9 نوفمبر 2004


تصدر المنظمة المصرية لحقوق الإنسان اليوم الثلاثاء 9/11/2004 تقريرها النوعي بعنوان ” العريش…..قبض عشوائي واحتجاز تعسفي وتعذيب المنظمة المصرية أوقفوا المأساة ” والذي يقع في خمسة و عشرين صفحة.

ويكشف التقرير عن جملة من الانتهاكات التي تعرض لها أهالي مدينة العريش الواقعة شمال محافظة سيناء من قبيل عمليات القبض العشوائي واحتجاز الرهائن من النساء والأطفال، وما ارتبط ذلك بتعرض العديد منهم للتعذيب على أيدي الأجهزة الأمنية ، مما يشكل انتهاكاً لحقي الحياة والحرية والأمان الشخصي المكفولتين بمقتضى الدستور المصري والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان.

وقد استقت المنظمة المعلومات الواردة بالتقرير من أقوال العديد من العائلات التي تم إلقاء القبض علي بعض أفرادها وشهود العيان الذين أكدوا أن الأجهزة الأمنية قد ألقت القبض على حوالي ثلاثة آلاف مواطن من أهالي مدينة العريش والقرى المجاورة لها وذلك منذ بداية وقوع التفجيرات ، مشيرين إلى أنه من حين لأخر كان يتم إلقاء القبض على مجموعة ما من المواطنين ، فمكتب أمن الدولة كان دائما ما يحتوى على 100-150 مواطن ليتم استجوابهم ثم يرحلون فيما بعد إلى المعتقل ليحل محلهم آخرون .

ويضاف إلى ذلك ، قيام قوات الأمن باحتجاز العديد من الرهائن من النساء والأطفال في سبيل إلقاء القبض على شخص واحد، وما يصاحب ذلك من اقتحام المنازل بالقوة وإتلاف محتوياتها في بعض الحالات وترويع أمن قاطنيها ، وقد وصل الأمر إلى قيام الأمن بنزع غطاء الوجه للسيدات المنقبات عنوة أثناء سيرهن في الشوارع بغرض البحث عن شخص ما، وهذا ما أكده أكثر من شاهد عيان .

ومن ناحية ثانية ، أكد أهالي العريش تعرض المعتقلين وأهاليهم حتى من النساء لصور شتى من التعذيب ، قائلين أنهم يسمعون يومياً صرخات استغاثة آتية من مكتب أمن الدولة مما يدل على أنهم يتعرضون للتعذيب بطريقة وحشية.

وتأتي عمليات القبض العشوائي والاحتجاز التعسفي والتعذيب وإساءة المعاملة لأهالي مدينة العريش برغم مطالبة المنظمة المصرية لحقوق الإنسان في بيان كانت قد أصدرته فور وقوع التفجيرات الثلاث للأجهزة الأمنية باحترام حقوق الإنسان أثناء القيام بأعمال البحث عن مرتكبي التفجيرات وتقديمهم للعدالة ومعاملتهم المعاملة الحسنة الغير المهنية والحاطة من الكرامة ، مؤكدة على أنه برغم أهمية مواجهة أعمال العنف المسلح وحماية المجتمع والمدنيين من القائمين بأعمال العنف ، إلا أن احترام حقوق الإنسان ومعايير العدالة في مواجهة هذه الجماعات المسلحة لا يتناقض مع قرارات المواجهة وتحقيق الأمن في البلاد، بل أن الطريق الوحيد الذي يؤدي إلى نجاح المواجهة هو الاحترام الكامل لقيم ومبادىء حقوق الإنسان.

وبرغم إدانة المنظمة المصرية لحقوق الإنسان للتفجيرات الثلاث ولأية عمل إرهابي يهدد أمن البلاد فإنها في ذات الوقت تؤكد أن احترام حقوق الإنسان لا يتناقض مع مقتضيات الأمن ومكافحة الإرهاب ، وهذا ما أكدت عليه توصيات مؤتمر ” تأييد حقوق الإنسان ودور القانون في مواجهة الإرهاب ” الذي نظمته اللجنة الدولية للحقوقيين في برلين خلال الفترة من 27-29/8/2004، وفي ضوء ذلك فإن المنظمة المصرية تطالب بما يلي :
1- وضع حد لعمليات القبض العشوائي والتي تشكل انتهاك لحق الأشخاص في الحرية والأمان الشخصي المنصوص عليه في المادة 41 من الدستور والتي تقضى بأن “الحرية الشخصية حق طبيعي وهى مصونة لا تمس وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق أو صيانة أمن المجتمع ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة وذلك وفقا لأحكام القانون “. كما تشدد المنظمة على ضرورة وقف العمل بقانون الطوارئ بوصفه الأداة القانونية التي تستخدم للعصف بهذا الحق وغيره من الحقوق التي كفلها الدستور المصري والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان.

2- وقف الاحتجاز التعسفي لما يمثله ذلك من انتهاك للدستور المصري والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان، إذا تنص المادة التاسعة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على ” لا يجوز اعتقال أي أحد أو حجزه أو نفيه تعسفياً”، كما جرمت العديد من المواد بقانون العقوبات المصري الصادر برقم 58 لسنة 1937 القبض على الأشخاص بدون وجه حق .

3- قيام السلطات المصرية بالإسراع في إطلاق سراح المعتقلين والرهائن إعمالاً لصحيح القانون ونصوص الدستور المصري وتأكيد الاحترام لقيم ومبادئ حقوق الإنسان.

4- التحقيق الفوري في حالات التعذيب التي تعرض لها المعتقلين وذويهم واتخاذ الإجراءات المناسبة لوقف عمليات التعذيب ولاسيما وأن الدستور المصري وكذلك قانون الإجراءات الجنائية قد أكد على خطر التعذيب وبطلان الاعترافات الناتجة عنه، كما أن الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب قد جرمته وقد صدقت عليها الحكومة المصرية عام 1986 ، مما يقتضي عليهااحترام لتلك الاتفاقية وما يترتب عليها من التزامات قانونية، وذلك وفقاً للمادة 151 من الدستور .