27/8/2009
مقدمة ويعتبر هذا التصريح من قبل مسؤلين حكوميين اعترافا صريحا بتأثير تلك السياسات علي معيشة المواطنين في مصر الامر الذي يستلزم تفعيل دور المجتمع المدني لمواجهة مشكلات النقص في الغذاء وما تسببه من اهدار لحقوق اخري ترتبط بهذا الحق الاساسي للحفاظ علي الحياة والذي بدونه تنتفي اية حقوق أخرى. تمهيد : وقد حذر برنامج الامم المتحدة للغذاء من تزايد عدد ضحايا المجاعات والامراض المتعلقة بسوء التغذية بعدما اكدت الاحصاءات انها تحصد ارواح 6 ملايين من البشر كل عام ، كما ان سوء التغذية والامراض المرتبطة به “تحصد ارواحا اكثر من الايدز والملاريا والسل مجتمعة ” وحسب اخر الاحصاءات للبرنامج العالمي للتغذية، فان حوالي 40 ألف شخص يموتون من الجوع والفقر كل يوم ، كما ان الدول الصناعية تنفق على الاعانات لمزارعيها كل اسبوع اكثر مما تخصصه سنويا لمساعدة الاطفال الذين يموتون جوعا وقد انفقت الدول الاعضاء في الامم المتحدة على برامجها للتسلح اكثر من تريليون دولار، بينما لم تتجاوزمساهماتها في البرنامج العالمي للغذاء 219 مليون دولار خاصة وأن التقديرات التي أطلقتها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة تؤكد انه مازال هناك 854 مليون إنسان في مختلف أنحاء العالم يعانون نقص التغذية ، والملفت أن الأطفال هم الأكثرعرضة للجوع و سوء التغذية خاصة الأطفال دون سن الخامسة ولهذا فإن منظمة الصحة العالمية تعزي سوء التغذية كسبب لوفاة على الأقل 10ملايين طفل تقريبا سنويا . ويمكن تلخيص حالة الحرمان الغذائي في العالم في الأرقام التالية
غضون السنوات الخمس الماضية . هذا ما جعل “هيلجا لاروش” ( رئيسة معهد شيللر وحركة الحقوق المدنية الألمانية( (Bueso) في مقال لها بعنوان ” البشرية في خطر .. بدلا من الحروب والمجاعات ، لنضاعف إنتاج الغذاء” فهي تري أن الإنسانية مقدمة على كارثة لم يشهد لها العالم مثيل، ودللت على ذلك بما قاله جاك ضيوف رئيس منظمة الأغذية والزراعة العالمية الفاو من أن منظمته فشلت منذ ديسمبر الماضي في جمع10.6 مليون يورو من أجل شراء بذور للفلاحين في الدول النامية, وخلص من ذلك إلي نتيجة مفادها أن الدول الغنية ـ ببساطة ـ ليست راغبة في دعم الدول النامية بالأموال أو البذور أو الاستثمارات في البنية التحتية. وتنقل لاروش أيضا عن جان زيجلر مقرر الأمم المتحدة الخاص لشئون الحق في الغذاء قوله إن سبب الأزمة الحقيقي هو استخدام الغذاء من أجل إنتاج الوقود الحيوي للسيارات, وهو ما وصفه بأنه جريمة ضد الإنسانية .. وأضاف زيجلر ساخرا: من أجل أن نملأ خزانات بنزين سياراتنا بالإيثانول, يتحتم علي الشعوب في العالم الثالث أن تموت جوعا . وبعد استعراضها العديد من الوقائع والحقائق التي تسببت في هذه الأزمة, ومسئولية عصر العولمة والدول الكبرى والمنظمات الدولية مثل منظمة التجارة العالمية عما يحدث, بدأت لاروش في طرح رؤيتها للإجراءات الطارئة المطلوبة الآن, بقولها: لا يمكن أن يكون هناك سوي رد واحد علي سياسة العولمة الإجرامية والمفلسة اليوم :
وتختتم لاروش مقالها بعبارة ساخرة, ولكنها ذات مغزى, حيث قالت: ينص إعلان استقلال الولايات المتحدة علي : أن جميع البشر خلقوا متساوين, وأنهم قد أنعم خالقهم عليهم بحقوق غير قابلة للنقض, ومن بينها الحق في الحياة والحرية وطلب السعادة, وإن إعلان حقوق الإنسان هذا يجب أن يبقي حقيقيا اليوم أيضا لجميع البشر علي هذا الكوكب, إن ما نحتاجه اليوم هو أن يكافح كل البشر بنظام عالمي عادل, نظام يمكن أن تعيش فيه الشعوب معا بسلام وكرامة, الحياة والحرية وطلب السعادة, تعني فوق كل شيء القضاء علي الفقر, وأن يكون لدي الناس ما يكفيهم لإطعام أطفالهم وأنفسهم, وهذا أمر نملك كل الوسائل التقنية لإنجازه اليوم, إن التاريخ سيحكم علي كل واحد منا بمقدار ما نجعل هذا الحلم حقيقة, أو بمقدار ما نسرع من خطي البشرية