4/8/2009
عقدت مؤسسة أولاد الأرض لحقوق الانسان ورشة عمل يوم السبت الاول من أغسطس تحت عنوان ” دورة تثقيفية للقيادات العمالية ” والتي شارك فيها 54 من القيادات العمالية من محافظات ” القاهرة – الجيزة – الاسكندرية – المنوفية – السويس – الاسماعيليلة – الغربية – الدقهلية – حلوان – البحيرة – الشرقية ” وكان الهدف الاساسي من ورشة العمل هو زيادة المحصلة الثقافية للقيادات العمالية عن منظمة العمل الدولية والاتفاقيات الصادرة عنها , ولاتفاقيات الدولية التي وقعتها مصر وتأثيرها علي الواقع المحلي , واحوال العمال في عام 2008 والنصف الاول من عام 2009 , ودور النقابات في الاحتجاجات العمالية , ومشاركة المرأة في الحركة العمالية ما بين أعوام 2006 , 2009 وشهادات عمالية حية عن تفاصيل بعض الاحتجاجات العمالية ..!
فعاليات الدورة التثقيفية
في البداية رحب “عادل وليم ” المدير التنفيذي لمؤسسة أولاد الارض لحقوق الانسان بالقيادات العمالية وبالباحثين والصحفيين المشاركين في فعاليات الدورة التثقيفية وأكد علي أن زيادة المحصلة الثقافية للقيادات العمالية يعطي زخما جديدا ورؤية أكثر اتساعا ووضوحا للنضال العمالي وان القيادة العمالية الاكثر ثقافة هي من تمتلك المرونة والشفافية والقدرة علي الاقناع بما لديها من رؤية تكتيكية واستراتيجية للوصول بالحركة العمالية الي اهدافها خاصة في ظل مجتمع يعتمد في استغلاله للعمال علي حزمة من القوانين ومنها قانون العمل رقم 12 لعام 2003 الذي اقتطع الكثير من حقوق العمال لصالح اصحاب الاعمال , وانه لكي يتم تغيير الترسانة التشريعية العمالية غير العادلة لابد من خلق واقع جديد يصنعه العمال بنضالهم , هذا الواقع الجديد لا يمكن خلقه وترسيخة إلا من خلال قيادات عمالية مثقفة وواعية ومدركة لمدى عمق الفجوة والتناقض بين معايير العمل الدولية وبين ما يتم تطبيقة من قوانين في الواقع المحلي , من هنا تأتي أهمية الدورة التثقيفية للقيادات العمالية والتي ترى فيها أولاد الأرض لحقوق الانسان خطوة اولى ستتبعها العديد من الخطوات علي طريق طويل وشاق ..!
إذا أردت السلام .. فازرع عدلا
ثم تحدث النقابي العمالي صابر بركات في كلمته أن العدل الاجتماعي ليس منحة ولكنه شرط لاستقرار السلام , وان منظمة العدل الدولية التي أنشأت وفقا لمعاهدة ” فرساى” في يونيو 1919 وكانت أول منظمة دولية متخصصة تنضم الي الامم المتحدة في عام 1946 اكدت في إعلان فيلادلفيا ” في مايو عام 1944 ان تحرير العمل من كونه سلعة , وان حرية الرأي والاجتماع امران لاغنى عنهما , وان العمل حق لجميع البشر دون النظر للاصل أو المعتقد أو الجنس في ظروف توفر لهم الحرية والكرامة والامان الاقتصادي وتكافؤ الفرص , هي من المبادئ الاساسية لمنظمة العمل الدولية التي ألزمها الاعلان بضرورة نشر تلك الدعوة الي مختلف دول العالم حتى تقوم تلك الدول بإعلان برامج من شأنها ان تحقق العدالة الكاملة ورفع مستوى المعيشة وتوفير وسائل التدريب , وسياسات اجور وساعات عمل تمكن الجميع من الحصول علي قسط عادل من ثمار التقدم ..
وأضاف صابر بركات أن من أهداف منظمة العمل الدولية وضع السياسات والبرامج التي تؤدى لتحسين ظروف العمل ومعيشة العمال علي المستوى الدولي – زيادة فرص العمل ودعم الحقوق الاساسية للعمل والعمال – وضع معايير لمستويات العمل الدولية تساعد السلطات الوطنية في تحديد سياساتها – تقديم المعونة الفنية للدول لتحسين سياسات العمل بها والوصول لمعايير العمل الدولية – وضع برامج تدريب وتثقيف وإجراءات بحوث ودراسات لتحسين مستويات العمل .
