5 ديسمبر 2004
يعيش الفلاحين المصريين معاناة طويلة بوصفهم بشر يعملون وينتجون فى ظل قوانين السوق العالمى التى ترفع شعار كل شئ قابل للتجارة والبيع حتى غذاء وحياة الإنسان وذلك بسبب فشل سياسات الحكومة المصرية والتى يتسم اداؤها بالاهمال والعجز والتخبط خاصة فى السياسات الزراعية مما يؤدى لمزيد من التدهور للاوضاع المعيشية وظروف العمل الزراعى واهدار للموارد الطبيعية فعلى الرغم من دخول مصر السوق العالمى فى وقت مبكر جداً عن مثيلاتها من الدول النامية بسبب منتجها الزراعى المميز (القطن) ، الذى كان يمثل واحداً من أهم المنتجات الزراعية المؤثرة فى رفع معدلات الدخل والنمو بالنسبة للاقتصاد المصرى منذ أوائل القرن الماضى ، إلا أنه بالرغم من كل ذلك فقد تراجع هذا المنتج من موقعه عالمياً بالنسبة لمصر نتيجة لتفوق العديد من الدول ( حتى النامية منها) فى الاعتناء بزراعة القطن بالاضافة الى الاهمال الشديد من قبل الدولة لمزارعى القطن وزيادة الاعباء عليهم نتيجة لتطبيق للعديد من السياسات التى أثرت سلباً على أوضاعهم المختلفة وذلك منذ ما يزيد عن ثلاثة عقود متتالية ولعل أبرز مثال على ذلك هو ما تلقاه مركز الأرض من شكاوى فلاحين من قرى مختلفة بمركزى شربين والرياض بمحافظة الدقهلية ومركز ادكو والرحمانية من محافظة البحيرة ومركز قلين بمحافظة كفر الشيخ .ومركزى قويسنا والحسينية بمحافظة الشرقية تفيد تضررهم من انخفاض اسعار القطن هذا العام والذي أدى إلى خسارات قدرت بحوالى 40% من اجمالى بيع المحصول حيث بلغ سعر القنطار هذا العام مبلغ يقدر بحوالى 550 جنيه مقارنة بالعام الماضى حيث كان يبلغ حوالى 1100 جنيه ،
هذا والجدير بالذكر أن فدان القطن ينتج ما بين 5-7 قناطير لذلك فإن خسارات الفلاحين هذا العام وصلت إلى أكثر من ألف جنيه فى الفدان لأن متوسط التكلفة الاجمالية للفدان يبلغ حوالى أربعة ألالاف جنيه من ايجار الارض وشراء أسمدة وبذور ومبيدات ومصاريف جنى وزراعة ورى …الخ وأن سعر بيع محصول هذا العام قدر بمتوسط يبلغ 3500 وبالتالى لم تتم حتى تغطية تكلفة عملية الزراعة 0
ويؤكد الحاج “عبد العليم ” أن الحكومة يجب أن تبحث عن حلول لوقف خراب البيوت والذي أدى الى حبس الفلاحين فى النهاية وبوار الارض وذلك بدلاً من اتهام الفلاحين بخلط القطن طويل التيلة مع قصير التيلة مع أن أسعار الطويل والقصير انخفضت أواتهامهم زوراً بزراعة أراضى زيادة عن المساحة المطلوبة بنسبة 30% فهل الزيادة فى الزراعة تخفض السعر الى أقل من 50% .والجدير بالذكر أن مصر كانت تزرع ضعف المساحة المنزرعة حالياً قطناً قبل عشرة أعوام حيث كان القطن عنوان الزراعة المصرية ولم يكن السعر بهذا المعدل المنخفض .
