8/4/2008

بعد تم منع جميع مراقبي مرصد حالة الديمقراطية من الدخول إلي اللجان في دوائرهم الانتخابية بعد الخامسة مساءاً وبعد المضايقات التي عاني منها مراقبي المرصد طوال اليوم الانتخابي.

يبدي المرصد ملاحظاته علي أعمال مراقبته الميدانية علي اليوم الانتخابي للمجالس الشعبية المحلية:

أولاً:

أن العملية الانتخابية للمجالس الشعبية المحلية والتدخلات الإدارية والأمنية لأجهزة السلطة التنفيذية فيها منذ مرحلة فتح باب الترشيح وحتي إعلان النتائج، أفرغت الانتخابات من مضمونها فقد انتهت 88% من عدد المقاعد التي كان من المفروض إجراء الانتخابات فيها بالتزكية حيث حسمت الانتخابات علي 44000 مقعد من إجمالي 52000 مقعد، أي أن الانتخابات جرت علي 8000 مقعد فقط تقدم ليترشح فيها 1100 من أحزاب المعارضة بعد انسحاب جماعة الإخوان المسلمين، و 6900 مرشح من الحزب الوطني والمستقلين علي مبادئه والذي لم يتعدي عددهم 400 مرشح، أي أن الحزب الوطني قد استأثر لنفسه مقدماً وقبل إعلان النتائج بأكثر من 95% من إجمالي مقاعد المجالس الشعبية المحلية، أي أنه لم يكن هناك انتخابات من الأصل فالانتخابات تعني المنافسة والمساواة في قواعد تلك المنافسة والأرقام هنا لا تكذب !!!

ثانياً:

نسبة المشاركة لا تتعدي 1% وأي ارتفاع في نسبة المشاركة ستعلن عنه الجهات المشرفة علي العملية الانتخابية هي نسب وهمية سترتفع بسبب ظاهرة تسويد بطاقات إبداء الرأي من قبل مندوبي ومرشحي الحزب الوطني والموظفين المشرفين علي اللجان الانتخابية وذلك بعد تخلص السلطة التنفيذية من الإشراف القضائي علي الانتخابات بعد التعديلات الدستورية الأخيرة.

ثالثاً:

ندرة ظاهرة شراء الأصوات وتقديم الرشاوي المادية والعينية للناخبين ولم تظهر إلا في بعض المناطق العشوائية والفقيرة، ولم يتعدي مبلغ الرشوة 20 جنية أو توزيع بعض المواد التموينية علي الناخبين، وهو مؤشر لا يدل علي اختفاء تلك الظاهرة فقد حسم المرشحين من الحزب الحاكم مسألة عدم حاجتهم لناخبين فالمعركة محسومة مقدماً، فلا يوجد منافسين ونتائج الانتخابات حسمت مقدماً بتدخل الأجهزة الإدارية والأمنية للسلطة التنفيذية التي انحازت انحيازاً فاضحاً للحزب الحاكم.

رابعاً:

كالعادة انفردت الأجهزة الأمنية بإدارة اليوم الانتخابي فلا صوت يعلوا علي صوتهم، وتواجدت داخل وخارج اللجان وتحكمت في الدخول إليها ومنعت مراقبي منظمات المجتمع المدني ومندوبي وسائل الإعلام ووكالات الأنباء العالمية ومنعت بعض المرشحين والناخبين من الدخول إلي بعض اللجان بلا سبب مقنع، علي الرغم من حسم الانتخابات بالتزكية في 88% من عدد المقاعد وحتي الانتخابات التي تجري في بعض الدوائر لا منافسه حقيقية فيها، ولكنه سلوك اعتادت عليه الأجهزة الأمنية لا تستطيع التخلي عنه، فهي تعتبر إدارة العملية الانتخابية أي كانت طبيعتها حق مكتسب لها تمنع من تشاء وتسمح لمن تشاء والمنع عندها هو الأصل والإستثناء السماح.

خامساً:

تكررت في تلك الانتخابات ظواهر أصبحت سلوكاً معتاداً في جميع الانتخابات التي تجري في مصر مثل (الأخطاء في الكشوف الانتخابية ومحاولات الحشد الجماعي للتصويت والبلطجة ومنع مندوبي مرشحي المعارضة من التواجد في مراكز الاقتراع).

