17/11/2005

بدأ العد التنازلي لانتخابات مجلس الشعب في محافظة الفيوم، وسوف تُعقد يوم الأحد القادم الموافق 20 نوفمبر، وتعد دوائر محافظة الفيوم من الدوائر الساخنة والتي يتنافس عليها مرشحون من مختلف التوجهات السياسية كالحزب الوطني والتجمع والإخوان المسلمين. ولعل أكثر دوائر المحافظة سخونة هي دائرة يوسف الصديق وذلك لأن مرشح الوطني فئات بها هو وزير الزراعة السابق يوسف والي، والذي يمقته الأهالي لدرجة انهم قاموا بضربه داخل أحد المساجد بعد صلاة الجمعة منذ أسابيع قليلة. وقد قام مركز الأرض لحقوق الإنسان بزيارة ميدانية لبعض قرى دوائر الفيوم، ومنها قرى دائرتي يوسف الصديق وإطسا، للتعرف على ما إذا كانت برامج المرشحين تستجيب لمشكلات الفلاحين من أهالي المحافظة، وكشفت هذه الزيارة عن انتهاكات لا تُحصى يقوم بها مرشحو الوطني، وعن أن برامج المرشحين بعيدة كل البعد عن واقع الفلاحين ومشكلاتهم فيها منسية.

يقوم الترشيح في الفيوم على أساس عائلي مثله في ذلك مثل أغلب محافظات وقرى مصر، حيث توجد بها حوالي 14 عائلة بسبع دوائر تحتكر مقاعد مجلس الشعب منتمية للحزب الوطني. وتعد قرية قصر الباسل بدائرة إطسا- الدائرة الرابعة- نموذجاً لقرية مهمومة لا تحظي بأبسط الخدمات الآدمية ويتنافس عليها مرشحو الوطني والإخوان دون وجود برنامج واضح يحل مشكلات أهالي القرية المنسية. رشح الحزب الوطني في قصر الباسل عبد العظيم الباسل مساعد رئيس تحرير جريدة الأهرام مرشح وطني فئات، ورشح الإخوان المسلمين أحمد سلطان لمقعد العمال والفلاحين وينافس مرشح الوطني حاتم سيد إدريس. ويحشد عبد العظيم الباسل الأصوات على أساس عائلي وكان قد فاز في الانتخابات التكميلية قبل ثلاثة أشهر ليشغل المقعد الذي كان يشغله أحد أقربائه من عائلة الباسل ثم توفي قبل استكمال الدورة، وعائلة الباسل من العائلات التي تحتكر المقعد بالتحالف مع الحزب الحاكم. أما عن مرشح الإخوان المسلمين فهو يوظف البعد الديني في خطابه السياسي دون أن يطرح حلولاً حقيقية ملموسة لمشكلات أهل القرية.

وقصر الباسل تعاني من العديد من المشكلات الخاصة بمياه الشرب والري والتعليم والصحة التي تعاني منها أغلب القرى المصرية ولا يلتفت نوابها لهذه المشكلات. يقول أ. حميدة توفيق- رئيس مجلس إدارة جمعية تنمية المزارعين وأسرهم- قصر الباسل قرية قديمة نسبياً ويبلغ زمامها الزراعي حوالي 6000 آلاف فدان، تُزرع بالأساس أرز بالإضافة لمحاصيل أخرى وتُروى طوال أيام الأسبوع بالتناوب. وتعد مشكلة الري أكبر المشكلات التي يعاني منها أهالي القرية، حيث يقوم مهندس الري التابع للوحدة المحلية بحجز المياه عن القرية لأجل توصيلها لقرية الغرقة طوال ساعات النهار ويطلب من أهالي قصر الباسل الري ليلاً، وذلك يعني حرمان زراعات قصر الباسل من المياه طوال أيام حتى يوم الجمعة. ويدعي مهندس الري أنه يفعل ذلك لأن منسوب المياه علي عند قصر الباسل مرتفع مما يمنحها حصة أكبر من المياه على حساب الغرقة، ولكن واقع الأمر هنا أنها حالة فساد من قبل الإدارة المحلية، حيث توجد حوالي 3000 فدان أراضي مستصلحة تابعة للغرقة يمتلك فيها بعض رجال الأعمال حيازات، ولذلك يتم حرمان قصر الباسل من المياه لصالح هؤلاء الملاك من رجال الأعمال، وصارت الأراضي المستصلحة الجديدة سبباً في حرمان الأراضي الخصبة القديمة من نصيبها من المياه مما يهددها بالبوار على المدى الطويل. ولذلك يضطر الأهالي لاستخدام مواتير لرفع مياه الصرف واستخدامها في الري، وأدى ذلك لرفع نسبة الأملاح في الأراضي وأُصيب الزرع بحالة من الذبول وانخفضت إنتاجية الأرض بشكل أدى لانخفاض مستوى معيشة الفلاحين وأسرهم بسبب ارتفاع تكاليف مياه الري.

