائمة استنادا إلى أن هذا النظام الأخير يسمح بفرصة أكبر لتمثيل الكوادر والكفاءات النسائية فى البرلمان ممن يصعب عليهن فى ظل النظام الفردي خوض المعارك الانتخابية.
وبالتالي فإن مشاركة النساء داخل الحركة السياسية ينعكس على الناخبات اللاتي يتشجعن للقيام بدور فعال داخل الدوائر الانتخابية لتعزيز دور المرأة داخل العمل السياسي وجعلها أكثر اهتماما بشئونها وشئون بلدها السياسية. إضافة إلى ذلك، فإنه لا يمكننا الحديث عن تمثيل مؤثر للمرآة داخل المجالس التشريعية والمحلية المنتخبة بمعزل عن دورها داخل الأحزاب السياسية التي تعد بمثابة المعمل التي تتكون فيه الكوادر السياسية بما فيها الكوادر النسائية، وباعتبار أن الأحزاب تمثل الوعاء الأساسي للمشاركة السياسية، لذلك يجب تفعيل دور المرأة كمشاركة أساسية فى العملية الديمقراطية وتطوير إمكانية مشاركتها عن طريق ورش العمل والندوات التي تمكنها فعليا من الدخول فى العمل السياسي والحزبي والبرلماني.
نبذة تاريخية عن مشاركة المرأة فى العمل السياسي:
كانت للمرأة المصرية تاريخها على مدى سنوات من النضال الوطني من اجل إثبات حقها فى مشاركتها كفرد اساسى وفعال داخل الحركة السياسية وبالسرد التاريخي للدور الذى قامت به المرأة نجدها قد شاركت منذ عام 1881 فى الجهود الشعبية التي بذلت لمكافحة الاستعمار إبان الثورة العربية من خلال أنشطة عديدة منها إنشاء جمعيتين من الجمعيات الأهلية هما جمعيتا (حلوان) و(مصر الفلاح) فقد كانت النساء يقمن بدور هام فى الاتصالات وتوصيل الرسائل بين الثوار وقد واكب هذا النشاط فترة ظهور أول مدرسة مصرية ابتدائية خاصة هي مدرسة النهضة النسائية التي انشاتها الجمعية الخيرية الإسلامية عام 1878 .
وقد تقدمت الحركة النسائية بعد ذلك عندما شاركت المرأة فى المسيرات والمظاهرات ضد الاحتلال الاجنبى فى يوم السادس عشر من مارس عام 1919 ليمثل علامة مضيئة فى تاريخ المرآة المصرية. وكانت هناك رموز واضحة لتلك الفترة من أبرزها السيدة صفية زغلول التي تبنت الحركة السياسية المصرية فى غياب زوجها الزعيم سعد زغلول وفتحت بيتها لرموز الشعب فوصف بيتها (ببيت الأمة) وتوالت الأحداث عندما عقد بالقاهرة أول مؤتمر نسائي منظم ضد الاستعمار حضرته 500 سيدة برئاسة هدى شعراوي وحضور نبوية موسى أول فتاة مصرية تحصل على البكالوريا عام 1907، وفى 16 يناير عام 1920 قامت مظاهرة نسائية أخرى من باب الحديد إلى عابدين تهتف ضد الاستعمار.
فى ظل تلك الظروف أنشات هدى شعراوي لجنة الوفد المركزية للسيدات رأستها وقد طالبت تلك اللجنة بالاستقلال التام، وظهرت بعد ذلك لجنة سياسية جديدة ولكنها لم تدم طويلا.
وفى تلك الأثناء تم إنشاء الاتحاد النسائي المصري برئاسة هدى شعراوي وتضمن برنامج الاتحاد المطالبة باستقلال مصر والسودان وحياد قناة السويس وقت الحرب وإلغاء الامتيازات الأجنبية. وفى عام 1925 تقدم الاتحاد النسائي المصري بعريضة إلى رئيسي مجلس الشيوخ والنواب مطالبة بتعديل قانون الانتخاب بما يضمن مشاركة النساء فى الحقوق الانتخابية، وعقد أول مؤتمر نسائي عربي فى القاهرة عام 1938.