وأكد صابر بركات أن ميثاق منظمة العمل الدولية يلزم الدول الاعضاء فيها بعرض اتفاقياتها وتوصياتها علي المجالس التشريعية الوطنية خلال 12 – 18 شهرا لاتخاذ الاجراءات اللازمة لتنفيذ الاحكام الواردة فيها , وتلتزم الدول بعد التصديق علي الاتفاقية تنفيذ الاحكام الواردة فيها بالكامل باستثناء بعض التوصيات , وتقوم المنظمة برقابة ومتابعة تطبيق الاتفاقيات المصدق عليها من خلال خبراء محايدين وكذلك فحص التقارير السنوية التي تقدمها الحكومات لمنظمة العمل الدولية .
الفجوة واسعة والتناقض واضح والطريق طويل
وفي الجلسة الثانية عن الاتفاقيات الدولية والواقع العملي في مصر أكد الباحث والناشط الحقوقي البارز خالد علي أن مصر انضمت الي عضوية منظمة العمل الدولية في عام 1936 وقامت بالتوقيع علي 64 اتفاقية دولية , وبذلك تصبح مصر ملزمة بتنفيذ أحكام هذه الاتفاقيات التي صدقت عليها وبتعديل تشريعاتها الوطنية بما يتوائم مع أحكام ونصوص هذه الاتفاقيات خاصة تلك المرتبطة بالمعايير الدولية لحقوق العمال التي تتمثل في ضمان وصيانة كرامة العمال في علاقات العمل – الحق في اختيار العمل أو قبوله بحرية – الحق في الحصول علي اجر كاف من العمل – الحق في العمل لساعات محددة ومقبولة يتخللها فترات راحة – الحق في المساواة في الاجر عند تماثل قيمة العمل – الحق في المساواة في العمل وعدم التميير – الحق في ظروف عمل مأمونة وصحية وبيئة نظيفة – الحق في تكوين نقابات والانضمام إليها – الحق في الاضراب عن العمل – حقوق العمال المهاجرين – تقييد عمل الاطفال وحمايتهم – حماية عمل النساء – الحق في الضمان الاجتماعي .
وأكد خالد علي أن هناك فجوة واسعة بين تلك المعايير وما نقوم بتطبيقة في مصر من خلال تشريعات مجحفة .
غير أنني سأحاول أن القى الضوء علي اتفاقية الحرية النقابية وحماية الحق في التنظيم التي أصدرتها منظمة العمل الدولية تحت رقم 87 في شهر يوليو عام 1948وقامت مصر بالتصديق عليها في نوفمبر من عام 1957 , فقد أقرت تلك الاتفاقية علي حق العمال في الانتماء الي اية جمعية أو نقابة وانه لا يجوز إخضاع الحق في تكوين النقابات والانضمام اليها لاية قيود بأستثناء التدابير الضرورية لحماية الأمن القومي أو النظام العام للمجتمع الديمقراطي , وألزمت الاتفاقية حكومات الدول الموقعة عليها بعدم التدخل بما يحد من الحقوق الواردة بها أو أن تحول دون ممارستها المشروعة , وجعلت مسألة تكوين الاتحادات والانضمام اليها شأنا داخليا لمنظمات العمال وأصحاب العمل , كما ألزمتها باتخاذ جميع التدابير اللازمة والمناسبة لضمان تمكين العمال وأصحاب الاعمال من ممارسة الحقوق الواردة بها بحرية واستقلالية دون اي تدخل منها , وحين نتناول التشريع المحلي لتلك الاتفاقية الا وهو القانون رقم 35 لعام 1976 بشأن النقابات العمالية وتعديلاته ومدى توافقه مع المعايير الدولية التي أقرتها منظمة العمل الدولية , فإن المتأمل لهذا القانون سيجد ان أغلب نصوصه مكرسة لوصاية وسيطرة الدولة علي النقابات العمالية حتى تستطيع في اي وقت التدخل بطرق ترتدي قناعا شرعيا ..
