3/3/2009

بدأت الأزمة المالية العالمية حين تعرض السوق العقاري في أمريكا لهزة عنيفة أدت لانهيار بنك “ليمان برذرز” وإعلان إفلاسه، ما تسبب في إشاعة فوضى مالية فى الاقتصاد الأمريكي، وحدوث أخطار محدقة له ـ حسب ما أكده خبراء الاقتصاد ـ وعلى الرغم من خطة الإنقاذ الأمريكية السريعة التي قضت بضخ 700 مليار دولار لشراء أصول المؤسسات المالية الكبرى المتعثرة، وما تبعها من إجراءات، إلا أن هناك الكثير من الشكوك التي تساور الخبراء الاقتصاديين في نجاحها، وإعادة الأمور لما كانت عليه، ومن هنا ظهرت آراء ترى أن النظام الاقتصادي العالمي الذي يقوم حالياً على الرأسمالية واقتصاديات السوق الحرة والعولمة هو في طريقه للانهيار والزوال.

وامتدت تداعيات الأزمة الأمريكية لتطال جميع دول العالم بنسب متفاوتة، ورغم خطورة هذه الأزمة وشراستها إلا أنها قد تزامنت مع أزمة أشد خطورة وهى الأزمة الغذائية العالمية التي اجتاحت العالم بكل دوله ومؤسساته، وتأثيراتها المدمرة على سكان العالم النامي بوجه خاص ولاسيما الفقراء منهم. ويواجه العالم تحديات كثيرة في مجال الغذاء العالمي، أبرزها ارتفاع أسعار الغذاء، وتغير المناخ وما يترتب عليه من آثار سلبية اقتصادية واجتماعية وبيئية، وزيادة خطر نقص الغذاء بسبب إنتاج الطاقة الحيوية على حساب الغذاء.

وفي هذا السياق يمكن الوقوف عند رؤيتين الأولى: تمثلها بعض الجهات الرسمية التي تقر بوجود هذه الأزمة على الصعيد العالمي، لكنها في الوقت نفسه لا تقوم بخطوات عملية وملموسة للحد من آثارها، بل أنها تحاول تفسير سبب كل مشاكلها الداخلية فقط بالظرف العالمي والعوامل الخارجية. والرؤية الثانية: تقر أيضاً بوجود هذه الأزمة على الصعيد العالمي وبخطورتها، لكنها تحاول أن تقدم البدائل الوطنية التي تتماشى وقدرات بلدانها للحد من تداعيات هذه الأزمة، حتى لا تمس أوسع الفئات خاصة محدودة الدخل.

وفي خضم الأزمتين كانت مصر تئن من وجع الضربات المتلاحقة التي طالتها جراء الأزمة الغذائية العالمية والتي تبدو ملامحها في موجة غير مسبوقة من غلاء الأسعار أدت إلى موجة أخرى من الاحتجاجات والاعتصامات هددت الوضع الأمني للبلاد، وقبل أن تجد الحلول الناجحة للأزمة الغذائية دخلت في أتون الأزمة المالية العالمية.

ويعد القطاع الزراعي من القطاعات الرئيسية فى الاقتصاد المصري باعتباره قطاعاً مسئولاً عن تحقيق الأمن الغذائي، ومصدراً رئيسياً لتوفير مدخلات القطاعات الإنتاجية والخدمية الأخرى، بالإضافة إلى دور الصادرات الزراعية في تحسين ميزان المدفوعات، كما أنه يستوعب حوالي 34% من الأيدي العاملة.

وقد تطورت الأزمة الغذائية في مصر تبعاً لمعدلات نمو الإنتاج والطلب الاستهلاكي على المنتجات الغذائية، وأصبح هناك شبه إجماع على أنها قد وصلت إلى حد حرج يتجلى في تنامي الاعتماد على المصادر الخارجية لإطعام السكان، وتدهور نصيب الفرد من الناتج الزراعي، وتراجع مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي.

وتشير التقارير الرسمية إلى أن القطاع الزراعي قد حقق تزايداً مستمراً في الاستثمارات المنفذة، إذ بلغ حجمها نحو 6.4 مليار جنيه عام 2005/2006 ، زادت عام 2006 /2007 إلى 8.6 مليار جنيه، وتمثل حوالي 6.3 % من إجمالي الاستثمار العام.

كما ارتفع معدل النمو الحقيقي بقطاع الزراعة ليصل إلى 3.3 % عام 2005/2006، وقد نجح القطاع الزراعى فى تطوير أدائه خلال الفترة من عام 1981 / 1982 إلى عام 2005/ 2006 .

