26/11/2007

يتابع البرنامج العربي الأبعاد المختلفة لظاهرة “البدون” في دول الخليج العربي منذ تصديه لإصدار تقرير عن دولة البحرين في بداية الألفية الحالية، وهي ظاهرة لم نجدها في اية دولة من دول العالم سواء العالم المتقدم أو حتي العالم الثالث،وتنفرد بها فقط بعض دولنا العربي في الجزيرة العربية،ورغم اننا لا ندعي ان هناك احصاء دقيق لهذه الظاهرة، الا أن ذلك يعود في أساسه إلي التعتيم الإعلامي الذي تفرضه السلطات علي حجم هذه الظاهرة في أراضيها.

وتعد ظاهرة البدون من الظواهر التي تحتاج للكثير من الجهد لمحاولة التغلب علي الأثار السلبية التي تخلفها علي المواطن”البدون”أو علي الوطن الذي يعيش علي أرضه علي حد سواء ،كما انها تحتاج إلي المزيد من الجهد لمحاولة وضعها علي مائدة البحث وتأصيلها ومعرفة أسبابها ودوافعها ،وإن كانت الدوافع الكامنة ورائها في الغالب هي دوافع سياسية في الغالب ترتبط بالنزاع السياسي المغلف بالطابع الديني.

ان البرنامج العربي لنشطاء حقوق الانسان وهو يتابع هذه الظاهرة فإنه يؤكد أنها تخالف كافة المواثيق الدولية المعنية بحقوق الانسان ،فالبدون هو انسان بلا هوية ولا مظلة حماية من أية دولة ومن ثم فهو محروم من أية حقوق أو حريات أو امتيازات،فهو ميت من الناحية القانونية رغم أنه حي يرزق،ولا وجود له في أية أوراق أو سجلات ولا يستطيع توثيق زواجه،ولا توثيق ممتلكاته،ولا ممتلكات له،ولا يستطيع التعلم ولا التعليم ولا العمل،ولا حق له في الرعاية الصحية…

خلاصة القول أن أصل المشكلة هو حرمان هؤلاء من حقهم المطلق والأصيل في التمتع بجنسية الوطن الذي ولدوا فيه وتربوا علي أرضه هم واباؤهم وابناؤهم،ومن القواعد الثابتة في القانون الدولي أن الجنسية تثبت في الغالب بمجرد الميلاد،أو إذا كان الأب يحمل جنسية البلد فان ابنه يحملها ،أو بالإقامة الممتدة الثابتة في البلاد لمدة معينة قد تصل الي خمس سنوات،وكلها شروط متوفرة في طائفة البدون في دولة الامارات العربية المتحدة ،بل العجيب أنهم يمتلكون وثائق تثبت جنسيتهم للإمارات الصغيرة قبل تأسيس دولة الامارات كدولة اتحادية ! إلا ان التعسف بعد التأسيس لم يعترف بهذه الوثائق، وذلك بالمخالفة للاعلان العالمي لحقوق الانسان والذي نص علي هذا الحق في المادة رقم 15 منه بقوله:”لكل فرد حق التمتع بجنسية ما.ولا يجوز حرمان شخص من جنسيته تعسفاأو انكار حقه في تغييرها”. كما نص علي هذا الحق العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية في المادة رقم24/3 ،كما ان ذلك يخالف ايضا نصوص الدستور الاماراتي ذاته والذي ينص في المادة الثامنة منه علي انه:” يكون لمواطني الاتحاد جنسية واحدة يحددها القانون . ويتمتعون في الخارج بحماية حكومة الاتحاد وفقا للأصول الدولية المرعية.ولا يجوز إسقاط الجنسية عن المواطن ، أو سحبها منه ، إلا في الحالات الاستثنائية التي ينص عليها القانون”.

إن البرنامج العربي وقد هزته هذه المأساة الانسانية التي تجري فصولها وتتابع علي اراض عربية يوجه هذا النداء العاجل الي جميع المسئولين في دولة الامارات العربيةو المتحدة للعمل في أسرع وقت لحل الاشكاليات الناجمة عن هذه الظاهرة حلا ناجعا فعالا بعيدا عن الشعارات البراقة والحلول المؤقتة لضمان أن يتمتع ابناء هذه الظاهرة بحقوقهم وحرياتهم الأساسية التي كفلتها لهم المواثيق الدولية ذات الصلة وكذا الدستور الاماراتي،عبر حل جذري مفاده منح الجنسية الاماراتية لهم جميعا.

كما يناشد البرنامج العربي كافة الأجهزة الدولية والمعنية بالعمل علي رفع المعاناة عن ابناء هذه الطائفة والعمل علي تمكينهم من الحصول علي الجنسية التي يستحقونها بقوة القانون الدولي والقوانين المحلية بحسبانهم بشر يستحقون الحد اللائق من الحقوق والحريات ونخص بالذكر هيئة الامم المتحدة.

وفي النهاية يناشد البرنامج كافة المؤسسات الحقوقية لتتبني هذا الملف وتعمل عليه في الفترة المقبلة.