أحوال عمال مصر
أكد الباحث ” محمود المنسي ” في كلمته عن أحوال عمال مصر أن الحركة العمالية شهدت انتحار 36 عاملا خلال عام 2008 والنصف الاول من عام 2009 بعد أن عجزوا عن توفير متطلبات أسرهم اليومية وفقدوا اي بارقة للامل وحاصرهم اليأس من كل جانب لترسم تلك المأساة الواقع المتردي لعمال مصر , وأضاف محمود المنسي ان العمال في معركتهم الدائمة والمستمرة ضد كل محاولات تهميشهم وامتصاص ماتبقى لهم من حقوق قاموا في عام 2008 453 احتجاجا عماليا تمثلت في 218 اعتصاما و 125 اضرابا و 78 تظاهرة و 30 وقفة احتجاجية وتجمهرين في حين كانت خسائر الحركة العمالية في عام 2008 في فصل وتشريد 63315 عاملا , ومصرع 96 عاملا وإصابة 1204 اخرين نتيجة غياب وسائل الامن الصناعي والصحة المهنية بالاضافة الي انتحار 15 عاملا , وأكد المنسي انه ما إن أطلت الازمة المالية العالمية برأسها حتى وجد فيها رجال أعمالنا المبرر للتخلص من عشرات الالاف من العمال , يقطعون أرزاقهم ويغلقون بيوتهم ويشردون أولادهم مع أن الفصل من العمل كان يجب أن يكون الخيار الاخير , فقد شهد النصف الاول من عام 2009 فصل وتشريد 100443 عاملا كان نصيب القطاع الخاص منها أكثر من 72 ألف عامل , في حين قام العمال بـ 284 احتجاجا عماليا تمثلت في 106 اعتصاما و 83 اضرابا و 41 تظاهرة و 36 وقفة احتجاجية و 18 تجمهرا , ولقى 71 عاملا مصرعه وأصيب 887 أخرون نتيجة غياب وسائل الامن الصناعي بالاضافة الي انتحار 21 عامل , وأضاف محمود المنسي أن أهم اسباب الاحتجاجات العمالية في عام 2008 تمثلت في تدني الرواتب وطالب العمال في معظم هذه الاحتجاجات برفع الاجور وزيادة الحوافز وصرف العلاوة الاجتماعية بنسبة 30% وزيادة قيمة الوجبة الغذائية من 60 الي 90 جنيها وذلك بعد اشتعال أسعار السلع الغذائية , في حين قام العمال المؤقتون بالعديد من الاحتجاجات مطالبين بتثبيتهم , وقام البعض الاخر وخاصة في قطاع التعليم بالمطالبة بتحديد عقودهم .
وأكد المنسي ان اهم الاحتجاجات في النصف الأول من عام 2009 هي تلك الاحتجاجات التي قام بها العديد من فئات المجتمع والشرائح المختلفة للمطالبة برفع الأجور المتدنية , فقد شملت تلك الاحتجاجات العمال وأساتذة الجامعات والاطباء والاداريين في التربية والتعليم والممرضات والممرضين والصحفيين والعاملين في المستشفيات وعمال النظافة وعمال حظائر الخنازير وقام المحامون بالاحتجاج ضد رفع رسوم التقاضي , واضرب سائقو النقل الثقيل احتجاجا علي قرار الغاء المقطورات
التنظيم النقابي والاحتجاجات العمالية
أكد النقابي والباحث طلال شكر في كلمته ان الاتحاد العام للعمال تخلى في وقت مبكر عن واجبه في الدفاع عن مصالح العمال في مواجهة السياسات الجديدة حيث تعهد احمد العماوي ومن بعده السيد راشد بتأييد تلك السياسات وذلك من خلال وثيقة مشتركة مع أصحاب الاعمال وكذلك عدم معارضة اية قوانين جديدة تصدر تنتقص من المكاسب العمالية وتعتدى عليها حيث صدر القانون 2003 لسنة 1991 الذي فتح الباب علي مصراعيه امام بيع وتصفية شركات القطاع العام ركيزة التنمية للشعب المصري , ثم صدر القانون رقم 8 لسنة 1997 الذي ينص علي منح الشركات العاملة في اطاره مزايا عديدة من بينها عدم تطبيق القوانين المصرية علي العاملين بها بما في ذلك حرمانهم من حق تشكيل النقابات وكذلك حقوق العمل كما نصت عليها معايير العمل الدولية , ثم الموافقة علي تعديل كامل لقانون العمل ليصدر تحت رقم 12 لسنة 2003 والذي اخل بالتوازن بين مصالح العمال وأصحاب الاعمال , , وفي ظل هذه الاوضاع قام العمال خلال السنوات الاربعة الاخيرة بمئات من الاحتجاجات العمالية والتي كانت تدور حول محور واحد وهو احداث توازن بين الاجور والاسعار, والغريب ان بعض الاحتجاجات كانت تنظم في مواجهة اللجان النقابية التي تسارع بوصف تلك الاحتجاجات بعدم الشرعية وسرعان ما تنضم اليها النقابات العامة والاتحاد العام حيث يتولى كل منها ادانة الاحتجاج العمالي والمطالبة بفضه أولا قبل الدخول في اي مناقشات حول مطالب العمال متحدين في ذلك مع وزارة القوى العاملة وعندما يفشلون في تحقيق ذلك يلجأون للعب دور الوسيط .
