9/9/2006
يجئ عيد الفلاح هذا العام وقد اتشحت القري بلون الحداد , فقد نجحت الحكومات المتعاقبة أن تحيل حياة الفلاحين إلي معاناة يومية قاسية , تلك المعاناة التي اشترك في نسجها العديد من الهيئات الحكومية والشعبية بدءا من قانون الإقطاعيين الجدد في مجلس الشعب والذين استطاعوا أن يصدروا قانون المالك والمستأجر في الأرض الزراعية رقم 96 لعام 92 والذي تم تطبيقه في أكتوبر 1997 وانتهاء بقانون الضرائب العقارية الجديد والذي ستتم مناقشته في مجلس الشعب خلال الدورة القادمة , وما بين تاريخ صدور القانونين وعبر خمسة عشر عاما ظهرت أنياب الحكومة ومخالبها والتي تمثلت في أدواتها لقهر الفلاحين … والغريب أن الهيئات التي قامت بالتعذيب كانت مهمتها في الماضي تخفيف المعاناة عن المقهورين وأن تجعل الحياة بالنسبة لهم أكثر احتمالا , هيئة الأوقاف المصرية والتي تحولت مع الأيام إلي هيئة للجباية والتشريد الهيئة العامة للإصلاح الزراعي والتي تحولت من هيئة للحماية إلي أداة لقهر وتعذيب الفلاحين , بنك التنمية والائتمان الزراعي والذي أصبح المتعهد الأول لتوريد الفلاحين إلي السجون … ناهيك عن سياسة وزارة الزراعة التي استطاعت باقتدار أن تلحق بالفلاحين أكبر قدر من الخسائر … وما بين القوانين والهيئات أصبح الفلاح المصري في أدني السلم الاجتماعي ينحدر كل يوم من سئ إلي أسوأ وما من ضوء في نهاية النفق ….
قوانين سيئة السمعة :
ا في الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار مستلزمات الإنتاج من تقاوي وأسمدة ومبيدات وميكنة وصل إيجار الفدان إلي أكثر 4 آلاف جنيها وهو الأمر الذي لا يبدو أنه سيتوقف في المستقبل القريب في بلد مثل مصر تتسم بندرة أرضها الزراعية مع وفرة من المزارعين ، ويبدو أن المشرعين لقانون 96 والذي صدر في عام 1992 وتم تطبيقه مع نهاية عام 1997 لتحرير العلاقة الايجارية بين المالك والمستأجر في الأرض الزراعية لم يضع في حسبانه البعد الاجتماعي لأكثر من 900 ألف مستأجر كانت حياتهم تتوقف على ما يستأجرونه من أرض وأصبحوا بعد تطبيق القانون في مهب الريح إما بترك الأرض للمالك أو الرضوخ لشروطه أو مطالبه التي لا تتوقف عند حد في حين نقضت الحكومة وعودها بتسليم ارض مستصلحة بديلة لكل المستأجرين المتضررين من هذا القانون فلم تقم بتسليم أراضى سوى لخمسة آلاف مستأجر وهو رقم يتضاءل كثيرا إذا ما قورن بعدد المتضررين الغريب في الأمر أن الأراضي الزراعية قد تأثرت خصوبتها تأثرا شديدا بهذا القانون فالمستأجر لم يعد يستخدم سوى الأسمدة الكيماوية لان السماد العضوي لا يعطى نتائجه كاملة إلا بعد عامين أو اكثر والمالك لا يقوم بتأجير الأرض إلا لعام واحد فقط طمعا في زيادة القيمة الايجارية وهو الأمر الذي يدعو المستأجر إلى استنزاف الأرض واستغلالها لأقصى مدى خلال الفترة التي يستأجرها بغض النظر عما ما يستخدمه من أسمده كيماوية أو مبيدات أو زرعها بمحاصيل مجهدة بشكل مستمر مما يسبب ضررا شديدا لخصوبة الأرض الزراعية, يقول المزارع حسن إبراهيم طلب لأولاد الأرض لا تحدثونى عن الزراعات النظيفة فإيجار الفدان وصل إلى أكثر من 4 آلاف جنيها والمطلوب منى إن اسدد هذا المبلغ خلال عام واحد الأسمدة الكيماوية تعطى نتائجها سريعا أم السماد العضوي فلا يعطى نتائج إلا بعد عامين فكيف استخدم وأنا أعلم أنني أوجر الأرض لمدة عام واحد وقد يؤجرها المالك لغيري في العام المقبل إذا دفع للمالك اكثر فهل استخدم السماد العضوي وأضعه في الأرض لغيري 000؟
قانون الضرائب العقارية الجديد :
بالرغم من أن قانون الضرائب العقارية الجديد ستتم مناقشته خلال أيام في مجلس الشعب لإقراره , وبالرغم من تحذيرات أولاد الأرض المتكررة من أن القانون القديم رقم 51 لسنة 1973 أوقع ظلما فادحا بالفلاح المصري… إلا أن مشروع قانون الضرائب العقارية الجديد أغفل تلك المظالم … وكأن الفلاح في هذا الوطن كائن غير مرئي ولا وجود له … فقد تضمن القانون الجديد كل مسالب القانون القديم بالنسبة للفلاح المصري الذي كتب عليه أن يكون حائطا مائلا للحكومات المتعاقبة تنفث فيه عن عقدها وتبرز عليه سطوتها وجبروتها … فإذا به يخرج من قهر إلي قهر , ومن سياط الإقطاع إلي قبضة القوانين الحكومية.
فقد نص قانون الضرائب العقارية القديم علي أن تفرض هذه الضريبة علي إيرادات الأرض الزراعية بنسبة 14% من القيمة الايجارية السنوية , ثم تدخلت الدولة بمنح إعفاء للأرض الزراعية التي تبلغ ضريبتها 4.6 جنيها وهو ما يعادل في ذلك الوقت الضريبة المستحقة علي مساحة تتراوح من 3 إلي 4 قراريط ثم تدخلت الدولة مرة أخري في عام 1973 وأصدرت القانون رقم 51 لسنة 1973 بإعفاء من يمتلكون أو يحوزون ثلاثة أفدنه فأقل من الضرائب العقارية . إلا أن قانون الجديد ألغي تلك الإعفاءات وأصبح لزاما علي الفلاح أن يدفع كل عام 10% من إيجار الأرض والسكن أيضا وعلي أي مبني حتى لو كان هذا المبني حظيرة …! الغريب في الأمر أن المساكن في الريف المصري لم تكن خاضعة لقانون الضرائب العقارية … إلا أن الحكومة التي أعلنت إفلاسها منذ زمن بعيد لم تجد غير الفلاح تقتطع من قوت يومه لتملأ خزانتها الخاوية , أي أن هذا القانون سيوقع ظلما أفدح من ظلم القانون القديم … والبقية تأتي …!
