29/10/2008

يستغرب مركز سواسية لحقوق الإنسان ومناهضة التمييز إصرار الحزب الوطني الحاكم على اختيار شعار يتعلق بالتغيير والمستقبل لمؤتمره السنوي الخامس، رغم أنه يتزامن مع عدد من الكوارث المتواترة التي شهدها العام الجاري

كالحرائق في المؤسسات والجامعات، وحادثة الدويقة، وتزايد الفقر وارتفاع الأسعار، وبروز ظاهرة الانتحار .. إلخ. ويلاحظ المركز أنه منذ إنطلاق المؤتمرات السنوية للحزب الحاكم، سنة 2003، كانت نخبة الحزب تقوم بمناقشة القضايا التي تمس مستقبل الدولة والمجتمع دون تشاور مع المجتمع المدني أو التعاطي مع اجتهادات علماء مصر الذين تنوء أرفف المراكز البحثية والمكتبات بدراساتهم العلمية التي تعالج معظم أزماتنا ومشكلاتنا.

وطوال هذه السنوات أصبح من المتوقع كيف ستكون توصيات المؤتمر في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والزراعية، وذلك بعد خطب رنانة وكلمات ومداخلات تشهدها أرجاء المؤتمر وتؤكد جميعها التجربة الرائدة للحزب الوطنى ومدى قدرته على التواصل مع الشعب والعبور إلى المستقبل .

وفي بعض الأحيان يشهد هذا المؤتمر طروحات جريئة حول مشكلاتنا وأزماتنا لكنه ينتهي عادة كما بدأ إذ أن المشكلات هى هى لم تجد حلولا، وفى الأغلب ستذهب التوصيات أدراج الرياح كسابقتها، وربما يعود ذلك إلى أن المشاركة فيه تقتصر على النخبة السياسية، وهى غير مطحونة مثل غالبية الشعب، إضافة إلى أن بعضها تحوم حوله شبهات فساد وتربح من المال العام واستغلال المناصب العامة لتحقيق مصالح شخصية.

ونظرا لأن المؤتمر يعقد في ظل أزمات اقتصادية عاصفة وقضايا فساد وقتل فإن المؤتمر الجديد سوف يسعى لتقديم كشف حساب عن خطط تنفيذ البرنامج الانتخابي للرئيس مبارك عن‏ ثلاث‏ سنوات ماضية‏، وسيكون مؤتمرا لتقييم كل قيادات الحزب والهيئة البرلمانية – حسبما هو معلن – وهنا يتساءل المركز: هل لدى الحزب الشجاعة الكافية للاعتراف أن مصر تواجه معضلة اقتصادية – اجتماعية لم تبرهن الحكومة الحالية على أنها تمتلك إمكانات حلها؟!

إن مركز سواسية يؤكد على أن استمرار الحديث عن مشروعات البنية التحتية ومكافحة الفقر ومحدودي الدخل والدور الاجتماعي لرجال أعمال الحزب.. إلخ لا يمكنه أن يخفي حقيقة أن تقلص دور الدولة في ظل سياسات الخصخصة، وعدم نضج القطاع الخاص حتى يتولى الأعباء الاقتصادية للتنمية قد أديا إلى آثار وأزمات دائمة على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية حيث أشارت تقارير للبنك الدولي مؤخرا أن مصر جاءت علي رأس 33 دولة مهددة بأزمات غذائية ومشاكل اجتماعية خطيرة مرشحة للاستمرار لفترات طويلة، وأن هذه الأزمات تهدد نظمها السياسية.

وينوه إلى أن هذه المؤتمرات التي تواكبها في العادة حملات دعائية ضخمة وحديث حول إنجازات في المجالات الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية قد تزامنت مع تمديد قانون الطوارىء والشروع في سن قانون الإرهاب دون حوار مجتمعي فكيف يحقق ذلك آمال الشعب أو المصلحة العليا للوطن والمواطنين كما ادعت الحكومة في تقريرها الذي قدمته لمجلس الشعب لتمرير الطوارىء؟!.

