9/12/2004

“إذا كان هناك عشرات الآلاف قد اجتمعوا فى جنوب أفريقيا وإيطاليا والبرازيل والهند وفى مناطق كثيرة من العالم احتجاجاً على ممارسات الحكومات والمنظمات التجارية الكبرى في الأعوام السابقة فإن هناك أملاً في الأعوام القادمة لتحقيق أحلام البشر التي راودتهم ومازالت تراودهم في بناء عالم أفضل أكثر أمناً وإنسانية “.

يأتى احتفال العالم بذكرى صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هذا العام ( العاشر من ديسمبر 1948)في وقت تعيش فيه الشعوب أوضاعاً قاسية خاصة فى دول الجنوب بسبب انتهاكات لحقوق الإنسان لا حصر لها .وأصبح هناك فجوة كبيرة بين الأحلام التى راودت البشر أثر صدور هذا الاعلان خلال القرن الماضي وبين الواقع المرير الذي تحيا فيه الشعوب بسبب الممارسات اللاقانونية واللاأخلاقية للحكومات المختلفة والمنتهكة لكافة مواثيق حقوق الإنسان السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وبسبب هذه الممارسات فى عالم اليوم توارت منظومة الأمم المتحدة ومؤسساتها المختلفة وأصبحت قراراتها يضرب بها عرض الحائط أمام تحدى وهجمات وسياسات الدول والمؤسسات التجارية الكبرى وانتشرت ممارسات التمييز والتسييس وازدواجية المعايير والكيل بمكيالين والانتقائية وثنائية المفاهيم …الخ ولا تملك الشعوب أو حتى حكومات الجنوب ازاء ذلك إلا الرضوخ والقبول الى أحكام الدول والمؤسسات التجارية الكبرى التي تبيح لنفسها أن تنتهك وبشكل متواصل حقوق الإنسان وتفرض عقوبات على دول مستقلة سولت لنفسها رفض هذا التفسير أو التحفظ عليه وبالتالي توارت مرجعية حقوق الإنسان وكل الجوانب الأخلاقية في تفسير هذه المواثيق الى الخلف فى ظل ارتفاع صوت المدافع والدبابات في معظم مناطق الصراع في العالم

وقد أدت هذه الممارسات اللاأخلاقية الى انتهك الحق في الحياة لعشرات الالاف من البشر وتشريد وإفقار مئات الالاف الأخرين ، وانتهك حق تقرير مصير الشعوب وسيادة الدول المستقلة والتدخل في شئونها الداخلية – كما انتهكت هذه الممارسات حقوق الدول النامية في التنمية والتجارة الدولية العادلة وتم تشريد آلاف العمال والفلاحين والمنتجين في هذه الدول بسبب تطبيق سياسات السوق الحرة .

حيث أدت هذه السياسات والاتفاقيات التجارية الجديدة إلى الاتجار بالغذاء والأدوية والمياه والأرض والموارد الطبيعية المختلفة وأدت على جانب أخر لمزيد من القتلى والمصابين والمعتقلين والجياع والمرضى والعاطلين والمشردين وانتجت هذه السياسات من جديد ظواهر مثل زيادة العنف والارهاب .والشئ المؤسف أن ذلك يحدث رغم انتشار حركة حقوق الإنسان في معظم دول العالم ورغم إصدار عشرات المواثيق والبروتوكولات التي تنادى بحماية حقوق الشعوب المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتنموية وكفالة حق الإنسان في الحياة الكريمة اللائقة ، فقد أكدت بعض تقارير منظمات حقوق الإنسان الدولية والمحلية خلال عام 2004 أن هناك مأساة وكوارث في مناطق عديدة من العالم وأن شعوب هذه المناطق تعانى من الإفقار والجوع والمرض من جراء تطبيق الحكومات لهذه السياسات.

ورغم هذه النتائج مازالت منظمة التجارة والشركات متعددة الجنسيات تقوم بفرض أسواق للاتجار بالغذاء واحتكار الزراعة والصناعة ومازالت القوة العسكرية هي التي تحكم العلاقات الدولية.

وإزاء ذلك يقف المجتمع الدولي شاهداً مكتفياً بالحسرة والصمت والعجز والشجب لما يجرى من إبادة وتجويع وقتل للشعوب في معظم مناطق العالم على يد الحكومات والمؤسسات التجارية العالمية والشركات متعددة الجنسية . ولعل حجم الضحايا الذين فقدوا حياتهم أو أصيبوا في فلسطين أو العراق وأفغانستان يبين حجم المأساة التي وصلت اليه حالة حقوق الإنسان اليوم ، هذا خلاف المرضى والجياع والمشردين من الأطفال والشيوخ والنساء في العالم خاصة في أفريقيا وآسيا
ويكفى اعادة قراءة نصوص بعض التقارير الدولية والمحلية التي صدرت خلال هذا العام لندرك الفجوة القائمة بين النصوص التي نحتفل بذكراها وبين الواقع المرير في عالم اليوم.

ويرى المركز بمناسبة هذه الذكرى إن التشكيك في كثير من المبادئ الأخلاقية التي استقرت في ضمير الإنسانية بإثارة ادعاءات أمنية ووقف الإرهاب لانتهاك الحق في الحياة و الأمان الشخصي أو الترويج لفكرة التضحية بالحقوق والحريات الأساسية للأفراد لممارسة التعذيب بجميع اشكاله أو الاعتقال أو الاحتجاز بدون توجيه تهم أو عدم كفالة الرعاية الصحية والتعليمية أو انتهاك حقوق البشر في السكن الملائم وأمان الأرض الزراعية وعدم توفير الغذاء والخدمات الأساسية للحياة الكريمة تحت دعوى استئصال الإرهاب هي تبريرات واهية لأن تطبيق السياسات الراهنة هو الذي يعيد إنتاج الفقر و الإرهاب من جديد .

ومركز الأرض يناشد المجتمع الدولي وكافة لجان وهيئات منظمات الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية والمحلية المهتمة بحقوق الإنسان بالعمل من أجل وقف انتهاكات حقوق الإنسان و إلزام الحكومات المختلفة في كل دول العالم بالاحتكام لأحكام القانون العام والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان بحيث لا تتحمل شعوب ودول بأكملها أو مناطق بعينها انتهاك حقوقها في الأمان والحرية والحياة الكريمة وفضح الادعاءات الكاذبة حول مبررات فرض قوانين استثنائية وطوارئ وتعذيب الناس في السجون واعتقالهم وانتهاك حقوقهم في حياة إنسانية . إننا نطالب كافة المنظمات الدولية والمحلية من خلال أنشطتها المختلفة وتجمعات مناهضة العولمة بالعمل معاً لمقاومة العصف بحقوقنا الإنسانية التي كانت البشرية قد وصلت أليها عبر كفاح طويل من أجل غداً أفضل واكثر عدلاً وإنسانية لجميع البشر .

—————————————————
لمزيد من المعلومات يرجى الاتصال بالمركز
تليفون وفاكس / 5750470
البريد الإلكتروني:Lchr@thewayout.net – lchr@lchr-eg.org
Website www. Lchr-eg.org

الموضوع صادر عن :

مركز الأرض لحقوق الإنسان

مركز الأرض لحقوق الإنسان