27/2/2007

يبدو أن مصر دخلت بالفعل النفق المظلم في مواجهتها مع ” وباء أنفلونزا الطيور , فقد سجل شهر يناير الماضي وفاة الضحية العاشرة والحادية عشرة , ثم واصل حصده للأرواح ليصل الآن إلي 13 ضحية و22 مصابا لتحتل مصر بذلك المركز الخامس بين دول العالم بالنسبة لضحايا أنفلونزا الطيور , وحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية تأتي إندونيسيا في المرتبة الأولي حيث توفي فيها من جراء المرض 57 شخصا وأصيب 74 , والثانية فيتنام وتوفي بها 42 شخصا وأصيب 93 ثم تايلاند وبلغت الوفيات فيها 17 شخصا وأصيب 25 ثم الصين التي توفي بها 14 شخصا وأصيب 21 ثم مصر في المرتبة الخامسة , غير أن الأمر ازداد سوءا في شهر يناير الماضي حين أعلن كيجي فوكودا منسق البرنامج العالمي لأنفلونزا الطيور الخاص بمنظمة الصحة العالمية ” أن نتيجة تحليل فيروسات لأنفلونزا الطيور تم أخذها من مريضين مصريين أظهرت أن إصابتهما كانت من الفيروس المتحور ” 294 إس ” وأن السلالة المتحورة اكتشفت في عامل مصري بأحد المصانع عمره 26 عاما وابنة أخيه وتوفي كل منهما إضافة إلي إحدى قريباتهما في شهر ديسمبر الماضي , وهو ما يعني أن مرض أنفلونزا الطيور أصبح بعد تحوره مقاوما للمضاد الحيوي الذي يتم علاج المصابين به في المستشفيات وهذا ما أكده وفاة جميع الحالات التي أصيبت بالمرض والذين لم يجدي معهم العلاج بعقار ” التاميفلو ” المستخدم حاليا في علاج تلك الحالات ومما يزيد المخاوف بأن الفيروس أصبح ينتج نوعا من السلالات المقاومة للمضاد الحيوي هو أن يتحول مرض أنفلونزا الطيور إلي نوع ينتقل من الإنسان إلي الإنسان في هذه الحالة سوف ينتشر بين البشر بسرعة كبيرة مما يهدد بكارثة تحصد عشرات الآلاف من أرواح البشر …!

وفي هذا السياق أعلنت اللجنة القومية العليا لمكافحة مرض أنفلونزا الطيور انتشار المرض في 25 محافظة حتى الآن فضلا عن تفشي المرض في عدد منها بصورة خطيرة , وأرجعت اللجنة أسباب تفشي المرض إلي تربية الطيور في المنازل … والغريب أنها ناشدت المواطنين بسرعة تحصين الدواجن والطيور الحية بمنازلهم مجانا في الوقت الذي اعترفت فيه الحكومة بعجزها عن توفير أمصال لتطعيم الطيور ..؟! فقد أعلن د . صابر عبد العزيز مدير الإدارة العامة للأوبئة وأمراض الدواجن بالهيئة العامة للخدمات البيطرية عن وجود عجز شديد بكمية اللقاحات المستخدمة في تحصين طيور التربية ضد مرض أنفلونزا الطيور مؤكدا أن كل الجرعات التي تم توفيرها الآن توازي 15 % من إجمالي حجم التربية الريفية حيث يصل عدد تلك الطيور ما بين 150 إلي 200 مليون طائر في حين أن عدد جرعات التطعيم المتوفرة لا تزيد عن 35 مليون جرعة لا غير …! والأغرب أن وزير الزراعة كان قد أصدر قرارا في شهر يناير الماضي بتشديد الحملات علي عشش ومزارع الدواجن للتأكد من عمليات التطعيم المستمر لدواجن المزارع والبيوت ضد مرض أنفلونزا الطيور …! ويبدو أن القضية أصبحت بالنسبة للحكومة مسألة ” قرارات ” فوزير الزراعة الذي أصدر هذا القرار يعلم تماما أن هناك تقصا شديدا في توفير التمويل اللازم لتطعيم الطيور المنزلية في القري والأحياء الشعبية في المدن وأن ما تم توفيره حتى الآن 30 مليون جنيه فقط في حين أن حملة التطعيم تستلزم ما لا يقل عن 300 مليون جنيه … فمن يضحك علي من ..؟!

اللجنة القومية تطالب الأهالي بسرعة تطعيم الدواجن ووزير الزراعة أيضا … في حين أن الحكومة لم توفر حتى الآن الجرعات الكافية لهذا التطعيم فإلي أين يذهب الأهالي بدواجنهم … وإلي من يتوجهون …؟! وتبدو عشوائية الحكومة في مواجهة أنفلونزا الطيور أكثر وضوحا فيما يعلنه وزير الصحة من بيانات وهو الأمر الذي يؤكد أن مصر دخلت بالفعل النفق المظلم وأن الكارثة آتية لا محالة …

فقد أعلن الدكتور حاتم الجبلي أن المخزون الاستراتيجي ” تأمل كلمة الاستراتيجي ” لعقار التاميفلو يصل حاليا إلي مليونين و 200 ألف عبوة سوف تزيد إلي 3.5 مليون عبوة في شهر مارس القادم حيث تم توفير تمويل إضافي قيمته 200مليون جنيه موضحا أنه تم استخدام ألفي عبوة في حالات الاشتباه , ثم عاد وزير الصحة بعد أيام ليعلن أن عقار ” التاميفلو ” لم يعد له قيمه بعد تمحور فيروس أنفلونزا الطيور وفشله في علاج الحالات المصابة , وأن الوزارة أحضرت عقارا جديدا يدعي ” آدامين ” الأكثر فاعلية في تلك الحالات … لاحظ هنا كلمة أحضرت أي بمعني استوردت , أي أن وزارة الصحة وفرت هذا العقار الجديد …!

وزير الصحة أعلن هذا بالرغم من أنه أعلن منذ فترة سابقة أن وزارته تحتاج إلي 10 مليارات دولار دفعة واحدة ” كحد أدني ” لمواجهة الفيروس الذي طور نفسه وبات أشد شراسة حسب تأكيدات منظمة الصحة العالمية … فمن نصدق إذا ..؟ وزير الصحة الذي أعلن زيادة عبوات التامفيلو إلي 3.5 مليون ونصف عبوة وقام بتمويل تلك الزيادة ب 200 مليون جنيه وهو يعلم أن التاميفلو فقد فاعليته ..!

أم وزير الصحة الذي يعلن أنه وفر العقار الجيد ” أدامين ” ثم يعلن بعد ذلك أن الوزارة تحتاج لذلك ما لا يقل عن 10 مليارات دولار …! ولا تعليق …!

· من جانبنا … فإن أولاد الأرض تؤكد أن مصر دخلت بالفعل النفق المظلم في مواجهتها لوباء أنفلونزا الطيور وأن الكارثة قادمة لا محالة … طالما هناك تلك الحكومة التي يتسم أداؤها بالتخبط والعشوائية …. ولا عزاء للمصريين …!