6/1/2008
نشرت جريدة الأهرام في عددها الصادر 5/1/2008 ندوة مع السيد الأستاذ الدكتور وزير التعليم حول الاستراتيجية الجديدة لتطوير التعليم والتي وصفها السيد وزير التعليم بأنها سياسة دولة ولن تتأثر بتغيير الوزراء .
ولقد أكد السيد الوزير علي أحقية كل طفل في تعليم جيد ولكن هذا التأكيد يتنافي تماما مع الأوضاع الراهنة للمدارس وللتعليم بشكل عام والتي يتحدث عنها المجتمع بشكل شبه يومي وهذه الأوضاع بالتأكيد لا يكفي لإصلاحها الحديث عن استراتيجيات وخطط هي بالأساس خطط شكلية فعلي سبيل المثال لاسبيل لتحقيق فائدة تذكر من الحديث عن التعليم الديموقراطي في وجود بيئة تعليمية استبدادية وفي وجود وزارة للتعليم تضع خططها واستراتيجياتها بمعزل عن المجتمع مكتفية بأن تصدر أحكاما نهائية في أن هذا يصلح وهذا لايصلح دون حتي أن تقدم تفسيرا لوجهة نظرها .
وليس أدل علي ذلك من حديث السيد وزير التعليم نفسه الذي قال أن التعليم الأساسي سيبقي مسئولية الدولة وهو الكلام المنافي للدستور والمواثيق الدولية فالدستور المصري ينص علي مسئولية الدولة عن التعليم كله وكفالته بالمجان في جميع مراحله وليس التعليم الأساسي فقط كما أن الحديث عن مشروع جديد للثانوية العامة يتم العمل عليه بمعزل عن المجتمع ( حتي لايثير الرأي العام – علي حد تصريح أحد المسئولين بالوزارة لجريدة المصري اليوم ) ينفي الجدية عن الحديث عن اللامركزية والشراكة المجتمعية .
كذلك فإن الحديث الاحتفالي عن تطوير المدارس وعن وجود مدارس خاصة تصل فيها الكثافة القصوي إلي 20-25 طالبا يبقي حديثا عن نسبة لاتكاد تذكر من المدارس والمركز المصري للحق في التعليم يحيل السيد الوزير إلي المدارس الخاصة التي يتعلم فيها إبناء الطبقة الوسطي ويوجد الكثير منها في إدارة السلام التعليمية والتي تصل فيها الكثافات إلي مايزيد عن 60تلميذا في الفصل تتعامل معهم الإدارات المدرسية بعنف ينافي كل المتعارف عليه من حقوق للطفل بل ويخالف القرارات الوزارية ذات الصلة والمركز يحيل السيد الوزير إلي بعض مدارس منطقة دار السلام وهي مدارس خاصة أدمن مديروها علي تعذيب التلاميذ ( في مرحلة التعليم الأساسي ) عن طريق تذنيبهم في الشمس لفترات طويلة بسسب تأخر أولياء أمورهم في دفع أقساط المصروفات , وإذا كان هذا هو حال نسبة كبيرة من المدارس الخاصة في التعامل مع الأطفال , فإن إهدار هذه المدارس لحقوق العمالة ( معلمون وإداريون وعمال ) ليس أفضل شأنا في غياب أي إشراف حقيقي أو أي مظلة حمائية لهؤلاء العاملين الذين يوقع بعضهم علي إيصالات أمانة واستقالة عند تعاقدهم مع المدرسة والذين يحرمون من مكافأة الامتحانات ويتقاضون أجورا مضحكة إن هذا الإهدار لحقوق التلاميذ والعاملين يحدث بالأساس في المناطق الفقيرة وهو مايطرح عددا من التساؤلات حول جدية الحديث عن حق جميع الأطفال في الحصول علي تعليم جيد .
إن الهدف من وضع معايير لجودة التعليم وإنشاء هيئة قومية لضمان هذه الجودة في كل دول العالم هو ضمان تقارب المستوي التعليمي والمحتوي التعليمي بغض النظر عن تعدد أنظمة التعليم , اما جودة التعليم من وجهة نظر الوزارة ( التي تتضح تماما من برامج التظوير والتدريب التي يتم تطبيقها في المدارس ) فيبدو أنها تعني تعليم أبنائنا حسب وجهة نظر الشركات متعدية القومية وشركات الكمبيوتر العالمية . فضلا عن أن الحديث عن الانتقال من الإتاحة للجودة هو حديث خادع حيث أن التحدي الحقيقي أمام الدولة بل ومسئوليتها الأولي حسب المعايير الدولية لجودة التعليم هي إتاحة وكفالة الحق في التعليم وفق المفاهيم الحقيقة للإتاحة والتي تتكون من المكان الجيد من ناحية المساحة/ الكثافة والتهوية والنظافة والمحيط التعليمي أو البيئة الداعمة للتعلم , والمعلم القادر علي القيام بعمله في بيئة تشاركية تفاعلية والذي تم تمكينه من ذلك والذي يحصل علي أجر يمكنه من التفرغ لعمله والإبداع فيه والذي توجد له مظلة حمائية في نقابته العامة أو المستقلة أو رابطته المستقلة والذي يشارك في وضع السياسة التعليمية والتربوية حتي يكون مقتنعا بما يفعل , والمنهج المنفتح والمحرض لعقول التلاميذ علي الإبداع والنقد والمشاركة والتفكير المستقل والأنشطة التي تدرب التلاميذ علي قيم اجتماعية إيجابية .