و حول اتهامات الحكومة للفلاحين بزراعة بذور غير مطلوبة فى الاسواق اكد بعض الفلاحين على أن وزارة الزراعة تقوم بتوزيع تقاوى وبذور المحصول التى تحتاج الى استلامها من الفلاحين لانها هى التى تمتلك المعلومات حول احتياجات الاسواق فمن المسئول عن زراعة هذه الانواع غير المطلوبة عالمياً هذا العام ؟
ومن المسئول عن مراقبة ومحاسبة الذين يقومون بغش البذور والتى تقوم بها بعض الشركات بخلط بذور طويل التيلة مع بذور قصير التيلة والذي أدى لفقدان سمعة القطن المصرى فى الاسواق العالمية ؟
كما يتساءل أحد المهندسين الزراعيين بقرية كفر أبو سيد بشربين هل زرعه اصنافاً غير مطلوبة أدى لعدم نزول الشركات لتشترى المحصول هذا العام مما أدى لتكديس القطن لدى الفلاحين وأنخفاض سعره طبقاً لقوانين السوق الحرة ؟،أم أن الذى أدى الى انسحاب الشركات هو انخفاض السعر العالمى للقطن عن أسعار القطن المصرى بحوالى 150 جنيه للقنطار وفى رأى المركز فإن انخفاض السعر العالمى للقطن يعود الى دعم الحكومات المختلفة لفلاحيها بطرق مختلفة إما بتخفيض التكلفة وغيرها من صور الدعم للزراعة والفلاحين .
ويؤكد مركز الارض أن موسم جنى القطن لم يعد عيداً للفلاحين حيث أن المحصول يشغل الارض حوالى سنة (9 شهور من فبراير الى اكتوبر ) لذلك فإن وزارة الزراعة وبدلاً من حديث الاصلاح الزراعى فى وسائل الاعلام المختلفة وتطوير الزراعة الآلية والمعلوماتية وانشاء روابط وهمية للرى المطور والصرف المغطى والارشاد والتسويق ..الخ يجب أن تقوم بدورها فى دعم الفلاحين وتنمية الزراعة المصرية وخاصة المحاصيل الاستراتيجية مثل القطن.كما يجب عليها أن تخفض تكاليف الزراعة بالنسبة لمحصول القطن حيث يقوم الفلاحين بشراء مبيدات بحوالى 800 جنيه للفدان أو تستبدل رش المبيدات بتطبيق البرامج المتكاملة البيولوجية و ترفع عنهم مخصصات البنك والجمعية التعاونية والتى تصل الى حوالى 200 جنيه للفدان وأن تدعم الفلاحين لانتاج البذور الطبيعية ذات الانتاجية العالية وتتابع وترشد الفلاحين إلى أساليب مكافحة الاصابات والتخلص من حشائش الترع والمراوى وتدعم مستلزمات الانتاج وتنظم تطبيق الدورة الزراعية والمكافحة الحيوية المتكاملة بهدف القضاء على دودة اللوز الشوكية والقرنفلية ولابد من الاعلان عن اسعار الاقطان قبل زراعته بسعر لا يقل عن سعر التكلفة التى يقوم الفلاح بصرفها على المحصول مع وجود هامش ربح بسيط يدفعه نحو زراعة المحصول خلال الأعوام القادمة .
وعلى جانب آخر اشارت بعض التقارير الى تأثير تلك المشكلة عن تراجع حجم التعاقدات الاقطان المصرية خلال موسم 2003/2004 والتى لم تصل الى 5ر1 قنطار مقابل 5ر3 مليون قنطار عام 2002/2003 .
ويتساءل المركز لماذا لا تقوم الحكومة بدعم قطاع الصناعة لتحويل القطن المصرى الى غزل حيث يصل سعر طن القطن بعد غزله الى 6000 جنيه واذا تم نسجه يصل سعره الى حوالى 15 الف جنيه واذا تم تصنيعه يصل الى 50 الف جنيه بدل من عمل مصانع الغزل فى مصر بربع طاقتها لعدم وجود اقطان أو الاستمرار فى عمليات الخصخصة وبيع المصانع وتشريد العمال .
حيث أفادت بعض المصادر إلى أن حوالى 600 مصنع فى المحلة الكبرى متوقفة عن العمل بسبب الأقطان خلال العاام 2003/2004.
