20/10/2006

مدينتا المحلة الكبرى وشبرا الخيمة .. كانتا عبر عقود مضت .. من أهم القلاع الصناعية في مصر والمنطقة العربية وإنتاجها مفخرة للصناعة الوطنية ..

لكن .. وبفعل سياسات الحكم .. تحولتا .. ككل المدن والمناطق الصناعية في مصر .. إلى مدينتين تعجين بالفقر والبطالة والفساد والإهمال إلى جانب ما طرأ من ثراء فاحش على قلة محدودة من ملاك المصانع والمنشآت والمضاربين في الأقوات والأراضي والعقارات نتاج نهب جهد وعرق الكادحين .. هذا إذا استثنينا ثروات أباطرة الجريمة والمخدرات الذين يتربعون على قمة الهرم الإجتماعى في مدينة مثل المحلة الكبرى ..

فمدينة المحلة الكبرى على سبيل المثال تئن من تردى حالة المرافق والخدمات وإهمال المسئولين المحليين وتقاعسهم عن التعاطي حتى مع شكاوى البسطاء جراء حالة الانفلات المروري وتوحش إمبراطورية بلطجية الميكروباس وضربهم بكل اللوائح المنظمة للسير وتجزئة الخطوط – على سبيل المثال ..

لم يقتصر الأمر على تقرير أصدره برنامج مناصرة حقوق الإنسان بمصر منذ شهور وقدمه للمسئولين المعنيين بشأن تجزئة خطوط السير في المدينة وما يترتب على ذلك من تحميل الأسر الفقيرة أعباء مضاعفة نفقات الانتقال داخل المدينة ودون أن تتقدم السلطات المحلية بأي دور لتقليص نفوذ بلطجية الميكروباس .. بتنظيم سير سيارات أتوبيس مرفق النقل الداخلي بالمدينة وجمعية نقل الركاب ومدها على الخطوط الداخلية بدلا من انتهائها بميدان الشون بما يحرم سكان المناطق من ميدان الشون وحتى منشية البكرى من خدمة ميسرة وبديلاً عن ابتزازهم من أباطرة الميكروباس .

بل وصل الأمر بتقديم الشكوى الجماعية من موظفي جهات حكومية محلية لكبار السادة المسئولين بالإقليم وفى مقدمتهم معالي / محافظ الغربية مطالبين بحقهم بدوام سير منتظم لخط سير أتوبيسات نقل الركاب المسافة من مساكن مبارك وحتى منشية البكرى وكذلك خطوط مساكن مبارك المعهد الديني ومبارك البرج والشركة والجمهورية والششتاوى وجميعها خطوط تقطن عليها كثافة سكانية عالية..

لقد أشارت شكوى مقدمة للسلطات المحلية من موظفي مأموريات الضرائب العقارية الثلاث ” أول وثان ومركز المحلة الكبرى ” ومقرها مساكن مبارك أنه لا يتوفر أيضا سيارات أتوبيس عاملة على خط محب / الشون أثناء مواعيد العمل الرسمية من الساعة الثامنة صباحاً وحتى الساعة الثالثة مساء ؟؟

وبحسب رصد أجراه ناشط برنامج مناصرة حقوق الإنسان / السعيد الحسنين الحبشي وعدد من نشطاء البرنامج بالمحلة الكبرى فإن كتلة سكنية ضخمة تقطن مساكن مبارك وتتواجد بين أسوارها مصالح وإدارات حكومية محلية ومنشآت تعليمية تخدم جميعها أكثر من مليون نسمة تهمل السلطات الحكومية المسئولة تلافى أسباب شكوى المواطنين من عدم توفر وسائل نقل جماعية ميسرة ومنتظمة تخفف من معاناتهم من جراء تجزئة خطوط السير ونفوذ أباطرة الميكروباس . والإدارات والجهات الحكومية الكائنة بنطاق مساكن مبارك هي :

عدد 2 سجل مدني أول + المركز ، 1 مركز شرطة ، 3 مأمورية ضرائب عقارية ” أول + ثان + مركز ، 3 مدارس لذوى الاحتياجات الخاصة ” 1 صم + 2 فكرية ” ، إدارة تضامن اجتماعي ، الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية ، إدارة القوى العاملة ، الآثار ، البحوث الزراعية ، شركة مياه الشرب ، مدرسة محلة أبو على الثانوية الميكانيكية ، معهد أزهري .. إلخ

