14/3/2005

أكثر من 130 أسرة يقطنون بدرومات بلوكات سكنية أقامتها الحكومة فى أرض عزيز عزت بمنطقة إمبابه- محافظة الجيزة، وقد قامت الحكومة ببيع الشقق للسكان، وقامت بتسكين الحالات الخاصة (انهيارات، إخلاء إدارى، أخرى..) فى بدرومات هذه البلوكات وهى عبارة عن غرف منفصلة تعيش كل أسرة فى غرفة واحدة بدون مياه شرب وبدون صرف صحى لمدد تتراوح من 10 إلى 15 سنة وذلك كإسكان مؤقت لحين توفير بديل لهم. والجدير بالذكر وحسب أقوال المواطنين أن هذه الغرف كان قد تم إنشاؤها أصلا لاستخدامها كمخازن وليس للسكن.

وتبعد هذه البدرومات عن سطح الأرض بحوالى 4 أمتار وتوجد النافذة الوحيدة فى الغرفة عند مستوى سطح الأرض، ونظرا للعوامل الديموغرافية، ارتفع مستوى سطح الأرض مما أدى إلى شبه غلق هذه النوافذ، وهى المنفذ الوحيد للتهوية فى هذه الغرف، كذلك فإن هناك تسريب دائم لمياه الصرف الصحى من أرضية الغرف، للدرجة التى انتشرت معها حشرة غريبة لم يستطع باحثو المركز أو السكان تحديد ماهيتها، والتى اضطرت بعض السكان الذين انتشرت هذه الحشرة فى غرفهم، إلى ترك الغرفة والعيش فى عشش بجوار هذه الوحدات. كذلك فإنه نتيجة حرق القمامة فى المنطقة- التى يبدوا أن المسئولين قد نسوا أصلا وجودها- فإن الدخان يعبأ الغرف التى يسكنها المواطنون، كما أن ألسنة اللهب تمتد أحيانا للغرف من خلال النوافذ محدثة حرائق بها.

والحالة الصحية للمواطنين فى تردى عام نتيجة بيئة السكن، فهناك حالات وفيات لأطفال حديثى الولادة، رصد المركز منها خمس حالات، كما تنتشر الأمراض كالروماتيزم نتيجة الرطوبة العالية بهذه الغرف، وحالات فقدت النظر نتيجة انبعاث روائح كريهة نتيجة وجود مياه الصرف الصحى بالغرف وعدم وجود منافذ تهوية بالغرف. ونظرا لوجود الحمامات المشتركة للنساء والرجال معا خارج الغرف (فى الشارع) تعرضت العديد من السيدات والفتيات لمحاولات اغتصاب، وهناك قضية هتك عرض تنظر الأن أمام القضاء، كذلك هناك حوادث قتل تمت داخل الحمامات المشتركة، مما دعا السكان للاكتفاء بقضاء حاجاتهم فى صفائح داحل الغرف، ولكنهم يظلوا مضطرين لملء حاجاتهم من المياه من الحمامات المشتركة.

ونتيجة هذه الأوضاع المأساوية أيضا فإن الحالة التعليمية للأطفال فى أدنى درجاتها فحتى لو استطاع الطفل الالتحاق بالمدرسة فإنه لا يجد البيئة الصالجة للمذاكرة.
وقد تقدم المواطنون بالعديد من الشكاوى للمسئولين وكانت ردودهم دائما هى أن ما يعانى منه المواطنون هو مشكلات صغيرة ؟!!

ونحن بدورنا نتساءل هل ما منحته محافظة الجيزة لهذه الأسر هو مسكن مؤقت أم مدفن مؤقت لهذه الأسر لحين موتهم الفعلى بعد موتهم المعنوى؟! وهل للحكومة الحق فى أن تتساءل بعد ذلك عن ضياع معانى كالانتماء، أو أن تحاكم مثل هؤلاء المواطنين على جرائم ارتكبوها بعدما زرعتهم فى بيئة خصبة للجريمة.

إن وجود مثل هذه المناطق فى مصر ووجود مواطنين يعانون فى القرن الواحد والعشرين من مثل هذه المشكلات لهو نسف لشرعية أى حكومة كانت فى أى مكان. والغريب أن المسئولين مازالوا يتشدقون بانجازاتهم على مستوى الاسكان، هذا الانجاز الذى يعطيهم الحق فى منح قبور للأحياء لكى يموتون فيها.