6/2006
يحتفل مركز حابي للحقوق البيئية بمناسبة يوم البيئة العالمي والجدير بالذكر أن هذه أول مرة يقوم فيها المركز بعمل هذه الاحتفالية والذي يهدف من وراء إقامتها ليس فقط التنبيه وإلقاء الضوء علي القضايا البيئية في مصر وإنما محاولة بلورة لأهم المطالب البيئية للمواطنين والتي سوف يتم الحوار حولها خلال هذه الاحتفالية التي تتناول من ضرورة التنمية المستدامة كأساس استمرار حياة البشر للجيل الحالي والأجيال القادمة
وكذلك إلقاء الضوء علي استراتيجية الإنتاج الأنظف كضرورة لتوافر هواء نظيف ويتناول المحور الثاني إمكانيات وفرص الزراعة المستدامة وعلاقتها بالأبعاد الاجتماعية والسياسة تدهور التربة الزراعية كما يتناول محورا أخر إدارة المياه العذبة في مصر مع تركيز علي الحق في الوصول للمياه العذبة سواء مياه ري أو مياه الشرب مع إلقاء الضوء علي سياسات الخصخصة في هذا المجال ومدي خطورتها علي الفقراء وتأثيرها علي حالة الصحة العامة للمواطنين مع استعراض الخطوات التشريعية التي تأخذها الحكومة في تسعير مياه الشرب
وأخيرا يتناول هذا المحور دور المجتمع المدني في مواجهة هذه المشكلة . كذلك تتناول الاحتفالية التي يقوم بها المركز قضية التغيرات المناخية وعلاقتها بالطاقة النظيفة خاصة الطاقة الشمسية وسوف يكون هناك مشاركة في تناول هذا المحور بين المركز ومنظمة “جرين بيس” (مكتب حملات البحر المتوسط) والمنتدى الأهلي للطاقة النظيفة بمصر
هذا وسوف يشارك مجموعة من النشطاء من عدة دول عربية ويتم تناول هذا المحور بهدف بلورة مطالب المجتمع المدني ودوره في هذه القضية .ونظرا لان هذه الاحتفالية سوف تقام تحت عنوان التنمية المستدامة للموارد ضرورة حياة فقد حرص المركز علي أن يكون هناك صوتا للأجيال القادمة حيث يقوم بعض الأطفال بعرض انطباعاتهم ورؤيتهم ومطالبهم فيما يتعلق بالموارد البيئة وحالتها وذلك بالجلسات التي سوف تتناول التنمية المستدامة وكذلك المحور الخاص بالمياه العذبة .
حين يصنع الناس صحراء
تحتل الأراضي الجافة 41% من مساحة اليابسة ، وتؤوي أكثر من ملياري نسمة بينهم نصف فقراء العالم .وقد أعلنت الأمم المتحدة 2006 سنة دولية للصحاري والتصحر واختير شعار “لا تهجروا الأراضي القاحلة” ليوم البيئة العالمي في 5يونيو 2006 الذي تجري احتفالات الدولية في الجزائر . هنا أحدث الحقائق الأرقام حول الصحاري والتصحر .
قلة من الناس تعيش في الصحاري لكن العديد من الأنواع النباتية والحيوانية تأقلم مع الحياة في بيئتها الجافة القاسية . الضفادع الصحراوية تحفر جحورا في الرمل وتثبت فيها طوال شهور حتى يأتي المطر فتخرج للتغذية وتضع البيض وتتكاثر ولبعض اللبائن (الثدييات) الصحراوية آذان طويلة أو أعضاء أخري لتجديد حرارة الجسم وتحصل لبائن أخري علي كل الرطوبة التي تحتاج إليها من الطعام الذي تأكله وفي ناميبيا تمتص نبتة الرطوبة من الضباب اليومي الذي يزحف فوق الصحراء .
القليل معروف وموثق حول الخصائص البيولوجية والايكلوجية والثقافية للصحاري وتختلف صحاري العالم في فراداتها من حيث المنشأ والتاريخ التطوري والأنماط المناخية وهي تحتاج إلي إدارة وسياسات مصممة خصيصا لحمايتها .
