يوليو 2004
بدعوة من مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان, والمنظمة المصرية لحقوق الإنسان, ومجلة السياسة الدولية, أنعقد مؤتمر أولويات وآليات الإصلاح في العالم العربي, في القاهرة في الفترة 5-7 يوليو 2004، بحضور نحو 100 مشارك و مشاركة من 15 دولة عربية .ناقش المؤتمر المبادرات الدولية للإصلاح في العالم العربي , وما توصلت إليه القمم الدولية الثلاث ( قمة الثمانية, قمة الاتحاد الأوروبي، الولايات المتحدة الأمريكية, وقمة حلف الأطلنطي)التي أنعقدت خلال الشهر الماضي. كما ناقش وثيقة الاسكندرية ومبادرة”الاستقلال الثاني” للاصلاح السياسي في العالم العربي, وما توصلت إليه قمة ملوك ورؤساء دول الجامعة العربية بخصوص قضية الإصلاح.
من خلال أوراق ومداولات المؤتمر يمكن استنتاج المستخلصات الرئيسية التالية :
أولا: اشتملت المبادرات الدولية للإصلاح في العالم العربي على عدد من أهم المطالب التي تضمنتها برامج المصلحين و الحركات السياسية و المنظمات الحقوقية في العالم العربي ، و التي دفعت في سبيلها تضحيات جسيمة، فتحت جدلا دوليا و عربيا يشكل بداية للمناقشة والحوار حول إصلاحات أساسية تضمن الممارسة الفعلية للديمقراطية و سيادة دولة القانون و مبادئ الحكم الرشيد و المساواة بين المرأة و الرجل بما يضمن لشعوب المنطقة المشاركة الفعلية في صنع القرار السياسي و التنموي بصورة تتجاوب مع حاجياتهم و تطلعاتهم.
ثانيا : إن إنهاء الاحتلال الاسرائيلى للأراضى العربية المحتلة والاعتراف الكامل بالحقوق السياسية للشعب الفلسطيني
هى مطالب اساسية تعزز قوة الدفع نحو الاصلاح السياسي والدستوري فى العالم العربي و قوي الاعتدال وتكبح الميل للتشدد الدينى والتطرف والعنف السياسي فى العالم العربى، لكن لا يمكن توظيف معاناة الشعب الفلسطينى لتعطيل الشروع بالاصلاح أو لتبرير انتهاكات حقوق الإنسان.
ثالثا : إن المشاركين إذ يعربون عن قلقهم بشأن الوضاع الأمنية المتردية في العراق يأملون في أن يمكن الشعب العراقي من إنهاء الاحتلال و انتخاب حكومة ديمقراطية تحقق آمال و طموحات العراقيين
رابعا : أثار النقاش عدة مسائل مرتبطة بشروط الإصلاح و تتعلق أساسا بما يلي:
إن استمرار الارهاب والعنف باسم الدين أو القيم السامية الأخرى قد اضر ضررا هائلا بحركات الاصلاح السياسى والدستورى فى الأقطار العربية التى عانت منه، وأن الارهاب هو بذاته انتهاك خطير لحقوق الانسان.
فى غياب إصلاحات سياسية وتشريعية ودستورية تقر المساواة فى المواطنة وتوفر حماية قانونية لحقوق الانسان وحقوق الأقليات، يزداد الميل للعنف والتطرف فى شتى الدول العربية. إن الاصلاح السياسى هو شرط ضرورى للوحدة الوطنية والسلام الأهلى فضلا عن ضرورته للتنمية والعدالة. من أهم ايجابيات المبادرات الدولية للإصلاح ، أنها قد دفعت الحكومات العربية- التي لا تبالي بمطالب الرأي العام الوطني بالإصلاح في بلادها – إلى الاهتمام بقضية الإصلاح ، حتى لو اقتصر الأمر على الحديث عنها ، و حتى لو كان خطابها موجها بالأساس للمجتمع الدولي.