اغتيال 6218 جمعية تعاونية زراعية :
ظلت الحركة التعاونية الزراعية تقوم بدورها فى المجتمع المصري من خلال 6218 جمعية تعاونية زراعية منها 5856 جمعية تعاونية بالقري و 222 بالمراكز و 124 علي مستوي المحافظات و 15 علي مستوي الجمهورية إلى أن صدر القانون رقم 117 لسنة 1976 والذي تم بموجبه إحلال بنك التنمية والائتمان الزراعي بديلا عن الحركة التعاونية الزراعية التي انخفضت فاعليتها نتيجة هذا الإحلال فى مجال خدمه الإنتاج الزراعي حيث تولى معظم مهامها ومسئولياتها بنك التنمية والائتمان الزراعي والذي قام بدوره برفع سعر الفائدة على قروض للائتمان الزراعي بمسميات مختلفة وإلى معدلات عالية ومتوالية فى الصعود كما أن أغلب القروض أصبحت بضمان الأرض وليس بضمان المحصول وتخلى البنك وفروعه بالقرى عن التعامل فى مستلزمات الإنتاج بعد إلغاء الدعم نهائيا عنها وتركها للقطاع الخاص ووفقا لنصوص هذا القانون تم إعطاء الحق لبنوك القرى بالحجز الإداري على الفلاحين برغم مخالفه ذلك دستوريا ثم صدر قانون التعاون الزراعي رقم 122 لسنة 1980 والمعدل فى عام 1982 والمعمول به حاليا وقد خلت نصوصه الخاصة بمهام وحدات البنيان التعاوني الزراعي من أي إشارة إلى مستلزمات الإنتاج ونص القانون ولأول مرة فى تاريخ التشريعات التعاونية الزراعية على إجادة القراءة والكتابة وليس مجرد الإلمام بها كشرط أساس لترشيح الفلاح لنفسه فى انتخابات مجلس إدارة الجمعية التعاونية الزراعية بالقرية وتم فرض المزيد من التحكم الإداري فى التعاونيات الزراعية والنص على حق كل من وزير الزراعة ومحافظ الإقليم فى وقف عضو مجلس الإدارة وحل مجلس الإدارة بأكمله وإسقاط العضوية عن عضو أو أكثر وحق تعيين مجلس إدارة بقرار إداري لينتهي بذلك دور الجمعيات التعاونية الزراعية على ارض الواقع هذا ما وصل إليه حال الجمعيات التعاونية الزراعية فى مصر وهى حال أصبح السكوت عنها جريمة !!
بنك التنمية والائتمان الزراعي :
يقينا فإن بنك التنمية والائتمان الزراعي الذي تم إنشائه للتيسير علي الفلاح وذلك بمنحه القروض وبفائدة صغيرة وشروط ميسرة أصبح اليوم بفوائده المركبة سيفا مسلطا علي رقاب الفلاحين بعد أن تحول علي أيدي المفسدين إلي وكر للسمسرة والتربح حتى ولو علي حساب الفلاحين البسطاء الذين يتهددهم السجن في كل أنحاء مصر , فقد وصل عدد القضايا التي رفعها البنك علي الفلاحين بعد عجزهم عن السداد إلي 23 ألف قضية في حين بلغ حجم الإقراض إلي مليار جنيها وعلي سبيل المثال لا الحصر فقد فر أكثر من 10 آلاف فلاح في الوادي الجديد إلي الجبال وتركوا أراضيهم بعد أن أصبحوا مطاردين من الشرطة لتنفيذ الأحكام الصادرة ضدهم من قبل بنك التنمية , ولم يختلف الحال في قرية الخزندارية التابعة لمحافظة سوهاج فهناك أكثر من 1500 فلاحا ينتظرهم نفس المصير , وفي محافظة القليوبية فإن مزارعي المشمش والفراولة صدر ضدهم أحكام قضائية أيضا , وفي محافظة الإسماعيلية لم ينجو آلاف المزارعين وخاصة مزارعي المانجو من مقصلة بنك التنمية , وبالرغم من صدور قرارات لجدولة الديون بداية من القرار الوزاري عام 1994 والقاضي بجدولة المديونيات المتعثرة حتى 31/12/1993 بدون فوائد ولفترة تتراوح بين 3 – 10 سنوات مع إسقاط غرامات التأخير والتي بلغت حتى ذلك العام 140 مليون جنيه , كذلك فإن اللجنة العليا لتسوية مديونية المزارعين برئاسة الدكتور عاطف صدقي رئيس الوزراء الأسبق أعلنت في اجتماعها يوم 16/4/1994 بإسقاط 207 مليون جنيها عن الفلاحين ووقف الدعاوى المرفوعة من البنك ضد 22 ألف فلاح والتي بلغت مديونيتهم إلي 689 مليون جنيه , وقد توالت القرارات الوزارية منها القرار الذي صدر في يوم 31/12/2000 وأيضا القرار الذي صدر في يوم 16/5/2002 والتي تقضي بجدولة ديون الفلاحين بحد أقصي عشر سنوات ويتم إخطار البنوك الفرعية بذلك إلا أنه بالرغم من كل تلك القرارات لم تجد المشكلة طريقها إلي الحل حتى الآن …! .
ونحن نؤكد أنه بالرغم من صدور قرار وزير الزراعة الصادر في شهر أغسطس في العام الماضي والذي يقضي بجدولة ديون المزارعين لبنك التنمية فإن ذلك القرار لن ينفذ … بعد أن أصبح بنك التنمية ” عزبة خاصة ” للموظفين الذين يعيثون فسادا … وبعد أن أصبحت مديونيات الفلاحين هي الغطاء الشرعي لهذا الفساد والتي من خلالها تربح الكثيرون منهم , وبالتالي فإن حل تلك المشكلة لا يعني سوي سحب الغطاء الشرعي عما يرتكبونه من جرائم … وهذا ما لا يريدونه أو يتمنونه , لقد بلغت مافيا بنك التنمية درجة من التوحش لا يجدي معها القرارات الوزارية … خاصة وأن تلك المافيا بلغت من التمرس والاحتراف ومن اختلاق للحبل الشيطانية التي تستغل جهل الفلاحين وخوفهم الفطري من كل ما هو حكومي وتهديدهم الدائم بالسجن ما يضمن لتلك المافيا عدم المساءلة القانونية .