وشهدت الأربعينات ارتفاعا فى مستوى الوعي بين النساء وتمثل ذلك فى زيادة التوجه السياسي للحركة النسائية، وتكونت أول جماعات نسائية تدافع وتطالب بمشاركة المرأة فى الحياة السياسية مثل (حزب نساء مصر) عام 1924. وفى 12 مارس 1953 اعتصمت مجموعة من سيدات حزب بنت النيل فى مبنى نقابة الصحفيين واضربن عن الطعام مطالبات بحقوق المرأة السياسية الكاملة.
وبالنسبة للتنظيمات النسائية الحزبية فى الفترة ما بين الحرب العالمية الأولى فى عام 1914 والثانية فى عام 1939 نذكر لجنة (السيدات الأحرار) المنتمية إلى حزب الأحرار الدستوريين وكذلك تكونت جماعة الأخوات المسلمات المنبثقة من جماعة الأخوان المسلمين ووضع برنامج خاص لها عام 1935 يعتمد على الوعظ والإرشاد الثقافي الاسلامى. وكانت القيادات النسائية الضالعة فى العمل الحزبي ترتبط فى الغالبية العظمى من الحالات بالرجال من قيادات الأحزاب القائمة إما بروابط القرابة والنسب أو بصلات طبقية وطيدة أو بانتماءات فكرية وثقافية.
وفى عام 1961 نصت القرارات الاشتراكية على ان تمثل المرأة بنسبة 5 % من أعضاء المؤتمر القومي للقوى الشعبية. وفى 4 يوليه 1964 تم إعلان الاتحاد الاشتراكي وشاركت المرأة فى العديد من هيئاته من اللجان السكانية واللجان الجماهيرية، وتم تشكيل لجان نسائية على مستوى محافظة القاهرة واشتملت فى عضويتها على أمينات لجان النشاط النسائي فى الأقسام. وفى سبتمبر 1975 تكون التنظيم النسائي للاتحاد الاشتراكي ليشمل كافة التفريعات التنظيمية والأجهزة النوعية المعنية بنشاط المرأة السياسي داخل هيكل الاتحاد الاشتراكي ككل.
وشاركت المرأة فى المنابر الثلاث التي صدر قرار بإنشائها فى مارس 1976، والتي تحولت بعد ذلك إلى أحزاب سياسية بصدور قانون الأحزاب السياسية رقم 40 عام 1977.
وبذلك السرد التاريخي لكفاح المرأة المصرية نجدها قد بذلت جهدا كبيرا وأن الحركة النسائية نبعت من داخل المجتمع المصري ذاته وبجهد النساء أنفسهن وأن الاعتراف بالحقوق السياسية للمرأة ليس منحة بل نتاج كفاح وإصرار مرير على مدى أكثر من قرن من الزمان.
وقد جاءت نصوص الدستور المصري لعام 1971 تكفل حقوق المراة المصرية بالمشاركة من حيث المبدأ العام فضلا عن نص المادة 62 بعد التعديل التي نصت على إمكانيه أن يتضمن القانون حدا أدنى لمشاركه المرأة في المجلسين. بيد أن الحديث عن مشاركة المرأة المصرية فى الحياة العامة يطرح تساؤلات عديدة ومثيرة حول جدوى القوانين القائمة التى تنظم عملية المشاركة، وأدوار المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية النسوية منها على وجه الخصوص.
ففي ظل ما تمثله المرأة المصرية من حيث النسبة السكانية ونسبتها التصويتية العالية والتي لا تتناسب مع تمثيلها فى المجالس المنتخبة أو مجالس النقابات المهنية تبقى تلك الأسئلة حائرة تبحث بالأساس عن حلول جذرية يجب أن تنهض الدولة فى سبيلها بواجباتها ليس نحو المرأة المصرية بل نحو المجتمع ككل.