دور المرأة في الاحتجاجات العمالية
أكدت الباحثة نجوان سليمان في كلمتها عن دور المرأة في الاحتجاجات العمالية انه منذ بداية تصاعد أعنف موجة الاحتجاجات العمالية , برز دور العاملات بوضوح في الاحتجاجات وحرصت العاملة المصرية علي المشاركة في النضال للمحافظة علي ما تبقى للعمال من حقوق , ولعل ما حدث في شهر ديسمبر 2006 كان تجسيدا حقيقيا الي ماوصلت اليه تلك المشاركة , ففي غزل المحلة وحين شعرت العاملات بشئ من الخلل استلمن زمام الامور وأطلقن هتافهن الشهير ” الرجالة فين …الستات أهم ” وبالفعل تحقق النصر خلال هذا الاضراب وأعطى دفعة جبارة للاحتجاجات العمالية في انحاء مصر , وفي صيف عام 2007 كسب عمال مصنع المنصورة – اسبانيا معركتهم وتمكنوا من التصدي لمخطط اغلاق المصنع , وتحقق ذلك بعد ما قام نحو 300 عامل 75% منهم من النساء باحتلال المصنع وعاشوا في مكان الانتاج طيلة شهرين , ولم يكن مستغربا ان تقوم النساء العاملات اللاتي يعتبرن اشد الفئات اضطهادا بلعب هذا الدور الهام مع رفاقهن الرجال , فقد كانت النساء اللاتي يتقاضن راتبا اساسيا يتراوح بين 135 – 150 جنيها شهريا قد اصابهن الاحباط من امكانية استمرار الشركة والحفاظ علي وظائفهن وأضافت نجوان انه في شهر ديسمبر عام 2007 شاركت موظفات الضرائب العقارية في أطول اعتصام في شارع حسين حجازي بوسط القاهرة والذي استمر احد عشر يوما , حيث عاشت الموظفات في الخيام المنصوبة خلف مقر مجلس الوزراء , ولم ترهبهن الاشتباكات الامنية العنيفة , التي وقعت بين المعتصمين وأجهزة الامن وحصارهم في طوق امني امام مجلس الوزراء , وقد انضمت الي الاعتصام ما يقرب من 750 سيدة وجلست الموظفات سويا علي الارصفة وقد تعالت أصواتهن مه الهتافات التي يرددها المعتصمون , وظلت الموظفات مشاركات في الاعتصام حتى اليوم الاخير ..
وأضافت نجوان سليمان مما سبق يتضح لنا أنه علي الرغم من العادات والتقاليد الموجودة بالمجتمع المصري والتي تفرض اطارا عاما لاشكال مشاركة المصريات عبرت كل تلك الحواجز واستطعن المشاركة وتنوعت ادوارهن في الاحتجاجات ما بين قيادية او الاعداد والتخطيط والتفاوض وحماية المنشأت ..
وطالب العمال بعديد من التوصيات منها
• تفعيل اتفاقيات منظمة العمل الدولية والتي وقعت عليها مصر وذلك من خلال موائمة التشريعات والقوانين المحلية مع تلك الاتفاقيات خاصة المتعلقة بمعايير العمل الدولية .