ويرى المركز أن وزارة الزراعة وقفت موقف المتفرج من أزمة انخفاض سعر القطن حيث اتسم اداءها لحل المشكلة بالاهمال والتخبط والعجز كما أكدت بعض التصريحات الرسمية فبداية من الاعلان عن أن السيولة المتوفرة لا تكفى لشراء كميات القطن والتى وصلت الى 200 مليون جنيه وذلك نتيجة زيادة التوريد لانسحاب الشركات بعد انخفاض الاسعار العالمية عجزت الوزارة عن توفير كامل المبلغ واتاحت حوالى 41% فقط منه .
كما اتسم اداء الوزارة بالتخبط أيضاً حيث تم استلام القطن من الفلاحين ببعض المحافظات من موظفى البنوك الذين لا يمتلكون خبرات أو كوادر لفرز الاقطان وتحديد انواعها ومدى جودته أو تخزينها ، واضطر الفلاحين فى بعض المحافظات الى نقل القطن من المجمعات الى منازلهم مرة أخرى لرفض الوزارة استلامها لعدم وجود أموال لديها لسداد قيمة المحصول حتى بهذا الثمن البخس ، وعلى الرغم أن الوزارة تستقبل المحصول من الفلاحين عن طريق التعاونيات وبنك التنمية والائتمان الزراعى ومركز التجميع والهيئات الزراعية ومجمعات الاصلاح الزراعى إلا أنه وفى أحوال كثيرة كانت الكثير من هذه المراكز فى المحافظات ترفض استلام المحصول من الفلاحين . واتسم اداؤ موظفى الوزراة أيضاً بالاهمال والفساد واتضح ذلك من استخدام المبيدات الفاسدة خلال العام الماضى فى القضاء على دودة القز وقد تأكد ذلك باقالة وكيل وزارة الزراعة بالمنيا وأسيوط بسبب استيراد واستخدام كميات مبيدات فاسدة أدت إلى تطوير نوع الدودة ولم تفلح معها المبيدات المستخدمة قبل ذلك ، ففى المنيا افادت بعض التقارير الى ان الاصابة بلغت 80% من المحاصيل الزراعية .
ويؤكد المركز بأن مشكلة استخدام التقاوى التى أثارتها بعض التصريحات الرسمية كتبرير للازمة وهى السبب وراء انخفاض سعر المحصول أو أنها لم تكن بالجودة المطلوبة أو أن بذور الهجين الطويل التيلة مع قصير التيلة فنحن نسأل الوزير أليس وزارة الزراعة هى المسئولة عن انتاج وتوزيع هذه التقاوى والمسئولة عن استيرادها والرقابة عليها ؟وأيضاً بالنسبة للكيماويات والمبيدات الفاسدة هل يكفى فقط احالة المسئولين الى المحاكم لحل مشكلات الفلاحين كما حدث فى المنيا وأسيوط ؟ أم يجب تعويض الفلاحين عن خسائرهم المتوالية سواء بالنسبة لكارثة الجراد الأحمر والمبيدات الفاسدة واليوم الأسود لبيع الذهب الابيض كما وصفه أحد الفلاحين .
وعلى جانب آخر وفى تصريح متناقض اتهم الوزير سياسات السوق الحرة بأنها السبب ، وأن الوزارة تقوم بتخفيف العبئ عن الفلاح بتوفير التقاوى ومكافحة الافات وخدمات الحرث تحت سطح التربة والتسوية بالليزر .
والشئ الملفت فى هذا التصريح الأخير انه أذا كانت سياسات السوق الحرة هى السبب فى انهيار أسعار القطن وخراب بيوت الفلاحين اليس الوزير هو من تقوم بتطبيق تلك السياسات؟، وهل نطالب بعد هذا التصريح بتعديل السياسات التى تؤدى لاهدار ثرواتنا وخراب بيوت الفلاحين والى من نتوجه بهذه المطالبة ؟ كما أفادت بعض المصادر بوزارة الزراعة أن اضراب الفلاحين عن زراعة القطن العام القادم سيؤثر سلباً على صناعة الغزل والنسيج وذلك باغلاق عدد كبير من المصانع وتشريد عشرات الالاف من العمال واتهمت اصحاب مصانع الغزل والنسيج بالمسئولية لممارستهم ضغوط على الحكومة لشراء القطن من الفلاحين بهذا السعر البخس وأكدوا أن بورصة القطن ستعجز عن الوفاء بعقود التصدير العام القادم اذا احجم الفلاحين عن زراعة القطن .
