13/6/2005

أيها الشعب : انهض وحطم قيودك الآن
أطلقوا حريتنا .. أفرجوا عنّا
فلنشدِّد النضال من أجل ( الحرية والخبز ) معاَ

1 – يقف العمال – كعهدهم دائماَ – في مقدمة القوى الداعية إلى التغيير، خاصة وأن النظم السياسية القائمة الآن قد تعفنت وشاخت ولم تعد جديرة بالاستمرار، وآن لها أن ترحل دون رجعة، وباستمطار اللعنات عليها.

لقد عشنا في جحيم هذه الأنظمة سنوات طوال، نعاني من الاستبداد والقهر والاستغلال بغير حدود، ونتذوق مرارة الفقر والجوع والبطالة، ونتعرض لكل صنوف التعذيب والقسوة والإذلال وانتهاك الكرامة التي بلغت حد هتك أعراض النساء على يد حثالة البشر وأشباه الرجال الذين تحميهم كلاب الحراسة المسعورة. إننا لم نعد نطيق استمرار العيش في ظل هذه الأوضاع المتردية التي لا يتحملها بشر

ولا يصبر عليها إنسان حر كريم، وبات علينا أن نثور ونزلزل الأرض من تحت أقدام الطغاة.

2 – إن كل الوقائع تؤكد مجدداً أن النظام الحاكم ( الرجل المريض ) قد أصبح هشاً، متهالكاً، عاجزاً عن إجراء أية إصلاحات وغير راغب فيها، بل اشتدت حاجته – أكثر من ذي قبل – إلى مواصلة سياسة القمع والاستبداد نتيجة تبنيه سياسات اقتصادية واجتماعية جديدة، تحصد الطبقات الشعبية ثمارها المرة الآن، مما يتهدد بصعود مقاومتها لتلك السياسات.

كما لا يزال نظام الحكم حريصاً – أشد الحرص – على إبقاء الحركات العمالية والفلاحية خارج نطاق الشرعية، خشية أن تتحول إلى حركات اجتماعية كبرى قادرة على أن تكون بديلاً حقيقياً له، وللمصالح الطبقية الضيقة التي يمثلها.

3 – وإذا كان النظام الحاكم يعيش الآن أكثر لحظات ضعفه، فإن المعارضة الرسمية لا تزال أشد ضعفاً، عاجزة عن الضغط والتأثير من أجل تغيير شكل الحياة السياسية في البلاد، مما يجوز معه القول أن الأزمة المجتمعية أصبحت شاملة ومحتدمة، وتبحث لها عن حل جذري عميق، بعيداً عن منظور الإصلاح والترميم.

4 – بلا شك أن استخلاص وتأمين حريات الشعب وحقوقه المهدرة، بات يحتاج إلى قيادة جديدة، نابعة من قلب الحركة الجماهيرية، وقادرة على حشدها وتنظيم صفوفها وراء مصالحها الأساسية والحيوية.

وهذه القيادة لا يمكن إلا أن تكون ذات طابع عمالي. وهي لن تكون جديرة بالاضطلاع بدورها إلا إذا وثقت روابطها العضوية بجماهيرها العمالية والفلاحية العريضة

ومدت يدها إلى كافة القوى الديمقراطية الأخرى من أجل بناء مجتمع ديمقراطي مفتوح قادر على أن يفتح الطريق واسعاً من أجل إرساء علاقات جديدة متحررة من كل ألوان الظلم والعبودية والاستغلال، علاقات تصنع البشر قبل – وفوق – الأرباح.

5 – إن القادة العماليين والنقابيين المجتمعيين في المؤتمر الثاني للجنة التنسيقية للحقوق والحريات العمالية والنقابية، إذ ينطلقون من هذه الحقائق الواضحة الجليه، فإنهم يؤكدون أن التغيير أصبح ضرورة لا مفر منها، وأن توسيع القوى المطالبة بالتغيير، وتمتين الروابط بينها، وخلق جذور لها في الأوساط الشعبية، أصبح أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى.

