27/9/2009

فى بداية الأسبوع الرابع من سبتمبر 2009 استيقظ فلاحو منطقة المعمورة بالإسكندرية على جثة كبير عائلة شندى ملقاة فى الحقول مقيدة من أطرافها ومكتوبا علي جلبابها رسالة تهديد لزميله سامح كريم ” الدور عليك رميا بالرصاص يا زعماء الفلاحين” .

ورغم الذهول الذى لف جميع الذين رأوا جثته إلا أنهم سرعان ما أدركوا مغزى ما حدث، بل و حدد بعض من أهله وأصدقائه وسكان عزبته ومنطقة المعمورة أبعاد الجريمة. ليس استنادا للقاعدة البوليسية المعروفة ” إبحث عن المستفيد فى أى جريمة تستنتج من ارتكبها” وإنما بفطرة البسطاء التى تسترجع تاريخ الضحية القريب والبعيد لتصل إلى القاتل الفعلى وإلى من أمسك بالبندقية، ولذلك قرروا الامتناع عن تلقى العزاء فى فقيدهم إلى حين.

كان الفقيد حسن شندى أحد الفلاحين الذين استدعتهم أجهزة الشرطة وجمعية ضباط شرطة كفر الشيخ لتحصل على تنازلهم عن الأرض التى ادعوا شراءها من وزارة الأوقاف لكن الفلاحين رفضوا رغم جميع التهديدات التى انصبت عليهم بل وقاموا برفع دعوى قضائية ضد الأوقاف ببطلان عملية البيع.

ولما كانت الأرض محل الصراع تنتج أفضل أنواع الجوافة والقمح فى مصر ويزرعها نفس الفلاحين منذ عام 1960 مستأجرة من الهيئة العامة للإصلاح الزراعى.. وكان أجدادهم يزرعونها منذ عهد الخديوى اسماعيل عام 1880وحتى ثورةالجيش عام 1952 ، علاوة على أنها لا تبعد عن شاطئ البحر المتوسط وبلاج المعمورة الشهير بأكثر من مائة مترويتجاوز ثمنها جميع الأراضى الزراعية فى مصر.. فقد كانت مطمعا للكثيرين داخل أجهزة الدولة وبين كبار رجال الأعمال وعصابات السطو المنظمة على الأراضى.

ورغم أن الأرض ليست ملكا لوزارة الأوقاف بل للهيئة العامة للإصلاح الزراعى ويقتصر دور الأوقاف على إدارتها ( تأجيرها لمن يزرعونها) ، وليس من صلاحياتها التصرف فيها بأى شكل أو بيعها إلا أن أغلب المسئولين المعنيين بالموضوع وعلى رأسهم محافظ الإسكندرية تواطأوا على بيعها قطعة قطعة لعدد من جمعيات الشرطة وغيرها وكان إخلاؤها يتم بالتهديد والترهيب.

حدث هذا فى القطعة الأولى( 9 أفدنة) التى كانت من نصيب جمعية ضباط أمن الدولة بالإسكندرية وتمكنت من إخلاء الأرض من زراعها بممارسة ضغوط شديدة عليهم ، وتكرر السيناريو فى القطعة الثانية ( 10 أفدنة) التى كانت من نصيب جمعية ضباط شرطة كفر الشيخ، إلا أن الفلاحين فى القطعة الثانية تعلموا الدرس ورفضوا التنازل عن الأرض بل واستخرجوا مستندات تنسف عملية البيع المزورة من أساسهاوشرعوا فى تقديمها للمحكمة تلك المستندات التى تؤكد ملكية الأرض للهيئة العامة للإصلاح الزراعى وليس لوزارة الأوقاف.

وإزاء استماتة الفلاحين فى رفض ترك الأرض ومعرفة أعداد واسعة من الفلاحين بالمنطقة بحقيقة فساد عملية البيع التى أبرمت بين الأوقاف وجمعيات الشرطة وغيرها، ومع استعادة الفلاحين الأمل فى إمكانية احتفاظهم بالأرض أو شرائها من هيئة الإصلاح الزراعى، والمأزق الذى ينتظره كل من خرقوا القانون و شاركوا أو تواطأوا على عملية البيع المزورة ، والمخاطر التى ستلحق بهم خصوصا فيما يتعلق بثمن الأرض الذى تم به البيع ولا يتجاوز 10% من ثمنها الفعلى..كان لابد من نهاية سريعة لهذا الوضع الذى كان يتحول تدريجيا لصالح الفلاحين.

وفوجئ الجميع باغتيال كبير عائلة شندى أحد أبرز الفلاحين الرافضين للتنازل عن الأرض.

* فهل تتوصل التحقيقات التى تجريها النيابة العامة للقتلة؟ وهل تفصح عمن يقففون خلفهم ؟

* أم أن القضاء المدنى سينتصر للفلاحين ويعوضهم عن فقدهم لكبير عائلتهم ويقضى بفساد عمليات البيع التى تمت ويعيد لهم الأرض التى انتزعت منهم؟

* أم سيتخاذل الفلاحون بعدما رأوا بأعينهم جثة كبيرهم ملقاة فى الحقول وعليها تهديد صريح بأن هذه نهاية كل من يعصى أوامر السادة.. وحددت من منهم سيأتى دوره للحاق بمصير كبيرهم إذا ما استمروا فى نفس الطريق؟

لذلك تناشد لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى جميع الفلاحين والشرفاء فى مصر والعالم والمنطقة العربية والمنظمات الفلاحية العالمية دعم مقاومة فلاحى منطقة المعمورة بالأسكندرية ضد كل محاولات اغتصاب أراضيهم وتشريدهم ، والمطالبة بالإسراع فى إعلان نتائج التحقيقات وتحديد قتلة حسن شندى ومن يقفون وراءهم .. وذلك بتوجيه الرسائل للمسئولين المصريين ومنظمات الفلاحين وحقوق الإنسان الدولية.

لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى – مصر