3/2/2010

السيد الأستاذ الدكتور/ أحمد فتحي سرور
رئيس مجلس الشعب
تحية طيبة وبعد
مقدمه لسيادتكم “اللجنة الوطنية للتصدي للعنف الطائفي” التي أُعلن عن تأسيسها في 4 يناير 2010 وتكونت من عشرات من الهيئات بينها أحزاب وجمعيات أهلية ومراكز حقوقية، وعدد كبير من الأفراد والشخصيات العامة، جمعهم الإحساس بالمخاطر الجسيمة الناجمة عن التصاعد غير المسبوق لأحداث العنف الطائفي، وما ينتج عنها من ندوب نفسية ترسخ الكراهية والفرقة بين أبناء الوطن الواحد، وتهدد بتمزيق النسيج الوطني ومستقبل هذا الوطن. فلم يمض يومان على إعلان تأسيس اللجنة حتى داهمتنا جريمة ليلة عيد الميلاد في نجع حمادي والتي راح ضحيتها سبعة مواطنين وتسعة مصابين، لتؤكد أن التراخي في التصدي الفعال للمسألة الطائفية كان ولازال جريمة ينبغي التصدي لها بكل قوة، ومن ثم فإننا نطالب كافة أجهزة الدولة والنخب والمجتمع السياسي ومنظمات المجتمع المدني أن تتحمل مسئوليتها في التصدي لجرائم العنف الطائفي التي تصاعدت في الفترة الأخيرة على نحو غير مسبوق.

لقد بات من الضروري أن نؤكد أن الاكتفاء بالمحاسبة الجنائية لمرتكبي الجرائم الطائفية لم يعد كافياً، والمطلوب الآن هو التصدي بشكل مسئول لجذورها العميقة التي تراكمت على مدى عشرات السنين، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بمنع تكرارها. فمرتكبي حوادث العنف الطائفي هم من ناحية مجرمون يجب التصدي لهم ومعاقبتهم بقوة القانون وحسمه، ولكنهم من ناحية أخرى أدوات وأحياناً ضحايا ونتاج رديء لمناخ التطرف والكراهية والتمييز، فالمشكلة في جوهرها سياسية ذات أوجه قانونية وأمنية وثقافية وإعلامية، وتتوزع المسئولية الرئيسية عنها بالتالي على العديد من المؤسسات منها المؤسسات الدينية وجميع مؤسسات الدولة وعلى رأسها مؤسسات الإعلام والتعليم والأمن والثقافة.

واستناداً للائحة الداخلية لمجلس الشعب والتي تتيح للمواطنين تقديم عرائض أو شكاوى تعمل لجنة الاقتراحات والشكاوى على فحصها وعرضها على المجلس، فإننا نعرض فيما يلي بعض الاقتراحات التي من شأنها المساعدة على تفعيل دور مجلس الشعب وإيجاد حلول عاجلة تجنبنا الانزلاق إلى مهاوي الفتنة :

أولاً : إصدار التشريعات المناسبة لتفعيل المادة الأولى من الدستور وعلى الأخص تلك التي وردت في العديد من توصيات المجلس القومي لحقوق الإنسان منذ نشأته في 2003، وورد البعض الآخر منها في التقرير البرلماني للجنة تقصى الحقائق التي شكلها مجلس الشعب حول حادث الخانكة برئاسة د. جمال العطيفي عام 1972، ونخص منها:

  1. قانون إنشاء وترميم دور العبادة الموحد (المعروض بالفعل على المجلس منذ عام 2005).
  2. قانون تكافؤ الفرص ومنع التمييز (المقدم من المجلس القومي لحقوق الإنسان).
  3. قانون يُجرم الحض على الكراهية على أساس الدين.
  4. القوانين اللازمة للتأكيد على احترام حرية العقيدة ومعاقبة من يتعرض للمواطنين لمنعهم من حرية ممارسة الشعائر الدينية.

ثانياً : المحاسبة السياسية للمسئولين الذين يثبت تقصيرهم في أداء واجباتهم. ونخص بالذكر ضرورة محاسبة وزير الداخلية على التقصير الشديد في حماية المواطنين المصريين وممتلكاتهم أياً كانت عقيدتهم أو مذهبهم الديني، والذي وصل إلى حد إفلات جميع المشاركين في أعمال العنف الطائفي والمحرضين عليها من العقاب في عشرات الحوادث على مدى عقود.

ثالثاً: ممارسة مجلس الشعب لدوره في تأكيد الصفة المدنية للدولة القائمة على مبدأ المواطنة وتكريس المساواة عبر:

  1. مراجعة كل ما يتخذ من قرارات إدارية ومشروعات قوانين، وكذلك الموجود منها، للتأكد من أنها لا تنطوي على أي تمييز بين المواطنين على أساس الدين أو تقييد لحرية العقيدة وممارسة الشعائر.
  2. التصدي للمنابر الإعلامية التي تعمق التمييز بين المواطنين على أساس الدين، ومواجهة ما يروج من كتابات وبرامج تنطوي على تعميق جذور الفرقة والاختلاف بين أبناء الوطن الواحد.
  3. مراجعة المناهج الدراسية وتنقيتها من كل ما يعمق الفرز الطائفي بين المواطنين المصريين، وتقييم أداء المعلمين وأسلوبهم للتأكيد على أن الوطن ليس حكراً على دين دون آخر,

إن الأمر بات يتطلب مواجهة صريحة وشاملة للوصول إلى حلول عادلة وعاجلة وعملية للإشكاليات التي تواجه قضية المواطنة وتجاوز أسلوب الحلول الجزئية وهو ما يستحيل تصوره دون مشاركة جميع مؤسسات الدولة والمجتمع المدني.

إن تجاهل جذور الفتنة وإغماض العيون عن المشاكل والخلافات التي تسبب الاحتكاك والخصومة وتعميق الشعور بالظلم لن يؤدى إلا لتكرار هذه الحوادث وتفاقمها إلى الحد الذي يهدد الوطن بكل من فيه وما فيه.

وتفضلوا بقبول فائق الاحترام ،،،

اللجنة الوطنية للتصدي للعنف الطائفي