الفلاحة المصرية ليست أفضل حالا :
الفلاحة المصرية رمز العطاء المتجدد- مانحه الخير والأبناء – مازالت تتعرض لأقسى أنواع القهر – وبرغم الألم لا تشكو ولا تتذمر وكأن ما يحدث لها أمام أعيننا أمر طبيعي اعتدنا ان نراه تتوارثه الأجيال فلا تلتفت إليه ولا تبالي ومن المهم قبل الحديث عن أي أوضاع اجتماعيه أو اقتصادية ان نحدد هويه الفلاحة المصرية وإلا ننجرف وراء التعبير المراوغ والذي يتم استعماله مؤخرا وهو المرأة الريفية الذي لو تماشينا معه لاعتبرنا كل نساء مصر تقريبا ماعدا القاطنات بالقاهرة والاسكندر يه ومدن القناة هن المرأة الريفية غير ان الواقع يؤكد ان الفلاحة المصرية الحقيقية هي العاملة بالزراعة سواء بمفردها أو بمشاركة زوجها أو أبيها وهى تمثل 48% من حجم العمالة الزراعية بما يعنى أنها تقدم ما هو اكثر من 40 % من إنتاج الحاصلات الزراعية ، بل ان الفلاحة المصرية هي المسئولة – فعليا عن حوالي 70% من حجم العمل فى القطاع الزراعي إذا أضفنا إلى دورها فى الزراعة ما تقوم به من تنميه بالنسبة للثروة الحيوانية أو التسويق المحلى للمنتجات الزراعية أو الحيوانية أو الداجنة ناهيك على ان أعباء الأسرة والأطفال والبيت لا يقع إلا على كاهلها وحدها بكل أشكاله وصوره ومعاناته هذا الجهد الكبير الذي تبذله الفلاحة المصرية والعناء الشديد الذي تتحمله والتمزق الدائم بين الحقل والبيت ترتبت عليه آثار خطيرة دفعت بها إلي السفح اجتماعيا وصحيا ونفسيا هذا الانحدار كان له أسبابه أولها بالقطع ان نسبه الآميه بين الإناث فى الريف وفقا لآخر الإحصائيات وصلت إلى اكثر من 71% وهو الأمر الذي مهد الطريق لانتهاك حقوق الفلاحة المصرية كأن هذا قدرها الذي لافكاك منه ولا يمكن تغييره فاصبح من المسلم لديها ان تقوم
بتلك الأعباء كواجب حتمي دون انتظار للمقابل وذلك وفقا للأوضاع الاسريه والمفاهيم الاجتماعية السائدة فرغم دور الفلاحات الكبير فى العملية الانتاجيه فأنهن لا يحصلن سوى على 10% من الدخل وتقوم 71% منهن بالعمل الزراعي دون اجر،
وقد امتد هذا الانتهاك الخطير ليشمل قوانين العمل ، فالفلاحة المصرية العاملة بالزراعة ورغم أهميه هذا العمل من ناحية ومشقته من ناحية أخرى محرومة من أي ضمانات تكفلها قوانين العمل فإذا كانت المادة 109 من القانون 137 لسنه 1981 كانت تستثنى من أحكامه العاملات فى الزراعة البحتة، فللاسف فان هذا الظلم أمتد لقانون العمل الجديد 12 لسنه 2003 وذلك وفقا للمادة 79 من هذا القانون ليؤكد حرمان العاملات الزراعيات من حقوقهن القانونية وأيضا من حق التامين الاجتماعي كمظلة تحميهن من مخاطر العجز والاصابه والمرض والشيخوخة والتعطل والوفاة لتستكمل الحكومة بذلك أحكام الحلقه المعقودة على عنق الفلاحة المصرية التي تعانى الأمرين من القوانين التي تسنها الحكومة من حين إلى حين لتحيل حياتها جحيما .
أطفال الريف يدفعون الثمن :
الفقراء لا يعرفون غير لون الحداد , وفي كل قري مصر أصبح الحزن طقسا يوميا وكأنه أنين ناي ممتد بلا انقطاع وما حدث في قرية دلاص ببني سويف في يوم التاسع من شهر سبتمبر العام الماضي حين سقطت مقطورة جرار زراعي عليها 17 من أطفال القرية في المصرف الزراعي ليلقي 13 منهم حتفهم غرقا .
لم يكن هذا هو الحادث الأول ولن يكون الأخير , فلقد تسببت سياسة الحكومة التي أغفلت الأطفال العاملين بقطاع الزراعة إلي سقوط الكثير من الضحايا .. أرغمتهم ظروف الحياة القاسية للخروج إلي العمل في الحقول أحيانا يشتلون الأرز وتارة يجمعون لطع دودة ورق القطن أو يرشون المبيدات ومع موسم الحصاد يقومون بجني لوزات القطن البيضاء , ويحدث كل ذلك تحت قيظ الشمس وفي هجير الصيف ومع بدايات الشروق وحتى حلول المساء لقاء ثلاثة جنيهات يوميا هي في الحقيقة خطوة نحو تحقيق الحلم , وحلم أطفال القري قميصا وسروالا وحذاء جديدا وكل ما يلزم من كتب وكراريس وأقلام للعام الدراسي الجديد , أحلام صغيرة لكنها مستعصية وصعبة المنال علي أطفال كتب عليهم أن يحرموا من طفولتهم وأن يدفعوا الثمن أما موتا بالمبيدات وتحت عجلات الجرارات , وقد يبدو الأمر أشد ضراره وقسوة حين يصبح هؤلاء الأطفال مسؤولين عن إعالة أسرة فقدت عائلها , أو أصابه المرض بالعجز عن العمل وتوفير متطلبات الحياة , وقرية دلاص محافظة بني سويف مثل كل القري ماتت في حقولها الزنابق وداست سنابك واقع لا يرحم براعمها قبل أن يشتد عودها وتصبح قادرة علي التجلد والاحتمال .
هيئة الجباية المصرية الأوقاف سابقا :
نتمني لو نعرف من ذلك المجهول القابع في هيئة الأوقاف الذي لا عمل له سوي الضغط علي جراح الفلاحين الفقراء ليستمتع بالألم , فالقضية لم تعد تقتصر علي البحث في الدفاتر القديمة واختلاق الثغرات للوصول إلي جيوب البسطاء وتحويل حياتهم إلي جحيم لا يطاق , بل إن الأمر بعد شيوعه في أرجاء مصر يؤكد لنا أن هناك في هيئة الأوقاف من يستمتع بمعاناة الناس وآلامهم , حتى أن البعض اقترح علينا تغيير اسم الهيئة من الأوقاف إلي هيئة الجباية حتى يصبح الاسم تجسيدا حقيقيا لما يحدث علي أرض الواقع , علي كل فقد أصابت سهام هيئة الأوقاف هذه المرة أكثر من 300 أسرة يقطنون في عزبة المنشية – سنهوا مركز منيا القمح بمحافظة الشرقية .
تبدأ القصة حين قامت تلك الأسر باستئجار أطيان زراعية من هيئة الأوقاف بعقود إيجار ويضاف علي كل عقد مساحة بين قيراطين وثلاثة قراريط تستخدم كمنافع للأرض (( سكن – طرق – مباني خدمات )) وقيمتها محملة علي الأرض أي أن المزارع يسدد الإيجار عن الأرض التي يزرعها وأيضا التي يستخدمها في الخدمات , ظل الحال كذلك حتى عام 1978 حيث قامت الهيئة بفصل إيجار الأرض الزراعية عن إيجار أرض الخدمات وهي مبان أقامها الأهالي علي نفقتهم الخاصة , واستسلم الأهالي للأمر الواقع ودفعوا قيمة الإيجار الذي طالبت به الهيئة , غير أنهم فوجئوا في عام 2005 بإخطار من الهيئة تطالبهم بإيجار جديد يزيد عن الإيجار القديم بما نسبته 3000% وبأثر رجعي منذ خمس سنوات , حتى أن المبلغ المستحق سداده من كل مستأجر وصل ما بين 4 آلاف و 6 آلاف جنيه للمبني الواحد وإلا سيتم الحجز علي هذه المباني .
أما في عزبة قولة الخيري التابعة لقرية فيشا مركز الرحمانية بمحافظة البحيرة تتعرض الآن 270 أسرة لخطر التشرد والضياع والسجن أيضا , وذلك بعد أن قامت هيئة ” الجباية ” الأوقاف سابقا بفرض إتاوة على الفلاحين المعدمين وأقامت عليهم قضايا تبديد بعد أن عجزوا عن سداد الإيجار الذي حددته على منازلهم , والغريب فى الأمر أن الإصلاح الزراعي كان قد منح كل فلاح معدم 90مترا ليقيم عليها منزله وذلك فى منتصف الستينات , حتى وصلت المساحة الكلية التي خصصت لهذا الغرض إلى خمسة أفدنه منها ما يقرب من فدان ونصف أقيمت عليها المقابر, وحول هذه المقابر وفى قلبها أقام الفلاحون مساكنهم , غير أنه فى عام 1973 تحولت تبعية هذه المساحة من الإصلاح الزراعي إلى هيئة الأوقاف .. لماذا .. ومن وراء قرار التحويل .. لسنا ندرى على وجه اليقين .. غير أنه من المؤكد أن هيئة الأوقاف ومنذ ذلك التاريخ بدأت تفرض إتاوتها بالتدريج , فقدرت إيجار ال 90مترا فى البداية بخمسة جنيهات فى السنة ثم زادت إلى عشر فعشرين جنيها ومنذ عام 1998 وصل الإيجار لتلك المساحة لأكثر من 300جنيها فى العام الواحد , وبالقطع فقد عجز الفلاحون عن تسديد هذه المبالغ وتراكمت عليهم الديون خلال تسع سنوات حتى تجاوزت خمسه آلاف جنيها على الفلاح الواحد , فقامت هيئة الأوقاف برفع قضايا تبديد عليهم وتم الزج ببعضهم فى السجن مثل فاطمة فوزي دمسيس ” الأرملة ” والتي تعول طفلين , وأيضا عبده عبد المنصف الطباخ الأجير المعدم , وقد يبدو للوهلة الأولى أن الإيجار الذي حددته هيئة الأوقاف ليس كبيرا ومن السهل تسديده , غير أن التقدير فى مثل هذه الأمور يصبح نسبيا وما تراه أنت هينا يصبح على الآخرين عسيرا وقاسيا ويعجزون عن تحقيقه الواقع يؤكد أن عسرانه محمد عبده الطباخ والتي تبلغ من العمر 49عاما ولديها ابن وحيد هي أرملة منذ 7سنوات ولا تملك غير معاش 70جنيها شهريا , وعامرية إبراهيم حسنين والتي تبلغ من العمر 49عاما أيضا هي أم لثلاثة أبناء فى مراحل التعليم المختلفة وتوفى زوجها منذ عشر سنوات ولا تملك غير معاش 70جنيها شهريا , ولا يختلف الحال مع عطية إبراهيم عطية الذي لديه ثلاثة أبناء وسعيد
إبراهيم بكر والذي يعول أربعة أبناء ويوسف السيد محمد الراسخ وإمبابى رفاعي إبراهيم وإبراهيم أحمد إدريس وكلهم يعولون أبناء فى المدارس وجميعهم يعتمدون على معاش يترواح ما بين 70إلى 80جنيها شهريا , 270أسرة لا يمتلك عائل كل منها أرضا والسليم جسديا منهم فقط من يعمل فى أرض الغير باليومية , هذا هو حال الناس فى عزبة قولة الخيري التابعة لقرية فيشا بمحافظة البحيرة , ناس سقطوا تحت خط الفقر ولم يسقطوا من ذاكرة هيئة الأوقاف التي أبت إلا أن تزيد حياتهم تعاسة وأن تهدد أخر ما تبقى لهم من جدران تستر عوراتهم ..
, وفي محافظة القليوبية قامت هيئة الأوقاف بالحصول علي أحكام قضائية ضد أكثر من مائة أسرة بقرية الكوم الأحمر بشبين القناطر بالطرد من مساكنهم التي يقطنون فيها منذ 50 عاما ..!.