فإذا نظرنا إلى نسب تمثيل المرأة في المؤسسة التشريعية نجدها تتراوح بين ا و5% فقط طوال خمس عقود منذ حصولها على حقوقها السياسية ودخولها البرلمان بموجب دستور 1956 وحتى آخر مجلس تشريعي عام 2005، وذلك فيما عدا فترة النصف الأول من الثمانينيات والتى ارتفعت خلالها نسبة تمثيل المرأة إلى مستوى مرتفع نسبياً بلغ 9.7% وذلك في مجلس 1979 نتيجة الأخذ بنظام تخصيص الحصص (الكوتا) بموجب القانون رقم 21 لسنة 1979 بتخصيص 30 مقعداً على الأقل للمرأة، ورغم إلغاء هذا التخصيص بموجب القانون رقم 88 لسنة 1986، فإن نسبة تمثيل المرأة ظلت مرتفعة ويرجع ذلك في حينها إلى نظام الانتخاب والذي كان يتم عبر القوائم الحزبية النسبية، ولكن بصدور القرار رقم 201 لسنة 1990 والذي ألغى نظام الانتخابات بالقوائم الحزبية والأخذ بالنظام الفردي، فقد انخفضت نسبة تمثيل النساء بشكل كبير ولم تفلح كل المحاولات لرفع تلك النسبة.
المرأة في مجلس الشعب
الانتخابات |
المرشحات |
الفائزات |
1987 |
22 |
14 |
ولا يختلف حال المرأة فى انتخابات مجلس الشورى عنه فى مجلس الشعب فالإحصائيات المتوفرة تشير إلى تدنى مستوى تمثيل النساء فى مجلس الشورى عام 1980 (وهو أول مجلس) ليسجل 3.3%، وانخفضت تلك النسبة إلى 1.9% عام 1986، ثم ارتفعت إلى 4.7% عام 1992، ووصلت إلى 5.7% عام 1995 وظلت النسبة على ذلك حتى عام 2005.
المرأة في مجلس الشورى
السنة |
1980 |
1983 |
1986 |
1989 |
1992 |
1995 |
1998 |
2001 |
2004 |
2007 |
عدد السيدات |
7 |
1 |
2 |
10 |
8 |
6 |
9 |
8 |
11 |
1 |
مفهوم المشاركة السياسية لدى المرأة المصرية :
اختلف مفهوم المشاركة السياسية لدى المرأة المصرية خاصة فى ظل الظروف الاجتماعية والثقافية والاجتماعية والسياسية التي يمر بها المجتمع، والتي أثرت تثيرا سلبيا عليها، حيث يوجد فى مصر 3,5 مليون امرأة وأم عاملة مع وجود نسبة أمية عالية بين سيدات الريف والوجه القتلى وانعدام الوعي السياسة لدى المرأة فى الحضر لانشغالها بالعمل بجانب اهتمامها بالأسرة، فضلا عن أن البعض منهن لا يفضلن الدخول فى العمل السياسة ليبعدن عن المشاكل.
ففي عام 1957، وبعد أن حصلت المرأة على حقوقها السياسية حسب دستور 1956 بدأت في ممارسة حقوقها السياسية في هذا العام حيث شاركت فى الانتخابات التي تمت فى ذلك العام كناخبات ومرشحات، ومن بين ست سيدات رشحن أنفسهن للانتخابات فازت اثنتان منهن بعد منافسة حامية مع الرجال بمقعدين فى البرلمان وظل عدد العضوات فى البرلمان صغيرا ولم يتجاوز الثمانية حتى انتخابات عام 1979 حيث قفز عددهن إلى خمس وثلاثين، وتعزى هذه الطفرة الكبيرة فى الواقع الى تعديل قانون الانتخابات رقم 38 لسنة 1972 بالقانون رقم 21 لسنة 1979 الذى سمح بتخصيص ثلاثين مقعدا للنساء كحد ادنى وبواقع مقعد على الأقل لكل محافظة ولم يسمح هذا القانون للرجال بالتنافس على هذه المقاعد فى الوقت الذى سمح في للنساء بالتنافس مع الرجال على باقي المقاعد الأخرى، ومن بين 200 امرأة تقدمن للترشيح فى انتخابات 1979 فازت ثلاثون منهن بالمقاعد المخصصة للنساء وبثلاث مقاعد أخرى من المقاعد غير المخصصة لهن بالإضافة إلى ذلك عين رئيس الجمهورية سيدتين ضمن قائمة العشرة أعضاء التي يحق لرئيس الجمهورية تعيينهم حسب الدستور، وبهذا أصبح اجمالى النساء العضوات فى الفصل التشريع الثالث لمجلس الشعب عام 1979 خمسا وثلاثين بنسبة حوالي 8% ومع تعديل الدستور فى عام 1980 لإنشاء مجلس الشورى ظهرت فرص جديدة لمشاركة المرأة فى الحياة السياسية ودخل هذا المجلس سبع عضوات بنسبة 3,3 % من إجمالى عدد مقاعدة وارتفعت هذه النسبة إلى ما يقرب من 7 % عام 2004 .
