10/12/2007
شارك مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان على مدار يومي 29 و 30 نوفمبر 2007 في مؤتمر دولي في هولندا حول تقييم أثر سياسات حقوق الإنسان، وقد خصص المؤتمر جزء من جلساته حول تقييم سياسات الاتحاد الأوروبي لدعم حقوق الإنسان في مصر، وقد نظم المؤتمر منظمة الهدف من أجل حقوق الإنسان (اللجنة الإنسانية لحقوق الإنسان سابقا) وشارك فيه نحو 40 مشارك ومشاركة ممثلين لمنظمات غير حكومية وجامعات من هولندا، وممثلين عن المفوضية الأوروبية،ومنظمة العفو الدولية، والشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان، والمنظمة الدولية لمناهضة التعذيب، وعدد من المنظمات المصرية.
وقد قدم معتز الفجيري مدير البرامج بمركز القاهرة ورقة حول فرص تدعيم الديمقراطية وحقوق الإنسان في مصر في إطار سياسة الجوار الأوروبية. تم عرضها في مداخلة رئيسية في الجلسة الأولى للمؤتمر، أكدت الورقة أنه على الرغم من أن حقوق الإنسان هي أحد المحددات الأساسية للاتفاقات المشتركة بين الاتحاد الأوروبي والحكومة المصرية، والتي كان آخرها إقرار خطة العمل المصرية الأوروبية في إطار سياسة الجوار الأوروبية في مارس 2007، وقد تلقت بمقتضاها الحكومة المصرية مساعدات مالية تقدر ب 558 مليون يورو لتنفيذ مشاريع في مجالات التنمية الاقتصادية، والتجارة، وحقوق الإنسان، والحكم الجيد، إلا أن السياسات العملية للاتحاد الأوروبي مع الحكومة المصرية تتجاهل الاهتمام بإثارة أولويات حقوق الإنسان في مصر بموجب هذه الاتفاقات.
لقد شهدت الفترة التي تم فيها إقرار خطة العمل المصرية الأوروبية سلسلة من التدابير القمعية التي اتخذتها الحكومة المصرية ضد المجتمع المدني، والقضاة المستقلين الداعين لاستقلال القضاء، والصحافة المستقلة، كما توسعت السلطات في استخدام قانون الطوارئ، والمحاكم العسكرية لمواجهة المعارضة السياسية السلمية، من ناحية أخرى تبنت الحكومة تعديلات دستورية شكلت نكسة كبيرة للحريات والديمقراطية في مصر، حيث اشتملت التعديلات على إدخال بنود لمكافحة الإرهاب في الدستور، تنتقص من باب الحقوق والحريات تمهيدا لإصدار قانون لمكافحة الإرهاب، وتقييد الحق في تكوين الأحزاب السياسية، وإلغاء الإشراف القضائي على الانتخابات العامة، في هذا الوقت لم يصدر عن الاتحاد الأوروبي أية مواقف لإدانة هذه الإجراءات، بالرغم من أن الحكومة المصرية أعلنت بشكل صريح انتهاكها للمبادئ الرئيسية التي بنيت عليها سياسة الجوار وخطة العمل.
وأشارت الورقة إلى أنه منذ بداية المفاوضات بين الجانب المصري والأوروبي كانت هناك توقعات كبيرة من جانب منظمات حقوق الإنسان المصرية والدولية بأن سياسة الجوار ستمثل فرصة حقيقية لإصلاح مسار الشراكة الأورومتوسطية في مجال دعم حقوق الإنسان، لكن هناك العديد من النواقص التي شابت خطة العمل المصرية الأوروبية المشتركة، والتي خيبت آمال المجتمع المدني حيث صيغت المعايير التي اشتملت عليها خطة العمل بعمومية شديدة، ودون أية أولويات في التنفيذ أو التزامات زمنية واضحة وهو الأمر الذي قد يحولها إلى مجرد نص أدبي غير قابل للتنفيذ العملي، كما تجاهلت الخطة بعض القضايا الهامة والتي تعد من أولويات حقوق الإنسان في مصر مثل سياسات مكافحة التعذيب، وأعطت الخطة ضوءا أخضر للحكومة لإقرار قانون جديد لمكافحة الإرهاب رغم التحذيرات التي شدد عليها المجتمع المدني أثناء المفاوضات من أن هذا القانون سيمثل خطورة كبيرة على أوضاع حقوق الإنسان والديمقراطية في مصر، كما اتخذت الخطة من التشريعات الوطنية مرجعية لها عند الحديث عن تنمية دور المجتمع المدني، مع إغفال الفلسفة القمعية التي تقوم عليها هذه التشريعات والتي تقيد حرية واستقلال مؤسسات المجتمع المدني، وانتقدت الورقة أيضا غياب نظام واضح ودقيق لمراقبة تنفيذ خطة العمل.
انتهت الورقة بمجموعة من التوصيات لدعم حقوق الإنسان في إطار سياسة الجوار الأوروبية من بينها ضرورة إعطاء أولية لحقوق الإنسان في أية مباحثات سياسية ودبلوماسية تجمع الاتحاد الأوروبي مع الحكومة المصرية، واعتبار الديمقراطية وحقوق الإنسان أولويات استراتيجية لتحقيق الأمن والاستقرار المستديم في المنطقة الأورومتوسطية، وأن تكون مرجعية القانون الدولي لحقوق الإنسان هي الأساس وعلوها على أية تشريعات وطنية تتذرع بها الحكومات لأية تفسيرات لخطط عمل سياسة الجوار أو برامج العمل المشتركة بين الاتحاد الأوروبي وشركائه في جنوب المتوسط وخاصة فيما يتعلق بحرية واستقلال مؤسسات المجتمع المدني، كما طالبت التوصيات المفوضية الأوروبية بضرورة وضع خريطة طريق تفصيلية لخطة العمل، توضح الإجراءات والسياسات المطلوبة للوفاء بأهدافها، وأولويات تطبيق بنودها من الناحية الزمنية، وخطة تقييم تفصيلية لمتابعة التقدم في التنفيذ.