يقول محمد القلجاوي لباحثي أولاد الأرض لحقوق الإنسان ” ترجع البداية إلي فترة الستينيات , حين قام أهالي القرية ببناء عشرات المنازل علي أرض ملك للأوقاف , ثم قاموا بتسديد مقابل انتفاع عن هذه المنازل , وبمرور الوقت زاد عدد هذه الأسر وأصبحت كل أسرة تتكون من 5 أو 6 أفراد ” .
ويضيف محمد أبو حسين قائلا ” أسرتي تتكون من 4 أفراد , ورثت هذا المنزل عن والدي منذ 40 عاما , وفوجئت منذ يومين باستدعاء في قسم الشرطة بشبين القناطر لتنفيذ حكم قضائي ضدي من هيئة الأوقاف بطردي من المنزل , فأين أذهب أنا وأولادي وليس لنا مكان أخر غير هذا المنزل ..؟! .
ويقول علي محمد عبد الرازق ” إن هيئة الأوقاف رغم ادعائها بالحصول علي أحكام ضد واضعي اليد مازالت تطالبنا بسداد قيمة الإيجارات التي نسددها بانتظام علي مدار الخمسين عاما الماضية ولدينا إيصالات بذلك فكيف تصدر أحكاما ضدنا دون إرسال إنذارات إلينا , والآدهي من ذلك أن قوات الشرطة تداهمنا من حين إلي أخر ويطالبون بإخلاء منازلنا مما جعلنا في رعب حقيقي نعيشه كل يوم ” .
ويؤكد محمود حسين لباحثي أول الأرض لحقوق الإنسان قائلا ” أن جميع المنتفعين لديهم رغبة في شراء أراضي تلك المنازل من هيئة الأوقاف بسعر المثل تنفيذا لقرار رئيس الوزراء وذلك من تاريخ وضع اليد , أو أن تقوم هيئة الأوقاف بتعويضنا بمساكن أخري حفاظا علي أسرنا من التشرد ..؟!” .
ولم يختلف الحال كثيرا في محافظة البحيرة , ففي قريتي عين الحياة والزرقة التابعتان لمركز إيتاي البارود يعيش الأهالي مأساة حقيقية بسبب المبالغ العشوائية والجزافية التي فرضتها عليهم هيئة الأوقاف نظير الانتفاع بالأراضي التي يقيمون عليها وهو الأمر الذي تعذر معه سداد الأهالي لتلك المبالغ وأصبحوا مهددين بالطرد أو السجن ..! .
في قرية صهرجت الصغرى التابعة لمركز أجا بمحافظة الدقهلية فقد فوجئ الأهالي بإدعاء الأوقاف بأن الأراضي المقام عليها منازل 102 أسرة من تلك القرية مملوكة لها متذرعة بحكم قضائي صدر لها في عام 1941 ضد ورثة المالك الأصلي الذي باعها لأباء وأجداد الملاك الحاليين نتيجة لعجزه عن سداد مديونية مستحقة عليه قدرها 303 جنيها وبعد ما يزيد عن 60 عاما تذكرت هيئة الأوقاف هذا الحكم وطالبت بتنفيذه وطرد الأهالي من مساكنهم ورفضت بشده الاعتراف بحقوق الملاك الحاليين ولا بعقودهم الموثقة مع المالك الأصلي قبل وفاته وأيضا قبل صدور الحكم
لصالحها بسنوات طويلة وقد حاول بعض الملاك الدخول في مفاوضات مع الهيئة لشراء الأرض مره أخرى بالرغم من أن أجدادهم قاموا بشراء تلك الأرض في أعوام 1926 و 1928 و 1931 لكنها رفضت بتصيمم واضح على طرد الملاك من مساكنهم . يقول محمد عبده إسماعيل في شهادته لباحثي أولاد الأرض لحقوق الإنسان توراثنا منازلنا من أجدادنا في مساحة أقيمت بها 95 بيتا مضافا إليها 3 قراريط زراعية بعقود رسمية أبرمها أجدادنا مع المالك الأصلي لهذه المساحات منذ أكثر من سبعين عاما ولكن هيئة الأوقاف طالبت بطردنا من منازلنا بحجة صدور حكم لصالحها ظل مجهولا لأكثر من 60 عاما بأحقيتها في الأرض وفاء لدين فشل المالك الأصلي في سداده ونظرا لرفضنا دعاوى الهيئة لجأت إلى المطاردة والتهديد والوعيد بتشريدنا وقد اكتشفنا أن الحكم الذي تستند عليه الهيئة صدر عام 1941 ضد ورثة المالك الأصلي الذي باع الأرض لأجدادنا قبل وفاته الغريب في الأمر أن الهيئة لم تجرؤ على مساءلة ورثه المالك الأصلي الصادر ضده الحكم القضائي بل قامت بمطاردتنا نحن الحوائط المائلة التي لا سند لها .
الإصلاح الزراعي وقهر الفلاحين :
كان الإصلاح الزراعي في الزمن الجميل وسيلة لتنفيذ العدل الاجتماعي وإنصاف المستضعفين , كان أداة لتصحيح الميزان المختل بين ما يملكون كل شئ ومن لا يمتلكون أي شئ .. كان طاقة من النور للبائسين ومساحة خضراء في صحراء حياتهم القاحلة …!
بعد أكثر من خمسين عاما تغير الزمن وجرت في النهر مياه كثيرة .. اختلط الحابل بالنابل وضاع الخط الفاصل بين الصواب والخطأ والعدل والظلم واليأس والأمل ….!بعد خمسين عاما تحول الإصلاح الزراعي إلي هيئة لجلد الفلاحين وأداة في يد الإقطاعيين الجدد لاغتصاب تلك المساحات الخضراء التي اقتطعت منهم في غفلة من الزمن …!ولم تتوقف المأساة عند سفك دماء الفلاحين في الأرض التي ارتوت بعرقهم واخضرت بسواعدهم كما حدث في قرية سراندو وصرد وميت شهالة وكمشيش بل إن القائمين علي الإصلاح الزراعي رأوا أنه يجب تجريد هؤلاء ” الأوباش ” من أبسط الحقوق في أن يكون لهم سكن يستر عوراتهم ويقي أولادهم من قيظ الحر وبرد الشتاء …!!فقد اكتشف الإصلاح الزراعي في محافظة البحيرة فجأة وبعد خمسين عاما أن الأرض التي أقيمت عليها المساكن لما يزيد عن 300 أسرة من أهالي مدينة أبو حمص هي أرض ملك للإصلاح الزراعي وعليه فإن علي تلك الأسر إما أن تدفع الإيجارات المتراكمة عليهم منذ خمسين عاما أو يكون السجن والتشريد في انتظارهم …!
