19/4/2005

– 20 مليون مهاجر بلا حقوق في أوروبا وأمريكا

– ضرورة تغيير سياسات الإتحاد الأوروبي تجاه الهجرة

– الإتحاد الأوروبي يتجاهل أسباب الهجرة غير الشرعية

– التعزيزات الأمنية لا تحل مشكلة الهجرة غير الشرعية

– أصحاب الأعمال يفضلون تشغيل المهاجرين غير الشرعيين

– المهاجرين غير الشرعيين يعملون بشكل أشبه بالعمل العبودى

أصدر مركز الجنوب لحقوق الإنسان دراسة حديثة حول سياسات الإتحاد الأوروبي فيما يتعلق بقضايا الهجرة الإقتصادية وكشفت الدراسة عن أوجه القصور في الرؤية الأوروبية التي تضمنتها مايسمى بـ”الورقة الخضراء” الصادرة عن المجلس الأوروبي فى الحادى عشر من شهر يناير 2005 ، وتهدف الورقة إلى مطالبة كافة الأطراف ذات الصلة بالتعليق وإبداء الرأي لوضع آليات لإدارة مسألة الهجرة على أساس من التعاون بين كل الأطراف.

و تتضمن الورقة الخضراء الخطوط العامة لسياسات الاتحاد الاوروبى تجاه الهجرة، غير أنها لم تتحدث فى واقع الامر سوى عن العمالة الشرعية المهاجرة والتى يحتاج اليها السوق الاوروبى لأسباب كثيرة بعضها اقتصادى وبعضها الاخر يتعلق بالطبيعة الديموغرافية لدول الاتحاد وتركيبة السكان ونسبتهم.

وفى حين تولى الورقة إهتماماً كبيراً لاحتياجات وأولويات سوق العمل الأوروبى فإنها لا تشير إلى أسباب ودوافع الهجرة الشرعية او غير الشرعية من الدول النامية إلى اوروبا.

هذا كما تعانى الورقة من قصور فى مجالات التعاون المطروحة بين الإتحاد وبين دول المنشأ والعبور والتى تقتصر فى معظمها على التعاون الأمنى فضلاً عن عدم إيلاء الدور الذى يمكن أن يلعبه التعاون مع منظمات المجتمع المدنى الإهتمام الكافى.

وتناولت الدراسة رؤية مركز الجنوب لحقوق الإنسان لمسألة الهجرة فيما يتعلق بإرتباطها الوثيق بمشكلات التنمية وعدم العدالة فى توزيع الثروة بين الشمال الصناعى والجنوب النامى؛ وكذلك إستجابة من مركز الجنوب لحقوق الإنسان لنداء المجلس الأوروبى بالمشاركة فى بحث مسألة الهجرة والمساهمة فى وضع آليات متسقة مع واقع مسألة الهجرة وكذلك مع ظروف الدول المستقبلة والمرسلة للمهاجرين فإننا نبدى فى هذه الورقة عدداً من الملاحظات الأساسية التى نرى أنها يجب أن تكون محل إهتمام وتدقيق بالغين فى المناقشات المزمع عقدها بين كافة الأطراف ذات الصلة خلال العام الجارى بشأن مسألة الهجرة.

وكشفت الدراسة أن السبب الرئيسي للهجرة من الدول النامية وخاصة من دول جنوب المتوسط (مصر ودول المغرب العربى) إلى أوروبا سواء بشكل شرعى أو غير شرعى يكمن فى الظروف الإقتصادية فى تلك الدول.

فكما ورد فى المؤتمر الوزارى الثانى 5+5 بشأن الهجرة المنعقد فى الرباط فى اكتوبر 2003 فإن الأسباب الإقتصادية تقف بشكل عام خلف الهجرة، فعلى سبيل المثال يعتبر تحويل المهاجرين لأموالهم أمرا ذو أهمية اقتصادية كبيرة بالنسبة للدول المضيفة و دول المنشأ على حد سواء، فاقتصادات فرنسا وإيطاليا وإسبانيا تعد من بين أول 12 دولة فى العالم من حيث تحويل أموال الهجرة إلى بلدان المنشأ.

و أظهرت الدراسة أن الاقتصاد المصرى منذ سبعينات القرن الماضى يعتمد بشكل كبير من بين عدد محدود من مصادر الدخل على العمالة المهاجرة إلى دول الخليج، غير أن عدم الإستقرار السياسى والاقتصادى فى المنطقة قلل إلى الحد الأدنى من فرص هجرة الأيدى العاملة المصرية إلى دول الخليج

و تزامن ذلك مع تغيرات كبيرة شهدتها السياسات الإقتصادية فى مصر إلى تحرير القطاعات الإقتصادية واتباع سياسات السوق والتى كان لها تأثير سلبى على قطاع واسع من السكان وعلى الأخص فى الريف
فالملايين من الشباب فى الريف المصرى الذين كانوا يعتمدون على الزراعة كمصدر أساسى للدخل أصبحوا يعانون من البطالة بينما لا يتمتعون فى الوقت نفسه بالمهارات التى تتيح لهم استغلال الفرص المحدودة للعمل بالخارج بشكل غير شرعى
كما لعبت سياسات الخصخصة والتكيف الهيكلى فى القطاع الصناعى والحكومى فى تقليل فرص العمل بالنسبة للشباب فى الحضر بصرف النظر عن المؤهلات التعليمية لهؤلاء الشباب.