والسؤال الذي يردده أبناء المدينة الفقراء هو : لماذا الصمت من جانب كبار المسئولين المعنيين تجاه معاناة الناس من مشكلة المواصلات الداخلية وسطوة ونفوذ أباطرة الميكروباس ؟؟ والطرق الرئيسية بالمدينة التي تطرقها آلاف المركبات ووسائل النقل المختلفة يومياً وبعضها يمثل شرياناً رئيسياً يخدم عدة محافظات ومرافئ حيوية .. لم يصبها الإهمال فحسب .. بل تلاشت صلاحيتها نهائياً بما ترتب على ذلك من مضار لحقت بالأغنياء والفقراء على حد سواء .

وتلال القمامة في المدينة تعج بها الشوارع الرئيسية والجانبية رغم وجود جهاز حكومي يسمى ” جهاز النظافة والتجميل ” يعج بالعمال والإداريين الذين يغطّون في نوم عميق أو ينعمون بإدارة أعمالهم ومشروعاتهم الخاصة ويتقاضون مرتباتهم وحوافزهم وأشياء أخرى مقابل التوقيع في سجلات الحضور والانصراف مرة واحدة كل أسبوع واقتصار دور رئاسة الوحدة المحلية لمدينة المحلة الكبرى على الجباية وتحميل السكان مزيداً من الأعباء بتحصيل رسم نظافة قدره 3 جنيهات للوحدة السكنية و 10 جنيهات للمحلات والممتنع عليه تحمل بطش الشرطة والإهانة في أقسامها .

يرصد الناشط الحقوقي / السعيد الحسنين الحبشي شكلاً فجاً للتلوث البيئي الناتج عن تراكم تلال القمامة وسط المنطقة السكنية الواقعة على طريق ترعة بلقينا المسافة بين منطقة المنشية الجديدة وعزبة أبو دراع تالية للجزء المرصوف من الطريق في مواجهة مسجد الصحابة حيث تحولت المنطقة لمقلب ” زبالة ” بفعل ناتج مخلفات عصارات القصب ومخلفات سوق الجملة من أقفاص وخضروات وفواكه تالفة وكذا مخلفات مصانع البلاستيك وورش الأحذية والحيوانات النافقة والنفايات الضارة بالبيئة واشتعال النيران بما ينجم عن ذلك من تصاعد الأدخنة والأبخرة والروائح الكريهة والإضرار بالبيئة وصحة السكان .

ومياه الشرب في مدينة المحلة الكبرى بحالتها الراهنة هي نتاج طبيعي لسياسات الخصخصة خاصة في مجال بيع الخدمات للمواطنين .. فمنذ سنوات .. أي منذ تحول مرفق مياه الشرب إلى شركة .. كان وما زال جلّ هم إدارتها هو تحقيق أعلى معدلات الربح .. يشرب السكان مياهاً كريهة الرائحة غير مستساغة الطعم محملة بالشوائب العالقة .. مياهاً ملونة .. ووصل الأمر بالسكان للقول أن المياه تأتى من المأخذ إلى المستهلك مباشرة دون المرور بمراحل التنقية المتعارف عليها .. ودون تدخل أو رقابة من السلطات الحكومية المعنية هذا عدا ضعف ضخ المياه لتصل الأدوار العليا دون موتورات رفع منزلية بل وانقطاع المياه معظم أوقات النهار ؟؟

الفساد داخل أروقة الإدارات الحكومية استشرى وطال كل شئ دون رقيب أو محاسبة .. الرشوة أمر طبيعي .. بل وأصبحت مقننة ولكل خدمة سعرها المعروف .. حتى الأراضي المملوكة للدولة أصبحت نهباً مستباحاً لكل من لديه القدرة على خلق مستند إلى جانب نفوذه وسطوة ماله . .

