13/4/2008

يصدر مركز سواسية لحقوق الإنسان ومناهضة التمييز اليوم الأحد 12 أبريل 2008 تقريره حول النتائج التي توصلت إليها بعثة تقصي الحقائق التي أرسلها المركز إلى مدينة المحلة، والذي يحمل عنوان : “عصيان متحول .. تقرير مركز سواسية حول نتائج بعثة تقصي الحقائق التي أرسلها إلى مدينة المحلة 6 – 8 أبريل”.

ويتناول التقرير الذي يقع في 55 صفحة المحاور التالية: مقدمة، منهجية التقرير، تعريف الإضراب، أحداث السخط والشغب بمدينة المحلة، الأحداث في ضوء أزمة الشرعية، تعامل الحكومة والمعارضة مع الأحداث، التناول الإعلامي للإحداث، شهود عيان وشهادات، خاتمة وتوصيات، وثائق.

سخـط و شغـب
¬قبل أن يصف التقرير أحداث الشغب والسخط على لسان شهود العيان فإنه يتناول مفهوم الإضراب العمالي من حيث تعريفه وأشكاله، ومدى اتساق التشريعات الوطنية مع المواثيق الدولية

. ويذكر أن أحداث السخط والشغب قد اشتعلت يوم 6 أبريل في شوارع المدينة بعد أن منعت الأجهزة الحكومية أن يتم الإضراب داخل مصنع غزل المحلة ، وتحولت المصادمات مع قوات الأمن إلى ما يشبه معارك شوارع أدت إلى وقوع عدد كبير من الجرحى والمعتقلين مشيرا إلى أن الأحداث تكررت خلال اليوم التالي بشكل عفوي وغير منظم إثر منع قوات الأمن الأهالي من التجمع حول النائب العام خلال جولته في الشوارع لمطالبته بالإفراج عن المعتقلين من ذويهم.

أزمـة شرعيــة
يذكر التقرير أن أحداث المحلة تجيء بعد موجة كبيرة من احتجاجات العمال والموظفين والطلاب خلال العام 2007، وموجة أخرى من الاحتجاجات خلال ما مر من العام 2008 والتي شهدت دخول فئات جديدة على خط الغضب مثل أساتذةالجامعات والأطباء.

ويتساءل: لماذا شهدت المحلة أحداث شغب وعنف على غير المعتاد؟ ويجيب بأن هناك عدد من الأسباب والرؤى ومنها: وجود (أزمة شرعية) حيث أن قدرة نظام الحكم على تحقيق إنجازات سياسية واقتصادية يؤدى لبناء سياسات معتدلة مع المعارضة واحترام القانون، أما كثرة اللجوء للوسائل الأمنية والقوانين المقيدة للحريات فهو الوجه المقابل للتعبير عن تناقص الشرعية السياسية. إدارة الأزمـــة
يلاحظ التقرير أن القوى المنظمة لإضراب 6 ابريل غاب عنها العديد من القوى السياسية الموثرة كأحزاب الوفد والتجمع والناصري بالإضافة إلى جماعة الإخوان المسلمين ولعل هذا ما أدى إلى خروج أحداث الشغب لأن المتظاهرين أصبحوا كجسد بلا رأس.

وفي المقابل استخدم النظام السياسي عددا من الوسائل الإدارية والإعلامية والدينية والأمنية لمنع الإضراب السلمي. الإعـلام والإعلام البديل

ويذكر أن معظم وسائل الإعلام الرسمية تعاملت مع الإضراب والأحداث ليس من منطلق البحث عن أسبابها وإنما بتجريم المشاركة فيها، والإيحاء أن يوم الإضراب كان يوما عاديا في حياة المصريين رغم أن هناك سماوات مفتوحة وفضائيات تنقل ما يحدث!!

وفي المقابل أكدت أحداث يوم 6 أبريل على بروز قوة جديدة هي المناضلين الإلكترونيين الذين قدموا الدعوات والمساندة في وسائل الإعلام البديل مثل مواقع ألفيس بوك واليوتيوب والمدونات والمنتديات الحوارية والمجموعات البريدية وغيرها.