6 – ولهذا يعلن المجتمعون أنهم بصدد الإعلان عن تشكيل ( الهيئة التأسيسية لمؤتمر عمال مصر)، لبلورة قيادة عمالية ونقابية جديدة خارج النقابات الرسمية التي أشهرت إفلاسها، وأعلنت انحيازها الكامل والمطلق للطبقة الحاكمة، ولم تعد جديرة بأن تمثل العمال بعد اليوم ويدعو المجتمعون كل القوى الشريفة أن تتضامن معهم، وأن تدعم هذا الموقف الكفاحي الجاد.

7 – ويحي العمال المجتمعون إصرار الحركات المطالبة بالتغيير – رغم همجية الحكومة في مواجهتها وتحولها إلى عصابة – على استخدام كافة الوسائل والاحتجاج في الشارع، لتشجيع الجماهير الواسعة على التحرك والمشاركة، واستئصال ثقافة الخوف التي أشاعتها بين الناس.

8 – كما يحي العمال المجتمعون موقف قضاة مصر الذين أكدوا في شجاعة منقطعة النظير أنهم لن يشاركوا في الإشراف على الانتخابات إلا إذا بادرت الحكومة بإصدار قانون استقلال السلطة القضائية وقانون مباشرة الحقوق السياسية على نحو يكفل للقضاء الإشراف الفعلي والكامل على الانتخابات

خاصة وأن الانتخابات السابقة – كما يقول قضاة مصر – كلها مزورة، مما يجرد القائمين على الحكم من كل شرعية، ويؤكد اغتصابهم للسلطة بالقوة والخداع، وأنه لم يعد ثمة شرعية إلا للشعب وحده، لكي يقرر مصيره الاجتماعي، ويختار حكامه بإرادته الحره الكاملة.

9 – يحي المجتمعون هيئات تدريس الجامعات التي انتفضت غضبى ضد هيمنة أجهزة الأمن، خاصة جهاز مباحث أمن الدولة، على شئون الجامعات، ومصادرة حرية البحث العلمي.

10 – ويطرح المجتمعون على الرأي العام، والقوى الديمقراطية الأخرى تصورهم لقضايا التغيير، ويدعونها للحوار حولها :

11 – أولاً : يؤمن العمال بأن تطور أي مجتمع يكون بفعل قواه الداخلية، فقانون الثورة أنها لا تصدر .. والتغيير لا يفرض من الخارج.

والذين ينتظرون مجيء الديمقراطية على ظهر دبابة أمريكية أو على يد قوات المارينز واهمون. فأمريكا التي طالما ناصرت الأنظمة الاستبدادية في العالم لا تملك جدارة الحديث عن الديمقراطية.

وأن ما تطرحه من دعاوى الحكم الصالح ونشر الديمقراطية هدفه ترشيد النظم الرأسمالية القائمة على إفقار العمال والكادحين وتشديد استغلالهم، وإدخال تحسينات على هذه النظم لإطالة عمرها وخداع شعوبها.

أمريكا تروج للديمقراطية المرتبطة بالسوق، والرأسمالية الجديدة المتوحشة بما يسمح بتهيئة ظروف انسب لتحرير الاقتصاد من تدخل الدولة، سواء بخصخصة وبيع القطاع العام، أو الكف عن دعم السلع الضرورية التي يستهلكها الفقراء، أو تقليص الإنفاق الحكومي على الخدمات الأساسية من تعليم وصحة وإسكان، أو تحجيم برامج الرعاية الاجتماعية خاصة في مجال المعاشات.

والنتيجة هي مزيد من تفشي الفقر والبطالة وتعميق التفاوت الاجتماعي ومبدأ عدم المساواة حتى أن 14 % من السكان يستولون الآن على ثلاثة أرباع الدخل القومي بينما يحصل 86 % من السكان على ربع هذا الدخل فقط.

