نوفمبر 2004


مقدمة

التاريخ السابع من أكتوبر 2004 … المكان جنوب سيناء … الحدث ثلاثة انفجارات…الضحايا والحرجى بالمئات … المنفذ مجهول … الخسائر لا حصر لها .

هذه المعلومات تناقلتها وسائل الإعلام المختلفة المحلية والأجنبية فور وقوع التفجيرات الثلاث التي استهدفت مدينة طابا و مخيمي منطقة الشيطاني بنويبع السياحية ، ولكن معلومة جديدة أضفيت بعد مرور تسعة عشر يوماً من تاريخ الحدث ، فقد أعلنت وزارة الداخلية نبأ القبض على خمسة مواطنين من أهالي شمال سيناء اتهمتم بأنهم دبروا ونفذوا التفجيرات وذلك بالتعاون مع أربعة آخرين من بينهم اثنان هاربان وآخران لقي حتفهما في مكان الحادث.

ولكن ما وراء الحدث كان أبعد من ذلك بكثير، وهذا ما كشفته بعثة تقصي الحقائق التي أوفدتها المنظمة المصرية لحقوق الإنسان لمدنية العريش عاصمة محافظة شمال سيناء ويبلغ تعداد سكانها 123 ألف نسمة من إجمالي 260 ألف نسمة ، وهذه المدنية كانت المقصد لأن مرتكبي التفجيرات منها ، كما تلقت المنظمة عدة مكالمات هاتفية من أعضاء المنظمة المصرية بالعريش تفيد بوقوع صور مختلفة من انتهاكات حقوق الإنسان لأهالي المدينة ، فضلاً عن وجود عدة شواهد تؤكد صحة وقوع تلك الانتهاكات وهي :

  • وجود متهمان هاربان يؤدي بالقطع إلى احتمالية احتجاز العديد من الرهائن لإجبار المتهمين على تسليم أنفسهم .
  • اعتقال والدة المتهم المتوفى إياد صالح يعطي مؤشرا خطيرا لوجود حالات اعتقال عشوائية بدون مبرر .
  • ورود معلومات للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان بوجود العديد من حالات القبض العشوائي.ويأتي هذا التقرير لكشف ما حدث بالعريش ، حيث عمليات القبض العشوائي ، فقد أكد أهالي المعتقلين وشهود العيان الذين التقت بهم بعثة المنظمة أن الأجهزة الأمنية قد ألقت القبض على حوالي ثلاثة آلاف مواطن من أهالي مدينة العريش والقرى المجاورة لها وذلك منذ بداية وقوع التفجيرات ، مشيرين إلى أنه من حين لأخر كان يتم إلقاء القبض على مجموعة ما من المواطنين ، فمكتب أمن الدولة كان دائما ما يحتوى على 100-150 مواطن ليتم استجوابهم ثم يرحلون فيما بعد إلى المعتقل ليحل محلهم آخرون.واحتجاز الرهائن من النساء والأطفال، في سبيل إلقاء القبض على شخص واحد، وما يصاحب ذلك من اقتحام المنازل بالقوة وإتلاف محتوياتها في بعض الحالات وترويع أمن قاطنيها ، لدرجة أن بعض الأهالي اعتقدوا أن رجال الأمن الملثمين عصابات صهاينة على حد قول زوجة شقيق المتهم “محمد عبد الله رباع” إذ قالت (كنت راجعة من عند جارة لنا لقيت عربية شروكى لونها بيج ومعاها عربيات ثانية ماشفتهاش كويس علشان الدنيا كانت ضلمه و نزل منها ناس لابسين أسود ومتلثمين في الأول افتكرتهم حراميه وبعدين لقيت كشافات بتضوى ولقيتها كشافات بنادق معاهم أنا أترعبت وظنيت أنهم صهاينه) .وقد ارتبط ما سبق بتعرض العديد منهم لصور مختلفة من التعذيب على أيدي الأجهزة الأمنية، مما يشكل انتهاكاً لحقي الحياة والحرية والأمان الشخصي المكفولتين بمقتضى الدستور المصري والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان.وتأتي عمليات القبض العشوائي والاحتجاز التعسفي والتعذيب وإساءة المعاملة لأهالي مدينة العريش برغم مطالبة المنظمة المصرية لحقوق الإنسان في بيان كانت قد أصدرته فور وقوع التفجيرات الثلاث للأجهزة الأمنية باحترام حقوق الإنسان أثناء القيام بأعمال البحث عن مرتكبي التفجيرات وتقديمهم للعدالة ومعاملتهم المعاملة الحسنة الغير المهنية والحاطة من الكرامة ، مؤكدة على أنه برغم أهمية مواجهة أعمال العنف المسلح وحماية المجتمع والمدنيين من القائمين بأعمال العنف ، إلا أن احترام حقوق الإنسان ومعايير العدالة في مواجهة هذه الجماعات المسلحة لا يتناقض مع قرارات المواجهة وتحقيق الأمن في البلاد، بل أن الطريق الوحيد الذي يؤدي إلى نجاح المواجهة هو الاحترام الكامل لقيم ومبادىء حقوق الإنسان.

    ويتضمن التقرير الأجزاء التالية :أولاً : خلفية الأحداث وأهداف البعثة .

    ثانياً : لقاءات مع أهالي المعتقلين وشهود العيان .

    ثالثاً : نتائج البعثة والتوصيات .