هذه هي مسئولية وزارة التعليم كممثل للدولة , أما وضع الخطط والاستراتيجيات فهي مسئولية المجتمع والدولة معا وليس من الصحيح علي الإطلاق أن تطلع وزارة التعليم علي المجتمع كل عام أو عدة أعوام بمجموعة من الأوراق ( رغم ما فيها من جهد ) متحدثة عن استراتيجية جديدة للتطوير رغم أن الجديد فيها يكون أحيانا مجرد العناوين . والمركزالمصري للحق في التعليم يؤكد علي تخوفه الشديد من أن يأتي تطوير الثانوية العامة ليضعها مع التعليم الجامعي في سلة التعليم مابعد الأساسي ( أي التعليم الذي لاتتحمل الدولة مسئوليته – حسب مايمكن أن نفسر به كلام السيد الوزير في ندوة الأهرام ) وكذلك يبدي المركز تخوفه من أن تمتد ظاهرة السلم التعليمي المميز التي ادت عمليا إلي قيام التعليم الجامعي بالتنوع في المستوي علي أساس تمييزي بين القادرين ماليا وغير القادرين .
كما يؤكد المركز علي خطورة اتخاذ أي خطوات أو قرارات أو إجراءات تؤدي عمليا إلي التمييز بين المصريين ( والأطفال المصريين بشكل خاص) علي أساس القدرة المالية وذلك فيما يتعلق بالحقوق الأساسية ومنها الحق في التعليم .
ولقد رصد المركز ( رغم أن الأمر لايحتاج لجهد كبير ) عدد من المظاهر التي يعاني منها الأطفال في عدد من المناطق الفقيرة والتي لاتؤدي فقط إلي انتهاك حقهم في التعليم فضلا عن التعليم الجيد ولكنها تؤدي عمليا إلي التمييز ضد الفقراء والتي منها :-
-
- 1- ارتفاع المصروفات بما يفوق قدرة الأسر الفقيرة فيما يسمي المدارس التجريبية المتميزة أو مدارس المستقبل .
-
- 2- الأهمال الشديد التي تتعرض له المدارس الحكومية في بعض المناطق مثل منطقة الخصوص ومنطقة السوق في المطرية والتي تحاط مدارسها بأكوام القمامة ومياه المجاري وكل مصادر التلوث التي تعرض صحة التلاميذ للخطر ( امراض الكبد والكلي وغيرها )
-
- 3- تزايد معدلات العنف ضد التلاميذ نتيجة لعجز أسرهم عن تحمل تكاليف الدروس الخصوصية أو المجموعات المدرسية الرسمية أو عن سداد أقساط المصروفات في المدارس الخاصة أو التجريبية, خاصة في ظل الارتفاعات المتتالية في أسعار السلع الضرورية للحياة
-
- 4- الغياب شبه التام للأنشطة وعدم وجود مدرسين لها .
-
- 5- العجز في عمال المدارس وترك مسئولية نظافة المدرسة ملقاة علي عاتق الطلاب .
-
- 6- الشكلية في الاختبارات الشهرية وفي ملفات الإنجاز والتي تفرغ نمط التعلم النشط من محتواه وتحول المعلمين إلي كتبة مشغولين طوال الوقت بملء السجلات الخاصة بالطلاب .
-
- 7- ارتفاع نسبة الطلاب الذين يفتقدون المهارات الأساسية للتعلم ( القراء والكتابة والحساب ) ليس فقط في التعليم المهني ولكن في التعليم الحكومي العام .
-
- 8- حرمان الأطفال الذين يعاني أولياء أمورهم من الأمية أو من ضعف المستوي التعليمي من حقهم في الالتحاق بالمدارس التجريبية .
- 9- التكدس وزيادة الكثافة في المدارس الحكومية أو الخاصة علي السواء
وهذه المظاهر وغيرها تؤكد أن الحديث عن حق جميع الأطفال في الحصول علي تعليم جيد هو مجرد حديث إنشائي ربما يكون الغرض منه تسكين المجتمع حتي يتم تحرير كافة الخدمات المرتبطة بالتعليم بما يؤدي عمليا إلي زيادة تكلفة التعليم ككل وتسليع هذا الحق الهام بدعوي تحرير الخدمات المرتبطة به .
لمزيد من المعلومات يرجي الاتصال :-
المركز المصري للحق في التعليم – القاهرة – مدينة النهضة- مساكن الجيزة 600-ب1م1شقة9
موبايل :- 0103063256- email:- ecer_eg @yahoo.com