9/11/2006

على مدار عدة عقود ارتكب صدام حسين وقيادات النظام البعثي في العراق عددا من أبشع الجرائم ضد حقوق الإنسان وضد الإنسانية، حتى دخل التاريخ باعتباره واحدا من أكثر النظم الدموية في المنطقة العربية والعالم، هذا فضلا عما كبده من معاناة هائلة للشعبين الإيراني والكويتي في حروب غير عادلة. وقد مثلت محاكمة صدام وباقي رموز النظام فرصة حقيقية لدعم مبادئ العدالة والمحاسبة وعدم الإفلات من العقاب، وإنصاف الشعب العراقي، كما أنه كان لها دلاله هامة في المنطقة العربية كونها المرة الأولى التي يخضع فيها مسئولين سابقين في إحدى دول المنطقة للمحاسبة عن جرائم اقترفوها في حق شعوبهم.

إلا أنه ومع كامل إدانة مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان لكافة هذه الجرائم فإنه كان يأمل أن يتم ذلك من خلال محاكمة تستوفي المعايير الدولية للعدالة، فضلا عن موقف المركز المبدئي ضد عقوبة الإعدام باعتبارها عقوبة غير إنسانية، حتى كعقاب لسفاح بلغ هذا الدرك من الدموية والقسوة. لقد تعرضت المحكمة لتدخلات سياسية في بعض الأحيان، وأهملت تقديم حجج وافية تثبت استيفاء شروط وأركان الجرائم المرتكبة، ولم توفر فرص متساوية للإدعاء والدفاع، وأخلت بضمان الحق في مواجهة الشهود، كما أنه لم تتوافر حماية كافية لمحامي الدفاع وللشهود. إن مركز القاهرة يشدد على ضرورة تلافي كل أوجه القصور التي شابت المحاكمة، وذلك في مرحلة الاستئناف، وأن يعمل المشرع العراقي سريعا على إلغاء عقوبة الإعدام واستبدالها بعقوبة السجن مدى الحياة، وأن يقوم بمراجعة جذرية للنظام القضائي الموروث من العهد السابق، لإعادة تكييفه مع المعايير الدولية لاستقلال القضاء وتعزيز فعاليته