وأوضحت الدراسة أن غالبية المشروعات المطروحة من قبل الإتحاد الأوروبى لمكافحة الهجرة غير الشرعية تركز على الجانب الأمنى
فمثلاً مشروع إنشاء معسكرات لإحتجاز طالبى اللجوء والمهاجرين غير الشرعيين على شواطئ خمس دول شمال إفريقية وغير ذلك من برامج الدعم المالى والتقنى لحكومات دول جنوب المتوسط التى تتركز على حراسة الحدود البحرية والبرية وكذلك للحد من العبور بشكل غير شرعى؛ مثل تلك المشروعات على الرغم من أهميتها إلا أنها لا يمكن أن تكون الوجه الوحيد للتعاون بين دول الاتحاد الاوروبى وبين حكومات جنوب المتوسط
فضلاً عن أن تلك البرامج قد تقود إلى انتهاكات لحقوق الإنسان مثل تلك التى وردت مؤخراً فى تقرير لمنظمة العفو الدولية بشأن انتهاك حقوق طالبى اللجوء والمهاجرين غير الشرعيين المحتجزين فى ليبيا.

وأكدت الدراسة على أن الأمل فى القضاء على ظاهرة الهجرة غير الشرعية والإتجار بالعمالة سيكون ضعيفا إذا لم يتم القضاء على كل الظروف الرئيسية التى تتسبب فى الهجرة.
فإتخاذ خطوات للحد من البطالة والحد من القصور فى التنمية بما يقلل الفجوة التنموية بين الدول المتقدمة والدول النامية هى السبيل الوحيد لمواجهة المشكلة.

ومن ثم فإنه يتعين على الاتحاد الأوروبى أن يتخذ استراتيجيات للتنمية الإقتصادية والإجتماعية فى الدول النامية عبر الدعم المالى والتقنى لأجل توفير فرص عمل ودخول مناسبة فى الدول التى تتسم بمعدلات بطالة مرتفعة والتى تتضمن نسبة كبيرة من العمالة المهاجرة المحتملة، كما ينبغى أن تكون هناك مشروعات لتنمية المهارات والإمكانات المحلية القائمة.

وأشارت الدراسة إلى أن العديد من المراقبين للهجرة الدولية يعتقدون أن أعداد المهاجرين غير الشرعيين فى دول منظمة التعاون الإقتصادى والتنمية (OECD) يصل إلى العشرين مليون عامل، ومعظم هؤلاء العمال دخلوا إلى تلك الدول فى العشر سنوات الأخيرة
وأضافت الدراسة أن العمال غير الموثقين أو الذين لا يعملون فى إطار منظم عادة ما يعملون فى ظروف عمل أكثر سوءاً من غيرهم من العمال وهناك عدد كبير من أصحاب الأعمال يفضلون تشغيل هذا النوع من العمال من أجل التربح من المنافسة غير العادلة.

وفى أسوأ الظروف فإن العمال المهاجرين غير الشرعيين يعملون بشكل أشبه بالعمل العبودى وهم نادراً ما يلجأون للقضاء خشية التعرض للطرد أو الإبعاد، وفى العديد من الدول لا يملكون حق الطعن على القرارت الإدارية التى تؤثر عليهم.

وأكدت الدراسة أن مكافحة الهجرة غير الشرعية تعتمد فى المقام الأول على القضاء على الأسباب الطاردة للشباب من جهة و وضع خطط لمكافحة نشر المعلومات المضللة بشأن الهجرة والحد من الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر وفرض عقوبات رادعة على الأفراد والجماعات التى تديرأو تسهل عمليات تهريب البشر بشكل غير شرعى عن طريق استخدام العنف أو التهديد أو الضغط من جهة أخرى، على أن تمتد هذه العقوبات لتشمل أرباب الأعمال الذين يستخدمون عمالاً غير شرعيين.

كما ينبغى التعامل مع هؤلاء المهاجرين على أساس من المساواة بينهم وبين العمالة الوطنية.
بمعنى أنه يحق للعمال المهاجرين التمتع بكافة الحقوق الاقتصادية والإجتماعية والثقافية والسياسية والمدنية الواردة بالعهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وكذا العهد الدولى للحقوق السياسية والمدنية وغيرها من المواثيق الدولية مع التركيز على عدد من الحقوق الواردة فى العهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، العهد الدولى الخاص بالحقوق السياسية والمدنية.

وفي النهاية طالبت الدراسة بضرورة تحسين التشريعات الخاصة بحقوق العمال بحيث تكون أكثر اتساقاً مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ينبغى أن تكون عنصراً رئيسياً فى المناقشات حول مسألة الهجرة كما ينبغى تضمينها فى الإستراتيجيات الموضوعة من أجل إدارة مسألة الهجرة.