التصحر: جوع وفقر
تندرج الصحاري ضمن منظومة الأراضي الجافة التي تتميز بانخفاض وطول الأمطار وارتفاع معدلات التبخر وتحتل 41% من مساحة اليابسة علي الأرض وتؤوي أكثر من ملياري نسمة ، 90% منهم في بلدان نامية ويعيش نصف فقراء العالم في مناطق جافة حيث يعتمدون علي موارد الطبيعة للحصول علي حاجاتهم الأساسية ويبلغ معدل وفيات الأطفال الرضع في المناطق الجافة نحو 54 وفاة من اصل كل ألف ولادة حية أي ضعفا المعدل الأراضي الغير الجافة و10اضعاف المعدل في البلدان المتقدمة .
هذه المناطق الهشة معرضة للتصحر حيث تتدهور الأراضي نتيجة عوامل متعددة بما في ذلك التغيرات المناخية ونشطات الإنسان ويؤدي التصحر إلي انخفاض أو خسارة الإنتاجية البيولوجية الاقتصادية للأرض ويؤثر في ثلث سطح هذا الكوكب وفي حياه أكثر من مليار نسمة .
من نتائج التصحر والجفاف انعدام الأمن الغذائي والجوع والفقر ومن شأن التوترات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الناشئة عن ذلك أن تخلق نزاعات وتسبب مزيدا من الفقر وتدهور الأراضي ويهدد تنامي التصحر في أنحاء العالم بإضافة ملايين أخري إلي الفقراء الذين يرغمون علي البحث عن مواطن جديدة وموارد رزق بديلة لقد تدهور مابين 10و20% من الأراضي الجافة وتقدر المساحة الإجمالية للأراضي المتأثرة بالتصحر بين 6 ملاين و12مليون متر مربع .
ضياع تربة مئات السنين
تحتوي الأراضي الجافة علي 43% من الأراضي الزراعية في العالم تقدر خسارة الإنتاج الزراعي التي يسببها التدهور بنحو 42 مليار دولار سنويا وقد تم هجر ثلث الأراضي الزراعية في العالم خلال السنوات الأربعين الماضية لأن انجراف التربة جعلتها غير منتجة وتشهد كل سنة خسارة 20 مليون هكتار إضافية من الأراضي الزراعية التي إما تصبح متدهورة إلي حد يجعلها غير صالحة لإنتاج المحاصيل وإما تفقد بسبب التوسع العمراني .
خلال العقود الثلاثة الماضية أدت الحاجة إلي محاصيل إضافية لطعام العدد المتزايد من سكان العالم إلي اشتداد الضغط علي الأراضي والموارد المائية وبالمقارنة مع سبعينيات القرن العشرين يحتاج 2.2 مليار شخص أضافي إلي طعام حاليا . وقد استطاع إنتاج الغذاء مجاراة النمو السكاني حتى الآن لكن استمرار التوسع يعني أننا قد نحتاج إلي طعام إضافي بنسبة 60% خلال السنوات الثلاثين المقبلة والحاجة المتنامية إلي الأراضي زراعية مسئولة بنسبة 80:60% عن تعرية غابات العالم .
التصحر موجود إلي درجة معينة في 30% من الأراضي الزراعية المروية و47% من الأراضي الزراعية التي يسقيها المطر ، 73% من أراضي الرعي . ويخسر العالم سنويا 1.5-2.5 مليون هكتار من الأراضي المروية ، 3.5-4 ملاين هكتار من الأراضي الزراعية المطرية و35 مليون هكتار من المراعي ، بسب تدهور الأراضي .
عودة التربة التي تفقد نتيجة الانجراف عملية بطيئة .
فقد يستغرق تكون طبقة تراب بسماكة 2.5 سم نحو 500 سنة والعواصف الغبارية المتفاقمة نتيجة تأكل التربة تسبب مشاكل في مناطق كثيرة مما يؤثر علي صحة الناس والنظم الايكلوجية محليا وحتى مسافات بعيدة علي سبيل المثال العواصف الكثيفة التي تهب من صحراء غوبي تؤثر علي أجزاء كبيرة من الصين وكوريا واليابان فتسبب تزايدا في حالات الحمي والسعال التهاب العينين أثناء موسم الجفاف كما تبن أن الغبار المنبعث من الصحراء الأفريقية الكبرى يسبب مشاكل تنفسية في مناطق بعيدة حتى أمريكا الشمالية ويؤثر علي شعاب مرجانية في البحر الكاريبي
نحو ميثاق عالمي لمكافحة التصحر :
أعلنت الأمم المتحدة 2006 سنة دولية للصحاري والتصحر وهي أيضا الذكري العاشرة لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر التي باتت تضم في عضويتها 191 طرفا يمثلون جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وتتكثف الجهود هذه السنة بشكل خاص للتصدي للتصحر
الذي تشمل عواقبه ما يأتي : ـ تضاؤل إنتاج الغذاء ، وتراجع إنتاجية التربة ، وانخفاض المرونة الطبيعية للأراضي . ـ تزايد فيضان مجاري الأنهار ،وتراجع نوعية المياه ، وترسب الطمي في الأنهار والبحيرات والسدود وقنوات الملاحة
ـ تفاقم المشاكل الصحية بسب الغبار الذي تزروه الرياح بما في ذلك التهابات العينين وأمراض التنفس والحساسية والجهد العقلي .