توصيـات التقـريـر
أكد التقرير أن استمرار الفساد البنيوي – نتيجة التحالف غير النزيه بين “أهل البيزنس” و” أصحاب السلطان” سيؤدي إلى تكرار الاحتجاجات وربما الإنفجارات العشوائية التي تهدد استقرار الدولة والمجتمع،

ووجه عددا من التوصيات الهامة للحكومة والمعارضة وعمال مصر كالتالي:

  1. الإفراج عن المتهمين: طالب المركز باحترام كلا من الحق في التجمع السلمي، والإفراج الفوري عن المتهمين الذين تم القبض عليهم وتم التحقيق معهم، والتعامل معهم وفق نص المادة الحادية والعشرون من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تحمي الحق في التجمع السلمي ، والمادة العاشرة من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية التي تلزم بحسن معاملة المحرومين من حريتهم واحترام آدميتهم
  2. إصلاح أوضـاع العمـال: دعا التقرير إلى إصلاح أوضاع عمال مصر ، ومعالجة قضية تراكم الديون على الشركات التي يعملون فيها ،ومواجهة كلا من: الفساد المنظم الذي أدى إلى بيع أراضي الشركات ومخازنها وكثيرا من فروعها بحجة سداد ديونها، لصالح بعض رجال الأعمال من جهة ، والإفساد تجاه بعض القيادات النقابية الذي أدى إلى لجان عمالية لا تمثل إرادة العمال، و تمثل طبقة عازلة بين العمال والإدارة وشدد المركز على أهمية تحقيق مطالب العمال على أرض الواقع وأهمها: الحق في تكوين نقابات ديمقراطية مستقلة بحرية، وربط الأجور بالأسعار، ودعم حق العمال في أجور عادلة تغطى احتياجاتهم وأسرهم، ورفض مشروع خصخصة التأمين الصحي وبيع ممتلكاته، ورفض سياسات الخصخصة والتكيف الهيكلي في الصناعة والخدمات العامة، وما احتواهما من عوار وفساد، والعمل على تطوير الصناعة الوطنية وتحسين أحوال العمال.
  3. الحكومـة المصريـة: دعا التقرير الحكومة والأجهزة الأمنية إلى التحقيق في أحداث المحلة من أجل تحديد مسئولية الإعتداء على المتظاهرين ، ووضع معايير لقوات الأمن عند تعاملها مع التظاهرات والاحتجاجات بشكل يحترم حقوق الإنسان . كما طالب الحكومة بقبول تعددية سياسية متوافقة مع التعددية المجتمعية القائمة، وبالتالي تجاوز نمط العلاقات القائم داخل النظام السياسي والذي يقوم على استبعاد الإخوان المسلمين خوفا من قدرتهم علي الفوز في الانتخابات من جهة وفرض حصار علي الأحزاب وتفجيرها من الداخل لعدم تمكينها من مواجهته من جهة أخرى ووصف من يقومون بالاحتجاجات ضد سياساته بأنه فئة مندسة نظرا لأن قطاعات كبيرة من الشعب ستطالها هذه الصفة من جهة أخيرة!
  4. قوى وأحزاب المعارضة: شدد التقرير على ضرورة أن تتجاوز القوى السياسية والفكرية الرئيسية في البلاد: الإسلامية والليبرالية والقومية واليسارية حالة الخصام والعداء والنضال المشترك من أجل هموم المواطنين المصريين. ورأى أن ذلك لن يحدث سوى بخلق تيار عام يضم ناشطين من هذه القوى وهو التيار الذي يمكن بلورته من خلال نضال كل طرف داخل نقابته أو تياره من أجل مطالب عامة وليس خاصة أو فئوية فحينما تكون المطالبات عامة لا تستطيع السلطة أن تلتف عليها بشكل من الأشكال إلى أن تجهضها على نحو معين كما حدث الآن في إضراب يوم 6 أبريل.
  5. عمال مصر: طالب المركز بأن يتوحد العمال على مختلف أطيافهم السياسية وراء أهداف موحدة يناضلون من أجلها، وإلى جانب تحسين الأجور والأوضاع المعيشية فإن من أهم القضايا التي يمكن النضال المشترك من أجلها هو تحرير اتحاد عمال مصر، من الهيمنة الحكومية على مقاديره، والتي تقوم دائما بالتدخل في انتخاباته بما يؤدي إلى منع ممثلي العمال الحقيقيين من التعبير عن مصالحهم. وختاما .. أكد مركز سواسية لحقوق الإنسان ومناهضة التمييز أن ما جاء بالتقرير لا يهدف إلى الإساءة إلي أي شخص في أي موقع وينطلق من (فقه السفينة) الذي يعنى أن جميع المواطنين على أرض مصر – حكاما ومحكومين – على سفينة الوطن الواحدة وبالتالي فإن ” أصغر خرق يعني أوسع قبر”.

للحصول على نسخة من التقرير .. يمكن الرجوع إلى موقع المركز على شبكة الإنترنت
http://www.sawasya.com