خامسا : لم يكن من أهداف هذا المؤتمر إعادة تحديد كل مطالب الاصلاح السياسي ، فقد سبق لوثيقتي “الإسكندرية” و “الاستقلال الثانى ” أن فصلتها بشكل شامل . إن اختلاف المعطيات السياسية والاجتماعية والثقافية بين الدول العربية يمكن أن يقترح أولويات خاصة بكل دولة. و أوضحت مداولات المؤتمر أن الأولوية في مطالب الإصلاح السياسي في النظم الجمهورية هي لتداول السلطة، ووضع حد زمنى اقصى لفترات تولى رئاسة الجمهورية، وأن الاولوية في النظم الملكية هي للتحول إلى نظم ملكية دستورية . وأن الاولوية في مصر هى للتحول إلى جمهورية برلمانية ، وفي سوريا لإرساء دولة القانون ، وفي السعودية لاصلاح المؤسسة الدينية وفصلها عن السلطة السياسية. كما أن الاصلاح الدستورى الشامل وإعمال مبادئ المساواه والمواطنه وحقوق النساء تشكل قضية مركزية في كل الدول العربية. و قد أبرز النقاش عدد من الأولويات المشتركة التى تساعد بشكل خاص علي تنمية قوى الإصلاح ، هي :
-
- 1. إطلاق حرية إمتلاك وسائل الإعلام و تدفق المعلومات .
-
- 2 . إطلاق حرية إنشاء و إدارة الاحزاب السياسية و النقابات و المنظمات غير الحكومية .
-
- 3 . إطلاق حريات التعبير وخاصة الحق في التجمع و الإجتماع و إطلاق سراح مساجين الرأي.
-
- 4 . رفع حالة الطوارئ – حيثما تكون سارية – و إلغاء القوانين و المحاكم الاستثنائية
- 5. التأكيد علي المساواة بين النساء و الرجال في الحقوق و المواطنة
سادسا : أكد الحاضرون علي اختلاف تجاربهم و تنوع اهتماماتهم علي أن العالم العربي في هذا الظرف أمام مفترق طرق بإمكانها أن تفضي إلي احتمالات و سيناريوهات متعددة، إلا أن الحاضرين أصروا علي ضرورة التفاعل الإيجابي مع هذه المتحولات و أخذ المبادرات الضرورية لإفراز تصورات و آليات تضمن للمجتمع المدني القيام بدوره الطبيعي في عملية الإصلاح. و هذا يتطلب أن تنمو قوى المجتمع المدني و الأحزاب السياسية في أي دولة ، إلى مستوى يمكنها من إحداث تطوير نوعي في علاقات القوى مع النخب الحاكمة ، بما قد يتضمنه ذلك من احتمال شق النخب الحاكمة ذاتها ، و انحياز أقسام منها لنهج الاصلاح .
سابعاً : أفضي النقاش حول الآليات عن الاقتراحات التالية :1. محلياً :
-
- إبداع إطار تنظيمي خلاق لقوى الاصلاح في كل دولة ، يكون ذا طبيعة أئتلافية مرنة ، بحيث يتسع للاحزاب السياسية و مؤسسات المجتمع المدني و الشخصيات العامة التي تتوافق على برنامج حد أدنى للاصلاح . ويمكن أن يتسع هذا الإطار لأطراف وعناصر من النخب الحاكمة عندما يكون ذلك ممكناً .
2. .إقليمياً :
-
- إنشاء منبر إقليمي في العالم العربي للحوار و تبادل الخبرات بين قوي الإصلاح من أحزاب سياسية و مؤسسات مجتمع مدني و شخصيات عامة .
3. دولياً :
-
- تطوير هيكل الحوار المقترح بين المجتمع الدولي و الحكومات العربية الراغبة في الإصلاح، ليصير مثلث متساوي الأضلاع ، بإنضمام مؤسسات المجتمع المدني كشريك متكافئ في هذا الحوار .
4.روافع مساعدة :
-
- – اضطلاع المجتمع المدني بإنشاء مرصد لمراقبة تطور و قياس معدل السير في الإصلاح في الدول العربية .
- – إعداد توثيق شامل للمبادرات الإصلاحية التى طرحتها القوي الديمقراطية في العالم العربي.
ثامنا : إن النتائج التي أفضت إليها القمة العربية الأخيرة تزيدنا إصرارا على أن الإصلاح هو مصلحة مشتركة لجميع الشعوب العربية. ويدعو المؤتمر جميع القوى المدنية من جمعيات أهلية ونقابات والاحزاب السياسية ومنابر الفكر والرأى وغيرها من المؤسسات الديموقراطية، لبناء وتوسيع شبكات وتبنى فاعليات مشتركة لتعزيز الكفاح من أجل الديموقراطية والحكم الصالح وحقوق الانسان ، والتلامس مع الحركات الاجتماعية والجماهيرية وتعزيز النضال المشترك من أجل تلك الأهداف.