ويرى المركز أن الكلام الذى ذكرته بعض المصادر بوزارة الزراعة حول تفعيل دور صندوق موازنة اسعار المحاصيل التسويقية هو كلام جرايد حيث يجب أن يصدر تشريع يفعل هذا الصندوق ويدعم موارده من تجار الاقطان ومن موارد الدولة التى تستقطعها من الفلاحين من الضرائب العقارية الى رسوم تطهير مساقى وغيرها ويشارك كافة المهتمين بقضية الزراعة المصرية وكفالة حقوق الفلاحين فى الحياة الكريمة .
ولم تكتفى الحكومة باهمالها وتخبطها وعجزها عن مواجهة المشكلة بل كان هناك تناقض كبير بين مسئوليها حيث يؤكد وزير التجارة الخارجية فى تصريحات مماثلة بأننا نسارع فى تطبيق سياسات السوق الحرة وعلى سبيل المثال فإن هناك خلافات مع الجانب الامريكى بسبب سياسات الحكومة المصرية لقواعد الملكية الفكرية وسياسات دعم القطن والتى تؤجل الاتفاقية المعروفة باسم ” تيفا” ففى الوقت الذى تدعم فيه الحكومة الامريكية المزارعين وخاصة مزارعى القطن يؤكد الوزير المصرى أن الحكومة تقدمت بصورة كبيرة فاقت توقعات الامريكيين فى الاصلاحات فيما يتعلق بتسهيل نظام الجمارك والاصلاحات المصرفية وخصخصة القطاعات الصناعية والزراعية والغاء دعم بعض المنتجات والمحاصيل الزراعية ومن بينها القطن !!! فمن نتوقع سيدافع عن حقوق الفلاحين والمواطنين فى الغذاء وفرص العمل وامان الزراعة والارض.
وعلى جانب آخر فإن المركز يرى أن هناك بعض التخوفات من توقيع اتفاق المناطق الصناعية المؤهلة ( كويز) دون مناقشتها وعرضها على مؤسسات المجتمع المدنى والمجالس الشعبية والمحلية والمتخصصين من المراكز والقوى المختلفة وذلك لاثارها السلبية على صناعة المنسوجات فى مصر ،ويؤكد المركز بوجوب اجراء مناقشات واسعة مع كافة الاطراف المهتمين بالزراعة والصناعة فى مصر قبل توقيع الاتفاقية حرصاً على حقوق العاملين وحمايتهم من التشرد .
وقد تقدم المركز بشكاوى الفلاحين الى وزارة الزراعة وذلك للمطالبة بتعويض الفلاحين عن خراب بيوتهم وزراعتهم هذا العام نتيجة زراعة محصول القطن وذلك بتحميل الوزارة تكاليف المقاومة واعفاء الفلاحين من تسديد الضرائب العقارية من الفوائد المتعلقة بقروض زراعة القطن ورفع الحد الادنى من توريد المحصول الى 1200 لتغطية التكاليف الباهظة لعملية الزراعة .
اننا مطالبون جميعاً باعادة النظر فى هذه السياسات والاتفاقيات لمنع الاغراق الذى تمارسه الشركات الغذائية العملاقة فى العالم لاسواق البلدان النامية ولاحترام حقوق البلدان النامية فى وضع سياسة تؤدى لحماية حقوق الانسان والموارد من الاهدار وتوفير الغذاء وأمان الارض وذلك بتوفير التقاوى ذات الانتاجية العالية والملائمة فى نفس الوقت لظروف ومناخ الزراعة المصرية وحماية مواردنا من الاهدار وكفالة حقوق المواطنين فى العيش اللائق والامن .
لمزيد من التفاصيل يرجى الاتصال بالمركز
تليفون وفاكس / 5750470
البريد الإلكتروني:Lchr@thewayout.net – lchr@lchr-eg.org
Website www. Lchr-eg.org