إلا أن التقارير الدولية تشير إلى أنه في كثير من الإستراتيجيات التنموية في الدول النامية – ومنها مصر- التي تتراوح بين التنمية القائمة على التصنيع، من خلال بدائل الواردات أو إستراتيجية النمو الذي تقوده الصادرات، لا تقوم الزراعة إلا بدور ثانوي داعم، وكثيرا ما كانت تغفل أهمية التفاعلات الإيجابية بين الزراعة والقطاعات الأخرى، كما لا يعطى اهتمام كبير لتعزيز البحث والاستثمارات في الزراعة، فكثير من اقتصاديي التنمية لم يعيروا القطاع الزراعي إلا أهمية ضئيلة نسبيا – مع بعض الاستثناءات – رغم قول بعض الاقتصاديين إن أي ثورة صناعية تحدث لابد أن تسبقها بعقود على الأقل ثورة خضراء ( زراعية ) كما حدث في الصين واليابان.

وقد اتجه الطموح المصري منذ حصولها على الاستقلال من أجل تحقيق التنمية، إلى التصنيع بالدرجة الأولى باعتباره مرادفا للتنمية والتقدم، ما جعلها تقع في خطأ فادح هو إهمال التنمية الزراعية والتركيز على إنشاء بعض الوحدات الصناعية التي كانت تعتبرها معبرا بالاقتصاد الوطني من حالة التخلف التي ورثها من الحقبة الاستعمارية.

ويعد إهمال القطاع الزراعي في التوجهات التنموية العامة – وفي المراحل الأولى لظهور بوادر الأزمة الغذائية العالمية – أحد أهم العوامل الكامنة وراء تعميق العجز الغذائي في مصر، بالإضافة إلى عدم جدوى السياسات الزراعية المتبعة للحد من التبعية الغذائية للخارج وتحقيق الاكتفاء الذاتي.

وشهد إنتاج المحاصيل الغذائية في السنوات الثلاث الأخيرة مؤامرة بشعة علي صغار المزارعين الذين عانوا من ارتفاع أسعار المدخلات الزراعية مثل السماد والمبيدات والوقود والتقاوي، ولكنهم في كل الأحوال عجزوا عن بيع محاصيلهم بأسعار مناسبة، في الوقت الذي كانوا يشاهدون فيه منتجاتهم تباع في الأسواق بخمسة أضعاف الأسعار التي فرضها عليهم التجار، وبذلك خرج صغار المزارعين من مولد ارتفاع أسعار الغذاء، أكثر فقراً واحتياجاً، لأنهم اشتروا المدخلات بأسعار باهظة، وباعوا محاصيلهم لأباطرة الأسواق بثمن بخس.

أما وقد انخفضت أسعار المحاصيل الزراعية الآن في كل دول العالم، فالمؤكد أن تجار السلع الغذائية في مصر يستعدون لإزاحة كل آثار هذا التراجع علي الفلاحين والمزارعين، الذين سيدفعون وحدهم فاتورة هذا الانخفاض في أسعار محاصيلهم، في الوقت الذي يبشرهم فيه دائماً – وبغلظة واستعلاء – أمين أباظة، وزير الزراعة، بأن أسعار الأسمدة ستشهد ارتفاعات جديدة حتي تقترب من أسعارها في الأسواق العالمية، وليس هناك أدني احتمال لأن يتدخل أحد لحماية صغار المزارعين من التجار الذين يوفر لهم اتحاد الغرف التجارية كل السطوة اللازمة لاستمرارهم في جني الأرباح الخيالية من دماء المزارعين، كما يوفر اتحاد الصناعات لرجال غرفة الصناعات الغذائية سطوة مماثلة تمكنهم من الاستمرار في جني مزيد من الأرباح، وإفقار المزيد من الفلاحين.

ويحذر خبراء الاقتصاد الزراعي من تداعيات تأثير الأزمة المالية والاقتصادية العالمية علي مصر، خاصة على القطاع الزراعي، مما يهدد عمليات التنمية الزراعية المصرية، وينعكس علي برامج التنمية الأخري، ويتوقع الخبراء أيضا أن تؤثر الأزمة على برامج وخطط تشجيع المزارعين علي زراعة المحاصيل الاستراتيجية ومنها القمح والذرة وعباد الشمس، ما يؤدي إلي الاعتماد علي الاستيراد من الخارج مرة أخري، وتراجع سياسات الاقتراب من الاكتفاء الذاتي من هذه المحاصيل، وأيضاً تراجع معدلات النمو في الزراعة المصرية.

ويتوقع أن تبتعد الاستثمارات عن قطاع الزراعة فى ظل الوضع الحالى, مما يترتب عليه انخفاض فرص العمالة فى هذا القطاع، ودخول فئات جديدة خاصة من المجتمع الريفى تحت خط الفقر، بالإضافة لحدوث هجرة محتملة من أبناء الريف خاصة فى الوجه القبلى، وظهور نمط الإنجاب التعويضى بشكل كبير بسبب تزايد الفقر.

ومن المتوقع أيضا أن يتفاقم الوضع الغذائي العالمي خاصة إذا أثرت الأزمة المالية علي التزامات الدول المانحة علي الدعم المقدم للقطاع الزراعي في الدول النامية ومنها مصر، فإن مثل هذه الخطوات ربما تزيد من مخاطر وقوع أزمة غذاء أخري أشد شراسة خلال عام 2009، ومن المنطقي أن حالة انعدام الاستقرار الكبري القائمة حالياً في أوساط الأسواق المالية الدولية ومخاطر الركود الاقتصادي العالمي ربما تدفع البلدان إلي اتخاذ إجراءات الحماية التجارية وإعادة تقييم التزاماتها بصدد المساعدات الإنمائية الدولية.

