6/2/2006

يتوجه البرنامج العربي لنشطاء حقوق الإنسان معرباً عن استنكاره وإدانته الشديدة محذراً من العواقب التي ستترتب على أرض الواقع من جراء استفحال مناخ القهر والتسلط والحجر الذي تمارسه الحكومات العربية على أصحاب الرأي من الصحفيين والكتاب ونشطاء المجتمع المدني وحقوق الإنسان، وهي تصر على تقنيين حرية التعبير لدى النشطاء والكتاب والصحفيين متعمدة أن تئد نزوع الشعوب إلى معرفة الحقيقة وكذلك وأد نزوعها لأن تمتلك حريتها في عصر أتسم بعصر الحريات.

ويبدو هذا النهج متضخماً لدى النظام السوري الذي قام باعتقال كل من: أنور البني، وميشيل كيلو، ومحمد كمال اللبواني، وعلي سيد الشهابي، ومحمود عيسى، كما أفاد زملاء الطبيب جهاد شعبان قباقيبو رئيس قسم التخدير في إحدى مستشفيات الدمام بالمملكة العربية السعودية بأنه سافر إلى سوريا بعد أن أمضى ستة وعشرون عاماً في المنفى، وقد أعتقل في مطار دمشق الدولي ولا يعرف عن أخباره شيئاً حتى الحين.

ولاشك في أن حالة الطوارئ السائدة منذ 43 عاماً في سوريا تبرر اعتقالات الصحافيين والناشطين السوريين. والجدير بالذكر أن هناك ثلاثة مخالفين إلكترونيين وراء القضبان إلى الآن لمجرد أنهم تجرءوا على دعوة الرأي العام إلى احترام حقوق الإنسان والديمقراطية. فإذا بسوريا أكبر سجون الشرق الأوسط لمتصفحي الإنترنت.

وما يتم في هذا الصدد بمصر ليس ببعيد كثيراً عن هذا النهج فوقائع احتجاز دكتور أيمن نور رغم تدهور حالته الصحية، وكذلك الحالة الصحية المتدهورة للمعتقل عبد المنعم جمال الدين تعطي دلالة قاطعة على درجة معاداة أصحاب الرأي في مصر، وكذلك احتجاز السلطات المصرية عبد الكريم نبيل سليمان (كريم عامر)، وجاء على موقع منظمة مراقبة حقوق الإنسان اليوم أن قانون الصحافة المعدل حديثاً والذي يسمح بفرض عقوبة الحبس بسبب إهانة الموظفين العموميين في الصحف، مازال يحوي قيوداً كثيرة على حرية الصحافة

من شأنها انتهاك المعايير الدولية مؤكدا علي أن الحكومة المصرية قد أعربت عن عدم احترامها المعاهدات التي صدقت عليها؛ فمصر هي إحدى الدول الموقعة على العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والذي ينص في مادتيه 18، 19 بوضوح على حق كل إنسان في حرية التعبير والرأي والفكر والوجدان والعقيدة، وبالتالي لا يجوز أبداً حبس أي شخص بسبب إساءة صحفية أو بسبب الآراء التي يعبر عنها.

كما يعبر البرنامج العربي عن استياءة البالغ من ممارسات الاجهزة الامنية بمطار القاهرة حيث دأبت هذه الاجهزة علي منع دخول الناشطين والكتاب والصحفيين المسالمين الي الاراضي المصرية والذين ياتون الي مصر تلبية لدعوات المنظمات والمؤسسات الحقوقية والمدنية للمشاركة في الانشطة والفعاليات التي يتم تنظيمها في مصر وامتدت هذه الممارسات دون تمييز حتي اصبح لسلطات المؤاني المصرية سمعة سيئة في هذا الصدد وكان اخرها توقيف وإبعاد الناشط البحريني محمد المسقطي الي البحرين

تجدر الإشارة إلى توافق كل من مصر وسوريا في إرجاع كافة هذه الأساليب التي يحتمي بها كل من النظامين إلى سيادة مظلة قوانين الطوارئ المستمرة في كلتا البلدين.

