يتابع مركز الجنوب لحقوق الإنسان ببالغ القلق الأنباء الواردة من مدينة الفلوجة العراقية حيث سقط أكثر من 1200 قتيلا خلال أسبوع بسبب الهجوم البربري الأخير الذي تشنه ضدها قوات الإحتلال الأمريكي بالتعاون مع قوات الحرس الوطني العراقية، كما أصيب الالاف من الأشخاص الذين لايجدون سبيلا لتلقي العلاج بسبب استمرار الهجوم العشوائي على المدنيين والمنشأت المدنية مثل المستشفيات والمدارس والمساجد، الأمر الذي أدي إلى تحول الفلوجة إلى مدينة للقتلى والأشباح.
لقد ظلت الفلوجة على مدى أشهر هدفاً للهجمات الجوية لقوات الولايات المتحدة بصورة يومية تقريباً، وفي 5 أبريل/نيسان 2004، شنت قوات مشاة البحرية التابعة للولايات المتحدة عملية عسكرية في المدينة بغرض محاولة اعتقال الأشخاص المسؤولين عن قتل أربعة من حراس الأمن التابعين للولايات المتحدة في مارس. ودام القتال في الفلوجة عدة أيام إلى أن تم الاتفاق على وقف لإطلاق النار، بيد أن القتال استمر على نحو متقطع لأسابيع قبل انسحاب قوات الولايات المتحدة من الفلوجة، ونقل السيطرة على المدينة إلى أيدي القوات العراقية، وبحسب مصادر المستشفيات والمصادر الإعلامية، فإن ما لا يقل عن 600 شخص لاقوا مصرعهم في القتال في ذلك الهجوم وما لا يقل عن نصف هؤلاء كانوا من المدنيين، بمن فيهم الأطفال، وبعد فترة من الهدوء النسبي، وفي شهر يوليو استؤنفت ضربات الولايات المتحدة الجوية تحت ادعاء استهداف “البيوت الآمنة” للمتمردين، بمن فيهم أعضاء جماعة “التوحيد والجهاد”، التي يقودها، بحسب ما ذُكر، المواطن الأردني أبو مصعب الزرقاوي، الذي أدعى المسؤولية عن عدد من الهجمات الانتحارية العشوائية وعمليات احتجاز الرهائن.
وتكررت الهجمات الجوية في أغسطس وسبتمبر وأكتوبر حتى جاء الهجوم الحالي الذي يهدف إلى القضاء على المقاومة العراقية المسلحة، ولكنه استهدف المدنيين بشكل عشوائي الأمر الذي أدى إلى ارتفاع اعداد القتلى والجرحى من بين المدنيين بما يشبه مذبحة جماعية تقوم بها قوات الإحتلال أمام سمع وبصر المجتمع الدولي الذي لم يحرك ساكنا حتى الآن، فالعديد من أعمال ذبح المدنيين هذه قد نجمت عن هجمات عشوائية أو غير متناسبة على أيدي قوات الولايات المتحدة الأمريكية التي انتهكت قواعد حماية المدنيين بما أدى إلى أن الوضع الإنساني في المدنية أصبح كارثة إنسانية بكل المعايير، حيث تهاجم الفلوجة حاليا بعشرات الالاف من جنود المارينز والطائرات والمدفعية الثقيلة والدبابات التي تسحق وتهدم المنازل والمساجد بدعوى اختباء المسلحين بها الأمر الذي دفع نصف سكان المدينة على الأقل إلى الفرار قبل بدء الهجوم فيما لايزال طبقا للتقارير الصحفية المحدودة عشرات الالاف من المدنيين يواجهون أزمة إنسانية هائلة تتثمل في نقص الغذاء والمياه الأدوية وبدون كهرباء، كما أن هناك العديد من المصابين الذين لايتلقون أية رعاية طبية بسبب القتال العنيف ويأتي ذلك في الوقت الذي أعلن فيه الصليب الأحمر العراقي أنه لم يتلق رداً على طلبه من قوات الاحتلال والسلطات العراقية بالسماح له بدخول المدينة.
إن مركز الجنوب لحقوق الإنسان يطالب المجتمع الدولي بالتدخل الفوري لوقف المذبحة التي تجري حاليا في الفلوجة، ويدعو إلى إجراء تحقيق دولي فوري في انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي لمحاسبة المسئولين عن هذه الإنتهاكات بما فيها استهداف المدنيين أو عدم التمييز بين المسلحين والمدنيين خلال القتال أو المسئولين عن قتل الأشخاص المصابين، ويجب أن يواجه هؤلاء المجرمون محاكمة لإرتكابهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، كما يدعو المركز كافة منظمات المجتمع المدني المصري والعربي والدولي إلى بذل أقصى جهد ممكن من أجل توصيل مواد الإغاثة الإنسانية للمحاصرين في الفلوجة وتوفير الرعاية الطبية اللازمة للمصابين بأقصى سرعة ممكنة.