29 مارس 2006
نيويورك، 29 مارس/آذار 2006) ـ قالت هيومن رايتس ووتش اليوم أن على حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة القيام بخطواتٍ عاجلة لإنهاء الممارسات التعسفية بحق العمال والتي أدت إلى إطلاق شرارة الاضطرابات الأخيرة في صفوف العمال الوافدين في دبي.
وخلال السنوات الماضية، تزايد لجوء العمال الوافدين إلى الاحتجاجات العامة والإضرابات في محاولةٍ منهم لتحسين شروط عملهم. وتبين أرقام حكومة الإمارات أن ما لا يقل عن تسعة إضرابات كبيرة قد وقعت بين مايو/أيار وديسمبر/كانون الأول 2005. وقد وقع الإضراب الأخير الأسبوع الماضي في دبي، وسرعان ما انتشر من عمال البناء في أحد الأبراج إلى غيرهم ممن يعملون في أحد المطارات الجديدة.
قالت سارة لي ويتسون، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “يستفيد العمال في دبي من إحدى أكبر طفرات البناء في العالم، لكنهم يعاملون وكأنهم ليسوا بشراً. وليس من الغريب أن يتمرد بعض هؤلاء العمال احتجاجاً على ذلك؛ أما المفاجئ حقاً فهو أن حكومة الإمارات العربية المتحدة لا تحرك ساكناً لحل هذه المشكلة”.
ومع أن مفاوضاتٍ تجري للتوصل إلى تسويةٍ مع عمال البناء في البرج، فإن الحكومة لا تبدي أي استعداد للالتزام الحقيقي بوقف الإساءات المنهجية إلى العمال، بما فيها عدم دفع أجورهم لفتراتٍ طويلة، وحرمانهم من الرعاية الطبية الملائمة، إلى جانب الظروف المزرية التي يعيشها معظمهم.
ويشكل العمال الوافدون قرابة 90% من قوة العمل في القطاع الخاص بدولة الإمارات العربية المتحدة. وهؤلاء العمال محرومون من الحقوق الأساسية كحرية التنظيم والحق في عقود العمل الجماعية.
وقد حثت هيومن رايتس ووتش حكومة دولة الإمارات على إحداث زيادةٍ كبيرة في عدد الموظفين الذين يراقبون معاملة العمال الوافدين. وطبقاً للمصادر الحكومية، فإن وزارة العمل لا تستخدم إلا 80 مفتشاً لمراقبة نشاطات ما يقارب 200 ألف شركة تستخدم العمال الوافدين وتكفلهم.
كما أن على الحكومة إصلاح قوانين العمل بما يتوافق مع المعايير الدولية التي وضعتها منظمة العمل الدولية؛ وعليها أن تصبح عضواً في الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد عائلاتهم.
ودولة الإمارات العربية المتحدة ليست عضواً في أهم المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان مثل العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
كثيراً ما ينكر أرباب العمل على عمال البناء أجورهم. وقد قال المسؤولون في اللجنة الدائمة للعمل والهجرة في الإمارات العربية المتحدة لهيومن رايتس ووتش أن قرابة 20,000 عامل تقدموا إلى الحكومة، العام الماضي وحده، بشكاوى تتعلق بعدم دفع الأجور وبالظروف التي تسود معسكرات العمل.
ويحصل معظم عمال البناء في الإمارات العربية المتحدة على عملهم من خلال أخذ قروض من شركات التشغيل في بلدانهم الأصلية. وعادةً ما يستخدم عامل البناء الشطر الأكبر من أجوره لسداد هذه القروض على شكل أقساط شهرية؛ وهو يقع فريسةً لمزيدٍ من الديون بعد أن تذهب أجوره لتسديد الديون الأولى. والنتيجة هي نوعٌ من عبودية الدين في حقيقة الأمر.
كما أن حوادث الوفاة والإصابات في مكان العمل تشهد تزايداً أيضاً. وقد وجدت دراسةٌ مستقلة ظهرت في وسائل الإعلام المحلية أن 880 حادثة وفاة وقعت في مواقع البناء عام 2004. وقد تم الحصول على هذا الرقم عبر مسح شمل سفارات البلدان التي تأتي منها النسبة الأكبر من العاملين في دولة الإمارات. أما الأرقام الحكومية فتتعارض بحدةٍ مع هذه النتيجة إذ تقول أن العدد الإجمالي للوفيات عام 2004 لم يتجاوز 34 حالةً.
قالت ويتسون: “إن الحكومة تتعامى عن مشكلةٍ ضخمة. وإذا لم تبدأ اتخاذ خطوات حاسمة لتحسين ظروف العمال فإن وقوع مزيدٍ من الاضطرابات أمر حتمي”.
إن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وأستراليا يتفاوضون الآن على اتفاقيات تجارة حرة مع دولة الإمارات. وقد دعت هيومن رايتس ووتش هذه الحكومات إلى اشتراط تحسين معاملة العمال في دولة الإمارات، والمعايير القانونية المتعلقة بهم، قبل توقيع هذه الاتفاقيات. كما حثت هيومن رايتس ووتش هذه الحكومات أيضاً على تضمن أية اتفاقات تجارة حرة يتم التوصل إليها مع دولة الإمارات ضمانات قوية وملزمة بشأن حقوق العمال تفرض على الدول الأعضاء سن قوانين عمالية تلبي المعايير الدولية، وتفرض عليها الإنفاذ الفعلي لهذه القوانين.
وقد أوفدت هيومن رايتس ووتش مؤخراً بعثةً لتقصي الحقائق بشأن ظروف العمالة الوافدة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وسوف تنشر نتائج هذه الدراسة بعد شهورٍ قليلة.