يقول مبروك سرور لباحثي أولاد الأرض لحقوق الإنسان ” كنت موجها بالتربية والتعليم ولكني اليوم علي المعاش , أعول أسرة من خمسة أفراد , وأقيم مع أسرتي بالمنزل المقام علي الأرض التي تدعي هيئة الإصلاح الزراعي ملكيتها والتي تبلغ 220 مترا , ولدي عقد باسم والدتي بملكية هذه المساحة ومسجل برقم 1/1/1944 بمحضر تصديق 52 لسنة 1944 , وفوجئت في يوم 31 ديسمبر من عام 2004 بمندوب هيئة الإصلاح الزراعي بأبو حمص يطالبني بسداد مبالغ متراكمة منذ عام 1956 تصل إلي 15 ألف جنيها وحجز رقم 353 مما اضطرت للتوجه إلي هيئة الإصلاح بأبو حمص للاستفسار عن المبلغ وإخطارهم بملكيتي للمنزل , وبناء علي ذلك طلبوا استخراج صورة عقد حديث من الشهر العقاري بمدينة دمنهور وهو ما قمت بعمله , وبالرغم من ذلك مازال الإصلاح الزراعي يهددني بالحبس وتشريد أسرتي إذا لم أقم بدفع المبلغ …!!
وفي محافظة الغربية تواجه عشرات الأسر خطر التشرد والضياع بعد أن أكتشف هيئة الإصلاح الزراعي فجاه أن الأراضي التي أقيمت عليها منازلهم منذ 60 عاما تابعه للإصلاح الزراعي وأملاك الدولة ، وفى الشرقية يواجه الخطر ذاته أكثر من 100 أسرة بعد أن اكتشفت هيئة الأوقاف بعد ثمانين عاما أن منازلهم أقيمت على أرض وقف خيري وليست وقفا أهليا القصة فى الحالتين تكاد تكون متطابقة وهى تدل دلاله واضحة على ما وصلت إليه الحكومة من إفلاس فلم تجد غير تلك الأرض التي يقيم عليها البسطاء منازلهم لتزيد من مصادر تمويل خزانتها الخاوية ولكن نكون موضوعين ومحايدين واكثر وضوحا فلنبدأا من البداية 000
ففي المحلة الكبرى قامت الوحدات بتوجيه إنذار لمئات الأسر بالمثول أمام لجنه للتحقيق بقسم الشرطه لإجبارهم على التوقيع بان الأراضي المقام عليها منازلهم ليست ملكا لهم وأنما تابعة للإصلاح الزراعي وأملاك الدولة .
فى قرية سنديس أكد الأهالي أن المسئولين قاموا وبدون سابق إنذار بتخيرهم بين مغادرة منازلهم أو شراء الأراضي المقامة عليها بالمتر وبأسعار لا يقدرون على سدادها 00
وفى قرية الكمالية تعيش 240 أسرة أيضا معاناة مستمرة من تهديدهم بالطرد من مساكنهم التى يعود تاريخها إلى أكثر من 60 عاما وانتقد الأهالي تصرف المسئولين وأكدوا أن الادعاء بان الارض املاك دوله بعد مرور سنوات طويلة على وضع أيديهم والبناء عليها هو أمر غير واقعي بالمرة وأن المسئولين أرادوا تفجير ازمه فى محاولة لابتزازهم .
وفى قريه دخميس أكد الشحات إبراهيم لباحثي أولاد الارض وجود 50 أسرة مهدده بالطرد او سداد 400 جنيها سنويا لصالح مأمورية الضرائب العقارية كمقابل انتفاع لغير أغراض الزراعة كما قامت بإنذار اصحاب المنازل بسداد مبلغ 800 جنيها طبقا للقرار الوزاري رقم 321 لسنه 2002 والصادر من وزارة الموارد المائية والرى والخاص بتعديل بعض فئات الانتفاع وزيادة قيمه البدل رغم ان المصرف الواقع بجوار أملاك الدولة والذي يتم تحصيل بدل الانتفاع عنه ملغى منذ عام 1934 ولا وجود له على الواقع من الأساس ..
يقول سامح العاصي من قريه سنديس لباحثي أولاد الأرض امتلك قطعة الأرض عن والدي الذي أمتلكها من الإصلاح الزراعي عام 1969 ومساحتها 162 مترا مربعا وكان الإصلاح الزراعي وقتها يقوم بتوزيع هذه الأراضي علينا كتوسيع سكنى للمعدمين برسم قدره خمسه جنيهات كانت تدفع للجمعية الزراعية بالقرية وبعد ذلك طالبتنا الجمعية بدفع 20 جنيها أخرى ثمنا لهذه الأرض وقمنا بسدادها وبالطبع كانت لهذه المبالغ قيمه فى ذلك الوقت وقد قمت بالبناء على هذه الأرض مثل مئات الأسر وبعد ذلك فوجئنا بإدارة حماية أموال وممتلكات الدولة تطلب منا شراء هذه الأرض مره أخرى وتم استدعاؤنا عن طريق قسم الشرطه بمركز المحلة حتى يتم التوقيع على أن هذه الأرض ليست ملكنا وانما هي ملك الدولة وتخييرنا بين شرائها مره أخرى بعد أعاده تثمينها بأسعار اليوم أو تسليمها وبالفعل قامت الشرطه بإجبارنا على التوقيع ومن يومها ونحن نعانى معاناة شديدة فى انتظار طردنا وتشريدنا .
