19/6/2005
تمر البلاد من ظروف بالغة الحساسية والحرج، وتروم مخططات أجنبية، اختراق حصون الوحدة الوطنية الصامدة، لدس الفرقة والتشرذم والشتات بين أبناء الشعب المغربي الواحد، وتفكيك الوحدة الترابية للوطن، المتراصة أجزاؤها وامتداداتها عبر قرون من الدهر، الضارب مجدا وحضارة وسؤددا في أعماق التاريخ، وتمزيق شمل الأمة المغربية، التي انصهر عنصراها: الأمازيغ الأحرار، والعرب الأباة، في بوتقة الإسلام العظيم، وتوثقت عراها في ملاحم الجهاد والكفاح الطويل المرير، ضد الغزو الصليبي الذي تعاقبت إمبراطورياته عبر الأحقاب، على العدوان على المغرب، والإغارة على حدوده وثغوره، وضد اغتصاب إمبرياليات الاستعمار الغاشم للأرض والثروات، وضد الاستعباد والقهر والاستبداد.
وتتسلل دسائس المؤامرة على الأمة المغربية، متسترة خلف أقنعة دعايات مزيفة باسم الحرية والسلام، لزرع بذور الانشقاق من الداخل، والتحريض على نعرة الانفصال والعصبية، بعد أن سالت أنهار من الدماء الزكية على ثرى ربوع الصحراء، لجحافل الشهداء، بدءا بالجهاد المقدس، الذي خاضه جيش الملثمين الزرق بقيادة المجاهد الشيخ ماء العينين، مؤسس مدينة السمارة، ضد جيش الاستعمار الفرنسي، إثر احتلاله لمدينة الدار البيضاء، وإكمال ابنه أحمد الهيبة لمسيرة الجهاد المظفر بالانتصارات، دفاعا عن مدينة مراكش ومنطقة الشاوية، ومرورا بالمقاومة المسلحة ومعارك التحرير التي خاضها جيش التحرير المغربي في الجنوب ضد الجيوش الفرنسية والأسبانية، وانتهاء بفدائية الجنود المغاربة، واستماتة الجيش المغربي في بسط الأمن، وحماية الصحراء من طعنات الغدر، بعد المسيرة الشعبية الخضراء، وهبة نساء ورجال الوطن لتحرير الأقاليم الجنوبية.
وفي الوقت الذي ترنو الأمة المغربية لتخليد مرور خمسين عاما على انتزاع الحرية والاستقلال، من جيوش الاستعمار، وانطلاق معركة بناء صرح الوطن والأمة والدولة، بعد التضحيات الجسام التي بذلها الشعب المغربي في البوادي والحواضر، كفاحا مسلحا فدائيا، وجهادا سياسيا شاقا، تحل المناسبة مواتية، لتجديد التعاقد بين مكونات الأمة ومؤسساتها، لترسيخ أركان التماسك الوطني اجتماعيا وسياسيا، تحصينا للبلاد من الأخطار العاتية التي تحدق بها، وتهدد سلامتها وأمنها ووحدتها وحريتها وحياتها، راهنا ومستقبلا.
ويحل أيضا انتصاب الذكرى معلما شامخا، يوقظ وعي الشعب المغربي بكل فئاته ومشاربه وعصبياته، لاستعادة تفطنه بمؤامرة الاستعمار والاستعباد، بداية القرن المنصرم، حين أسقط الوطن في المصاب الفظيع، فريسة لأطماع المحتل الأجنبي، بعد إيهامه برسالة التمدين والحماية، وانقياده لخدعة سياسة الإصلاحات التي كان يمليها العالم الحر آنذاك، وسرعان ما تحولت إلى مخطط لاسترقاق البلاد والعباد، والاستيلاء على الخيرات والثروات، وتحويل الشعب إلى طوابير عبيد ومسخرين.
وإن الاعتبار بالماضي، لحماية الحاضر وضمان المستقبل، ليدعو إلى استشعار المسؤولية، حكاما ومحكومين، من أجل رص الصفوف، وشد الأزر، وإحكام الرابطة الوطنية، للنهوض بإرادة صادقة، لا تراجع فيها، لتثبيت دعائم الكرامة والعدالة، وصيانة الحقوق والحريات، وتوطيد المكتسبات، وإعلان الحرب على الفساد، لينتشر السلام، وتتحقق التنمية، ويزول الحرمان والاضطهاد والاستضعاف، في مسلسل إصلاح حقيقي، نابع من تلاحم الشعب، ووحدة الوطن، وتماسك الأمة، ومن وحي ضميرها واختيارها.
وإن البلاد لهي اليوم أحوج من أي وقت مضى، إلى التماسك الذي تتمنع به نخبتها، ومناضلوها، ومواطنوها، وقواها الوطنية والقومية والإسلامية، من الانسياق وراء الأوهام المقنعة والمستوردة، التي لا تهدف إلى المصلحة الوطنية، بقدر ما تستهدف الإجهاز عليها، جرا بالبلاد إلى الاضطراب والخراب والفتنة، والوقوع في مستنقع التفتت الذي لازالت جراحاته تنزف في أقطار أخرى من البلاد العربية والإسلامية.
الدار البيضاء في 19 يونيو 2005
البريد: tamassouk@hotmail.com
– تـمـــــاســـــك –
ذ. عبد الله لعماري – محام – معتقل إسلامي سابق.
ذ. عبد السلام جمال الدين – محامي قضايا الجماعات الإسلامية –
د. عبد القادر التلات – دكتور في التاريخ – فاعل سياسي
ذ. عبد العالي حارث – باحث دكتوراه في القانون – معتقل إسلامي سابق
سعيد مبشور – تقني – معتقل إسلامي سابق
خالد مصدق – عدل – فاعل سياسي
مصطفى الشاكي – مدير شركة – معتقل إسلامي سابق
حسن عبيدو – أستاذ اللغة العربية – فاعل جمعوي