ويشير إلى أن التغييرات والإصلاحات التي بدأت منذ االانتخابات البرلمانية عام 2001 كانت بسبب أن الحزب واجه أزمة داخلية عميقة وقتذاك بسبب حدة التنافس بين أعضائه الراغبين في خوضها إذ طلب أكثر من ألف عضو أن يرشحهم الحزب الذي لا يستطيع ترشيح أكثر من 448 مرشحا!، وطوال هذه الفترة لم تؤدى الإصلاحات إلى دمقرطة الحزب وإنما زادت من هواجس التوريث.

ويرى مركز سواسية أن الحزب الوطني الحاكم يظل عاجزا عن إصلاح نفسه وغير قادر على قيادة البلاد نحو طريق الديموقراطية، وهذا ما يكشفه تركز الإرادة السياسية داخل الحزب ووجود نخبة تسعى إلى تثبيت مواقعها التنظيمية والسياسية وربطها بالمصالح الاقتصادية الخاصة، فضلا عن السياسات الحكومية الحمائية للحزب والتي تتمثل بالأساس في أسلوب القمع الشامل، الذي تستعمله الأجهزة الحكومية الإدارية والأمنية تجاه الحركات الاجتماعية والشعبية والنقابات والطلاب والعمال من جهة وتمرير تعديلات دستورية العام الماضي تلغي الإشراف القضائي على الانتخابات وتطعن في الصميم مبدأ تداول السلطة من جهة أخرى.

وإذ يشدد المركز أن مشكلة مصر سياسية وليست اقتصادية وأن الشعب الذي لا ينال حقوقه وحرياته لا ينتج أو يبدع، فإنه يدعو الحزب الحاكم والنخبة السياسية الحاكمة إلى وقف كل ما يعوق المشاركة السياسة الشعبية والطلابية.

ويتطلب ذلك الاعتراف بأن النظام الحزبي الذي يريد الحزب الحاكم تطويره وصل إلى مرحلة الانهيار بسبب القيود المفروضة على الأحزاب ومنع حرية تشكيل الأحزاب بطريقة تضمن تمثيل كافة اطياف المجتمع الفكرية والسياسية .. أو بكلمة واحدة: لا إصلاح حقيقيا ممكنا، حتى للحزب الحاكم نفسه، من دون إطلاق حرية تكوين الأحزاب بما يتيح تأسيس أحزاب جديدة أكثر قدرة على الحركة وتعبيرا عن الشارع المصري.

كما يطالب المركز بضرورة وجود قدر معقول من الإفصاح والشفافية حول كل ما يتعلق بالمجتمع من خلال نشر التقارير الرقابية على العلن، بما لا يمس الأمن القومي، وذلك حتى يتأكد المواطنون أن هناك محاسبة للفاسدين وأن لهم دور في صناعة القرار.

وينبه إلى أهمية العودة إلى الإشراف القضائي على الانتخابات والقبول بالحق في انتخاب اتحادات طلابية مستقلة، وضرورة صدور قانون استقلال السلطة القضائية، الذي صاغه وطالب به نادي قضاة مصر.

كما يجدد مطالبه بتحديد (دور الدولة) وذلك بأن ترفع السلطة أيديها عن المجتمع وأن يقتصر دورها على وظائف محددة هي: حماية الوطن من المخاطر الخارجية القادمة من وراء الحدود، تعزيز الأمن الداخلي

من خلال تأمين الإنسان في ماله وعرضه ونفسه وحمايته من أي تهديد، حماية الفقراء وغير القادرين والضعفاء، وهو ما يدعو إلى محاربة الفساد وتحقيق الشفافية في الميزانية العامة.

للمزيد طالع أبواب الموقع
http://www.sawasya.com

مركز سواسية لحقوق الإنسان ومناهضة التمييز