ضحايا الإصلاح الزراعي :
مثل كل النساء القرويات كانت نفيسه تصحو مع الفجر لتحلب البقرة الوحيدة ، تشعل النار لتصنع ارغفه من الخبز الطازج، تذهب مع زوجها إلي الحقل لتشاركه فى الزراعة،لم نقرا عنها يوما فى صفحه الحوادث أو فى أخبار المجتمع الراقي،ولم نعرف عنها أنها تنتمي إلى تنظيم سرى أو امتلكت يوما سلاحا ناريا أو أبيض أو أسود 00 نفيسه زكريا محمد المراكبى000 قروية بسيطة تبلغ من العمر أربعين عاما 000 لم تخرج يوما من قريه سراندو التابعة لدمنهور بمحافظة البحيرة 00 وعالمها محدود بين البيت والحقل مثل كل القرويات فى مصر المحروسة 00 غير أن ذلك لم يمنع جحافل شرطه دمنهور أن يقتحموا بيتها فى يوم الأحد الموافق 13/3/2005 وأن ينتزعوها عنوه من بين أهلها حيث قام الضابط محمد عمار من مباحث مركز دمنهور بضربها وركلها وتكفل الزبانية بجرجرتها والقبض عليها ،وفى مركز دمنهور قاموا بتعذيبها وتكالبوا عليها كالذئاب ،يوم كامل ونفيسه تنظر إليهم ولا تفهم 00 استعطفتهم واستحلفتهم بكل ما هو عزيز لديهم أن يرحموها00 وأن يتركوها000 غير أن غلاظ القلوب دأبوا أن يزداد نهمهم الوحشي مع الاستعطاف وتزداد متعتهم بالتعذيب مع الدموع000 هكذا ظلت نفيسه تتلقى الضربات والإهانات حتى أخلى سبيلها فى صباح يوم الاثنين 14/3/2005 عادت نفيسه إلي قريتها سراندو وقد أصبحت أطلال أمراه 000 ظلت صامته طوال النهار00 وفى المساء اكتشف أهلها أنها أصيبت بالشلل 00 سحقوا كرامه نفيسه تحت أحذيتهم الغليظة وقتلوا فيها البراءة التى استمدتها من رحابة الحقول 00 فانهارت مثل شجرة صفصاف رقيقه أمام عصف الريح، استدعوا لها الطبيب الذي نصح بتحويلها إلى مستشفى دمنهور000 وبعد ساعات من وصولها إلى المستشفى ماتت نفيسة 000 ولكي يتم إخفاء الجريمة 00 نقلت جثتها سياره إسعاف من المستشفى إلى المقابر مباشرة وتم دفنها دون أن يعرف أهلها فلم يحضر أحد منهم مراسم دفنها أو رأى الجثه000
حدث ذلك فى قريه سراندو استكمالا لمسلسل ترويع فلاحيها ومن المخزى أن تقوم بتلك الانتهاكات الجهه المسئوله عن منعها لصالح حفنه من كبار الملاك من عائله نوار ،فقد تعرض فلاحى قريه سراندو فى الفترات السابقة إلى العديد من الانتهاكات00 أخرها كان القبض على سبعه من رجالها وخمسه وعشرين من نسائها فى مشهد يعيد مصر إلى العصور المظلمة فقد تم ربط ضفائر كل امرأة بامرأة أخرى وفرض حظر التجوال على القريه وتحويلها إلى ثكنه عسكرية وقطع الاتصالات عنها وعزلها عن العالم الخارجي حدث ذلك فى اليوم الثالث والرابع من شهر مارس في العام الماضي .
أما في قرية “صرد” وهي إحدى قرى مركز قطور بمحافظة الغربية والتي يبلغ عدد سكانها 40 ألف نسمة وتمتد حقولها على مساحة 4000 فدانا يتبع صرد تسعة من العزب الصغيرة وتنتشر بيوتها الأسمنتية خلال الحقول
تتناثر أبراج الحمام البيضاء هنا وهناك واقتراب موسم الحصاد يعود بنا سواء شئنا أم أبينا إلى دنشواى غير إن التاريخ حين يعيد نفسه يغير بعض التفاصيل والملامح ولكن يبقى ذلك الفلاح المصري الذي كتب عليه أن يواجه الإنجليز في دنشواى في بدايات القرن الماضي وأن يواجه بعض المصريين الذين لا يختلفون كثيرا عن الإنجليز في بدايات هذا القرن في قرية صرد 0
الغريب في الأمر أن جنود الإنجليز ذهبوا إلى دنشواى لصيد الحمام فطاشت رصاصاتهم وقتلت فلاحه مصرية واحترقت أجران القمح أي أن نية القتل والحرق لم تكن لديهم أما في صرد فقد قتلت الفلاحة نادية يوسف البابلى مع العمد وسبق الإصرار على يد مصطفى همام نصر المساعد السابق للمستشار التجاري في السفارة الأمريكية وتبدأ أحداث المأساة يوم الأربعاء الموافق 13 من أبريل من العام الماضي حين داهم مصطفى همام القرية في الساعة الخامسة صباحا ومعه تجريده من أربع سيارات سيارتان بيجو أجرة أسيوط وسيارة هونداى وأخرى شاهين وبصحبته اكثر من عشرين رجلا من الصعيد مدججين بالأسلحة النارية والسيوف والسكاكين وجراكن (ماء النار) حامض الكبريتيك المركز وذلك للاستيلاء على قطعة أرض زراعية مساحتها 23 قيراطا يستأجرها ورثة المرحوم احمد الزيكى وهن ثلاث سيدات متزوجات من بينهن مطلقه بدعوى أن هذه الأرض ملك له وانه حصل على حكم من المحكمة بتسليمها له وأن التسليم والتسلم قد حدث على الورق فقط وأنه لم يضع يده على الأرض بشكل فعلى ولم تكن هذه المرة الأولى التي حاول فيها مصطفى همام الاستيلاء على هذه الأرض فقد حاول مرتين قبل هذه المحاولة .
في أول الصباح كان الفلاحون يخرجون من منازلهم ويسحبون دوابهم إلى الحقول سمعوا صوت السيارات فاقبلوا نحو المشهد الغريب فتجمعوا فى ذات الوقت سمعت نادية يوسف البايلى الضجة فخرجت من بيتها تستطلع الأمر فرأت مصطفى همام ينزل مع رجاله ارض زوجه شقيقها عبد اللطيف يوسف البابلي المتزوج من إحدى ورثة المرحوم احمد الزيكى والتي تستأجر خمسة قراريط فقط من الــــ23 قيراطا توجهت نحو مصطفى وهى تصيح أنت رايح فين ثم أخذت في الصراخ والعويل رفع مصطفى مسدسه نحوها أطلق رصاصة فأصابتها في رأسها صرخت وسقطت وماتت في لحظة لم يكن أمام الفلاحين الذين رأوا إحدى نسائهن وهى تقتل إلا أن يقهروا الخوف من ألا سلحه النارية والبيضاء وماء النار هجموا على مصطفى وشقيقه والبلطجية وانهالوا عليهم بالعصا والشوم والفؤوس تماما كما فعل زهران ورفاقة في دنشواى حين هجموا على جنود الإنجليز للقصاص من قتل إحدى نسائهن ودارت المعركة بين رجال لا يملكون غير سواعدهم رجال مقهورون منذ عام 1997 حين استولى الملاك على الأرض التي كانوا يستأجرونها تطبيقا لقانون 96 لعام 1992 الذي حرر العلاقة بين المالك والمستأجر وصابرون على الفقر والجوع حتى جاء مصطفى همام ليغتال ما تبقى لهم فهل تصبح أرواحهم أيضار رخيصة وبلا ثمن وانتهت المعركة بمقتل مصطفى همام وشقيقه هشام وأيضا أحد أعوانهم ويدعى محمد السيد يوسف واصيب
خمسة من بينهم ثلاثة من الصعايدة والخمسة هم صافى إبراهيم خضر ومحمد بدر فرغلى -ممدوح سيد مصطفى -إبراهيم أنور حسين ويؤكد أهل القرية أن أحد المصابين مات في المستشفى متأثرا بجراحه.
