29/11/2005
جاءت اجتماعات قادة قمة برشلونة لتؤكد من جديد على أهمية ايجاد حلول عاجلة لمشكلة الهجرة غير الشرعية المتزايدة، فقد احتلت قضية الهجرة مكانا بارزا خلال القمة بعدما لقي العديد من المهاجرين مصرعهم مؤخراً اثناء محاولتهم اقتحام الحدود الاسبانية في سبته ومليلة، وخلال انعقاد القمة فشل رجال الإنقاذ والشرطة الاسبانية في العثور على 22 مهاجراً فقدوا في البحر كانوا يستقلون مركبا بهدف الوصول الى السواحل الجنوبية لأسبانيا.
واعترف العديد من قادة أوروبا وعلى رأسهم توني بلير ورئيس وزراء اسبانيا ورئيس البرلمان الأوروبي وخافيير سولانا بضرورة تقليص الفجوة بين الشمال والجنوب بهدف تقليل معدلات اللجوء للهجرة غير الشرعية ، كما حذروا من امكانية نشوب صراع بين الحضارات إذا ما استمر الوضع كما هو عليه في ظل تردي الأوضاع الاقتصاددية والسياسية في دول الجنوب وعدم تطبيق برامج ايجابية لدمج المهاجرين في المجتمعات الأوروبية، الأمر الذي يؤدي إلى كوارث اجتماعية وامنية مثلما حدث في فرنسا التي فرضت قانون الطوارئ لإحتواء العنف الذي شهدته لمدة ثلاثة اسابيع في العديد من الأحياء التي يقطنها فقراء المهاجرين.
ويرى مركز الجنوب لحقوق الإنسان أنه لكى يتم وضع إستراتيجية فاعلة فى مواجهة تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى دول الإتحاد الأوروبى فإنه ينبغى فهم الأسباب التى تؤدى إلى بروز وتزايد هذه المشكلة. إن السبب الرئيسي للهجرة من الدول النامية وخاصة من دول جنوب المتوسط إلى أوروبا سواء بشكل شرعى أو غير شرعى يكمن فى الظروف الإقتصادية فى تلك الدول، حيث أن الإستراتيجية التى يتقدم بها الإتحاد الأوروبى والتى تعتمد على تشجيع الهجرة الشرعية بناء على دراسة دقيقة لإحتياجات سوق العمل الأوروبى رغم كونها تتناسب مع السياق الإقتصادى والإجتماعى فى دول أوروبا إلا أنه لا يمكن إعتبارها بمفردها كحل عملى لمشكلات الهجرة إلى أوروبا مع الوضع فى الإعتبار الأعداد الكبيرة من المهاجرين المحتملين الذين لا يملكون أية بدائل ملموسة لكسب العيش فى بلدانهم وليس أمامهم سوى البحث عن طريق آخر خارج البلاد.
إن مركز الجنوب لحقوق الإنسان يعبر عن إهتمامه البالغ بتلك النقطة خصوصاً وأن غالبية المشروعات المطروحة من قبل الإتحاد الأوروبى لمكافحة الهجرة غير الشرعية تركز على الجانب الأمنى. فمثلاً مشروع إنشاء معسكرات لإحتجاز طالبى اللجوء والمهاجرين غير الشرعيين على شواطئ خمس دول شمال إفريقية وغير ذلك من برامج الدعم المالى والتقنى لحكومات دول جنوب المتوسط التى تتركز على حراسة الحدود البحرية والبرية وكذلك للحد من العبور بشكل غير شرعى؛ مثل تلك المشروعات على الرغم من أهميتها إلا أنها لا يمكن أن تكون الوجه الوحيد للتعاون بين دول الاتحاد الاوروبى وبين حكومات جنوب المتوسط، فضلاً عن أن تلك البرامج قد تقود إلى إنتهاكات لحقوق الإنسان.
إن مركز الجنوب يرى أن الأمل فى القضاء على ظاهرة الهجرة غير الشرعية والإتجار بالعمالة سيكون ضعيفا إذا لم يتم القضاء على كل الظروف الرئيسية التى تتسبب فى الهجرة. فإتخاذ خطوات للحد من البطالة والحد من القصور فى التنمية بما يقلل الفجوة التنموية بين الدول المتقدمة والدول النامية هى السبيل الوحيد لمواجهة المشكلة، ومن ثم فإنه يتعين على الإتحاد الأوروبى أن يتخذ استراتيجيات للتنمية الإقتصادية والإجتماعية فى دول جنوب المتوسط.