13/2/2008

أكثر من خمسة آلاف فلاح في محافظة قنا أصبحوا مهددين بالتشرد والضياع بعد أن صدرت ضدهم أحكام قضائية نهائية بالحبس لعجزهم عن سداد قروض بنك التنمية والائتمان الزراعي , فقد اغتالت الحشرة القشرية محصول القصب وهبطت إنتاجية الفدان من 40 طن إلي 15طن فقط , وكان من الطبيعي في ظل تلك الخسائر التي أصابتهم للعام التاسع علي التوالي أن يعجزوا عن سداد قروض بنك التنمية , غير أن مسئولي البنك الذين أدمنوا تعذيب الفلاحين أسرعوا برفع الدعاوى القضائية وكانت الأحكام التي حولت الفلاحين إلي متشردين يهيمون في الأرض خوفا من السجن , هجروا الأرض والبيت والأولاد … يجأرون بالشكوى ولا من مجيب …!

وبالرغم من كل التصريحات التي يطلقها المسئولون من حين إلي آخر بإسقاط ديون الفلاحين أو جدولتها علي أساس أصل الدين وبلا فوائد … إلا أن هذه التصريحات تصبح مجرد كلمات تتبخر في الهواء حين تصطدم بالواقع , هذا الواقع الذي يؤكد أن بنك التنمية الذي أنشئ ليكون في خدمة الفلاحين أصبح آداه لجلدهم وامتصاص دمائهم , غير أن المثير في تلك القصة التي تتكرر أحداثها المريرة في ربوع مصر , هو ذلك الفساد الذي استشري في شرايين هذا البنك وأوردته ونكاد نجزم أنه أصبح وسيلة للثراء الفاحش والسريع للقائمين عليه حتى لو كان الثمن زج الآلاف من الفلاحين البسطاء إلي السجون وتشريد أسرهم , وعلي سبيل المثال فإن أصل القرض الذي اقترضة المزارع الضوي عبد الكريم أحمد من قرية المحاميد بحري بأرمنت بمحافظة قنا كان كالآتي :38 ألف جنيه ” قرض استثماري 10 آلاف جنيه قرض زراعي أي أن إجمالي القرضين 38 ألف جنيها أصبحا بعد الفوائد 80 ألف جنيه ..!

أما أحمد الأمير من قرية الرزيقات بأرمنت أيضا فكان أصل القرض 34 ألف جنيه وصل بعد الفوائد إلي 84 ألف جنيه ..! وفراج شمس الدين محمد من قرية الريانية بأرمنت اقترض 51 ألف جنيها أصبحوا بعد الفائدة 85 ألف جنيه …! والثلاثة كانوا ضمن وفد من فلاحي أرمنت حضروا إلي أولاد الأرض بعد أن صدرت ضدهم أحكاما نهائية بالحبس …

يقول الضوي عبد الكريم أحمد لباحثي أولاد الأرض لحقوق الإنسان ” يصل عدد من صدر ضدهم أحكاما بالحبس في أرمنت وحدها 300 فلاحا أما في محافظة قنا فإن العدد يتجاوز 5 آلاف فلاحا , بلغت من العمر 67 عاما وعندي أسرة يزيد عددها عن 20 فردا , منذ عام 1997 ظهرت الحشرة القشرية في محصول القصب ,وتم اقتطاع مساحات كبيرة من هذا المحصول لدواعي أمنية , ومحافظة قنا تعتمد اعتمادا كبيرا علي محصول القصب , لذلك فإن كل المزارعين أصيبوا بخسائر كبيرة منذ تسعة أعوام وحتى اليوم , عجزت عن سداد أقساط قرض بنك التنمية فقاموا بجدولته عام 2000 علي أن يتم السداد علي مدار خمس سنوات , عجزت أيضا عن السداد فقاموا بجدولة ثانية في عام 2003 علي أن يتم السداد خلال عشر سنوات , فقد كانوا يقومون بجدولة القرض بفائدته + فائدة جديدة مما يعني تضخم الدين للدرجة التي عجز فيها الجميع عن السداد , وقاموا أيضا بتدوير القرض ” وهميا ” أي سداد القرض بعمل قرض جديد قيمته أكبر من القرض القديم , أما الفرق ما بين القرض القديم والقرض الجديد فيدخل “جيوب” الموظفين في البنك ولا نعرف عنه شيئا , وقعت عددا كبيرا من الشيكات ” علي بياض ” لأنني كنت كالغريق الذي يبحث عن ” قشة ” وبعد أن عجزت عن السداد قاموا برفع دعوي بأحد الشيكات وصدر الحكم ضدي بسنة حبس , سنة حبس في شيك واحد أي أنني معرض لأكثر من عقوبة لأنهم يرفعون القضايا شيكا بعد شيك أي أن تلك العقوبة هي العقوبة الأولي والبقية تأتي ”