وقضت المحكمة الدستورية العليا فى عام 1986 بعدم دستورية القانون رقم 21 لسنة 1979 لما ينطوي عليه من تمييز على أساس الجنس وقد ظهر اثر إلغاء هذا القانون مباشرة على انتخابات مجلس الشعب عام 1987 حيث انخفض عدد الأعضاء من النساء إلى 14 نائبة.
وكان النظام الانتخابي الذى اتبع فى ذلك الوقت مبنيا على القوائم الحزبية النسبية وخلت قوائم معظم الأحزاب من أسماء لعناصر نسائية باستثناء الحزب الوطني الديموقراطي الذى شملت قوائمه 13 سيدة، وفى عام 1995 تم تغيير النظام الانتخابي من نظام القوائم النسبية إلى نظام الفردى فهبط عدد النساء فى انتخابات مجلس الشعب إلى خمس عضوات فقط وعين رئيس الجمهورية أربع نساء أخريات ليبلغ العدد تسع عضوات وفى انتخابات عام 2000 فازت سبع سيدات فقط وتم تعيين أربع نساء ليصبح العدد 11 سيدة فقط.
وهكذا يظهر لنا بوضوح تأثير أسلوب النظام الانتخابي على توزيع المقاعد فى البرلمان، وهو ما ينطبق أيضا على المجالس الشعبية المحلية وعلى حجم مشاركة المرآة بدرجة كبيرة. ودائما ما تجتهد المرأة المهتمة بالمشاركة السياسية لتعزيز دورها داخل الحياة السياسية خاصة فى العضوية البرلمانية والعمل على زيادة حجمها، وهناك أراء نسائية تنادى دوما بتخصيص مقاعد البرلمان بما يسمى بنظام الكوتة، وكما كان موضحا من قبل أن مصر مارست هذا الأسلوب فى انتخابات عامي 1979 ، و1984 لمجلس الشعب والمجالس المحلية، غير أن الحكم بعدم دستورية هذا النظام أحبطه تماما.
وهناك بعض الآراء التي تفضل نظام الانتخاب بالقائمة وتعتبره نظاما أفضل للمرأة، وقد يكون سبب هذا هو أن القائمة يساندها الحزب، ويقع عبء جهود الحملة الانتخابية على الحزب والمجموعة ككل مما يقلل العبء على المرأة، وقد حكم أيضا على قانون الانتخابات بالقائمة النسبية بعدم الدستورية حيث لم يوفر القانون تكافؤ فرص الترشيح للمستقلين بشكل مساو لأعضاء الأحزاب.
وإذا انتقلنا إلى أداء النساء داخل البرلمان، نجد أن النساء تجتفظ فى البرلمان بدرجة ملحوظة من الاستقلالية وتتعامل نائبات البرلمان بمجلسيه الشعب والشورى عادة مع جميع المشاكل والقضايا التي يحملها إليهن ناخبو الدوائر ولا يقصرن اهتماماتهن على قضايا المرأة فالخبرات السياسية التي حصلن عليها انعكست فى مساهمتهن المميزة فى المناقشات والتقارير وإعداد القوانين وإقرارها.
كما تحظى النساء بمواقع هامة فى البرلمان، فهي وكيل مجلس الشعب، كما تشغل مواقع رئيس ووكيل وأمين سر عدد غير قليل من اللجان البرلمانية، إذ تصل نسبة مشاركة النساء فى مكاتب لجان مجلس الشعب إلى 5,5 % وتصل نسبة مشاركة النساء فى مكاتب لجان مجلس الشورى إلى 17,5 % وهى نسبة عالية ولها دلالة على نشاط العنصر النسائي فى المجلس.
