28/9/2008

دعا مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، المجتمع الدولي، أمام الجلسة التاسعة لمجلس حقوق الإنسان ، لوضع حد للانتهاكات الجارية في إقليم دارفور بالسودان والأراضي الفلسطينية المحتلة في ظل انتهاج السياسة المزدوجة للمعايير في التعامل مع القضيتين عموماً و حماية المدنيين بشكل خاص من جانب الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي من جهة وجامعة الدول العربية من جهة أخرى.

بينما انتهجت الولايات المتحدة و الاتحاد الأوروبي نهجا إيجابياً حيال حماية المدنيين بدارفور عن طريق عزل النظام السوداني ووضعه تحت طائلة العقوبات الاقتصادية والسياسية توانت نفس الدول عن إتباع النهج نفسه حيال الانتهاكات الإسرائيلية اليومية ضد المدنيين الفلسطينيين . وفي المقابل عملت الدول الأعضاء بالجامعة العربية على تعطيل جميع المساعي الدولية لمنع المجازر وانتهاكات حقوق الإنسان الأخرى التي تحدث في دارفور منذ بدء الصراع. وهو ما يتنافى مع موقفها الأصيل من حماية المدنيين الفلسطينيين من الغطرسة الإسرائيلية. وقد أشار مركز القاهرة مرارا إلى ضرورة الوقف الفوري عن استخدام المعايير المزدوجة فيما يتعلق بحماية المدنيين في النزاعات المسلحة وأكد تكراراً على أن حماية المدنيين واجبةً أياً كانت الطبيعة السياسية للنزاع.

وفي هذا السياق أشار تقرير المقرر الخاص للسودان بالأمم المتحدة الذي تم تقديمه بالجلسة التاسعة لمجلس حقوق الإنسان ، إلى استمرار تدهور الأوضاع بإقليم دارفور. وفي الإطار نفسه أشار تقرير بعثة تقصي الحقائق التابعة لمجلس حقوق الإنسان في بيت حانون بفلسطين المحتلة إلى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة بشكل منهجي في الأراضي المحتلة الفلسطينية.

وفي تعليقه على التقريرين أشار مركز القاهرة إلى صعوبة الوصول إلى سلام عادل وشامل بفلسطين والسودان إذا لم يتم إيقاف الممارسات الوحشية ضد المدنيين العزل وإذا لم توقف ظاهرة الإفلات من العقاب. و لعل قرار المدعي العام بإحالة الرئيس البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية هي واحدة من الحالات القلائل لجلب العدالة للضحايا من المدنيين العزل، و محاولات الإفلات منها لن تساهم ألا في تعميق جذور الأزمة.

وقد أستهجن تقرير بعثة تقصي الحقائق في بيت حانون الاستخدام المفرط للقوة وبشكل عشوائي من جانب القوات الإسرائيلية رداُ على إطلاق صواريخ القسام من جانب المجموعات المسلحة الفلسطينية. و لعل سياسة العقاب الجماعي المتبعة من جانب إسرائيل والتي يشهد عليها حصار غزة منذ ديسمبر 2007 يكشف بشكل جلي عن إبعاد الأزمة الإنسانية الطاحنة التي يعيشها الإقليم.

وفي هذا الإطار طالب مركز الأمم المتحدة ببذل كل الجهود لضمان تطبيق مبادئ حماية المدنيين بلا استثناء. وفي نفس السياق أكدت المنظمتين على ضرورة دعم مشروع القرار المقدم من الوفد المصري الخاص بحماية المدنيين في النزاعات المسلحة. بصرف النظر أن مركز القاهرة يلاحظ أن سلوك الحكومة المصرية في هذا المجال يتناقض مع مشروع القرار المقدم (دارفور مثالاً).

والجدير بالذكر أن الهجوم البربري الأخير على معسكر “كلما”[1] للنازحين بجنوب دارفور يوم 25/08/2008 ـ والذي أسفر عن مقتل 39 نازح وإصابة 51، معظمهم من النساء والأطفال ـ[2] يوضح الضرورة لبلورة حماية المدنيين في أطار قانون يكون مبنياً أساساً على مكافحة سياسة الإفلات من العقاب ويضمن التطبيق الفعال للمعايير الدولية الخاصة بحماية المدنيين في المنطقة العربية بأسرها.