18/3/2008

السادة وأصحاب السمو رؤساء وملوك وأمراء الدول العربية
السادة رؤساء وفود الدول العربية المشاركين في قمة دمشق

تحية طيبة
إن المتأمل في قرارات القمة العربية سواء ما يخص القضايا المصيرية كالعراق وفلسطين أو العمل العربي المشترك أو قضايا الإصلاح السياسي الداخلي يجد أنها نظريا تتطابق مع هموم وآمال المجتمعات العربية إلا أنها لا تجد طريقها للتنفيذ على أرض الواقع بما يحقق العدل والحرية والأمن للشعوب العربية.

ونحن في مركز سواسية لحقوق الإنسان ومناهضة التمييز إذ نكتب هذه الرسالة إليكم فإننا لا نطالب بإجراءات عملية محددة لأن أرفف المكتبات العربية تنوء بتوصيات المراكز البحثية وآراء المتخصصين في كل المجالات وإنما من أجل الدعوة إلى اتخاذ موقف عربي جماعي جديد يتجاوز العجز المزمن عن الحوار وتمترس كل طرف خلف مطالبه الكاملة سعيًا إلى تبني الحلول الوسط التي تجد طريقها إلى الواقع.. فتغيره وتصلحه.

ويؤكد المركز أن التفاعلات السياسية العربية بنمطها القائم لن تؤدي سوى إلى استمرار غياب حد الكفاف الإنساني للشعوب العربية (حيث يقل معدل الحريات العامة ولا يجد معظم الناس لقمة العيش الكريمة)، إضافة إلى سيادة نمط الأزمة داخل النظام الإقليمي العربي مما يوفر تربة صالحة للاختراق الخارجي.

فمن جهة تسود العلاقات العربية – العربية نمط الأزمة ويتمثل ذلك في صدور قرار أو اتخاذ موقف من قبل أية دولة عربية تعبيرًا عما تتصوره مصلحتها الوطنية، فتقوم دولة عربية بالتصدي له وإدانته في كل الأحوال ودون سعى للحديث المباشر حول حيثياته، ثم يتبدى عجز الطرفين عن الحوار حول ما يعتبره كل منهما مصلحة عليا.

ومن جهة أخرى فإن الخارج يستغل ذلك الوضع من أجل تحقيق مصالحه على حساب المصالح العربية والأمن القومي العربي، وتشير الخبرة التاريخية إلى أن هذا الخارج يسعى دائما إلى منع تماسك وتكامل أمتنا العربية والإسلامية، نظرا لأنها ما إن تتماسك وتكون كتلة إقليمية إلا وتؤثر في التوازنات الدولية، غير أن الأطراف الخارجية لم تكن لتستطيع أن تحدث آثارها التي نراها لولا حالة غياب التماسك داخل النظام العربي ومؤسسته – الجامعة العربية.

وينبه المركز إلى أن الإسراع بالتطبيع وعمل حلف عصابة ضد المقاومة التي تناضل من أجل تقرير المصير – وليس زعزعة استقرار أي نظام عربي- وفصل ذلك عن عملية التسوية يأتي بهدف التكامل في سبيل الوصول إلى التوسع في العالم العربي والإسلامي ليس بالقوة العسكرية ولا بالوجود البشرى في ظل الحجم الضعيف للجماعات اليهودية في دولة الاحتلال وإنما عن طريق الهيمنة.

ومن جهة أخيرة فإن الأوضاع الداخلية تشهد مزيدا من التكميم للقطاع الإعلامي، وإلحاق المؤسسات التشريعية بالسلطة التنفيذية وصناعة قوانين تحت نفسية هاجس الخوف من فوز الإسلاميين، فضلا عن تضييق هامش الحريات أمام المعارضة، ورفض قبول خريطة حزبية تعبر عن المكونات والقوى المجتمعية.

ويمكن وصف هذه الأوضاع بكلمة واحدة هي: الأمنوقراطية والتي تشير إلى المرحلة الراهنة من الإصلاح التي تلعب فيها الأجهزة الأمنية دورًا في تعطيل قدرات الجماهير وتوظيفها في آن لاستمرار ما هو قائم من استبداد سياسي وفساد بنيوي.

ويرى المركز أن تلك الأوضاع تعكس حقائق مفزعة أهمها: أولا: غياب الثقة بين الأنظمة السياسية والشعوب. ثانيا: أن أطرافا خارجية تستغل ذلك من أجل أن تحل بديلا عن الشعوب كمصدر لإسباغ الشرعية على النظم السياسية.

ويشدد على أن أحد البدايات الصحيحة لوقف إهدار مقدراتنا وقدراتنا، وبالتالي وقف إعاقة الديمقراطية والتنمية والاستقلال والتكامل العربي، يتمثل في تصحيح الخلل في أداء الدول العربية لأدوارها خارجيا وداخليا.

وفي هذا الصدد يطالب المركز بأن ترفع الدول أيديها عن المجتمعات وأن يقتصر دورها على الوظائف المحددة التالية:

  1. حماية الأمة من المخاطر الخارجية القادمة من وراء الحدود، والتي تهدد كيان المجتمع ووجوده، أو تهدد مصالحه الحيوية ومصادر تنميته وتطوره، ومن الأهمية في هذا الإطار إعادة الاتفاق على أن العدو الأول للأمن القومي العربي يتمثل في إسرائيل وليس حماس – مثلا!
  2. تحقيق الأمن الداخلي، وذلك من خلال تأمين الإنسان في ماله وعرضه ونفسه وحمايته من أي تهديد، وهو ما يستدعي سيادة القانون على الجميع، وتعزيز دور المجتمع المدني من خلال إيجاد نظم وأطر وأساليب ديمقراطية.
  3. الفصل في المنازعات وحفظ الحقوق والتحكيم بين الأفراد والهيئات في أي من الأمور المتعلقة بالمعاملات والعقود سواء الاجتماعية أو الاقتصادية، وهو ما يتطلب استقلال السلطة القضائية، وتشكيل هيئة جديدة يتظلم المواطنون فيها من الموظفين العموميين على اختلا ف مسئولياتهم.
  4. حماية الفقراء وغير القادرين والضعفاء من خلال توفير الموارد المالية اللازمة وتوزيعها عليهم بالعدل، وهو ما يدعو إلى محاربة الفساد وتحقيق الشفافية في الميزانية العامة.

وختاما .. يجدد المركز مطالبه بتحقيق مصالحة بين الأنظمة وشعوبها، شرطها الرئيس هو تحقيق إصلاح ديمقراطي يرسخ المشاركة وتداول السلطة وحقوق الإنسان ويحقق مصالح جميع الفئات الاجتماعية والقوى السياسية والفكرية في بلادنا.

للمزيد طالع أبواب الموقع
http://www.sawasya.com