وفي تونس تم احتجاز السيد بدر الدين عبد الكافي السجين السياسي السابق، وقد صادروا من منزله خمسة عشر كتاباً دينياً، وكذلك قد امتدت أيدي السلطات في تونس لتستصدر قراراً بعدم السماح لدار الصباح بإصدار مجلتها الأسبوعية الجديدة “لاكسبرسيون” وبمنع توزيع المجلة الفرنسية “هيستوريا ثيماتيك” وتُقرأ هذه الإجراءات كحلقة جديدة من سلسلة التحرشات في إطار الحملة التي تخوضها الحكومة التونسية ضد الإعلام عامة والتي تتضمن رقابة المطبوعات وحبس الصحفيين، وتشهد تونس حملات أمنية منظمة ومنهجية ضد نشطاء ومؤسسات حقوق الإنسان، وعلى رأسهم د. منصف المرزوقي والرابطة التونسية لحقوق الإنسان، وسهام بن سدرين، وعمر المستيري وغيرهم.

وأما عن السودان فقد قال (بيتر تاكير أمبودي)، مدير قسم أفريقيا في منظمة مراقبة حقوق الإنسان في وقت ينصبّ فيه اهتمام الصحافة العالمية على دارفور، تزيد السلطات السودانية في الخرطوم من مضايقتها للصحفيين السودانيين والصحافة السودانية، وأضاف: “وليست هذه المضايقات إلا دليلاً يعكس تزايد مخاوف الخرطوم من تصاعد المعارضة والغضب الشعبيين إزاء سياسات الحكومة وأفعالها في دارفور التي تشهد منذ سنوات انتهاكات جسيمة تصل إلى مرتبة جرائم ضد الإنسانية.

كذلك اعتقلت السلطات البحرينية كل من الدكتور محمد سعيد السهلاوي، والسيد حسين عبد العزيز الحبشي، وذلك بسبب حيازتهما مطبوعات تم تنزيلها من شبكة الإنترنت وكانت تدعو البحرنيين لمقاطعة الانتخابات البرلمانية. وفي نجران بالسعودية تم تحويل السيد هادي آل مطيف للسجن الانفرادي، وذلك لمنع ما زعمت إدارة السجن من محاولة الهادي للتواصل الإعلامي مع قناة الحرة الفضائية، بالإضافة إلى الانتهاكات التي يتعرض لها دعاة الديمقراطية وحقوق الإنسان وناشطين المجتمع المدني في السعودية كالمثقفين والأدباء وغيرهم.

ولا تألوا حكومة المملكة المغربية جهداً في محاولة اللحاق بقطار التسلط والقهر والذي يشق الشارع العربي غير آبه بالقوانين والعهود الدولية الملزمة باحترام حقوق الإنسان أصدرت المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء يوم 15 يناير الجاري حكماً بالإدانة ضدّ الصحفيين بأسبوعية “نيشان” المغربية إدريس كسيكس مدير النشرية، وسناء العاجي بثلاثة سنوات سجناً مع وقف التنفيذ وغرامة تقدر بـ 80 ألف درهم (7 آلاف أورو تقريباً) ومنع إصدار الجريدة لشهرين. وذلك من أجل نشر تحقيق صحفي بعدد 9 ديسمبر 2006 حول نكت المغاربة عن الذين، والجنس والسياسة، اعتبر تعدّياً على الدين الإسلامي.

هذا بالإضافة إلى الانتهاكات اليومية التي تحدث للناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان في كل من ليبيا واليمن، ودول خليجية أخرى.

أن البرنامج العربي لنشطاء حقوق الإنسان يتوجه ببالغ القلق للسلطات في كافة الدول العربية أن تحترم رغبة شعوبها في نزوعها للتحرر من كافة القوانين المقيدة للحريات فهذا هو السبيل الوحيد لكي تتغلب على معوقات التقدم والتنمية، ويؤكد البرنامج العربي أن مناخ التسلط والقهر السائد يقتل كافة إمكانات شعوبها في التغلب على الفقر والمرض والتأخر.

ويؤكد ويلفت البرنامج العربي انتباه تلك الحكومات قبل وقوع الواقعة من أن تكون هذه الأساليب المتبعة هي نفسها التي ستصنع مناخاً عاماً متوتراً تشيع فيه ردود الأفعال التي تزكي دوافع العنف عامة وساعتها لن يسلم الأخضر واليابس من غضبتها إذا ما استمرت تلك الحكومات في إغلاق طرق الحوار المشروعة وعدم الأخذ بعين الاعتبار رغبة شعوبها في المشاركة المسؤولة في صناعة مستقبلها.