16/4/2007

يبدو أن شهر فبراير الماضي كان مقدمة لظواهر جديدة علي مجتمع الفلاحين وأهمها التظاهر … وهو الأمر الذي رصدناه في حينه وتوقعنا أن تشهد الأشهر القادمة مزيدا من تلك المتغيرات , وهو ما حدث بالفعل في شهر مارس الماضي حين قام أكثر من500 مزارع من قري العباسية الكبيرة وقسما حليم وواصف العراقي وأبو لطفي التابعة لمركز أبو حماد بمحافظة الشرقية بالتظاهر أمام ديوان محافظة الأوقاف احتجاجا علي قرار هيئة الأوقاف برفع إيجار فدان الأرض الزراعية من 1200 إلي 1900 جنيها سنويا مرددين هتافات ” حسبنا الله ونعم الوكيل ” ” وأين الإنصاف يا وزير الأوقاف ” الفلاحون يؤكدون أنهم قاموا بزراعة الأرض منذ عام 1959 ثم تعاقدت معهم الأوقاف في عام 2004 علي تأجير فدان الأرض مقابل 800 جنيها سنويا ثم رفعت هذه القيمة في عام 2005 إلي 1200 جنيها , وتحاول هيئة الأوقاف حاليا زيادة القيمة الايجارية إلي 1900 جنيها للفدان الغريب في الأمر أن وزير الأوقاف رد علي المتظاهرين قائلا ” اللي ما يقدرش يدفع الإيجار الجديد يترك الأرض …!

ومن محافظة الشرقية إلي محافظة الدقهلية حيث قام فلاحو عزبة مرقاش بدكرنس باعتصام مفتوح علي الأرض التي تم انتزاعها منهم لصالح عائلة البدراوي , وهي القصة التي تتوالى فصولها منذ سنوات لصالح تلك العائلة الإقطاعية بعد أن قام الإصلاح الزراعي بالتواطؤ معها ضد الفلاحين الذين امتلكوا الأرض بموجب قانون الإصلاح الزراعي منذ عام 1966 وقاموا بسداد جميع الأقساط , ومازالت المعركة مستمرة …!

وبعيدا عن تلك الأحداث الساخنة فقد شهد شهر مارس 9 حوادث عنف فلاحين سقط من جرائها 7 قتلي من بينهم مزارع قام بالانتحار كما أصيب 8 آخرون , وتبدو أسباب العنف في تلك الحوادث طبيعية مثل الخلاف علي حدود الأرض أو مناوبة الري وغيرها من الأسباب إلا حادثة واحدة كان سببها الدفاع عن الشرف وهو ما سنورده تفصيلا …!

ففي ديروط بمحافظة أسيوط دفع الفلاح ” عزوز ” 23 عاما ” حياته ثمنا لنزواته حين قام باقتحام منزل عمته المجاور لمنزله مستغلا وجود ابنه عمته ” ديانا ” بمفردها حيث فوجئت به يحاول الاعتداء عليها جنسيا , حاولت مقاومته ونهرته بشدة بسبب دأبه علي التحرش بها عدة مرات إلا أنه لم يرتدع فقامت بطعنه عدة طعنات بسكين فأردته قتيلا ” …

هذه الحادثة تؤكد بعض المتغيرات التي حدثت في الريف المصري , فالمزراع القتيل يبلغ من العمر 23 عاما وهو عمر كبير نسبيا لسن الزواج بين الفلاحين والذي يكون غالبا ما قبل العشرين وهو ما يؤكد تدني مستوي المعيشة نتيجة سياسة الإفقار التي تتبعها الحكومات المتعاقبة تجاه الفلاحين بالإضافة إلي تخبط السياسة الزراعية التي دمرت الكثير من المحاصيل التي يعتمد عليها الفلاح في حياته وتسيير شئون أسرته ومنها علي سبيل المثال محصول القطن وأيضا محصول القصب , فلم يعد هناك في الريف المصري من يقول أن سيزوج ابنه أو ابنته بعد جني محصول القطن ” في وجه بحري ” أو محصول القصب ” في وجه قبلي ” وكانت النتيجة أن ارتفع سن الزواج بين الفلاحين وأن ينتهك بعض الشباب حرمة وشرف الأقارب التي كان في الماضي يدافع عنها …!

أما في قرية سالا مون مركز طما بسوهاج فقد نشبت مشاجرة بين عائلتي نجيب وعمار بالأسلحة النارية لقي فيها كل من علي سالمان علي نجيب ومحمد علي يحي عمار مصرعهما كما أصيب محمد سالمان علي نجيب بطلقات نارية وذلك لخلافهما علي أحقية المرور علي طريق بين الأراضي الزراعية …!