الكشوف الانتخابية :
تتمتع المرأة المصرية بحسب الدستور والقوانين المكملة له وقوانين مباشرة الحقوق السياسية بكل حقوقها، حيث إن حق الانتخاب واجب والتصويت إجبارى على كل من الرجل والمرأة حتى الأميين منهم، لذلك لم يكن للمرأة الريفية غير المتعلمة دورا مهمشا بل كان لها دورا رئيسيا فى اختيارها لمن ينوب عنها فشاركت فى الانتخاب ودافعت عن ذلك الحق المشروع. وكما موضح بالشكل التالي الإحصائيات الخاصة بنسبة أعداد الاناث إلى الذكور المقيدين فى الجداول الانتخابية فى الفترة من 1985 والى 2003 على مستوى الجمهورية
فاعلية الناخبات:
ينص القانون على تسجيل أسماء راغبى المشاركة فى الانتخابات من النساء والرجال فى جداول الناخبين ويتم ذلك الآن خلال أشهر معينة من السنة (نوفمبر- يناير)، ولم تتجاوز نسبة عدد الناخبات فى انتخابات عام 1975 (حيث أدلت المرأة المصرية بصوتها لأول مرة) 2,6 % من مجموع الناخبين ولم يكن حق الانتخاب فى ذلك الوقت إجباريا بالنسبة للمرأة، وبعد أن تم استدراك هذه المخالفة الدستورية عام 1980 ارتفعت نسبة الناخبات إلى حوالي 29% فى عام 1989 ووصلت عام 2003الى 37,09 % .
وتنظم الدولة وتشارك الأحزاب والمنظمات غير الحكومية فى هذه العملية من خلال حملات مكثفة لتشجيع الناخبين على تسجيل أنفسهم فى الجداول فى الأوقات المحددة، ويقع على عاتق أمانات المرأة فى الاحزاب وعلى النساء المثقفات عامة مهمة توعية النساء بضرورة قيد أسمائهن فى جداول الناخبين، ويتضح من بيانات وزارة الداخلية أن نسبة النساء المقيدات فى جداول الناخبين تقترب حاليا من 40% من مجموع الناخبين المسجلين فى جداول الانتخابات لكن هذه النسبة تتفاوت من محافظة إلى أخرى لتصل إلى ما يقرب من 50% فى بعض المحافظات مثل مطروح وشمال سيناء والوادي الجديد والبحر الأحمر و الدقهلية، وكنها تنخفض فى المحافظات الحضرية لتبلغ نسبا أقل بكثير فى كل من القاهرة والإسكندرية وبعض المحافظات الأخرى، وهذا لا يعنى بالضرورة أن هناك وعيا أكبر فى هذه المحافظات التي ترتفع فيها النسبة بل لابد الإشارة هنا إلى ان صوت المرأة بصفة عامة مستخدم، وهو قد يستغل فى غير صالح المرأة ولذلك يجب التركيز على توعيتها بقيمة صوتها، وكيف تعتز به وتوجهه بشكل سليم كجزء من استقلاليتها وانتمائها وممارسة حقها فى المواطنة الكاملة والديمقراطية.
أهمية المشاركة السياسية للمرأة:
- التنمية في تعريفها هي الكشف عن الإمكانيات المدخرة في المجتمع، وباعتبار أن المرأة هي نصف المجتمع، فإن الاهتمام بمشاركتها في الحياة السياسية وفي المجالات الأخرى، هو كشف عن إمكانيات مدخرة يضاعف من حجم القدرات لدى المجتمع، ويدفع بالتالي بمعدلات نموه إلى مستويات أعلى.
- أن مشاركة المرأة في الحياة السياسية من شأنه ترسيخ مضمون المواطنة لديها، والذي يعني ضمن ما يعنيه أن تمنح ولاءها لفكرة الدولة فقط، وهذا بدوره يقود إلى دعم الاستقرار السياسي والاجتماعي للدولة.
- أن المشاركة السياسية للمرأة ستساعد على منحها حصانة ثقافية وفكرية تحول دون اختراقها بتوجيهات من الخارج تستهدف زعزعة ثوابتها الدينية ومن ثم الثوابت الدينية لأفراد أسرتها.