الحصاد المر :
لم تكن خسائر المزارعين في شتي المحاصيل الزراعية خلال العام مفاجأة للمتخصصين والمهتمين بأحوال الريف المصري وذلك لعدم وجود سياسة زراعية واضحة ، فقد انخفض سعر قنطار القطن من 1200 جنيها في إلى أقل من 600 جنيها وانخفض سعر طن البصل من 900 جنيها إلى 150 جنيها في حين لم يسلم محصول البطاطس من الخسارة هذا العام في حين كان سعر القطن العام قبل الماضي إلى ما يقرب من 900 جنيها انخفض هذا العام إلى أقل من 200 جنيها أما الطماطم فلم يكن نصيبها سوى الحرث في الأرض بعد أن أنخفض سعرها عن تكلفة النقل للأسواق ففضل المزارعون استخدامها كسماد عضوي
من جانب أخر 00 فان خسائر المزارعين الفادحة خلال العام الماضي وفى هذا العام جاءت نتيجة لعدم وجود سياسة تسويقية مسبقة تحدد بشكل قاطع ما يحتاجه السوق من منتجات زراعية وهو الأمر الذي دفع المزارعين إلى انتهاج سياسة عشوائية أدت إلى هذه الخسائر الفادحة
فالمزارعون يزرعون المحصول الذي حقق أرباحا في الأعوام السابقة وهو الأمر الذي يؤدي إلى وفرة فى المحصول كنتيجة منطقية لزيادة المساحات المزروعة به وكان من الطبيعي أن يزيد المعروض عن حاجة السوق وأن تنخفض أسعاره مما يعنى خسائر كبيرة للمزارعين
والحقيقة أن أحوال المزارعين المتردية في الريف المصري تدعو إلى وقفة حاسمة لمراجعة تلك السياسات التي آدت إلي هذا التردي .
إنقاذ ما يمكن إنقاذه :
- ومن جانبنا تؤكد أولاد الأرض لحقوق الإنسان أنة حان الوقت لإصدار تشريع قانون جديد يحدد العلاقة بين المالك والمستأجر فى الأرض الزراعية كي يوائم بين حقوق المالك ومصلحة المستأجر فلا يطغى طرف على طرف أخر بعد أن ثبت القانون 96 فشله بعد التطبيق وكانت أولي نتائجه تشريد أكثر من 900 ألف مستأجر وفقدان الأرض الزراعية خصوبتها بالإضافة للصدامات المستمرة بين الملاك والمستأجرين التي راح ضحيتها المئات من الطرفين لذلك فنحن نقترح الأتي مرحليا
- أن يتم تحديد الحد الأقصى لإيجار الفدان مع مراجعة هذا الحد كل خمس سنوات وتعديله بناء على مستويات المعيشة .
- ألا تقل مده عقد الإيجار عن خمس سنوات حتى نعطى للمستأجر الآمان اللازم وهو الأمر الذي سيدفعه إلى استخدام الأسمدة العضوية وبدائل المبيدات وصولا إلى الزراعات النظيفة مما سيكون له الأثر الإيجابي سواء على مستوى السوق المحلى أو التصدير .
- إنشاء صندوق لاستصلاح الأراضي على أن تكون موارد هذا الصندوق من تحصيل ضرائب جديدة علي الملاك الذين يمتكلون من خمسة أفدنه فأكثر .
- وكذلك تحديد نسبه معقولة من ثمن الأراضي الزراعية التي أقيمت عليها مباني خلافا للقانون ويتم استخدام هذه الموارد في استصلاح أراضي جديدة يتم توزيعها علي المستأجرين المتضررين من قانون المالك والمستأجر الحالي. .
- كما تدعو أولاد الأرض عودة نظام الدورة الزراعية حتى يتم تحديد المساحات المنزرعة من المحاصيل والوصول إلي التنوع وهو الأمر الذي يعالج مشكلة تفتيت المساحات مما يؤدي إلي سهولة استخدام الميكنة الزراعية بشكل واسع ويحقق التحكم في كمية المحاصيل وتنوعها مما يخلق التوازن بين العرض والطلب ويحقق أرباحا معقولة للمزارعين .
- كما تؤكد أولاد الأرض لحقوق الإنسان أن انتزاع أرض الإصلاح الزراعي من أيدي الفلاحين أصبح ظاهرة تتفشي في كل أرجاء مصر وهو الأمر الذي يتطلب وقفة حازمة ضد كل محاولات التحايل التي يقوم بها ورثة الإقطاعيين لاستعادة مجدهم القديم … لذلك فإن أولاد الأرض تطالب رئيس الحكومة بإصدار قرار فوري بمنع تنفيذ كل الأحكام الصادرة ضد الفلاحين الذين امتلكوا الأرض من هيئة الإصلاح الزراعي طبقا للأمر العسكري رقم 132 لعام 1963 وتنفيذ القانون رقم 69 لعام 1974 والخاص بتصفية الأوضاع الناشئة عن الحراسة حيث استثني هذا القانون الأراضي التي وزعت بالتمليك علي صغار الفلاحين من الرد العيني … وهو الأمر الذي يدعو إلي إعادة جميع الأراضي التي أنزعت من الفلاحين بدون وجه حق , كما تطالب أولاد الأرض أعضاء مجلس الشعب بطرح قضية الإصلاح الزراعي للبحث في المجلس في أقرب وقت وإصدار تشريع جديد يحمي مكتسبات الفلاحين من أطماع القطاعيين الجدد .