5 مارس 2004

في نفس الوقت الذي يحاكم فيه أشرف إبراهيم أمام محكمة أمن الدولة العليا طوارئ بتهمة تشويه سمعة مصر في الخارج من خلال الاتصال بمنظمات حقوق الإنسان الدولية تقوم أجهزة الداخلية بتجهيز الاتهامات للجمعية المصرية لمناهضة التعذيب والتي وردت في رسالة الداخلية إلى منظمة هيومان رايتس واتش حيث قامت وزارة الداخلية بالرد على استفسارات منظمة الووتش بشأن التقرير الذي أصدرته الجمعية بعنوان “أوقفوا التعذيب الآن” والذي يرصد حالات سبعة من المواطنين ممن ماتوا تحت التعذيب إضافة إلى عدد من حالات التعذيب الأخرى. وقد جاء في رد الداخلية تحت عنوان “ثانيا: رؤية تحليلية”
ما يلي:

باستقراء مضمون البيان الصادر عن الجمعية المصرية لمناهضة التعذيب يتضح ما يلـــي:
– تصاعد حدة هجوم مسئولي الجمعية على وزارة الداخلية ومحاولة الإساءة لجهودها وسياساتها المطبقة والتشهير بها أمام الرأي العام بالداخل والخارج وهو ما يجسده قيام موقع أردني على شبكة المعلومات الدولية (إنترنت) بنشر مضمون البيان الصادر عن الجمعية المشار إليها.
– يعكس نشر البيان المشار إليه مع صدور تقريرين عن (منظمة العفو الدولية – منظمة مراقبي حقوق الإنسان الدولية) في وقت متزامن وشمولها على العديد من الادعاءات المماثلة التي ترتكز حول تصاعد عمليات التعذيب في مصر.. أحد أشكال الحملة المنظمة المشبوهة ضد البلاد في مجال حقوق الإنسان خاصة إذا ما وضع في الاعتبار عملية تسييس قضايا حقوق الإنسان.

أما قتلى التعذيب السبعة الذين وردت أسماءهم في بيان الجمعية، فتقول الداخلية أن منهم من انتحر قبل أن يدخل سيارة الترحيلات!!! ومنهم من توفى من الإنهاك!!! ومنهم من مات وهو يحاول التعدي على رجال الشرطة!!! ومنهم من مات على يد مواطنين آخرين!!! أو مساجين آخرين!!!
إن هذا البيان لا يهدف إلى الرد التفصيلي على رسالة الداخلية، وصوف يكون الرد عليها في إصدار تفصيلي آخر.. لكننا ننتهز هذه الفرصة لنلفت نظر أصدقاءنا وكل من يحلم بيوم تخلو فيه أقسام البوليس وأماكن الاحتجاز من التعذيب، نلفت النظر إلى أن ما ورد في رسالة الداخلية هو مشروع قرار اتهام لإجهاض مجهوداتنا في مناهضة التعذيب، وأن قانون الطوارئ الذي يرزح على صدور الشعب المصري منذ 23 عاما هو التربة الخصبة التي تسمح للداخلية بإلقاء الاتهامات جزافا والتشهير بمن يرصد استبدادها وانتهاكاتها للقانون. ونؤكد لكل من يهمه أمر هذه البلاد وكل من يقض مضجعه ليلا أن يعلم أن ساعات الليل تشهد معاناة أعداد لا حصر لها من المواطنين معصوبي العيون، مقيدي الأيدي، مصعوقين بالكهرباء تحت رحمة جهاز لا ضابط له ولا رابط، نؤكد أننا لسنا جزءا من “حملة منظمة مشبوهة ضد البلاد في مجال حقوق الإنسان” بل نحن جزء من حملة وطنية واسعة تبحث وترصد وتناهض وتفضح ممارسات التعذيب أينما حدثت وبغض النظر عن رتبة مرتكبيها.
لسنا مهمومين بتحسين صورة مصر في الخارج، كما ورد على لسان قيادة المجلس القومي لحقوق الإنسان، بل نحن مهمومون بواقع حقوق الإنسان في الداخل. ولن ندخر وسعا في هذا السبيل، وفي النهاية لا يسعنا إلا أن نكرر ما عاهدنا عليه أنفسنا والمجتمع المصري يوم أسسنا الجمعية المصرية لمناهضة التعذيب، بأننا: – نؤمن إيمانا راسخا بأن حقوق الإنسان هي شأن كل المواطنين وليست فقط ملكا لشريحة متخصصة وأن لكل مواطن الحق في معرفتها والتمتع بها وتملك سبل الدفاع عنها.

– كما نؤمن بأن مناهضة التعذيب لا تكتمل دون العمل على انتزاع الحقوق الديمقراطية وإرساء مبادئ حقوق الإنسان مجتمعة وعلى رأسها الحق في التنظيم والاجتماع والتعبير والعقيدة. – وسوف نسعى إلى مناهضة التعذيب واحترام حقوق الإنسان لكل المواطنين بدون استثناء أو تمييز بكافة السبل الديمقراطية والسلمية، بداية من كشف الأسباب التي تستخدم زورا وبهتانا تبريرا له، مرورا بدعم ضحاياه بكل السبل المتاحة والعمل على تغيير التشريعات التي تستخدم لحمايته وانتهاء بملاحقة مرتكبيه داخل وخارج البلاد والعمل على أن يحاسبوا على ما ارتكبوه من جرائم .

– لقد أسسنا الجمعية المصرية لمناهضة التعذيب لنعمل معا ومع الآخرين على مواجهة التعذيب بوصفه مشكلة سياسية واجتماعية وبدون تجاهل لأهمية الأبعاد الأخرى لجريمة التعذيب.

الجمعية المصرية لمناهضة التعذيب
القاهرة في 5 مارس 2004