- توسيع قاعدة التمثيل في الهيئات البرلمانية، الأمر الذي يزيد من قوة وعمق تمثيلها للمجتمع، مما يعمق مفاهيم الانتماء الوطني والاعتزاز القومي، وينمي قوى العطاء وفعالية الإنتاج، ويعزز مكانتها في المجتمع وتطوير مهاراتها في تربية أجيال فاعلة وواعية، بالإضافة إلى تعزيز وتوظيف طاقات الأمة جميعها في سبيل تحقيق التنمية الشاملة.
أسباب تدني المشاركة السياسية للمرأة:
- العادات والتقاليد التي مازالت تؤثر في بعض فئات المجتمعات العربية وخاصة الشباب الذين مازالوا يرفضون عمل المرأة في المجال السياسي، إضافة إلى عدم وجود الدعم الأسري أو التشجيع من قبل الرجل للمرأة على الدخول في الحياة السياسية، مما يحد من تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة، ويجعل الفرص السياسية للمرآة محدودة.
- غياب الآليات والبرامج الواضحة لمشاركة المرأة السياسية، حيث لم تهتم التنظيمات النسائية ومنظمات المجتمع المدني بشكل عام، في غمرة انشغالها، بوضع المطالبة بتحسين الوضعية السياسية للمرآة على لائحة أولوياتها.
- تدني مشاركة المرأة في الأحزاب، واستغلال بعض الأحزاب السياسية للدين والتقاليد والأعراف كعامل لتضليل الرأي العام والمجتمع، لحجب الحقيقة عنه، فضلاً عن نقص التنسيق بين مختلف مستويات وجود المرأة في الهيئات الرسمية والأحزاب والتنظيمات الأهلية.
- ضعف الوعي السياسي والقانوني للمرآة، مما غيب عنها إدراكها لقوتها التصويتية وقدرتها على المساهمة الفعالة في توجيه الحياة العامة، كما أن عدم ثقتها بنفسها انعكس على عدم ثقتها بالعناصر النسائية اللاتي يتقدمن للترشيح في الانتخابات العامة، وهكذا ينتهي الأمر بها إلى مجرد تابع للرجل تختار ما يحدده لها.
- عدم قدرة المرأة على مواجهة المتطلبات المالية لخوض الانتخابات.
- ضعف مشاركة المرأة في السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية في الدولة.
دور مؤسسات المجتمع المدني:
اهتمت مؤسسات ومراكز المجتمع المدني مؤخرا بإعداد كوادر نسائية من أجل الخوض فى العملية السياسية والتأهيل لعضوية الأحزاب والانتخابات البرلمانية والمحلية ليصبح دور المرأة دور رئيسي وليس محوري، لذلك قامت كثير من منظمات المجتمع المدني المعنية بشئون المرأة بدراسة أحوال المرآة السياسية ومدى مشاركتها وتثير فاعليتها سواء داخل النشاط الحزبي أو البرلماني، وقد فعلت ذلك الاهتمام بعدة طرق ووسائل كان أبرزها الدورات التدريبية التي تقوم بإعداد الفتيات على كيفية المشاركة الفعالة وتنمية المهارات الخاصة بالاتصال والتفاوض والتأكيد على أهمية الدور الذى تقوم به الفتاة لتأهيل نفسها من أجل خوض المعركة السياسية والفوز بالمقاعد فى مراكز اتخاذ القرار بالدولة وتحديد مصير شئونها الداخلية . لذلك أكدت منظمات المجتمع المدني على أهمية ممارسة المرأة للعمل السياسة وانخراطها داخل مجالاته المختلفة من شئون أحزاب وعضوية مجلسي الشعب والشورى وحق التعيين فى المراكز الحيوية بالدولة لتعم فكرة مشاركتها على نحو اشمل لتستطيع المرأة بذلك التمتع بفرص أفضل لتكوين رأى وكلمة داخل المجتمع الذي تعيش فيه وتكون عضوا إيجابيا ذا تأثير ناجح وفعال ليتطور بذلك الدور النسائي من خلال الجمعيات والمراكز التي تعنى بالمرأة المصرية وقضاياها.
ويجب أن نشير في هذا الصدد إلى الدور التي قامت به المرأة من أجل إنشاء الجمعيات والمراكز التي تهدف من أجل تنمية وتطوير دور المرأة داخل العمل السياسي وتحسين وضعها داخل النقابات والأحزاب وخاصة بعد اتجاه كثير من السيدات للالتحاق بها كأعضاء ومتطوعات من أجل الإسهام فى تحقيق الأهداف المرجوة لمستوى المشاركة الفعالة.