ويشكو الفلاحون في قصر الباسل أيضاً من أن مصنع السكر يلقي بالصرف الصناعي الخاص به في مصرف أبو خلاف، وأدى ذلك لقتل الأسماك وجميع الأحياء المائية، وذلك يعني أنه حتى مياه الصرف التي يستخدمها الفلاحون في الري ملوثة تلوثاً كيميائياً. ويبعث هذا برائحة خانقة على أهالي قرية قصر الباسل وغبور مما يضر بالأطفال والحيوانات وجميع أهالي القرية. ويشكو الفلاحون في القرية أيضاً من نقص في السماد والتقاوي والمستلزمات الزراعية، فهي لا تتوفر في الجمعية الزراعية ويتم الحصول عليها من السوق السوداء. بالإضافة لذلك، لا يقوم المرشدون الزراعيون بمهامهم الواجبة عليهم من حيث توعية الفلاحين بمواعيد الدورات الزراعية للحفاظ على جودة وترك الفلاحين لزراعة محصول أساسي هو الأرز وكذلك لتجنب الغرامات المالية الباهظة التي قد تصل إلى 3000 جنيه والتي تفرضها الدولة عليهم عند عدم الالتزام بالدورة الزراعية.

بالإضافة لذلك تعاني قصر الباسل من مشكلة أراضي أملاك الدولة، حيث إن مباني القرية منشأة على أرض صحراوية من أملاك الدولة، وكانت الدولة تتقاضى إيجاراً رمزياً لذلك قيمته خمسة قروش وأصبحت الآن قيمته جنيهاً، وتزيد مساحة بعض البيوت عن 300 متر لما بها من أماكن للحيوانات. وتطالب الدولة الفلاحين بدفع قيمة إيجارات متأخرة وتقوم بحبس الأهالي لعدم الدفع. وحتى من غير المسموح للأهالي امتلاك المنازل ولو حتى بالقسط، حيث فُتح باب التمليك منذ عامين لشهور قليلة ودفع البعض منهم أقساط ثم أُقفل الباب مرة أخرى وضاع على الفلاحين ما دفعوه من أقساط.
الامان الشخصي
ويعاني أهالي قصر الباسل من مشكلات في مياه الشرب، حيث إنها غير صالحة للاستخدام الآدمي لأن محطة التحلية غير جيدة، وقد أدى تلوث المياه إلى ارتفاع نسبة الإصابة بالفشل الكلوي في القرية. وقد أقر المجلس الحلي منذ عامين عدم صلاحية محطة التحلية وحاجة القرية لمحطة أخرى، ولكن لم يتم إنشاء غيرها حتى الآن. ويعاني شباب قصر الباسل من البطالة، وبالرغم من وجود مساحات هائلة لأراضي الاستصلاح التابعة للقرية إلا أنها توزع على شباب من خارج القرية ويُحرم منها شباب قصر الباسل. ويعاني أهالي القرية أيضاً من نقص الخدمات التعليمية والمواصلات، حيث لا توجد بالقرية مدارس فنية وتعاني الفتيات من مشقة السفر إلى بندر الفيوم للانتظام في المدارس الفنية، ولا تتوافر المواصلات لنقلهم لمدارسهم.

ومشاكل الفلاحين منسية أيضاً في دائرة يوسف الصديق- الدائرة السادسة- حيث يعاني الأهالي فيها من مشاكل في مياه الري والصرف المغطي في الأراضي والترع وتلوث البيئة وتداول المبيدات المسرطنة وبور الأراضي بسبب نقص مياه الري، بالإضافة لتراكم الديون وفوائد بنك التنمية والائتمان الزراعي. ويتنافس في هذه الدائرة مرشح الإخوان د. حسن يوسف عبد الغفار على مقعد الفئات مع يوسف والي، ولم تتناول برامج المرشحين في الدائرة هذه المشكلات بشكل جاد ومفصل. حيث أشار يوسف والي فقط لمسألة إعادة جدولة الديون ببنك التنمية، وطرح مرشح الإخوان بعض الشعارات البراقة بشأن بعض هذه القضايا دون أن يحوي برنامجه أية تفاصيل عملية عن كيفية التعامل معها. ويرى المركز أن حل مشكلة ديون الفلاحين للبنك لا يكمن في جدولتها حيث إن هذا يتسبب في ارتفاعها مرة أخرى وتعثر الفلاحين، ولكن يكمن الحل في إعدام ديون الفلاحين الذين لا تزيد مساحة أراضيهم الزراعية عن ثلاثة أفدنة أو الذين طُردوا من أراضيهم الزراعية بسبب تطبيق قانون 96 لعام 1992.

