21/12/2006
تابعنا نحن منظمات حقوق الإنسان المصرية الموقعة على هذا البيان الأحداث المتلاحقة التي جرت بجامعات مصر والتي بدأت بواقعة التلاعب بانتخابات اتحاد الطلاب من قبل الأمن وانتهت، وربما لم تنته بعد، باعتقال طلاب جامعة الأزهر.
وقد اعتقلت قوات الأمن هؤلاء الطلاب المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين والذين يتجاوز عددهم المائة طالب على خلفية قيام بعض منهم بتنظيم عرض رياضي لفنون الدفاع عن النفس في حرم الجامعة وهم يرتدون ملابس موحدة وعصابات على الرؤوس، الأمر الذي اعتبرته قوات الأمن تهديدا وترويعا للمسئولين عن الجامعة ودلالة قاطعة على وجود “ميليشيات مسلحة”، “ومعسكرات تدريب سرية” لجماعة الإخوان، وهي مبالغة غير مقبولة فلا يمكن اتهام جميع من يمارسون رياضات الدفاع عن النفس في النوادي والجامعات بتكوين تنظيمات مسلحة….
وفي وسط الإدانات المتلاحقة والاستنكار الواسع النطاق الذي لقيه هذا الفعل، و وسط خطب صارخة لنواب البرلمان تشجب اعتداء الطلاب على قيم الجامعة ومبادئها، لم نر سوى أصواتا قليلة بل نادرة تحاول أن تصف الصورة الكاملة وتضع لها تحليلا محايدا.
إن الفعل الذي قام به طلاب الإخوان وعملت الأبواق الحكومية على تضخيمه وتضمينه ما لا يحتمل قد سبقته اعتداءات وانتهاكات لا حصر لها من الأمن ومن المسئولين عن الجامعات على مستوى الجمهورية لم يدنها أحد، نذكر منها على سبيل المثال ما يجري منذ بداية العام الحالي: منع عدد من الطلاب المنتمين للإخوان من الالتحاق بالمدينة الجامعية، ثم وضعهم في مكان منفصل عن باقي الطلاب، ومنع العشرات منهم من الترشيح لانتخابات اتحاد الطلاب في جامعة الأزهر والمئات على مستوى الجامعات الأخرى، ومنع هؤلاء الطلاب من تكوين اتحاد طلابي حر موازي، وتحويل من فازوا في انتخاباته لمجالس التأديب وفصل بعضهم، واعتبار هذا الفصل “رحيما لأنه ليس فصلا نهائيا”، والتهديد بالاعتداء على من قام منهم بالاعتصام (عن طريق البلطجية( إزاء صدور قرارات الفصل في إشارة لما حدث بجامعة عين شمس حين أدخل حرس الجامعة أعدادا من المسلحين بأسلحة بيضاء لضرب الطلاب وهي الواقعة التي شهد عليها عدد من أساتذة الجامعة.
هذه الأحداث المتتالية التي تخرق أي قانون أو شرعية، والتي قادتها الدولة، لم تجد في حينها من يستنكر ويشجب ويندد ويتباكى على ضياع هيبة الجامعة واستقلالها بالقدر الكافي، ولم تثر جحافل الأمن المركزي التي تحاصر الجامعة أي استياء من أعضاء مجلس الشعب، ولم يعتبر أي من الذين صالوا وجالوا وكادوا أن يطالبوا بقطع رقاب هؤلاء الطلاب المقموعين أن دخول البلطجية في صحبة قوات الأمن إلى حرم الجامعة بترحيب من المسئولين لهو تهديد لأمن المجتمع المصري وانتهاك لحريته. فقط، وحين أتى رد الفعل من الطلاب, انتفض جميع من صمتوا واستيقظت الهمة والحمية والرغبة في فداء الوطن بكل ثمين وغال.
صحيح أن الفعل الذي قام به الطلاب قد تكون له دلالات مقلقة وقد يستدعي لدى البعض مخاوف عديدة كانت قد توارت، إلا أننا ينبغي أن نضعه في حجمه الحقيقي، إلا أن من قام بالاعتداء فعليا، ومن سمح بدخول الميليشيات المسلحة إلى المدينة الجامعية هو أجهزة الدولة ولا تستوي ميليشيات الدولة الحقيقية بعرض طلاب استمر لفترة عشر دقائق ضمن برنامج رياضي كامل حتى وان اتخذ شكل الميليشيات التمثيلية. ولا يمكن أن يستمر حرمان الطلاب من ممارسة حقوقهم الطبيعية في الرأي والتعبير والتنظيم داخل الجامعة باعتبارها في الأصل حقوق أساسية كفلها الدستور والمواثيق الدولية لكل المواطنين.
إننا نطالب بوقف التدخلات الأمنية بالجامعات وبإقالة رئيس جامعة الأزهر الذي لعب دورا محوريا في انتهاك حقوق الطلاب منذ البداية، والذي أثبت في حواراته الإعلامية المتتالية أنه يفتقر إلى أي حس تربوي سليم، فهو يعجز عن التواصل مع طلابه، ويرى أن حرية الرأي والتعبير هي محض انحراف، وأن اتحاد الطلاب لا فائدة لوجوده، كما أنه يرحب بالتدخلات الأمنية في الجامعة بل وينادي بالمزيد منها ويعلن تشفيه في الطلاب المعتقلين، ويرفض أي تدخل للإفراج عنهم.
وفي ظل انعدام الثقة في أداء النظام الحاكم ومؤسساته الأمنية، فإننا نطالب بالإفراج الفوري عن الطلاب المعتقلين حيث أن الاتهامات الموجهة لهم هي الاتهامات المعتادة التي توجه دائما إلي الأخوان المسلمين “من نوع الانضمام إلي جماعة أسست على خلاف القانون” وهي ذاتها الاتهامات التي وجهت في أوقات سابقة إلى قوى سياسية أخرى. وفيما عدا ذلك فان واقعة الأسلحة البيضاء يحيط بها الشكوك، وإن صدقت فهي وجدت خارج المدينة الجامعية في أحد الشقق في مدينة نصر، كما أننا أعتدنا من الجهات الأمنية على تلفيق القضايا والأدلة الجنائية للمواطنين الأبرياء.
مركز هشام مبارك للقانون
الجمعية المصرية لمناهضة التعذيب