12 – ومن نكد الأيام أن أهل الحكم وذيولهم وزعانفهم يتهمون القوى الديمقراطية بالتبعية والاستقواء بالخارج، بينما هذه القوى هي التي ناضلت ودفعت الثمن فادحاً من حريتها ضد تبعية أنظمة الحكم للخارج، وتلقيها الأوامر من المندوب السامي الأمريكي في القاهرة، وتنفيذ ” روشتة ” المؤسسات المالية الدولية التي دمرت اقتصادنا عن آخرة، وعقد اتفاقيات العار (كامب ديفيد) مع العدو الصهيوني وفتح سفارة له في بلادنا، ومده بالغاز والاسمنت والحديد المسلح لبناء المستوطنات وجدار الفصل العنصري، والتدخل لإيقاف الانتفاضة الفلسطينية وتحطيم كل أشكال الكفاح المسلح، فضلاً عن السماح بمرور السفن الحربية الأمريكية في قناة السويس، وإقامة أربع قواعد عسكرية أمريكية في سيناء وساحل البحر الأحمر.

قليل من حمرة الخجل أيها الحكام والمنافقين والأتباع والخدم ….
13 – ثانياً : يرى العمال أن الديمقراطية، وسائر الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية للطبقات الشعبية لا تمنح ولا تستجدى، ولكنها تستخلص عبر كفاح طويل وشاق من جانب أوساط الجماهير، وهذا الكفاح لن يخلو من دفع الثمن : سجناً واعتقالاً وتعذيباً وتشريداً . وتلك هي ضريبة النضال التي ندفعها عن طيب خاطر.

ولا شك أن الذين يعتقدون أن ثمة أصلاحات ديموقراطية أو اجتماعية يمكن أن تأتي عبر مناشدة النظم الحاكمة أو عقد لقاءات (التوافق) معها، إنما يضربون في الهواء . فالتاريخ لا يعرف حتى الآن أن هناك طبقة حاكمة قد أعطت الطبقات المحكومة الأسلحة التي تحاربها بها من أحزاب ونقابات ووسائل إحتجاج ابتداء من الاضراب والتظاهر حتى العصيان المدني.

كل الوقائع تؤكد أن المجموعات الحاكمة من المستفيدين وأصحاب المصالح الذين أفسدوا الحياة السياسية لن يقبلوا أية إصلاحات يمكن أن تؤثر على مصالحهم واحتكارهم للسلطة . ولعل هذا هو سر تمسكهم ببقاء حالة الطوارئ، والتفافهم حول مطلب تعديل الدستور وتفريغه من مضمونه، وإصرارهم على قمع المظاهرات السلمية الداعية إلى التغيير واعتقال المشاركين فيها حتى جاوز عدد المعتقلين خلال الأيام القليلة الماضية ألفي مواطن.

14 – ثالثاً : إن الديموقراطية – كما نفهمها ونعيها – ليست مجرد انتخاب رئيس الجمهورية، أو المشاركة في الانتخابات البرلمانية كما يتصور غالبية دعاة الإصلاح، ولكنها بالأساس ديموقراطية المشاركة التي تتسع لانتخاب المجالس المحلية الشعبية ومنحها سلطة الاستجواب ومحاسبة المسئولين وعزلهم

وانتخاب شاغلي المناصب الكبرى، خاصة المحافظين ورؤساء المدن والأحياء والعمد وعمداء الكليات ومديري الجامعات، وإطلاق ديموقراطية الاتحادات الطلابية، والإقرار بحق الفلاحين في تشكيل روابطهم واتحاداتهم، وديموقراطية الانتاج التي تعني اشتراك العمال في إدارة المصانع والهيئات الخدمية والحصول على نصيب متزايد من أرباحها، وتحرير منظمات المجتمع المدني من كافة صور الوصاية والتدخل.

15 – ولا يمكن أن نتصور حدوث ذلك إلا عبر تمكين كافة القوى السياسية، دون استثناء، من حقها في التعبير عن نفسها و المشاركة في اتخاذ القرار عبر مجتمع مفتوح يقوم على التعددية في إطار الالتزام بمبدأ مدنية الدولة ووضعية التشريع، ومبدأ المواطنة القائمة على المساواة الكاملة بين المواطنين بصرف النظر عن معتقداتهم الدينية والسياسية، ونشر قيم التسامح ونبذ التعصب.