نحو الانهيار. هيلجا تسيب لاروش، ألمانية المولد: مختصة في دراسة فكر المفكر الألماني الكاردنال نيكولاس كوسانوس والشاعر الألماني فريدريك شيللر. مؤسسة ورئيسة معهد شيللر العالمي (Schiller Institute). تقود حملات سياسية في ألمانيا مع حزب “حركة الحقوق المدنية” (Beuso). لها مبادرات في حوار الأديان والحضارات. ومما يؤكد عدم الجدية في مواجهة هذه الأزمة, والنظر إليها من منطلق شفقة الأغنياء بالفقراء التي تدفعهم إلي التطهر بتقديم بعض المعونات, ما قاله جاك ضيوف مدير عام الفاو في خطابه عند افتتاح المؤتمر من أن العالم أنفق عام2006 ما مقداره 1200 مليار دولار أمريكي علي الأسلحة, كما تصل قيمة الغذاء المهدر في البلد الواحد إلي100 مليار دولار ويبلغ الاستهلاك الفائض المسبب للبدانة في العالم20 مليارا وتساءل ضيوف كيف لنا أن نوضح لأصحاب الحس السليم والنية الطيبة أنه تعذر علينا تدبير30 مليار دولار سنويا لكي يصبح في أمكان 862 مليون جائع امتلاك أكثر حقوق الإنسان أساسية, أي الحق في الغذاء ومعه الحق في الحياة؟ ويتضح من ذلك أن الوعود لم تترجم إلي سياسات للتنفيذ . ومن العوامل التي تساعد علي تفاقم الأزمة سياسات الدول المتقدمة والتي لا ترغب في تغييرها, وتدليلا علي ذلك نجد أن أمريكا قد رصدت إعانات مالية بمقدار11 إلي12 مليار دولار أمريكي استخدمت عام2006 لتحويل100 مليون طن من الحبوب بعيدا عن الاستهلاك البشري وتحويلها إلي وقود للعربات, كما أن دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية قد أنفقت 372 مليار دولار أمريكي عام2006 علي دعم قطاعها الزراعي, وهكذا نجد أن مشكلة انعدام الأمن الغذائي هي مشكلة سياسية. ويتفق الجميع علي أن الحل الهيكلي لمشكلة الأمن الغذائي في العالم يكمن في زيادة الإنتاج والإنتاجية لدي بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض, وان ذلك يتطلب اتفاقيات شراكة فيما بين البلدان التي تملك موارد مالية وإمكانيات إدارية وتقنيات وتلك التي تملك أراضي ومياها وموارد بشرية, ولكن السؤال هو كيف يتحقق ذلك. وبالانتقال الي المستوي المحلي تشير بيانات منظمة الأغذية والزراعة (فاو) إلى أن مستوى الاكتفاء الذاتي من الحاصلات الغذائية الأساسية قد تراجع على مدى العقود الثلاثة الماضية، حيث كان الاكتفاء الذاتي المصري من الحبوب يصل إلى 68% في بداية السبعينيات. وتراجع ليصل إلى 62% في 2006، مع الأخذ في الاعتبار أن مصر صارت المستورد الأول للقمح في العالم، كما انخفض بالنسبة للحوم الحمراء في نفس الفترة من 95% إلى 74.6٪ بينما تراجع الاكتفاء الذاتي من النباتات الزيتية، التي تصنع منها زيوت الطعام، بما يزيد على 50% . صنف العلماء من أعضاء شعبة الزراعة والري بالمجالس القومية المتخصصة مصر ضمن قائمة الدول المحرومة من بروتين اللحوم الحمراء. وأشاروا الي أن نصيب الفرد لا يتجاوز 15 جراماً في اليوم الواحد عكس الدول المتقدمة التي يصل نصيب الفرد فيها الي 250 جراماً ومن 80 الي 160 جراماً بالدول النامية. أكد التقرير الذي أصدرته مؤخراً المجالس القومية المتخصصة المحظور نشره انه لا يليق بدولة مثل مصر ـ رغم قلة نصيب الفرد من البروتين الحيواني أن تنتشر الامراض في غالبية الاغذية الموجودة والمتاحة بالاسواق. حسب لجنة حقوق الإنسان للأمم المتحدة ( 21-8-2006):الفقر هو الحالة التي يجد فيها كائن بشري نفسه محروما بصفة دائمة من الموارد والوسائل والخيارات والأمن والسلطة الضرورية ليتمتع بمستوى معيشي كاف وببقية الحقوق المدنية والثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وفي تعريف اخر تقول السيدة لويز أربور المفوضة العليا للأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان: ”الفقر ليس نقصا في الموارد المادية فقط وإنما هو نقص في الإمكانيات والفرص والأمان،وهو يدمّر الكرامة ويزيد من هشاشة الأفراد. . وجذور مشكلة الجوع وسوء التغذية لا تكمن أساساً في الافتقار إلى الأغذية بل إنها تكمن في حرمان قطاعات كبيرة من السكان في العالم من سبيل الحصول على الغذاء وذلك لأسباب منها الفقر.