ـ خسارة موارد الرزق مما يرغم الناس المتأثرين علي الهجرة
“لا تهجروا الأراضي القاحلة” شعار يوم البيئة العالمي لسنة 2006 . وتستضيف العاصمة الجزائرية الاحتفالات الدولية في 5 “حزيران” يونيو وقد أشار الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلي رمزية إقامة الاحتفالات في القارة الأفريقية التي تغطي الصحاري والأراضي الجافة مساحات كبيرة منها مما يجعلها الأكثر تأثرا بالعواقب المدمرة لتدهور التربة الخصبة ولفت إلي الثروات الطبيعية والبشرية التي قلما تستغل وكثيرا ما يساء استعمالها ، مم يحتم علي افريقية مواجهة تحديات
العولمة ، خصوصا ما يتعلق بحاكمية أفضل وتنمية مستدامة يكون البعد البيئي عمود ارتكازها ودعا المجتمع الدولي إلي دعم الشراكة الجديدة لإنماء أفريقيا( نيباد) كمبادرة نموذجية في التنمية الصديقة للبيئة والي تبني ميثاق عالمي للصحاري ومكافحة التصحر .
منع التصحر أسهل من عكسه :
تبقي الأراضي الجافة فقيرة للأسباب الآتية :
ـ سكانها الفقراء ، ولاسيما النساء ، نادرا ما يكون لهم صوت سياسي قوي . وهم يفتقرون غالبا لخدمات أساسية مثل الرعاية الصحية والإرشاد الزراعي والتعليم ، وسمة تميز مجحف بحق النساء في أنظمة ملكية الأراضي .
ـ كثيرا ما يفتقر سكان الأراضي الجافة لضروريات زراعية مثل الأدوات والأسمدة والمبيدات والمياه والبذور وهم لا يستطيعون الوصول إلي الأسواق بالشكل المتناسب ونادرا متا يبيعون منتجاتهم بأسعار معقولة لتدني نوعياتها نسبيا .
ـ غالبا ما تحرم المجتمعات المحلية ومن فوائد الموارد المحلية الأخرى مثل المعادن المستخرجة والمقاصد السياحية .
ـ الوصول إلي المياه وحقوق استغلالها كثيرا ما تكون غير كافية وغالبا متا تدار الموارد المائية علي نحو سيء مما يؤدي إلي زيادة الاستهلاك والتملح .
ـ كثيرا ما تتعرض الأراضي للاستغلال ورعي مفرطين ، يضعفان إنتاجيتها .
ـ التجمعات السكانية في الأراضي الجافة تتأثر بالجفاف بشكل حاد وكثيرا ما تعتمد علي المواشي أو المحاصيل الكثيفة الضئيلة لقوتها اليومي وتفتقر الاحتياطيات من الطعام أو المال لتتحمل السنوات العجاف .
أن مكافحة الفقر في الأراضي الجافة تطلب التصدي لجميع هذه المشاكل في وقت واحد وفي كلمة الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان لمناسبة يوم البيئة العالمي إشارة إلي ما ورد في “تقرير الألفية لتقيم النظم البيئية العالمية” أن من الصعب عكس مسار التصحر لكن من الممكن منعه مضيفتا “لن تخفف حماية الأراضي الجافة واستصلاحها من العبء المتزايد علي المناطق الحضرية في العالم فحسب بل أنهما سيساهمان في إحلال مزيد من السلام والأمن في العالم وسيساعدان أيضا في حفظ المعالمم الطبيعية والثقافات التي يعود تاريخها إلي فجر الحضارة وتشكل جزءا أساسيا من تراثنا الثقافي ” .
نقلا عن مجلة “البيئة والتنمية” صـ 18