وفى ضوء ذلك يعقد مركز الأرض لحقوق الإنسان حلقة نقاشية بعنوان: الأزمة المالية والاقتصادية العالمية والزراعة المصرية…الفرص والتحديات والتى تناقش المحاور التالية:

  1. الأزمة المالية والاقتصادية العالمية وبرامج التنمية وأوضاع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في مصر (السلبيات والايجابيات).
  2. تصاعد حدة الأزمة المالية والاقتصادية العالمية وتأثيراتها المختلفة على مستلزمات وتكاليف الإنتاج الزراعى وأرباح المزارعين وعلى الأجور والعمالة ونسبة البطالة في الريف المصري.
  3. كيف يمكن تنمية الموارد البشرية في ظل الأزمة المالية والاقتصادية العالمية وما هو الدور الذي يمكن أن يلعبه الإرشاد الزراعى للتخفيف من حدتها على أهالي الريف؟
  4. دور منظمات المجتمع المدنى وروابط الفلاحين والغرف التجارية واتحاد الصناعات الغذائية في التخفيف من التأثيرات المدمرة للأزمة المالية على مستوى معيشة الفلاح في ظل ارتفاع مستوى الإيجارات وتدني الدخل.

76 شارع الجمهورية شقة 67- الدور الثامن بجوار مسجد الفتح – القاهرة
ت: 27877014- 202+
ف: 25915557-202+
lchr@lchr-eg.org
Emil: lchr@thewayout.net
www.Lchr-eg.org

جدول مقترح بأعمال الحلقة النقاشية
الأزمة المالية والاقتصادية العالمية الزراعة المصرية
(الفرص والتحديات)
والمنعقدة فى 12/3/2009 بمقر مركز الأرض

الجلسة الاولى
10 ـ12

الأزمة المالية والاقتصادية العالمية وبرامج التنمية وأوضاع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في مصر (السلبيات والايجابيات).

أ. د/ احمد ثابت
رئيس مركز ابن خلدون للتنمية
أ. د/ احمد السيد النجار
مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

د. شريف فياض
استاذ مساعد الاقتصاد الزراعى بمركز الصحراء

رئيس الجلسة
أ. عبد الغفار شكر
نائب رئيس مركز البحوث العربية

الجلسة الثانية
12 – 2

تصاعد حدة الأزمة المالية والاقتصاية العالمية وتأثيراتها المختلفة على مستلزمات وتكاليف الإنتاج الزراعى وأرباح المزارعين وعلى الأجور والعمالة ونسبة البطالة في الريف المصري.

ا.د/ الخولى سالم الخولى
استاذ علم الاجتماع الريفى بكلية الزراعة بالقاهرة جامعة الازهر

د. محمد سيد محمد
باحث بمركز البحوث الزراعية
والمستشار العلمى لجريدة النبأ العربى

رئيس الجلسة
أ. شاهندة مقلد
احد مؤسسى اتحاد الفلاحين تحت التأسيس

استراحة وشاى
2- 2.30

الجلسة الثالثة
2.30ـ4

كيف يمكن تنمية الموارد البشرية في ظل الأزمة المالية والاقتصادية العالمية وما هو الدور الذي يمكن أن يلعبه الإرشاد الزراعى للتخفيف من حدتها على أهالي الريف؟

أ.د/ احمد جمال الدين
مدير معهد بحوث الارشاد الزراعى والتنمية الريفية

د. عادل عبد السميع
باحث بمركز البحوث الزراعية

رئيس الجلسة
أ. منال الطيبى
رئيس المركز المصرى لحقوق السكن

الجلسة الرابعة
4 – 5

دور منظمات المجتمع المدنى وروابط الفلاحين والغرف التجارية واتحاد الصناعات الغذائية في التخفيف من التأثيرات المدمرة للأزمة المالية على مستوى معيشة الفلاح في ظل ارتفاع مستوى الإيجارات وتدني الدخل.

أ. د/ امانى قنديل
رئيس شبكة المنظمات غير الحكومية

أ. د/ محسن بهجت
باحث اول بقسم بحوث المجتمع الريفى
معهد بحوث الارشاد الزراعى والتنمية الريفية

أ. عريان نصيف
رئيس اتحاد الفلاحين تحت التأسيس

رئيس الجلسة
ا. جيهان فاروق
منسق مشروع حوار

غذاء
5 ـ 5.30

لمزيد من المعلومات رجاء الاتصال بالمركز

76 شارع الجمهورية شقة 67- الدور الثامن بجوار مسجد الفتح – القاهرة
ت: 27877014- 202+
ف: 25915557-202+
البريد الإلكتروني:Lchr@thewayout.net – lchr@lchr-eg.org
الموقع : www.Lchr-eg.org