وذكرتقريرالامم المتحدة للتنمية البشرية لعام 2007 أن 14 مليون مصري يعيشون تحت خط الفقر، بينهم أربعة ملايين لا يجدون قوت يومهم، لتبقي مصر في المركز 111 بين دول العالم الأكثر فقرًا. أن أغلب الفقراء في مصر يعيشون في محافظات الوجه القبلي، حيث تبلغ نسبة الفقراء فيها حوالي 35.2% من إجمالي عدد السكان، (3)تنخفض نسبة الفقراء بالوجه البحري لتصل إلى 13.1%. “أن نسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر عند مستوي إنفاق دولار واحد في اليوم تبلغ 3.1%، بينما تبلغ نسبة مستوي إنفاق دولارين في اليوم 43.9%. وصنف التقرير أسيوط بوصفها أفقر محافظات مصر، حيث يبلغ عدد الفقراء بها 58.1% من عدد السكان، منهم 24.8% لا يجدون قوت يومهم، فيما تحتل محافظة بني سويف المركز الثاني، حيث يبلغ عدد الفقراء بها 53.2%، منهم 20.2% لا يجدون قوت يومهم. وتأتي محافظة سوهاج في المركز الثالث بنسبة 45.5%، منهم 17.2% لا يجدون قوت يومهم”. ويذكر التقرير أن اللحوم والأسماك لا تدخل ضمن قائمة الفقراء التي يتناولها حوالي 51.2% من الفقراء، إلا حسب الظروف، بينما لا يشتري 33% منهم الفواكه، لعدم قدرتهم، بينما يكتفي 58.8% منهم بوجبتين فقط في اليوم، فيما يعتمد 61% من الفقراء في طعامهم على البقوليات (الفول والعدس).وأشار في المقابل إلى تضخم ثروات الطبقة الغنية في مصر التي يمثل أعضاؤها 20% فقط من المصريين، والذين يمتلكون 80% من الثروات، بينما يمتلك الـ 80% الباقين من مجموع الشعب المصري 20% فقط من الثروات. وذكر التقرير أن هناك 1% فقط من أعضاء الطبقة الغنية يمتلكون 50% من حجم ثروات هذه الطبقة، بينما يشترك الـ 99% الباقون في ملكية ال50% الباقية . فبلا غذاء كافٍ ليس بوسع الأفراد النهوض بأعباء العمل، ولا يسع الآباء رعاية الأطفال، ولا يصبح في مقدور الأطفال مزاولة الدراسة أو تعلّم مهارات القراءة والكتابة. كذلك، فأن قائمة الحقوق المدنية والسياسية تفرغ من كل معنى بالنسبة لكل من يكرس طاقاته اليومية لسد الرمق ومجرد البقاء على قيد الحياة. ولذا، فإن الحق في الغذاء يعبر جميع مجالات الحقوق الأخرى التي تشكل أركان حقوق الإنسان الأساسية. وعلى الصعيد العملي، يقتضي الحق في الغذاء تهيئة غير ذلك من العوامل، وتتضمن:- تهيئة فرص كافية لإدرار الدخل، ولا سيما العمل بأجر؛- الوصول إلي الأراضي والمياه والموارد المالية؛- تطبيق نظم للسوق تتسم بالكفاءة والإنصاف، وتغطيتها بشبكات الضمان الإجتماعي؛- ضمان سلامة الأغذية وحماية المستهلك. آليات عمل برنامج الحق في الغذاء يطمح برنامج الحق في الغذاء الي وضع اولوية اعمال هذا الحق علي اجندة الجهات المعنية في مصر من وزارت حكومية وقوي المجتمع المدني منظمات ونقابات واحزاب ويعمل البرنامج من خلال عدد من الاليات :
وقد بدأ المرصد المدني بالفعل تحركات أولية بمخاطبة بعض المنظمات المحلية والإقليمية والدولية للبدء من حيث انتهت تلك المجموعات التي تعمل على الحق في الغذاء سواء بشكل مباشر أو بشكل غيرمباشر مثل شبكة حقوق الأرض والسكن- التحالف الدولي للموئل، التي تعمل بصورة أساسية من أجل الحق في السكن الملائم على المستوى العالمي، وتتضمن كتحالف دولي حركات اجتماعية ومنظمات غير حكومية تركز على الحق في الغذاء، وعلى بعض الأهداف الإنمائية التي تخدم إعمال هذا الحق. وسوف يتم قريبًا عقد لقاء يضم كافة المهتمين بالحق في الغذاء للعمل كإطار استشاري استكشافي من خلال المرصد المدني لتحديد الأولويات بالنسبة للتحركات الواجية لإعمال الحق في الغذاء والعمل على ما يقع له من انتهاكات على أرض مصر. العنوان :العاشر من رمضان / مجاورة 29 /قطعة 120 |