وفي سوهاج أيضا وتحديدا بقرية فزاره مركز المراغة لقيت صبرة أحمد عبد النبي مصرعها علي يد جارها المزارع كمال الورداني وذلك بعد أن نشبت بينهما مشاجرة ونزاع علي القيمة الايجارية لقيراط أرض يستأجره المتهم من المجني عليها , فمنا كان منه إلا أن تسلل إلي منزلها ليلا وقام بفصل رأسها عن جسدها …!

وفي وادي النطرون بمحافظة البحيرة نشبت معركة بالأسلحة النارية أسفل كوبري الغزالي بين كل من خيري فتح الله العيسوي ومحمد فراج عبد الرحيم والسيد الدسوقي والسيد أحمد أحمد ومحمد الزناتي ونعمان بكير , وأثبتت التحريات أن الأول حاول طرد الآخرين من مساحة 12 فدانا بدعوى أنها ملك راشد عبد الله عمران” إماراتي الجنسية ” بينما يؤكد الآخرون أن الأرض ملك فرغلي فراج عبد الرحيم شقيق أحد المتهمين , تم تحرير المحضر رقم 285 لسنة 2007 وتم القبض علي المتنازعين إلي النيابة التي باشرت التحقيق …!

وفي دشنا بمحافظة قنا أصيب كل من خلف عبد الشافي أدم ودهب خلف عبد الشافي ومحمد أبو بكر ومحمود أبو بكر وخالد مهدي وسامح حنفي وسيد محمود بإصابات مختلفة بأنحاء الجسد بعد أن نشبت مشاجرة بين العائلتين وتشابك بالأيدي لخلافهما علي أولوية ري الأرض الزراعية …!

وفي سوهاج أيضا شهدت قرية السكساكة مركز طما جريمة قتل بشعة بعد أن قام كلا من علام عبد السلام وعبده كريم عبد السلام بإطلاق النار علي ابن عمهما منتصر علي محمد بديوي فلقي مصرعه في الحال وذلك لخلافهما معه علي تقسيم ميراث قطعة أرض زراعية ,وقام المتهمان بالهروب لمدة أسبوعين في الزراعات إلي أن تمكنت قوات الأمن بالقبض عليهما وأحيلا إلي النيابة التي أمرت بحبسهما 4 أيام علي ذمة التحقيقات …!

وفي قرية النواصر بمركز إسنا بقنا أصيب 10 أشخاص إثر وقوع مشاجرة بين عائلتي عبد الستار وإمام استخدم فيها الشوم والأسلحة البيضاء وذلك بعد اصطدام جرار زراعي تابع لعائلة عبد الستار بعربة كارو تابعة لعائلة إمام مما أدي لحدوث مشاجرة بين العائلتين , تم نقل المصابين إلي مستشفي إسنا المركزي وتولت النيابة التحقيق …!

وفي النزهة بمصر الجديدة بالقاهرة كانت نهاية حياة المزارع محمود حسن بعد أن ترك قريته في أسيوط وجاء إلي القاهرة بحثا عن عمل ” وذلك بعد أن استرد المالك الأرض التي كان يستأجرها تطبيقا للقانون 96 لعام 1992 الخاص بالعلاقة الإيجاريه بين المالك والمستأجر ” حاصرت الديون ومتطلبات الحياة محمود حسن فعجز عن تدبير حاجات أسرته, ودع زوجته وأولاده وجاء إلي القاهرة بحثا عن فرصة عمل ” , وأثناء تجواله في شوارع النزهة بحثا عن تلك الفرصة سقطت علي رأسه مخلفات عمارة ألقاها أحد العمال من شقة بالدور العاشر ….!

وفي قرية نزلة عبيد مركز المنيا قام الفلاح اسحق تادروس فانوس بالانتحار شنقا في منزله لمروره بضائقة مالية أدت إلي شعوره بالاكتئاب الشديد مما دفعة إلي الانتحار .

ومن الملاحظ أن الوجه القبلي استأثر ب 8 حوادث أما الوجه البحري فقد كان نصيبه حادثة واحدة , ففي سوهاج وقعت 3 حوادث راح ضحيتها 4 قتلي كما أصيب آخر , وفي قنا حادثتان أصيب من جرائها 17 فلاحا وفي أسيوط حادثتان راح ضحيتها فلاحان منهما الفلاح الذي لقي مصرعه في حي النزهة بالقاهرة , أما المنيا فلم تشهد سوي حادثة انتحار مزارع والغريب في الأمر أن الحادثة الوحيدة التي وقعت لمزارعين في الوجه البحري ” بمحافظة البحيرة ” لم يسقط فيها مصابون أو قتلي …

كل الدلائل تؤكد أن وتيرة العنف تزداد في الوجه القبلي هو الأمر الذي يجب أن يلتفت إليه الباحثون والمتخصصون لإنهاء أسبابه …!