المرأة والأحزاب:
الاحزاب فى النظام الديمقراطى هى أهم مجالات المشاركة السياسية، وهى المجال الشرعى للتعبير عن الرأى، وتقديم الحلول والبدائل والبرامج، وممارسة الحق فى السعي للوصول الى السلطة من خلال صندوق الانتخاب، وأيضا لمحاربة الفساد، وللضغط على صناع القرار لتحقيق مصلحة عامة، لذلك فإن مشاركة المرأة على نطاق واسع فى الاحزاب من المستويات القاعدية حتى المستويات القيادية يعد أحد المؤشرات المهمة على مدى اندماجها في الحياة السياسية، فإذا نظرنا إلى واقع الأحزاب المصرية جمعيها, دون استثناء, سنجد أن عضوية المرأة فى الأحزاب المختلفة لاتزيد عن 3 % في بعض المحافظات, ولا تزيد عن 15% في أكثر المحافظات, ولن نجد تمثيلا مناسبا للمرأة فى المستويات القيادية للأحزاب وقد يكون مفهوما تدنى مشاركة المرأة فى الأحزاب في محافظات الصعيد, ولكن ليس مفهوما تدنى هذه النسبة فى القاهرة والإسكندرية وبورسعيد وبقية محافظات الوجه البحري, حيث الجامعات ونسبة المتعلمات والعاملات المرتفعة, وقد يرجع ذلك إلى عدم اهتمام الأحزاب بمشاركة المرأة, وكذلك إلى عدم إيمان المرأة بجدوى هذه المشاركة.
سبل تفعيل المشاركة السياسية للمرآة:
- يتعين أن يكرس الخطاب السياسي للسلطات العامة على المساواة الكاملة بين المرأة والرجل، وأن يجسد هذا الخطاب في الممارسات الميدانية باعتماد المعايير الموضوعية والقانونية لتقلد المناصب والوظائف العليا.
- تهيئة بيئة ديمقراطية مستقرة تقوى على تحقيق التنمية السياسية المستدامة؛ حيث تعد الديمقراطية إحدى الركائز الأساسية لتحقيق عملية التنمية السياسية، فجوهر الديمقراطية بشكل أساسي يتمثل في صيانة حقوق الإنسان ومشاركة الجماهير في صنع القرار وتعزيز دور المرآة في العملية الديمقراطية، الأمر الذي يتطلب دعم كل الجهات المعنية، فالعلاقة وطيدة بين تعزيز دور المرأة في العملية الديمقراطية وتعزيز الديمقراطية ذاتها.
- إتاحة المزيد من فرص التعليم بجميع مراحله أمام المرأة وخاصة التعليم العالي؛ حيث إن تعليم المرأة وحصولها على درجات علمية عالية يعدان ركيزة أساسية لوصولها إلى مراكز السلطة وصنع القرار، إذ تتوقف قدرة المرأة على التأثير وإحداث التغيير على قدرتها على الإبداع والتغيير، وهذا ما تم تأكيده من خلال تولي المرأة العربية في عدد من البلدان المناصب الحكومية المهمة وانخراطها في مؤسسات البحث العلمي.
- الحاجة إلى إعادة النظر في بعض القوانين والتشريعات الخاصة بالمرأة بما يضمن مساواتها بالرجل في كافة المجالات والمطالبة بوضع قوانين تدعم دورها السياسي، وتدريبها والعمل على زيادة وعيها السياسي لاسيما بدورها على المستوى الشخصي والمجتمعي، من خلال الجمعيات النسائية ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية.
- المشاركة في الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني وزيادة وعي المجتمع بغرض تغيير الأنماط السلوكية المتبعة التي يتم التمييز من خلالها بين الرجل والمرأة وذلك من خلال دمج منظور النوع الاجتماعي.
- نظام «الكوتا«، كإجراء استنهاضي للمرأة، والذي يعتبر من أهم الآليات التي تدعم المشاركة السياسية، حيث يتم تحديد نسبة النساء في المناصب القيادية وإلزام الأحزاب السياسية باعتماد نظام الحصص في الانتخابات بمختلف أنواعها، أو بالتعيين، وهو النظام المعمول به في 77 دولة.