البلطجة وافتقاد الأمان مأساة يحياها سكان المدينة البسطاء .. والشرطة مشغولة بحملات القبض العشوائي على المسالمين ” وتفتيش جيوبهم على حد التعبير السائد ” وتعريضهم للمعاملة الحاطة بالكرامة والمهينة .. إن لم يكن للتعذيب .. وتلفيق الاتهامات لهم وتدمير مستقبلهم وجرّ بعضهم إلى أتون الجريمة .. في الوقت الذي تتمتع فيه مقاهي القمار والسكر والعربدة بؤر تعاطى وترويج المخدرات .. وكبار البلطجية وأباطرة الجريمة والاتجار بالمخدرات بوافر النفوذ والسطوة والاحترام من جانب باشوات الشرطة ولا يجرؤ أحد على مجرد الاقتراب منهم أو من نطاق نفوذهم .

افتقاد المواطنين لحقهم في الرعاية الطبية والعلاجية من خلال المستشفيات والمنشآت الطبية الحكومية .. وقصر دور أطبائها على كتابة ” روشتة ” بالأدوية ومستلزمات العلاج والجراحات لشرائها على نفقة المرضى الفقراء .. حتى من يصاب في حادث وإلا فمصيره الموت ..

وفى مدينة شبرا الخيمة فالأوضاع ذاتها صورة طبق الأصل بحسب رصد أجراه ناشط برنامج مناصرة حقوق الإنسان / سيد محمد مسعود وعدد من نشطاء البرنامج بدائرة شبرا الخيمة وحيث يضيفون أن شوارع شبرا الخيمة وحتى الرئيسية منها هي مقالب للقمامة مثل شارع 15 مايو المسافة من موقف الأتوبيسات وحتى مصنع الزجاج الذي لم تطأه أقدام عمال النظافة منذ سنوات ، وشارع أحمد عرابي تتراكم بطوله تلال القمامة وعربات الكارو ومراعى الخيول والحمير والأغنام .. وللأسف فإن مقر نائب الدائرة عن جماعة الإخوان المسلمين كائن بنفس الشارع وتقبع أمامه قطعان الأغنام والحمير التي ترعى في مقلب ” زبالة ” أمام مكتب سيادة النائب الإخوانى تحت شعار ” الإسلام هو الحل ؟؟ ” , وفى مساكن نوبار وبعد استبعاد متعهد النظافة دون سبب مفهوم لم توفر رئاسة الوحدة المحلية بشبرا الخيمة عامل نظافة واحد وتحولت المنطقة إلى تلال من القمامة .

ويشير الرصد إلى أن مناطق منشية النصر وعبد المنعم رياض وبدر الصناعية تفتقد لعديد من الخدمات الأساسية .. لا توجد حنفيات حريق ، تفتقد لنقطة إسعاف أو حتى مجرد سيارة إسعاف واحدة ، تفتقد شوارع شبرا الخيمة وخاصة شارع عرابي للخدمة المرورية ، تفتقد للخدمات الأمنية بكافة أشكالها ولم تلق استغاثات السكان بالقيادات الأمنية ومطلبهم توفير نقطة شرطة بمنطقة منطي أية استجابة ، تفتقد هذه المناطق كثيفة السكان لنقطة إطفاء بما يشكل خطورة خاصة بعد توصيل الغاز الطبيعي لمعظم أحياء شبرا الخيمة دون توفر مراكز صيانة .

ولمبات أعمدة الإنارة معظمها تالفة ومسافات طويلة من شوارع شبرا الخيمة يلفها الظلام وكذا مدارس عدة تتخذها عناصر إجرامية وكراً لها مثل المدرسة الإعدادية المهنية للبنات ، وقامت رئاسة الحي بتحديد موقف للسيارات وسط مساكن نوبار دون النظر إلى ما ينجم عن ذلك من مخاطر ، وتهالك شبكة الصرف الصحي وطفح المجارى الدائم في مناطق عدة بشبرا الخيمة ، ارتفاع مستوى الضوضاء في شوارع ومناطق شبرا الخيمة دون ملاحقة لمصادرها من السلطة المختصة .. الخ ..

ومازالـت أبواق الدعاية الحكومية تروج لإنجازات العصر ومواجهة أزمة البطالة وتوفير آلاف فرص العمل للعاطلين ودعم محدودي الدخل وضبط الأسعار وتوفير رغيف العيش المدعوم والعلاج والتعليم المجاني لغير القادرين والوحدات السكنية لآلاف من سكان العشش والمقابر .. واحترام حقوق الإنسان .. الخ ..