1/8/2005

أولاد (( البطة السوداء )) من الصيادين في بحيرة البردويل وسواحل شمال سيناء يعيشون أياما قاسية بعد أن تدهورت الثروة السمكية وأوشكت علي النفاذ

فقد سمح المسئولون لأولاد (( البطة البيضاء )) أن يقوموا بالصيد في فترة المنع فجاءوا بسفنهم العملاقة من محافظتي بورسعيد ودمياط ودمروا بالصيد المخالف لجميع القوانين المحلية والدولية الثروة السمكية بسواحل شمال سيناء من بورسعيد غربا وحتى رفح شرقا

فقد قامت تلك الجحافل من السفن بالصيد في أماكن قريبة من الشاطئ لا تزيد عن مئات الأمتار في الوقت الذي تحرم فيه القوانين الصيد داخل حرم يترواح ما بين 15 و 25 كيلو مترا من الشواطئ

كما لجاءوا لاستخدام الشباك المخالفة ذات العيون الضيقة فكنست الزريعة الصغيرة المحرم صيدها

مما أدي إلي استنزاف الثروة السمكية بسواحل شمال سيناء خلال السنوات الأخيرة مما انعكس بدوره علي إنتاج بحيرة البردويل التي تقع علي بعد 18 كيلو مترا غرب مدينة العريش , وهي عبارة عن منخفض ساحلي عالي الملوحة وتبلغ مساحتها 165 ألف فدان

والبحيرة ملاصقة لساحل البحر الأبيض ولا يفصلها عنه سوي شريط رملي لا يزيد عن كيلو متر واحد , وتتراوح نسبة ملوحة مياه البحيرة ما بين 40 إلي 50 جزء في الألف

وتتصل بحيرة البردويل بالبحر المتوسط عن طريق ثلاث فتحات أو بواغيز , الثلاثة عبارة عن قنوات متفاوتة العمق والاتساع , فالبوغاز الأول عبارة عن فتحة صناعية عرضها 370 مترا وعمقها 6 أمتار , والبوغاز الثاني عرضه 300 مترا وعمقه يتراوح ما بين 5 إلي 7 أمتار وهو صناعي أيضا

أما البوغاز الثالث والذي يسمي بالزرانيق فهو فتحة طبيعية , وتعد البواغيز الثلاثة التي تربط بين بحيرة البردويل والبحر المتوسط الشريان الحيوي في تنمية البحيرة من خلال تبادل المياه ما بين البحر والبحيرة

وتتعرض هذه البواغيز الآن للإطماء الذي يؤثر كثيرا علي حركة تبادل المياه وأيضا حركة الأسماك ما بين بحيرة البردويل والبحر المتوسط وهو الأمر الذي يستوجب تطهير تلك البواغيز دوريا

وقد بد أ استغلال بحيرة البردويل منذ عام 1925 في صورة حق انتفاع أو عقود استغلال توقع بين الحكومة ومن يريد امتياز استغلال البحيرة في نظير عائد معين

وقد سمي صاحب حق الانتفاع بالملتزم , وقد تعاقب علي بحيرة البردويل العديد من الملتزمين حتى عام 1967

وبعد تحرير سيناء أصبحت بحيرة البردويل تابعة للهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية بالتعاون مع محافظة شمال سيناء وتم تشكيل مجلس إدارة خاص بها

الغريب في الأمر أن بحيرة البردويل لم تتوقف معاناتها عند مراكب الصيد العملاقة فحسب بل أن الطيور المهاجرة القادمة من أوروبا خلال فترة الشتاء لا تستقر إلا في بحيرة البردويل , هذه الطيور تزحف بالآلاف ومن بينها أنواع خطيرة علي الثروة السمكية في البحيرة

مثل طائر غراب البحر الذي يقوم بالتهام المخزون السمكي للبحيرة لقدرته الفائقة علي الغوص والتقاط الأسماك الكبيرة والفاخرة مثل الدنيس والقاروص والبوري ويلتهم الطائر الواحد من غراب البحر ما يزيد عن كيلو جرام من الأسماك يوميا

أما طيور البشاروش والبلشون والنورس فإنها لا تقل خطرا وخاصة في فترة منع الصيد في البحيرة حيث تقوم بالتهام كميات كبيرة من الأسماك

ويبدو أن الصيادين البسطاء والذين لا يملكون غير قوارب صغيرة ولا يصطادون سوي كميات قليلة من الأسماك تكفي بالكاد متطلباتهم اليومية كتب عليهم أن يلاقوا الأمرين ما بين أصحاب سفن الصيد العملاقة التي أتت علي الأخضر واليابس في البحيرة وبين الطيور المهاجرة التي أتت علي ما تبقي من فتات

ولم يكن غريبا أن ينخفض إنتاج البحيرة من الأسماك من 4 آلاف طن إلي 2000 طن سنويا في الوقت أنخفض إنتاج البحر المتوسط لسواحل شمال سيناء من 8 آلاف طن عام 2000 إلي أقل من 3 آلاف طن عام 2004

وهو الأمر الذي يؤكد أن الثروة السمكية في بحيرة البردويل علي وشك الانقراض مما يلقي بظلال كثيفة علي مستقبل الصيادين وأسرهم وأنهم علي وشك الضياع

الغريب في الأمر أن مجلس إدارة بحيرة البردويل يتكون من 40 فردا وليس لديهم أي خبرة في الثروة السمكية

ويؤكد بعض الصيادين أن مجلس إدارة البحيرة يحظر الصيد علي الصيادين (( الغلابة )) ويسمحون لمعارفهم ومحاسيبهم بمراكبهم الضخمة بالصيد بالقرب من بواغيز البحيرة

كما يسمحون لهم بالصيد في المنطقة الجنوبية للبحيرة وغض البصر عنهم حين يستخدمون الهياكل الحديدية لإغراء وتجميع الأسماك حولها واصطيادها بسهولة مما يؤثر علي المخزون السمكي وتلويث مياه البحيرة مما يعني في النهاية أن بحيرة البردويل تحتضر .

” من جانبنا .. فإن أولاد الأرض لحقوق الإنسان تطالب بتشكيل مجلس إدارة جديد لبحيرة البردويل لديه الخبرة الكافية في إدارتها مع تفعيل دور حرس الحدود في إعادة الشرعية والضوابط الصارمة لصيد الأسماك في شواطئ شمال سيناء والتعامل بحزم مع مراكب الصيد الوافدة من دمياط وبورسعيد حفاظا علي الثروة السمكية وعلي حق الصيادين البسطاء في أن يكون لهم مصدر رزق يوفر ولو الحد الأدنى من المعيشة لأسرهم وأبنائهم ….