ويقول أحمد الأمير لباحثي أولاد الأرض ” حصلت علي قرض من بنك التنمية بقيمة 34 ألف جنيها أصبح الآن بعد الفوائد 84 ألف جنيها , قمت ببيع 18 قيراطا وسددت 14 ألف جنيها , غير أنني مع توالي الخسائر في محصول القصب عجزت عن السداد , صدر ضدي الحكم بسنة حبس ومن يومها وأنا مشرد في بلاد الله لخلق الله حتى لا يتمكنون من القبض علي وتنفيذ العقوبة , والغريب أن هناك قضية أخري سيصدر الحكم فيها يوم 7 مارس القادم ولست أدري كم ستكون العقوبة , كل ما كنت أمتلكه فدانا ونصف وذلك قبل أن أبيع ال 18 قيراطا … فمن أين أعيش أنا وأسرتي إذا قمت ببيع ما تبقي عندي من أرض , وكيف نعيش بعد ذلك , وأين هي تصريحات المسئولين عن إسقاط الديون أو جدولتها بدون فوائد , أم أن الفلاحين كتب عليهم أن يكدحوا في الأرض فلا يلقوا غير السجون …!

ويقول فراج شمس الدين ” اقترضت من بنك التنمية 51 ألف جنيها أصبحوا بعد الفائدة 85 ألف جنيها , قمت بسداد 13 ألف جنيها ثم عجزت عن السداد , غير أنني أود أن أطرح هنا قضية أخري , فإذا كانت وزارة الزراعة حريصة علي استعادة القروض بفوائدها المركبة فلماذا لا نجد هذا الحرص في الديون التي لنا علي بنك التنمية ووزارة الزراعة , تلك الديون التي تتمثل في التأمين علي الماشية والتي كانوا يحصلونها من المزارعين منذ عام 1984 وحتى اليوم , فعلي سبيل المثال فقد كان يتم التأمين علي ” عجل الجاموس ” الواحد ب 46 جنيها في السنة وعلي رأس الجاموس ب 70 جنيها وعلي الجمل ب 60 جنيها وعلي رأس الغنم 12 جنيها وعلي مدار ما يزيد عن 22 عاما فإن قيمة التأمين علي الماشية التي دفعناها تزيد عن تلك القروض التي أخذناها من بنك التنمية فأين قيمة هذا التأمين ومتي سنحصل عليها , أما المضحك في قرض بنك التنمية فإنه يتم خصم 3 % خدمة قرض و 5 % فوائد مقدمة من قيمة القرض قبل أن تتسلمه , بمعني أنك لو اقترضت ألف جنيها فإنك عند استلام القرض ستجده 920 جنيها فقط بعد خصم تلك الفوائد , ناهيك عن غرامات التأخير والفوائد المركبة … أي أن بنك التنمية يقوم بعملية سرقة الفلاحين في وضح النهار وما من محاسب ” …

من جانبنا فإن أولاد الأرض تطالب رئيس الوزراء بتصحيح تلك الأوضاع المتردية للفلاح المصري وذلك من خلال :

أولا : إلغاء جميع الأحكام التي صدرت ضد الفلاحين لصالح بنك التنمية وسحب القضايا المتداولة في المحاكم .
ثانيا : جدولة الديون المستحقة علي أساس أصل الدين وإسقاط الفوائد .