توصيات من اجل تفعيل دور المرأة السياسي:
- الانضمام لعضوية الأحزاب السياسية يعتبر من أعلى درجات المشاركة السياسية للمواطنين وذلك لأنه يتيح الفرص للتعبير عن الآراء والمعتقدات السياسية لذلك، فإن مشاركة المرأة فى الأحزاب السياسية لابد وأن تحظى باهتمام كبير ويجب أن تتناول عدة عناصر، هي:
- تمثيل المرأة داخل القيادات العليا فى الأحزاب السياسية, ثم ترشيح الأحزاب للمرأة للتنافس في الانتخابات التشريعية باعتبار أن هذين هما أهم المؤشرات التي توضح مدى تمثيل المرأة فى الأحزاب السياسية.
- تفعيل مشاركة المرأة داخل المجالس النيابية ذلك بالرجوع إلى نظام الانتخابات بالقوائم الحزبية لأن ذلك النظام يسمح للأحزاب بوضع السيدات على رأس قوائمها الانتخابية فى عدد معين من الدوائر لكي تعطى للمرأة فرصة أكبر للفوز، أيضا لابد وأن يتنافسن مع زملائهن من الرجال فى نفس الدوائر الانتخابية, و ينطبق الوضع بالنسبة إلى المجالس المحلية ولذلك هناك حاجة ماسة لبذل المزيد من الجهد لحث المرأة على المشاركة الفعالة فى هذه المجالس المنتخبة وذلك عن طريق وسائل الإعلام وعقد الندوات والمؤتمرات لتغيير الصورة التقليدية للمجتمع عن المرأة ودورها, ولمحاولة إظهار مدى أهمية الدور الذى يمكن أن تلعبه المرأة إذا ما شاركت فى المجالس المنتخبة .
- تدعيم وضع المرأة داخل عضوية التشكيلات النقابية سواء المهنية أو العمالية وإدراج المرأة فى المستويات القيادية داخل الإدارات الخاصة بهذه النقابات مما يستهدف بصفة أساسية الدفاع عن مصالحهم داخل المنشآت وحماية حقوقهم المشروعة.
- اقتحام المرأة للعمل الاهلى وإيمانها بالدور الفعال للجمعيات الأهلية التي تعنى بارتقاء دور المرأة فى مختلف المجالات الثقافية والاجتماعية والسياسية ولكي تتمثل في تغيير قيم وتصورات بعض شرائح المجتمع نحو المرأة حيث يتم إرساء مفهوم ضرورة المشاركة السياسية للمرأة .
نساء في أرقام:
- عدد عضوات البرلمان المصري منذ بداية مشاركتهن عام 1957 حتى الآن 144 عضوة فقط، منهن عضوتان سوريتان خلال فترة الوحدة بين مصر وسوريا، فازت منهن 125 عضوة بالانتخاب وتم تعيين 19.
- عضوات البرلمان المصري لم يتقدمن بأي استجواب للوزراء طوال فترة مشاركتهن في البرلمان منذ عام 1957 وحتى برلمان 1995، أما السبب – كما يقول الباحث عمرو هاشم في دراسة عن المرأة في البرلمان – فيرجع إلى أن أغلب هؤلاء العضوات من الحزب الوطني الحاكم وضعف الأداء البرلماني للسيدات بشكل عام.
- أول امرأة مصرية تولت منصبًا وزاريًا كان في عام 1963، ومنذ ذلك التاريخ لم تتول منصب الوزارة سوى حوالي تسع سيدات فقط حتى عام 2004، وفي عام 2007 تولت سيدة منصب وزير القوي العاملة هي عائشة عبد الهادي.
- لا يزيد عدد السيدات الوزيرات في أي وزارة مصري عن سيدة واحدة أو اثنين واحدة منها على الأقل في وزارة الشئون الاجتماعية، ومرة واحدة عينت وزيرة للاقتصاد وأخرى وزيرة للتعاون الدولي (وزيرة بلا وزارة)، وهناك قرابة 123 سيدة “دبلوماسية” تعملن بوزارة الخارجية المصرية.