سادساً:

سلوك اللجنة العليا للانتخابات والمجلس القومي لحقوق الإنسان غير مبرر وغير مفهوم في إعطائها تصريحات بشكل سري لبعض منظمات المجتمع المدني بالمراقبة في مقابل تجاهلها لمطالب مرصد حالة الديمقراطية وبعض الجمعيات الأخري في السماح لها بالمراقبة بشكل يسمح لها بعدم التعرض لعسف السلطة التنفيذية، فاللجنة العليا التي لا وجود لها ولا نسمع عنها ولا تشترك في إدارة أي مرحلة من مراحل العملية الانتخابية للمجالس الشعبية المحلية والتي ناشدها المرصد في بياناته مراراً وتكراراً بالظهور والتدخل ولكنها لم تستجب وحاولنا الوصول إلي مقاراتها ولم نجدها ثم نفاجأ بتصريحات في الصحف القومية تعلن أن اللجنة العليا أعطت تصريحات لمراقبي منظمات المجتمع المدني بالمراقبة فشكرنا الله علي وجود اللجنة!!!!، أما المجلس القومي لحقوق الإنسان فقد أرسلنا له طلب بتاريخ 18 مارس 2008 نطالب فيه بمساعدتنا في استخراج تصريحات لمراقبينا والتحقيق في الانتهاكات التي تعرض لها مراقبينا في مرحلة فتح باب الترشيح وفي 23 مارس 2008 أفادنا المجلس دون إجابة واضحة أنه يولي إصدارتنا الاهتمام اللازم وفي هذا الصدد يرجو موافتنا له بكل ما صدر من تقارير وموضوعات في انتخابات المجالس المحلية، ولم يجب علي طلباتنا ثم نفاجأ بتصريحات صحفية يوم الانتخابات بأن المجلس قد أصدر تصريحات لمنظمات المجتمع المدني لمراقبة المجالس المحلية دون إبداء أسباب وشروط وكيفية تقديم الأوراق، وهو سلوك مؤسف ولا مبرر له، وهو ما يفتح الباب لمناقشة طريقة إدارة كل من اللجنة العليا للانتخابات والمجلس القومي لحقوق الإنسان والتدخل في أعمالهما من قبل السلطة التنفيذية وأجهزتها.

سابعاً:

سلوك السلطة التنفيذية وأجهزتها وحزبها الحاكم في إدارة العملية الانتخابية للمجالس الشعبية المحلية غير مفهوم وغير مبرر والانتهاكات التي صاحبة تلك الانتخابات لا شك أنها أساءت لملف حقوق الإنسان والتطور الديمقراطي في مصر وأي حديث من قبل السلطة التنفيذية عن انتخابات حرة ونزيهة أصبح لغو، ولا يستطيع المراقب لسلوك السلطة التنفيذية وأجهزتها وحزبها الحاكم أن يفهم لماذا أخرجت سيناريو إدارتها للعملية الانتخابية بتلك الطريقة السيئة، فقانون الإدارة المحلية لم يعطي لتلك المجالس المحلية أي سلطة وأعطي الحق للسلطة التنفيذية في حل تلك المجالس، وإذا كانت السلطة التنفيذية تخشي من منافسة جماعة الإخوان المسلمين وحصولها علي نسبة في تلك الانتخابات تمكنها من التقدم بمرشح علي منصب رئاسة الجمهورية فإن هذا السلوك غير مبرر فالجماعة لم تستطيع أن تحصل علي أي مقعد في انتخابات مجلس الشوري حتي تتمكن من تقديم مرشح، كما أن القوي السياسية جميعها بما فيها الإخوان المسلمين أعلنت قبل الترشيح عن اكتفائها بالتقدم بخمسة آلاف مرشح وهي نسبة لا تتجاوز 10% من إجمالي عدد المقاعد المتنافس عليها، هذا إذا إفترضنا نجاحها في حصد جميع المقاعد فما هو مبرر السلطة التنفيذية في ممارسة هذا الكم من الانتهاكات وخاصةً أنها مسئولة مسؤلية كاملة عن إدارة اليوم الانتخابي وإخراج نتائجه بعد إسناد الإشراف للموظفين التابعين لها فما هو المبرر لكل تلك الانتهاكات التي أساءت كثيراً لملف الدولة في مجال حقوق الإنسان، وهو سؤال نحاول الإجابة عليه. وأخيراً يمكننا القول بأن السلطة التنفيذية وحزبها الحاكم قد قاما بتعيين المجالس الشعبية و المحلية، وأن ما تم هو تمثيلية غير مسلية ركيكية الإخراج لإثبات أنه كانت هناك انتخابات ديمرقراطية والواقع أنه لم تكن هناك لا انتخابات ولا ديموقراطية بل هو التعيين في إطار انتخابي غير مقنع ولا حتي لطفل صغير.

مرصد حالة الديمقراطية