16 – ولا يمكن إحداث إصلاحات حقيقية بأية حال مع بقاء سياسة الإقصاء للحركة العمالية عن طريق استبعادها من المسرح السياسي، وعزلها عن مراكز اتخاذ القرار، سواء بحرمانها من تشكيل أحزابها السياسية بدعوى عدم تأسيس حزب على أساس طبقي، رغم أن كل الأحزاب هي مؤسسات طبقية، أو بوضع النقابات تحت سيطرة الحكومة، أو فرض قيود على الاضرابات.

17 – رابعاً : يرى العمال أن الديموقراطية لن تكون سوى ثرثرات فارغة في أروقة البرلمان، أو أداة لتسوية الخلافات بين أجنحة الطبقة الحاكمة، ما لم تقترن بتوسيع حدودها، بالنضال من أجل المطالب الاجتماعية للعمال والكادحين الذين يمثلون الأغلبية الساحقة من الشعب وفي مقدمتها : وضع حد أدنى للأجور يكفي احتياجات أسرة من خمس أفراد

وسلم متحرك للأجور يستند إلى علاوة غلاء وعلاوة أقدمية، وحد أقصى لساعات العمل 42 ساعة في الأسبوع، وتثبيت العمالة المؤقتة، وتجريم الفصل التعسفي، وعدم أنهاء خدمة العامل إلا بواسطة السلطة القضائية، ووضع قيود على غلق المنشآت، وإطلاق حق الإضرابات وتأسيس نقابات حره خارج التنظيم النقابي الرسمي

وإيقاف سياسة الخصخصة التي ثبت فشلها وتخريبها للاقتصاد القومي، وإعادة تأميم المصانع الكبرى وقياد الدولة بدور رئيسي في التنمية من أجل تحسين مستويات معيشة الشعب وخلق فرص عمل جديدة.

18 – ورغم أن الديمقراطية السياسية ضرورية من أجل تهيئة ظروف أفضل للنضال إلا أنها ليست كافية وحدها.
ولا يجوز الاستناد إلى القول بأنها الحلقة الرئيسية في الكفاح الآن – وهذا صحيح – كمبرر للتخلي عن تحمل القضايا القومية والاجتماعية الأخرى، وإلا أصبحنا مجرد ليبراليين في زمن (الليبرالية المتوحشة).

إننا نريد الديموقراطية السياسية من أجل تفعيل نضالنا ضد المشروع الامبريالي – الصهيوني الذي يتهدد وجودنا. ونريدها أيضاً من أجل تشديد نضالنا الطبقي ضد الاستغلال والاضطهاد بكافة صوره.

19 – ويبقى أن نقول أن النضال من أجل الديموقراطية السياسية لن يكون قادراً على تعبئة الجماهير، وأن يتحول إلى معركة شعبية قادره على إحراز انتصارات، إلا من خلال تبني مصالح هذه الجماهير ومطالبها الاجتماعية وأمانيها في التحرر والتوحد القومي.

إن الذين يحصرون نضالهم في مجرد شعارات ليبرالية، أو حتى في قدر أكبر من الاصلاح السياسي، لا يثقون في حركة الجماهير ويستبعدونها من حلبة النضال نتيجة استبعاد مصالحها ومطالبها من جدول أعمالهم.

وإذا افتقدت الحركة الديموقراطية جيوش العمال والفلاحين والكادحين عموماً، فإنها سوف تتحول حتماً إلى حركة نخبوية، شديدة الضعف، قصيرة النفس، عاجزة عن مواجهة الديكتاتورية والاطاحة بها.

إن العمال – شاء خصومنا أو أبو – هم وقود معركة التغيير وطلائعها، ذلك أنهم صناع الحياة .. والتقدم .