8/5/2005

رحب أعضاء المنبر الدستوري المصري بمقترح الرئيس مبارك بتعديل المادة 76 من الدستور، ولكنهم طالبوا بضرورة أن تصاغ ضمانات جدية الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية وما يتعلق بضمانات الانتخابات في قانون خاص بانتخاب رئيس الجمهورية. جاء ذلك في ختام الحلقة النقاشية التي عقدتها المنظمة المصرية لحقوق الإنسان بعنوان ” تعديل المادة 76 بين الخبرة الدولية وخصوصية الحالة المصرية” يوم الثلاثاء 3/5/2005 .

وفيما اتفق المشاركون على” اختيار رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع السري المباشر من جميع أفراد الشعب، الذين لهم حق الانتخاب بين أكثر من مرشح”. ولكنهم اختلفوا حول ضوابط جدية الترشيح، وطبيعة اللجنة المشرفة على الانتخابات، ويمكن بيان ذلك على هذا النحو:

أولاً : بالنسبة لضوابط جدية الترشيح


الرأي الأول :

لضمان جدية الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية، اقترح البعض أن يحصل من يرغب في الترشيح على تأييد من ممثلي الشعب المنتخبين في المؤسسات الدستورية أوفي المجالس الشعبية المحلية، وأن تكون هذه التزكية بنسبة 5% من مجموع عدد أعضاء مجلسي الشعب أو الشورى أو 5% من المحليات، شريطة أن يكون الممثلين المنتخبين من 8 محافظات على الأقل.
وأعرب أصحاب هذا الرأي لرفضهم لأسلوب جمع التوقيعات لأنه يخرق قاعدة سرية الاقتراع السري العام المباشر -المكفول بمقتضى الدستور -لعدد من الناخبين، ويفتح الباب على مصراعيه أمام المرشحين لجمع توقيعات أكبر عدد ممكن من الناخبين، وبالتالي يتم حسم المعركة الانتخابية قبل بدئها. وقد اعترض كثيرون على هذا الاقتراح، وذهبوا إلى أنه يجعل الحزب الوطني الديمقراطي حكماً فى الترشيحات بسبب سيطرته شبه الكاملة على كل هذه المجالس.

الرأي الثاني:
واقترح أصحاب هذا الرأي أن يحصل من يرغب في الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية على توقيع 10-20 آلاف ناخب من 20 محافظة على الأقل، وتتولى المحكمة الدستورية العليا فحص طلبات الترشيح من واقع المستندات التي يقدمها المرشح طبقاً لحكم هذه المادة وتتولى المحكمة إعداد كشوف المرشحين.

ثانياً : اللجنة المشرفة على الانتخابات

الرأي الأول :
اقترح أصحاب هذا الرأي أن تتشكل اللجنة المشرفة على الانتخابات من عدد من رؤساء الهيئات القضائية و من الشخصيات العامة ممثلين في أساتذة القانون الدستوري، وممثلي المجتمع المدني، و أعضاء النقابات ، ويمكن أن تضم اللجنة شخصيات حزبية أيضاً ، على أن ينتخب رئيس اللجنة من بين الأعضاء الذين يقترح أن يكون عددهم 7 أشخاص ( 3 أحزاب ، 4 مستقلين)، ويصدر قرار بالموافقة على تشكيلها من مجلسي الشعب والشورى. ولم يحظ هذا الرأي بموافقة الكثيرين
الرأي الثاني:
ارتأى معظم المشاركين أن يقتصر تشكيل اللجنة المشرفة على الانتخابات على شخصيات قضائية فحسب، ويتم انتخاب رئيس اللجنة من بين أعضائها، وتصدر قراراتها بالأغلبية ولا يجوز الطعن عليها.

واتفقت وجهتي النظر على صلاحيات اللجنة والتي تتمثل في الإشراف القضائي على الانتخابات بدءاً من إعداد الجداول الانتخابية وانتهاءا بإعلان نتائج الانتخابات، والنظر والفصل في الطعون الانتخابية، وتلقي طلبات الترشيح ومراجعتها، ومراقبة التمويل العام للانتخابات، والتحقق من عدم وجود عقبات تحول دون وصول الناخبين إلى مقر التصويت. وخصوصا عدم تمكين الشرطة لأنصار المرشحين المعارضين من أداء واجبهم الانتخابي.

واتفق المشاركون على ثلاثة نقاط وهي:
أولاً : ضوابط التمويل
أ- إلزام كل مرشح للرئاسة بكشف مصادر تمويل حملته الانتخابية، ولا يتعدى سقف الإنفاق عن الحملة عشرة ملايين جنيه، وضرورة تقدم كل مرشح للرئاسة بإقرار عن ذمته المالية، ويكون هذا الشرط ملزم بحيث لا يقبل طلب الترشيح دون إرفاق هذا الإقرار به.

