10/8/2008

تعرب منظمات حقوق الإنسان المصرية عن قلقها العميق، إزاء الحكم الذي أصدرته مؤخرا محكمة جنح الخليفة –غيابيا- بحق مدافع بارز عن حقوق الإنسان والحريات الديمقراطية، وهو د. سعد الدين إبراهيم أستاذ علم الاجتماع ورئيس مركز بن خلدون للدراسات الإنمائية؛ حيث قضت المحكمة بمعاقبته بالحبس لمدة عامين مع الشغل، وبكفالة قدرها عشرة آلاف جنيه، لإيقاف تنفيذ العقوبة، وذلك بعد إدانته بتهمة الإساءة لسمعة مصر وهيبتها والإضرار بالمصلحة القومية. وقد استندت حيثيات الحكم إلى تقرير أعدته وزارة الخارجية المصرية، يشير إلى أن كتاباته المنشورة بالعديد من كبريات الصحف الأمريكية والعالمية حول الأوضاع الداخلية في مصر، تضمنت مطالبة الإدارة الأمريكية بربط برامج المعونة التي تتحصل عليها الحكمومة المصرية، بإحراز تقدم في مسار الإصلاح الديمقراطي.

وتؤكد المنظمات الموقعة على هذا البيان أن معاقبة د. سعد الدين إبراهيم على آرائه، تشكل ملمحا بارزا للتوجهات الرامية إلى تقويض هامش الحريات، ومظاهر الحراك السياسي والمجتمعي التي عرفتها مصر قبل عامين، وهو ما يتبدى على وجه الخصوص فيما شهده العامين الأخيرين من النزوع مجددا لإحالة المدنيين للمحاكمات العسكرية، ومحاصرة الصحفيين بعقوبات الحبس التي تتهدد عددا من رؤساء التحرير والصحف الحزبية والمستقلة، في مقدمتهم إبراهيم عيسى ووائل الإبراشي وعادل حمودة- باتهامات مشابهة لتلك التي حوكم سعد الدين إبراهيم بمقتضاها- والتحرش بمنظمات حقوق الإنسان وإغلاق اثنتين من كبرى هذه المنظمات، وتوظيف الصلاحيات الاستثنائية بموجب قانون الطوارئ، في ملاحقة واعتقال نشطاء الإنترنت والداعين للإضراب في 6 أبريل الماضي، علاوة على التوجهات الأكثر تشددا في مواجهة حرية البث الفضائي، والتي وجدت تعبيرها في القيود الصارمة التي تبنتها وثيقة الجامعة العربية مؤخرا حول مبادئ وأخلاقيات البث الفضائي، والتي جاءت بمبادرة من الحكومة المصرية، ووجدت بعضا من تجلياتها في سحب تراخيص عدد من الفضائيات، ومشروع القانون الذي تبنته وزارة الإعلام الذي يستهدف إحكام السيطرة مجددا على وسائط البث السمعي والمرئي، بما في ذلك البث الإلكتروني عبر شبكة الإنترنت.

وتعتبر المنظمات المصرية الموقعة على هذا البيان أن محاكمة سعد الدين إبراهيم تظهر بشكل واضح مخاطر توظيف النصوص القانونية المنافية لحقوق الانسان، التي يحفل بها قانون العقوبات، والتي يتم استدعائها عند اللزوم للنيل من خصوم النظام الحاكم والمعارضين لسياساته ودعاة حقوق الإنسان والديمقراطية.

وتحذر المنظمات المصرية من أن استدعاء المادة 80 من قانون العقوبات- التي تعاقب بالحبس كل من أذاع عمدا بالخارج أخبارا، أو بيانات، أو إشاعات كاذبة حول الأوضاع الداخلية للبلاد، وكان من شأن ذلك إضعاف الثقة المالية بالدولية أو هيبتها أو اعتبارها أو باشر بأي طريقة كانت نشاطا من شأنه الإضرار بالمصلحة القومية للبلاد- لا ينطوي وحسب على انتهاك حرية الرأي والتعبير بمقتضى الدستور والتزامات الحكومة المصرية بموجب تصديقها على العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، بل تحمل في طياتها تهديدا خطيرا لكل المشتغلين بالرأي والإعلام،بما في ذلك وسائط الإعلام الإلكترونية، أو مؤسسات حقوق الإنسان، وخاصة إذا ما أخذ بعين الاعتبار أن الطفرة الهائلة في وسائل الاتصال وتكنولوجيا المعلومات، قد أنهت عمليا القيود المصطنعة على ما يبث من أفكار وآراء ومعلومات داخل الأوطان أو خارجها، وإذا ما أخذ في الاعتبار أن تطور القانون الدولي لحقوق الإنسان قد كفل عمليا الحق للأفراد وللمنظمات غير الحكومية في انتقاد ممارسات حكوماتها في المحافل الدولية المختلفة.

وإذ تؤكد المنظمات الموقعة على هذا البيان على تضامنها الكامل مع د. سعد الدين إبراهيم في مواجهة الإجراءات التعسفية، التي تستهدف النيل منه بسبب آرائه المعلنة في الداخل والخارج، حول طبيعة النظام السياسي المصري وممارساته المناوئة للإصلاح السياسي والديمقراطي، فإنها تدين في الوقت ذاته إقدام البعض –طواعية أو بتحريض من الحكومة وحزبها- على توظيف الحق المشروع في التقاضي في دعاوى الحسبة السياسية التي راجت مؤخرا، للتنكيل بالخصوم في الرأي ومصادرة حرية التعبير، استنادا إلى النصوص العقابية، التي تتشبث بها السلطات المصرية للجم خصومها وترويعهم، على الرغم من أنها تجافي التزاماتها بمقتضى الاتفاقيات التى صدقت عليها.

وتدعو المنظمات الحقوقية المصرية مختلف القوى والتيارات المتطلعة للديمقراطية، والمناصرة لحرية التعبير للتصدي للهجمة الشرسة التي تستهدف الحيلولة دون تمتع المصريين بالحقوق المعترف بها عالميا لكل البشر.

كما تدعو هذه المنظمات على وجه الخصوص، إلى تكاتف جهود القوى الديموقراطية فى المجتمع المصري من أجل مراجعة تشريعية جادة، تضع حدا للعقوبات السالبة للحرية في قضايا الرأي والنشر، وتعيد النظر في مختلف النصوص العقابية، التي تستعصي على الضبط القانوني، والتي تستهدف بالدرجة الأولى تحصين نظام الحكم وسياساته وممارساته المعادية لحقوق الإنسان من الانتقاد والفضح، سواء كان ذلك بمزاعم الأمن القومي، أو المصلحة العامة، أو بدعوى الحفاظ على هيبة الدولة وسمعتها، وهى النصوص التي يشكل استمرار العمل بها إهانة لكرامةجميع المصريين.

المنظمات الموقعة على البيان
————————————

مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان
مركز الأرض لحقوق الإنسان
مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف
مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف
مركز هشام مبارك للقانون
المنظمة العربية للإصلاح الجنائي
المنظمة المصرية لحقوق الإنسان
جماعة تنمية الديمقراطية
جمعية المساعدة القانونية لحقوق الإنسان
الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية
جمعية أنصار العدالة لحقوق الإنسان
جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء
دار الخدمات النقابية والعمالية
المبادرة المصرية للحقوق الشخصية