وقد رصد مراقبو مركز الأرض في دائرة يوسف الصديق انتهاكات لا تُحصى يقوم بها وزير الزراعة يوسف والي مرشح الحزب الوطني فئات. قام أهالي الدائرة في صلاة الجمعة من عدة أسابيع بالاعتداء على يوسف والي متهمين إياه بإفساد الزراعة في مصر وإغراقهم بالمبيدات المسرطنة، وكذلك لأنه قام باستخدام لأماكن العبادة في الدعاية الانتخابية له مما يخالف القانون. وكان الأهالي أيضاً قد تقدموا بطعن أمام محكمة القضاء الإداري في أحقية يوسف والي للترشيح لعدم أدائه الخدمة العسكرية، وسوف يصدر الحكم يوم 19 نوفمبر. ويقوم الأمن في الدائرة بالضغط على الأهالي لأجل تعليق لافتات الدعاية الانتخابية ليوسف والي.

ويذكر عيد سيد عبد الله – المحامي ووكيل لجنة الحريات بنقابة المحامين بالفيوم- أنه من ضمن الانتهاكات الصارخة التي تحدث في هذه الدائرة لصالح يوسف والي وجود حوالي ثلاثة آلاف اسم لمتوفين، ووجود أسماء قيد جماعي في عنوان واحد هو الحواتم أو مقر الحزب الوطني وهو بالطبع ليس مقراً سكنياً لأي أحد، وقيام مرشح الحزب الوطني ممدوح صلاح سالم بتوزيع أموال تبلغ آلاف الجنيهات على الناخبين وتوزيع ملابس وبطاطين. وتوجد اجتماعات مكثفة تُعقد بالقرى يشارك فيها بعض القيادات الأمنية لإرهاب الأهالي ودفعهم للتصويت ليوسف والي، وهناك قيد جماعي لشباب الخريجين الذين يسكنون في دوائر أخرى غير دائرة الوزير للتصويت في دائرته، وقام الوزير أيضاً بتقديم الوعود للموظفين بمنحهم شهر زيادة فوق راتبهم عند نجاحه.

ويضيف عيد سيد عبد الله أن ضابط المباحث في بندر الفيوم والمخبرين قد قاموا بالمرور على الناس في المنازل للضغط عليهم للتصويت لمرشحي الحزب الوطني. وتم عقد اجتماع يرأسه المحافظ والقيادات الأمنية مع أصحاب المحال التجارية والأعمال الحرة وبعض القيادات المحلية بالفيوم للضغط عليهم لاختيار مرشح الوطني، وقام الحزب بطبع بطاقات وردية تشبه بطاقات الانتخاب وتوزيعها عليهم. بالإضافة لذلك، تم توزيع ما يقرب من خمسة آلاف شهادة صادرة من أقسام الشرطة تفيد بأن فلان هذه الماثل أمام اللجنة أحد المقيدين بكشوفها، وسوف يستخدم الأحياء هذه الشهادات للتصويت باسم الأموات وهي لا تحتوي على صور شخصية تثبت هوية الناخب. قام أعضاء الحزب الوطني بالمرور على الهيئات الحكومية والمساجد والتنبيه على الموظفين وأئمة المساجد بإلزام أقاربهم بدعم الحزب الوطني. في مركز الفيوم وتتزايد الانتهاكات أيضاً في دائرة إطسا حيث تم تمزيق يفط دعاية المرشحين المنافسين لمرشحي الوطني، وتم جمع العمد والمشايخ وطُلب منهم المرور على الأهالي لدعم الحزب الوطني. وفي سنورس تم توزيع ملابس ونقود على الناخبين، وتم منع المرشح أحمدي قاسم محمد من استلام صوره من كشوف الناخبين، وتم منعه من عمل توكيلات لموكليه العاملين المدنيين في مركز شرطة سنورس، وتم تمزيق يُفط المرشح بيد أعضاء الحزب وأنصاره والأمن. وفي طامية تم عقد اجتماع مع اللواء أحمد أبو طالب مرشح الحزب وتم التنبيه على الحاضرين من موظفي الدولة ببذل كافة جهدهم لتسوية الوضع في اللجان.

ويطالب المركز السيد رئيس لجنة الانتخابات بتنفيذ مطالب الأهالي لضمان حياد ونزاهة الانتخابات البرلمانية. وقد تقدم مركز الأرض بشكاوى المندوبين ووكلاء المرشحين للسيد رئيس لجنة الانتخابات ووزير الداخلية وذلك لوقف الانتهاكات ضد المنافسين لمرشحي الحزب الوطني.

للحصول على نسخة من التقرير يرجى الاتصال بالمركز
تليفون وفاكس / 5750470
البريد الإلكتروني:Lchr@thewayout.net
lchr@lchr-eg.org
Website : http://www. Lchr-eg.org