30/9/2009
في 17 أكتوبر من كل سنة، وبقرار من الأمم المتحدة، يحيي العالم، منذ عام 1993، اليوم الدولي للقضاء على الفقر. وبهذه المناسبة، فإن الملايين من البشر ينزلون إلى الشوارع بمعظم بلدان العالم من أجل التعبير عن احتجاجهم على انتشار الفقر بمختلف مظاهره البشعة ــ رغم ما وصلته الإنسانية من تقدم علمي وتكنولوجي واقتصادي ومن قدرات على تلبية الحاجيات الأساسية لجميع البشر ــ وللتعبير عن تضامنهم مع الفقراء عبر العالم وعن عزمهم على محاربة الفقر واستئصال جذوره المتجسدة في العولمة الليبرالية المتوحشة وهيمنة الإمبريالية على الشعوب وفي الاستغلال الاقتصادي الذي يسمح بمراكمة الثروات الخيالية من طرف الأغنياء وترك مئات الملايين من البشر فريسة للإستغلال والعطالة والفقر والجوع والمرض والجهل ومختلف أشكال البؤس.
ولم تساهم برامج الأمم المتحدة في تراجع الفقر، بل إن المجهودات المبذولة نتج عنها بدورها فوارق بين مختلف البلدان وبين المواطنين داخل كل بلد على حدة.
وتشارك الحركة العالمية للدفاع عن حقوق الإنسان بدورها في إحياء اليوم الدولي للقضاء على الفقر، هاته الآفة التي تشكل مصدرا أساسيا لانتهاك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تقرها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان. وفي المغرب، يعاني الملايين من المواطنات والمواطنين من الفقر ومن الانتهاك السافر لحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفي مقدمتها الحق في التنمية والحق في الشغل وحقوق العمال والحق في الصحة والضمان الاجتماعي والتعليم والسكن اللائق والعيش الكريم والبيئة السليمة.
وتعرف هذه الانتهاكات حدة أكبر مع تفاقم الأزمة الاقتصادية العالمية وأثارها السلبية على المغرب وخاصة بالنسبة للفئات التي تعيش وضعية هشة مثل النساء والأطفال والمسنين والمعوقين والمهاجرين من جنوب الصحراء.
وتزداد هذه الانتهاكات تفاقما مع تنامي العطالة ــ خاصة في صفوف حاملي الشهادات ــ ومع عجز السلطات على مواجهة آثار الجفاف ونذرة المياه والفيضانات ومع الارتفاع المتواصل لكلفة المعيشة نتيجة الزيادة في أثمان المواد والخدمات الأساسية بالنسبة لعامة الناس: الدقيق، السكر، الزيت، الحليب ومشتقاته، الخضر والفواكه، النقل، الماء الشروب، الكهرباء، الأدوية ومصاريف التطبيب والدراسة، والسكن، المحروقات،…
ونظرا لغياب المساواة بين الرجل والمرأة، فإن النساء معرضات أكثر من غيرهن لهضم حقوقهن وبالتالي إلى الفقر، مما يفسر تواجدهن القوي في الحركات الاجتماعية ضد الفقر، ومما يستوجب العمل على تعزيز وتقوية مشاركتهن الواعية والمنظمة في العمل النضالي لمناهضته. اعتبارا لذلك، قرر المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان الانخراط بقوة في إحياء اليوم الدولي للقضاء على الفقر وذلك بتنظيم “ثلاثة أيام للتعبئة ضد العطالة والغلاء والفقر ومن أجل العيش الكريم” (16 – 17 – 18 أكتوبر 2009)
وطيلة هذه الأيام الثلاثة، ستنظم كافة فروع الجمعية (87) واللجان التحضيرية (3)عددا من الأنشطة الإشعاعية والفكرية والنضالية أبرزها وقفات جماعية يوم 17 أكتوبر، بعد انتهاء فترة العمل، بالاعتماد على قدراتها الذاتية أو بتنسيق مع مختلف الهيئات الديمقراطية المعنية كلما تيسر ذلك. ونشير هنا بشكل خاص إلى ضرورة العمل مع الهيئات الديمقراطية الأخرى على تفعيل التنسيقيات المحلية لمناهضة الغلاء من أجل أن تلعب دورها كإطارات وحدوية في هذا المجال.
وتهدف هذه الأنشطة أساسا إلى:
- المطالبة باحترام الحق الإنساني والدستوري في الشغل، بالنسبة لعموم المواطنات والمواطنين وفي مقدمتهم حاملي الشهادات، مع الإقرار القانوني بالتعويض عن العطالة.
- المطالبة بجعل حد لغلاء المواد والخدمات الأساسية في حياة الناس، مع جبر الأضرار الناتجة عن الزيادات التي عرفتها بلادنا في الفترة الأخيرة، مما يستوجب بالخصوص الزيادة في الأجور والمعاشات وفقا لارتفاع كلفة المعيشة، وتخفيض الضرائب أو إلغائها بالنسبة للمداخيل الصغرى والمتوسطة وبالنسبة للمعاشات.
- المطالبة باحترام حقوق العمال بدءا بتطبيق قوانين الشغل على علاتها.
- المطالبة بتوفير شروط الحياة الكريمة بالنسبة لعموم الموطنات والمواطنين، مما يستوجب توفير الشروط لاحترام كافة حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
- التضامن مع المهاجرين الأفارقة الوافدين على بلادنا من جنوب الصحراء والذين يعانون من الفقر والبؤس بشكل لا يطاق.
- المطالبة بإطلاق سراح كافة المعتقلين في إطار قمع الحركات الاحتجاجية الاجتماعية، وإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين.
- التوعية بأسباب الفقر وبأهمية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وآليات حمايتها والنهوض بها والتفكير الجماعي في أنجع الآليات النضالية للدفاع عنها بدءا بتوسيع مجال عمل التنسيقيات ــ لتصبح أداة وحدوية جماعية للدفاع عن كافة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ــ وعقلنة ودمقرطة فعلها لتضم مجمل القوى الديمقراطية المنشغلة بالدفاع عن هذه الحقوق.
إن المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ينادي كافة مناضلات ومناضلي وفروع الجمعية للعمل بحزم على إنجاح أنشطة اليوم الدولي للقضاء على الفقر، يدا في اليد مع سائر القوى الديمقراطية النقابية والحقوقية والنسائية والشبيبية والجمعوية والسياسية.
كما أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تدعو كافة القوى الديمقراطية، الغيورة على حق المواطنات والمواطنين في العيش الكريم، لتجعل من اليوم الدولي للقضاء على الفقر مناسبة للنضال الوحدوي والمنظم ضد العطالة والغلاء والفقر ومن أجل العيش الكريم.
وأخيرا إن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان توجه نداء إلى عموم المواطنات والمواطنين المتضررين من العطالة والغلاء والفقر ومن انتهاك سائر الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية إلى المشاركة الفاعلة في إحياء اليوم العالمي للقضاء على الفقر باعتبار أن هذا النضال يهمهم أولا وأخيرا
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان