9 نوفمبر 2004

أبو السعد ، مزارع على باب الله من عزبة الغلبان القريبة من قرية التايه أحد قرى بلدنا الجميلة ، كان راجل فى حاله يحب الناس واللمة وأمام بيته يتجمع الخلق ، يقعدوا يتسامروا ويدردشوا وهما بيشربوا الشاى . لكن دوام الحال من المحال ، من كام شهر وفى أحد القعدات قال فلان لعلان ايه موضوع الاحزاب الجديدة اللى كل يوم نسمع عنه ديه يا وله .

= قال دى الديمقراطية يا فلان ابن الغلبان .
– يعنى ايه يا وله .
= يعنى يجى مية واحد كده ليهم مصلحة واحدة يقوموا يتلموا يتجمعوا أو يتحالفوا ويعملوا حزب يحلوا بيه مشاكلهم 0
– ما تيجوا نعمل حزب لبلدنا يا ولاد طالما لا محافظ بيسأل ولا حكومة بتهتم بمشاكلنا .
= بس الأحزاب دى بتاعة الناس الكبار ام بدل وتلقيهم فى البلد وعلى كورنيش النيل شاكلهم جميل وحلو بالبدل السودا كده السواريه يا وله .
– تعالوا إحنا نعمل حزب الناس الصغار ، الغلابة اللى على قدهم والانفار اللى باليومية وماحدش بيسأل فيهم وينصرهم ويشوف مشاكلهم ونتلم هنا فى بيت أبو السعد ونسميه بيت الامة مش عزبتنا تعتبر أمة يا ولاد البلد.

= ودا ممكن .
– ليه لأ ….
وعنها اتفقوا على يوم يروحوا لواحد محامى من قرية التايه يسألوه ، هما ممكن يعملوا حزب يدافع عن مصالح القرية ولا لأ وإذا كان ممكن يبقى إزاى ؟
المحامى قال:
– والله ممكن يا أبو السعد ، حق الناس فى التنظيم حق دستورى وقانونى . بس ممكن تعمل جمعية أو حزب أو رابطة مش مهم الاسم لكن حقك فى أن تعمل كل ده ممكن فى القانون بس الحزب يناسب أكثر حل المشاكل اللى بتقولها . بس حزب ايه يا رجاله
= رد أبو السعد حزب الناس الطيبين .
– رد مسعود أى والله حزب الناس الغلابة .
= قال المحامى مش بالسهولة دى ياعم أبو السعد ، دا فيه شروط كتير قوى الحكومة حطاها علشان تعمل حزب . – شروط ليه ، الرجالة موافقة ، وإنت بتقول دا حقنا ، يعنى أبوها راضى وأنا راضى مالك أنت ومالنا يا قاضى .
= عم مسعود المتعلم “نص علام ” قال ده حزبنا إحنا ، مش حزب الحكومة ، الحكومة تحط شروطها على حزبها زى ما هى عايزة لكن علينا إحنا ليه؟
– ده القانون يا عم مسعود
= إيه بقى شروط الحكومة ، ولا شروط قانون الحكومة على حزبنا – لازم يبقى عندك برنامج ، والبرنامج ده يبقى مختلف اختلاف واضح عن برامج باقى الأحزاب ، ويبقى مش ضد مبادئ ثورة يوليو بتاع عبد الناصر ، ولا تصحيح 15 مايو بتاع السادات ، ولا مبادرة السلام مع اسرائيل ، ولا الوحدة الوطنية، ولا يكونش حد منكوا عليه شبهة تعاون مع أحزاب ضد الدولة ،بص هيه حاجات كتير هتعرفها واحدة واحدة بعد كده -المهم دلوقتى بعد اعداد البرنامج هتقدموا الاوراق للجنة اسمها لجنة شئون الأحزاب – أسمه اخطار- عشان توافق الأول على حزبكم ، ولازم يكون الطلب فيه اسم خمسين واحد مؤسسين من البلد ، والبرنامج ،وكل التفاصيل .
= رد مسعود وإيه اللجنة دى بقى انشاء الله .
– دى لجنة من 7 فيها 4 من الحكومة ويكونوا شخصيات عامة يا وله منهم 3 وزراء والاربعة الحكوميين دول بالذات لازم يوافقوا .
= يعنى الحزب بتاعنا لو ما جاش على مزاج اللجنة بتاعة الحكومة يبقى ما نقدرش نعمله ؟
– للأسف يا مسعود أيوه ، ده القانون ، قانون الحكومة على رأيك .
= متشكرين يا أستاذ ، وما دام ده حقنا يبقى هنحاول ، وهنجيلك تانى ان شاء الله وسلامات يا حكومة عنها وأبو السعد ومسعود عملوا قاعدة واسعة مع الرجالة ، وقعدوا يجيبوا الحاجات اللى مفروض أنهم يوافقوا عليها علشان الحكومة تقبلهم .
فيه ناس كتير مكنتش مع سياسة السادات ، ورافضين الصلح مع اسرائيل وعاوزين يحاربوها ، وناس منهم شايفة البرنامج اللى يتعمل بالشروط دى هيبقى برنامج الحكومة مش برنامج الناس. حد منهم وهما بيتكلموا على باقى الأحزاب قال
– ” دول ناس من الكبار يا عم الحاج ، وكلهم مولسين مع بعض .
= احنا هنروح لهم فين يا ولاد ده حته اسم الحزب لازم يكون مختلف عن باقى الاحزاب
….فقرروا يبقى اسم الحزب بتاعهم ” حزب الطيبين ” وكمان يبقى ده الحاجة اللى بتميزهم . واختاروا واحد من عمال اليوميه ارزقى يبقى رئيس الحزب وكل واحد دفعلوا عشرة صاغ اجرة رئاستوا وقعد كل واحد يحط فكرة أو اقتراح .

….احنا بنطالب بكذا ..واحنا بنطالب بكذا لما بقى برنامج للناس الغلابة بحق وحقيقى . مثلاً (إن الحزب يقدم كل سنة قايمة بأسماء الناس اللى مش لاقيين شغل فى العزبة والقرية والمحافظة ، والمحافظة ملزمة تشغلهم ، الحكومة تصرف اعانات لأسر الطلبة الفقرا ، وكل التعليم يبقى مجانى أم ايه يا اولاد ، مفيش أى تعليم يبقى بفلوس علشان ولاد الناس كلها تتعلم وتبقى زى بعض .واحد تانى قال نعمل مستوصف كبير فى البلد أمال ايه علشان أى حد عايز علاج أو عملية فى الكلى أو أى ست اتعثرت فى الولادة أو عيل جالوا بلهارسيا يبقى يتعالج على طول ولو كان غلبان مش مقتدر يعنى يبقى العلاج ببلاش ، وناس قالت على المواصلات وناس تانية على التليفونات وغيرهم قالوا على المياه والكهرباء والأسعار النار والفقرا اللى ملت العزبة وكل واحد بكلمة وكل واحد بفتوى 0

المهم ، راحو بالحاجات للمحامى ، وعملوا له توكيل علشان يقدم الطلب ويتابعه .
بدأت المشاكل تنزل على راسهم بعد كده واحدة ورا التانية .بعدما عملوا اجتماع كبير فى القرية علشان يكلموا الناس على الحزب ومبادئه جت عساكر المركز فضت الاجتماع وقبضت على شوية منهم أبو السعد قال ليه ، إحنا عملنا حزب للطيبين ، وقدمنا الطلب ، وبرنامج مختلف وكل حاجة زى ما قانون الحكومة بيقول ، وبنشرح للناس مبادئه ،ومبنعملش حاجة غلط .
– ممنوع تتصرفوا أى تصرف باسم الحزب قبل ما الحكومة توافق على طلبكوا يا زعيم الحزب . = زعيم ايه يا نهار اسود امال هنعرف الناس ازاى بالحزب من غير ما نتكلم معاهم يا باشا . وقال مسعود بس الحزب اتعمل وقدمنا الورق ، والباقى ده مجرد اجراءات .
– ممنوع يا مسعود ..دا القانون وبعد كام يوم بهدلة فى المباحث والنيابة خرج جماعة أبو السعد وبقوا مش عارفين يعملوا إيه ، يتكلموا عن الحزب بتاعهم ولا عن القضية ، يدعوا الناس يشاركوا فى الأفكار والحزب ولا يسكتوا خالص كأنهم معملوش أى حاجة .

المهم فضلوا محلك سر لحد ما ييجى رد اللجنة الموقرة وجه الرد، وكانت الصدمة ، الطلب أترفض ، يعنى مفيش حزب وإيه أسباب الرفض ؟كتير ، بس أحد الأسباب المهمة للرفض هى إسم الحزب ، حزب الطيبين . وقال المحامى
– ده معناه إن الحزب قائم على التمييز بين الناس ، وده ممنوع فى القانون ، وكمان أهدافه ضد الوحدة الوطنية ، لأنه بيحرض الغلابة والطيبين على اصحاب النفوذ والناس الكبار .
= أبو السعد يعنى ايه كل الكلام ده يا استاذ
– رد المحامى يعنى بدل ما يدعى لوحدة كل العزبة ، وللسلام الاجتماعى بيدعى حزبكم للتضامن مع بعض وده ممكن يفرق الوحدة الوطنية وقال المحامى يا أبو السعد كفاية كده انتم عزبة وش مشاكل 0
= يعنى الغلابة والطيبين يا بيه دول مش موجودين زى ما الاغنياء والناس الكبار موجودين .
– موجودين يا سيدى0
= يعنى ميبقلهمش حزب يتكلم باسمهم ويطالب بحقوقهم .
– لأ يبقى ، بس من غير الأفكار والكلام فقط عن حقوق الناس الطيبين أفهم يا أبو السعد بقى
= إذا ما كانوش الغلابة والطيبين يتحدوا مع بعض يا باشا ، أمال عايزينهم يتحدوا مع مين مع الناس الكبرا ، هو فيه حد من الكبرات اللى فى البلد بيعبرنا ، ولا حد بيسأل فينا ؟
– أهو ممنوع وخلاص يا أبو السعد
= رد أبو السعد أنا مش عارف يعنى إيه بقى إحنا لينا حقوق وكلام كتير فى الجرايد عن احزاب جديدة طالعة وهتطلع الحكومة وكلام عن عصر الديمقراطية والاصلاح والحرية أمال ايه والمبادرة مرة الامريكانية ومرة المصرية اللى هدفهم كلهم اننا نتوعى ونشارك زى ما قالوا “شارك نشارك”، وكمان حقوق انسان ايه كل يوم والتانى فى الراديو والتليفزيون وبرامج عن الستات والعيال والنماء ومشروعات البط والوز والذي منه وبعد كده تقولى اللجنة رفضت حزب، ياريت تبقوا تفهمونا بقى يا استاذ بالمرة يعنى إيه تغيير وتجديد وشباب ونهضة وبلا أزرق كل يوم فى التليفزيون ايكش فاكر هنصدق بعد كل الهيصة ده انكو عايزين اصلاح بجد للبلد ديه .
-هدئ اعصابك يا حاج أبو السعد ، حاول تغير الاسم ..وتغير البرنامج يعنى صلحة شوية علشان يمشى عند اللجنة ،وبلاش اجتماعات أو دوشة علشان مصلحتك أنت ، وإن شاء الله كل حاجة هتبقى تمام .
= بنقولك ايه يا استاذ روح بالسلامة وسلم لى على اللجنة والاصلاح والوطنية والديمقراطية ومتنساش معاك بلغ سلاماتى لكل الاحزاب وسلامة فى خير وخير فى السلامة .

عم أبو السعد هل تعلم
أن حق الناس فى التنظيم حق أصيل منصوص عليه فى المواثيق الدولية لحقوق الانسان والحكومة المصرية ملتزمة بتطبيقها وإليك بعض هذه النصوص:
ولكل شخص الحق فى حرية الاشتراك فى الاجتماعات والجمعيات السلمية والاعلان العالمى لحقوق الانسان . وكمان العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية ينص على الأتى :
* لكل فرد الحق فى حرية تكوين الجمعيات مع آخرين ، بما فى ذلك حق انشاء النقابات والانضمام اليها من أجل حماية مصالحه. (مادة 22)

* وفقرة ثانية بتقول فى نفس المادة لا يجوز أن توضع قيود على ممارسة هذا الحق إلا التى ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية – فى مجتمع ديمقراطى لصيانة الأمن أو السلام الإجتماعى والنظام العام ، أو الصحة ، أو الآداب، أو حماية حقوق وحرية الآخرين .

* وفقرة كمان بتقول لكل انسان الحق فى اعتناق الأفكار دون مضايقة.
* لكل انسان الحق فى حرية التعبير …(مادة 19)
وينص الدستور المصرى يا أبو السعد على حقوق المواطنين فى التنظيم : فذكر أن للمواطنين حق تكوين الجمعيات على الوجه المبين فى القانون ويحظر إنشاء جمعيات يكون نشاطها معاد للنظام الاجتماعى أو سرياً أو ذو طابع عسكرى .

واللى بيحصل فى كل الدول الديمقراطية إن لما الناس يحبوا يعملوا حزب ، بيعملوه من غير إذن أو طلب ، إنما حكاية توقف نشاط حزب على إذن من الحكومة اللى الحزب بتعها أكيد هيعارضها ده متبقاش ديمقراطية . -وحكاية إن لازم الحزب يبقى موافق على كذا وكذا اللى هو سياسة الحكومة دى مصيبة تانية ، التشريع كده بدال ما ينظم موضوع الأحزاب بيقيدها ويحدد لها تفكر إزاى وتتبنى إيه، يعنى تحول دور الحكومة من تنظيم شئون الأحزاب إلى فرض وصاية على الأحزاب وفرض رؤيتها السياسية عليها ، يا كده يا مفيش حزب، يبقى فين بقى الديمقراطية .والاصلاح سياسى واحزاب ايه بعد كده
وكمان يا أبو السعد يا طيب حكاية إنه مفيش حزب يقوم على أساس طبقى ده كلام مش اصلاحى ولا ديمقراطى ، بريطانيا وغيرها كتير من الدول فى الشمال والجنوب فيها أحزاب للعمال وأحزاب للفلاحين ، مش هما جزء من المجتمع ليهم مصالح من حقهم يتحدوا زيهم زى غيرهم ويدافعوا عن مصالحهم . وبعدين فيه حاجة غريبة – البرلمان بتاعنا بيتكلم عن ان الاعضاء بتوعه لازم يبقى فيهم خمسين فى المية عمال وفلاحين وفى نفس الوقت يمنع العمال والفلاحين من حقهم فى عمل أحزاب.
طالما المجتمع فيه مصالح مختلفة يبقى من حق كل أصحاب مصلحة مشتركة تعمل أحزابها ،ولا الطيبين بالذات ممنوع عليهم يدافعوا عن مصالحهم.

الاغرب من كده يا طيب أن قانون الأحزاب اللى عامله حزب الحكومة فيه حاجات كتيرة غريبة وضد الديمقراطية والاصلاح والمبادرات …منها :
– إن لجنة شئون الأحزاب اللى أغلبيتها من الحكومة من حقها أنها تطلب حل الحزب، أو توقف نشاطه أو تمنع الجرايد بتاعته ، وتقفل مقراته وتاخد فلوسه توديها مطرح ما هى عايزة . والأسباب كتيرة، وكله بالقانون لو أعتبرت اللجنة إن للحزب نشاط ضد المصلحة القومية العليا (ودى عبارة مطاطة تقدر الحكومة تفسرها حسب مصلحتها أو حسب معارضتها لمنشئى الحزب إن كانوا بيتكلموا فى اصلاح أو حقوق انسان أو فلاحين أو عمال أو تحسين حال الفقرا بجد وكمان من حقها حرمان أى عضو فى الحزب من العضوية أو من ممارسة العمل السياسى . – وشوف الغرابة حتى بالقانون يا ابو السعد فالمادة 7 من قانون الأحزاب بتقول ان المؤسسين للحزب لازم يبقى منهم 50% منهم عمال وفلاحين مع أن القانون بيمنع قيام الأحزاب على أساس طبقى .

– يشدد قانون الأحزاب العقوبة على أعضاء الحزب قبل وبعد تأسيسه ، قبل التأسيس لو حد منهم أتصرف كعضو فى حزب أو أتكلم بأسمه بيتعرض لخمس سنين سجن (ولا عقوبة مجرم جنائى خطير) وبعد التأسيس لأسباب كتيرة كلها مطاطة زى ممارسة نشاط ضد لمصالح القومية العليا ممكن تدخلوا السجن والمعتقل كمان . – وفى الحقيقة فإن القانون أخترع لجنة لتقييد نشاط الاحزاب وفرض الوصاية عليها، مش لتنظيم تأسيسها ، ما عدا حزب الحكومة طبعاً يا طيب.

ولازم عمى أبو السعد و كل الناس وأصحاب المصالح المشتركة يدافعوا عن تكوين حزبهم ، ولازم يعملوا ندوات وقعدات ويناقشوا مشاكلهم ويشوفوا لها حلول ويرفعوا قضايا على المسئولين علشان يغيروا قانون الأحزاب ويحسنوا حياتهم ولازم كل المؤسسات والجمعيات والنقابات والروابط تنسق جهودها لعمل حملة تحقق لابو السعد أو أى ناس من أية قرية أو عزبة أو مدينة سواء كانت أسمها التايه أو الغلبان أو غيرها من الأسماء حياة كريمة ومجتمع حر وديمقراطى وعلشان أى مجموعة فى بر مصر يكون من حقها حرية تكوين الأحزاب بدون قيد أو شرط والتمتع بحياة كريمة وانسانية .

شد حيلك يا أبو السعد ما ضاع حق وراءه مطالب ، علشان نقدر نعيش بحرية وامان فى بلادنا لازم نفضل نشتغل ونطالب بحقنا فى حياة كريمة وانسانية لائقة.

مركز الأرض يقدم دعمه القانونى لغير القادرين مجاناً و يتلقى كـافة الشكاوى المتعلقة بحقوق الفلاحين والعمال، والصيادين ،والمرأة والأطفال فى الـريف المصرى.
وذلك على العنـوان التالي: 122ش الجلاء، برج رمسيس، الدور السابع، القاهرة ت/ ف:5750470
أو على البريد الإلكتروني:Lchr@thewayout.net – lchr@lchr-eg.org
Website www. Lchr-eg.org