ب- يجب تحديد سقف للتبرعات المقدمة للمرشح سواء من الأفراد أو الشركات، فبالنسبة للأفراد فلا تزيد عن 5 آلاف جنيه، أما الشركات والهيئات فلا تزيد عن 30 ألف جنيه، وأن تمنع التبرعات المقدمة من الشركات التي تساهم فيها الحكومة بأي قدر من رأس المال.

ج-إلزام كل مرشح بإعداد تقرير مصروفات يسجل فيه النفقات والجهة التي سلمتها وأسباب الصرف، وتكون هذه الحسابات معلنة ويمكن الإطلاع عليها، وأن يخضع للمحاسبة إن خالف ذلك.

وقد اقترح البعض الآخر أن تتولى الدولة جزء من عملية التمويل درءاً للمخاطر التي يمكن أن تتولد عن التمويل الداخلي أو الخارجي، مؤكدين أن الأول أشد ضرراً من الثاني، فالتمويل الخارجي من الممكن التحكم فيه ولكن يصعب تحقيق ذلك فى حالة التمويل الداخلي، مطالبين بقيام الجهاز المركزي للمحاسبات بمراقبة تمويل الحملات الانتخابية للمرشحين.

ثانياً : حياد أجهزة الإدارة العامة
وشدد المشاركون على ضرورة أن تلتزم الوزارات وهيئات الدولة وأجهزة الإدارة المحلية وقوات الشرطة الحياد التام بين المرشحين، وأن يحظر عليها مساندة مرشح الحزب الحاكم بأي طريق سواء بالتمويل أو استخدام مركبات النقل أو الدعاية له في مقر العمل. ويعاقب من يخرج على ذلك عقوبة مشددة بعد إحالته للمحاكمة.

ثالثاً : التكافؤ فى استخدام أجهزة الاعلام القومية وفى القيام بالحملات الانتخابية
اتفق المشاركون على وضع ضوابط على استخدام وسائل الإعلام القومية في الحملات الانتخابية، مطالبين بالآتي:
أ-إتاحة الفرصة لكل مرشح في استخدام كافة وسائل الإعلام (إذاعة وتلفزيون، صحافة سواء كانت قومية أو معارضة ) للإعلان عن برنامجه الانتخابي، وكذلك النص في قانون الانتخاب على كفالة القانون لجميع المرشحين لمنصب الرئاسة فرصًا متكافئة في وسائل الإعلام التي تملكها الدولة، وأن يخضع ذلك إما لرقابة اللجنة المستقلة للانتخابات أو لجنة خاصة مستقلة يجرى تشكيلها لهذا الغرض بالتوافق بين كافة المرشحين.ولاتتدخل السلطة التنفيذية فى تشكيلها.
ب- التزام وسائل الإعلام بالحيدة والاستقلالية عن السلطة التنفيذية، والنص في قانون انتخاب رئيس الجمهورية على ذلك.

ج- يحق لكل مرشح عقد ندوات ومؤتمرات صحفية ومؤتمرات شعبية ومسيرات لعرض برنامجه الانتخابي.

وفي اختتام الحلقة النقاشية طالب المشاركون بالآتي:
أ- ضرورة أن يصاحب تعديل المادة 76 من الدستور تعديل مواد دستورية أخرى وتحديداً المواد الخاصة بمدة الرئاسة وصلاحيات رئيس الجمهورية.فيما طالب البعض الآخر بتشكيل هيئة دستورية شعبية لإعداد دستور جديد، يجعل النظام السياسي في مصر نظاماً ديمقراطياً بدلاً من النظام الشمولي

ب- تهيئة البيئة السياسية المناسبة من أجل إجراء انتخابات حرة ونزيهة ، عبر إلغاء حالة الطوارىء ، بل واقترح البعض على أن يتضمن النص الدستوري بنداً ينص على وقف العمل بحالة الطوارىء منذ بداية فتح باب الترشيح للانتخابات وحتى إعلان النتائج ، وتفعيل الدور الرقابي والتشريعي للمؤسسة التشريعية ، واستعادة السلطة القضائية لدورها ، وتدعيم اللامركزية في الحكم ، و تحرير الصحف القومية لتكون منابر حرة مستقلة ، وإطلاق حرية تشكيل الأحزاب السياسية ، وإصلاح النظام التعليمي .

كما اتفق المشاركون على خصوصية المجتمع المصري، مؤكدين أنه لا علاقة لنا بتجارب الآخرين، فضوابط الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية وضمانات جدية الترشيح لابد أن تنبع من المجتمع المصري ذاته وظروفه، وبالتالي لا يمكن الاقتباس من أية دولة أخرى.